لبنان : مظاهرات اكتوبر ٢٠١٩ بين الخالف وإعادة الإنتاج
أدى النظـام التوافقـي لتقاسـم السـلطة فـي لبنـان إلـى خلـق دورات احتجاجيـة متكـررة بشـكل هيكلـي: تحـركات طالبيـة وحـركات نقابيـة وعمالية وتجمعـات يسـارية، باإلضافـة إلـى قطـاع جمعيـات أكثـر روتينيـة. علـى مـدى فتـرة زمنيـة طويلـة، وبالنظـر إلـى هـذه الحـركات مـن خـال مقاربـة طوليـة، تبـدو التغييـرات التـي تسـعى اليهـا هامشـية أو محـدودة للغايـة، ممـا قـد يـؤدي إلـى مالحظـة أن الحـركات االحتجاجيـة تلعـب ٍ ببسـاطة دور منفـذ لإلغاثـة داخـل النظـام التـي تتحـداه، وبالتالـي تسـاهم فـي ديمومـة الهيـاكل االجتماعيـة والسياسـية التـي تتحداهـا. شـهد العـام الماضـي ظهـور دورة تعبئـة فـي لبنـان تظهـر اسـتمرارية فـي أشـكال التنظيـم السـابقة، علـى الرغـم مـن أنهـا لـم يسـبق لهـا مثيـل مـن حيـث انتشـارها الجغرافـي علـى األراضـي اللبنانيـة كافـة. لفهـم كيفيـة ظهـور دورة االحتجـاج الحاليـة وديناميكياتهـا وحدودهـا، نقتـرح التفكيـر فـي كيفيـة »«تحـرك» الجهـات االجتماعيـة الفاعلـة فـي ً مـن سـاحة متجانسـة. نحـن نعتمـد علـى نهـج مفاهيمـي ثالثـي يركـز علـى سـاحة متنـازع عليهـا وتنافسـية ومتغيـرة باسـتمرار ومتطـورة، بـدال تحليـل التفاعـات والديناميكيـات بيـن الجهـات الفاعلـة، واالسـتراتيجيات التـي يسـتخدمونها: اإلقنـاع واإلكـراه والمكافـأة.
To cite this paper: Marie-Noëlle AbiYaghi, Léa Yammine,"لبنان : مظاهرات اكتوبر ٢٠١٩ بين الخالف وإعادة الإنتاج", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2020-07-01 00:00:00. doi: 10.28943/CSKC.001.80000
[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/paper/لبنان-مظاهرات-اكتوبر-٢٠١٩-بين-الخالف-وإعادة-الإنتاجالمقدمة
أدى النظـام التوافقـي لتقاسـم السـلطة فـي لبنـان إلـى خلـق دورات احتجاجيـة متكـررة بشـكل هيكلـي: تحـركات طالبيـة وحـركات نقابيـة وعمالية وتجمعـات يسـارية، باإلضافـة إلـى قطـاع جمعيـات أكثـر روتينيـة. علـى مـدى فتـرة زمنيـة طويلـة، وبالنظـر إلـى هـذه الحـركات مـن خـال مقاربـة طوليـة، تبـدو التغييـرات التـي تسـعى اليهـا هامشـية أو محـدودة للغايـة، ممـا قـد يـؤدي إلـى مالحظـة أن الحـركات االحتجاجيـة تلعـب ٍ ببسـاطة دور منفـذ لإلغاثـة داخـل النظـام التـي تتحـداه، وبالتالـي تسـاهم فـي ديمومـة الهيـاكل االجتماعيـة والسياسـية التـي تتحداهـا. شـهد العـام الماضـي ظهـور دورة تعبئـة فـي لبنـان تظهـر اسـتمرارية فـي أشـكال التنظيـم السـابقة، علـى الرغـم مـن أنهـا لـم يسـبق لهـا مثيـل مـن حيـث انتشـارها الجغرافـي علـى األراضـي اللبنانيـة كافـة. لفهـم كيفيـة ظهـور دورة االحتجـاج الحاليـة وديناميكياتهـا وحدودهـا، نقتـرح التفكيـر فـي كيفيـة »«تحـرك» الجهـات االجتماعيـة الفاعلـة فـي ً مـن سـاحة متجانسـة. نحـن نعتمـد علـى نهـج مفاهيمـي ثالثـي يركـز علـى سـاحة متنـازع عليهـا وتنافسـية ومتغيـرة باسـتمرار ومتطـورة، بـدال تحليـل التفاعـات والديناميكيـات بيـن الجهـات الفاعلـة، واالسـتراتيجيات التـي يسـتخدمونها: اإلقنـاع واإلكـراه والمكافـأة.
ساللة الحركة االجتماعية المعاصرة: نظرة طولية الى مظاهرات أكتوبر
تصــدرت الحركــة الطالبيــة الحــركات االجتماعيــة فــي الســبعينات وخصوصــا حــول الجامعــة اللبنانيــة (فافييــه، ٢٠٠٤ .) ومـع ذلـك، تفككـت خـال الحـرب األهليـة (١٩٧٥-١٩٩٠) . شـهدت نهايـة الصـراع األهلـي إحيـاء الحـرم الجامعـي كمسـاحة احتجاجيـة، مـع إنشـاء المجموعـات اليسـارية المسـتقلة فـي التسـعينات مثـل بـا حـدود فـي الجامعـة األمريكيـة فـي بيـروت (AUB)، « بابلـو نيرودا» فــي الجامعــة اللبنانيــة األمريكيــة (LAU)، «العمــل المباشــر» فــي جامعـة البلمنـد، »«طانيـوس شـاهين» فـي جامعـة القديـس يوسـف (أبـي ياغـي، ٢٠١٣). وضعـت هـذه التجمعـات نفسـها في المشـهد السياسـي فـي لبنـان مـا بعـد الحـرب علـى أنهـا تعـارض المحوريـن السياسـيين المهيمنيــن الرئيســيين اللذيــن يتألفــان مــن نهــج أمنــي مدعــوم مــن قبــل االحتــال الســوري مــن جهــة، ومــن ناحيــة أخــرى، السياســات االقتصاديــة النيوليبراليــة التــي دافــع عنهــا رفيــق الحريــري. ضمــن هــذه التجمعــات نشــأ جيــل مــن الناشــطين والناشــطات علــى النشــاط السياســي واالجتماعــي (ابــي ياغــي، ٢٠١٣).
كان قطــاع المجتمــع المدنــي مســاحة أخــرى احتضنــت أجيــال مــن الناشــطين والناشــطات. شــهد هــذا القطــاع الــذي يعــود إلــى عصــر النهضـة (كـرم، ٢٠٠٦ ) والـذي يضـم مجموعـة واسـعة مـن الجهـات الفاعلـة إعـادة توجيـه مهمتـه نحـو اإلغاثـة والخدمـات خـال الحـرب األهليــة. فــي حيــن شــهدت حقبــة مــا بعــد الحــرب األهليــة ظهــور منظمــات غيــر حكوميــة متخصصــة ومعنيــة بالتوعيــة والمناصــرة، فــإن تحديــد دورهــا كمــزودة خدمــات أو مــزودة خبــرات للجهــات الحكوميـة أدى إلـى التقليـل مـن أهميـة موقعهـا ودورهـا المسـتمر التـي يمكـن أن تلعبـه (مـاك-آدم دو، تـارو سـيدني، تيلـي شـارلز، ٢٠٠١ ، ديناميكيــات االحتجــاج، كامبريــج يونيفرســيتي بريــس، كامبريــج، ص٥ ،ابــي ياغــي ٢٠١٠ ،ص٧١-٧٥).يُعتقــد أن المجتمــع المدنــي فـي لبنـان يعمـل فـي جـو ليبرالـي إلـى حـد مـا مقارنـة بالـدول األخرى فــي المنطقــة إذا اخذنــا بعيــن االعتبــار اإلطــار القانونــي المتســاهل الـذي ينظـم إنشـاء المنظمـات غيـر الحكوميـة. ومـع ذلـك، ال يأخـذ ذلك ً، سـواء فـي فـي الحسـبان القيـود المختلفـة التـي يمكـن مواجهتهـا عمليـا الحصـول علـى نمـاذج الموافقـة علـى التسـجيل، والتدقيـق فـي عمـل المنظمـات غيـر الحكوميـة مـن قبـل هيئـات الدولـة والبنـوك، والقيـود المفروضـة علـى المنظمـات المحليـة العاملـة فـي االقتصـاد العالمـي للمعونــة1 .علــى الرغــم مــن العمــل فــي «قوالــب » محصــورة (ابــي للمعونــة ياغــي، يميــن، وجاغارناثســينغ،٢٠١٩)، لا يــزال القطــاع النقابــي يسـاهم فـي رعايـة مسـاحة الختـاط األفـراد وتعريفهـم بأنمـاط العمـل الحركيــة.
وقــد ســاهمت ســبل التنظيــم والنشــاط المختلفــة هــذه فــي فتــرة مــن »الحيويـة« فـي أواخـر التسـعينيات فـي البـاد (ابـي ياغـي، ٢٠١٣ ) وظهــور وتبلــور التجمعــات اليســارية »الجديــدة«. حشــدت هــذه األخيـرة، كونهـا تجمعـات أكثـر اتسـاما بالطابـع السياسـي، مـن اجـل ً القضايــا الجدليــة فــي لبنــان، ولكــن أيضــا للقضايــا العالميــة، علــى غــرار الحــركات الدوليــة ضــد العولمــة النيوليبراليــة. شــهدت هــذه الفتـرة ظهـور جبهـة تتكـون مـن مجموعـات مختلفـة، مثـل الجماعـات اليســارية المســتقلة (طــاب شــيوعيون)؛ مجموعــة وســائل اإلعــام البديلـة مثـل إنديميديـا والتجمـع الشـيوعي الثـوري والتجمـع اليسـاري مـن أجـل التغييـر والخـط المباشـر والجمعيـة اللبنانيـة مـن أجـل عولمة بديلــة واتــاك ليبانــون وغيرهــا.
وضعـت هـذه الجماعـات نفسـها علـى خطـوط متعارضـة مـع الهيـاكل التقليديـة والحزبيـة التابعـة للنظـام. فـي حيـن شـرع بعضهـم فـي رحلـة إلنشــاء هيــكل حزبــي يســاري بديــل (حــزب اليســار الديمقراطــي - ًــا ً حركــة اليســار الديموقراطــي)، شــهدت هــذه العمليــة أيضــا خطوط جديـدة مـن الخـاف بيـن الناشـطين والناشـطات(أولئـك األقـرب إلـى الشــباب الشــيوعي - طــاب شــيوعيون) وتجمعــات أخــرى.
كان عـام ٢٠٠٥ فعليـا لحظـة محوريـة فـي تاريـخ لبنـان الحديـث، حيـث أدى اغتيـال رئيـس الـوزراء السـابق رفيـق الحريـري فـي ١٤ فبرايـر إلــى حشــد الجماهيــر فــي محوريــن رئيســيين، ســميا تيمنــا بتواريــخ االحتجاجـات الضخمـة لـكل منهمـا:
- ١٤ آذار، ثمــرة المجموعــات الحزبيــة اليمينيــة واليســارية ضــد االحتــا ً ل الســوري ابتــداء مــن عــام ١٩٩٠ والتــي جمعــت تيــار المســتقبل والتيــار الوطنــي الحــر وحــزب الكتائــب والقــوات اللبنانيــة وحــزب اليســار الديمقراطــي ومجموعــات أخــرى ذات اتجــاه يســاري؛
- و ٨ آذار، التـي تمحـورت حـول خطـوط معارضـة وأعربـت عـن دعمهـا لسـوريا، وشـملت بشـكل رئيسـي حركـة أمـل وحـزب هللا، والحـزب الشـيوعي اللبنانـي.
وشـهد المحـوران فيمـا بعـد تمزقـات وإصالحـات، لكنهمـا يقومـان حتـى يومنـا هذا بتشـكيل المشـهد السياسـي.
فـي مـوازاة ذلـك، يمكننـا أيضـا أن ننظـر إلـى حقـوق المـرأة والحـركات النســوية التــي بــدأت فــي أوائــل القــرن الماضــي واتخــذت شــكًل أوضــح فــي الســبعينيات والثمانينيــات، بالتزامــن مــع النقــاش العالمــي والمؤتمــرات الدوليــة حــول حقــوق اإلنســان وحقــوق المــرأة. حتــى منتصـف التسـعينات، حاربـت هـذه الحـركات مـن أجـل حقـوق سياسـية موسـعة، علـى الرغـم مـن أنهـا كانت ال تـزال متوافقـة مـع إيديولوجيات األحــزاب السياســية التقليديــة. وهكــذا، فشــلت المنظمــات النســائية فــي ترجمــة القيــم التــي دافعــت عنهــا فــي خطابهــا الخــاص الــذي كان لا يزال مهيكلاً وفقاً لنظام طائفي2. بعـد التسـعينات، كان االتجـاه العـام هــو إلمأسســة فيمــا أصبــح يعــرف باســم «االنجــزة» (التحــول نحــو نمـط المنظمـات غيـر الحكوميـة). وقـد أثـر ذلـك علـى هيكلهـا وعلـى ًا مـع ًـا أكثـر عالميـة وأكثـر تماشـي محتـوى خطاباتهـا، التـي تبنــت جانب المنظمــات غيــر الحكوميــة الدوليــة والمنظمــات المانحــة. ومــع ذلــك، أدى هـذا االمـر إلـى االعتمـاد المسـتمر علـى تمويـل الجهـات المانحـة، وأثــر علــى شــكل أهــداف وأولويــات الفاعليــن المحلييــن (متــري، ٢٠١٥)، وهــو اتجــاه واضــح مــع جميــع منظمــات المجتمــع المدنــي وال يقتصــر فقــط علــى قطــاع الجنــدر. منــذ عــام ٢٠٠٠ ،وبالتــوازي مــع التطــور المســتمر للمنظمــات غيــر الحكوميــة، نشــأت التجمعــات الناشــطة حــول الحقــوق الجســدية والجنســية، وميــزت نفســها عــن الناشــطين والناشــطات السابقين/الســابقات مــن خــال اعتمــاد خطــاب سياســي واضــح، وشــددت علــى التقاطعيــة وسياســات الهويــة. مــن هــذا المنظــور، تــم إشــراك جيــل مــن الناشــطين والناشــطات االجتماعيين/االجتماعيــات والسياسيين/السياســيات فــي االنخــراط والتنظيـم عنـد تقاطـع المجـاالت الثالثـة: النشـاط الطالبـي ومنظمـات المجتمــع المدنــي والتجمعــات السياســية.
بحثًا عن إطار اعتراض «محلي»
أظهــر البحــث حــول العمــل الجماعــي فــي التســعينات كيــف حشــدت المجموعــات والناشــطين والناشــطات حــول ثــاث قضايــا رئيســية: معارضــة النيوليبراليــة (التــي تبلــورت فــي أوائــل العقــد األول مــن القــرن الحــادي والعشــرين فــي مواقــف بديلــة أو مناهضــة للعولمــة)، ومكافحــة اإلمبرياليــة، ومناهضــة المحاصصــة الطائفيــة (ابــي ياغــي، ٢٠١٣). كان االصطفـاف ضمـن هـذا اإلطـار سـائد بين هـذه الجماعات والتجمعــات الناشــطة خــال العقديــن الماضييــن، وال يــزال ســائد إلــى حـد مـا اليـوم.
وقــد ظهــرت هــذه القضايــا بشــكل ملحــوظ فــي التعبئــة ضــد الحــرب األهليـة اللبنانيـة لدعـم أسـر ضحايـا االخفـاء القسـري، وكذلـك رفـض فقـدان الذاكـرة المفـروض بعـد الحـرب) حملـة «تنذكـر ت مـا تنعـاد» عــام ١٩٩٧ علــى ســبيل المثــال(، والحــرب علــى العــراق فــي عــام ٢٠٠٣ («لا للحــرب ال للديكتاتوريــات»)، وفــي عــام ٢٠٠٦ أثنــاء وبعــد ٣٣ يومــا مــن الحــرب اإلســرائيلية علــى لبنــان.
مــن الحمــات والضغــط إلــى تنســيق اإلغاثــة، وال ســيما خــال نــزاع نهـر البـارد فـي عـام ٢٠٠٧ الـذي شـهد حشـد ًا محـدودا، إال أنـه كـرس تحـوًل آخـر فـي أنمـاط أعمـال الناشـطين والناشـطات نحـو دور تنسـيق المسـاعدات وتوفيـر الإغاثة3.
فـي مـوازاة ذلـك، كان التنافـس علـى النظـام االقتصـادي سـائدا أيضاً في دورات التعبئـة المختلفـة، حيـث نـدد الناشـطون والناشـطات بخصخصـة الخدمــات العامــة، علــى ســبيل المثــال حملــة «لبنــان مــش للبيــع» فــي ٢٠٠٦-٢٠٠٧ ،وحملـة «دولـة او اشـتراك» فـي إشـارة إلـى الكهربـاء التـي تؤمنهـا الدولـة ومولـدات الكهربـاء الخاصـة فـي ٢٠٠٨-٢٠٠٩. وأخيـر ًا، كان اسـتنكار نظـام المحاصصـة الطائفيـة متقاطعـا فـي دورات التحـركات السـابقة، مثـل اليـك برايـد (مسـيرة العلمانييـن) فـي ٢٠٠٩- ٢٠١٠ ،والحركــة الالحقــة التــي تطالــب بإســقاط النظــام الطائفــي فــي عـام ٢٠١١ فـي ظـل الثـورات العربيـة.
قامـت الحركـة بحشـد مختلـف التجمعـات واألحزاب السياسـية على مدى بضعــة أســابيع خــال شــتاء وربيــع ٢٠١١ األحــزاب والمجموعــات اليسـارية مثـل المنتـدى االشـتراكي واتحـاد الشـباب الديمقراطـي اللبناني وقطـاع الشـباب فـي الحـزب الشـيوعي اللبنانـي والتجمـع الديمقراطـي الــذي يتألــف بشــكل أساســي مــن ناشــطين وناشــطات سابقين/ســابقات مـن منظمـة العمـل الشـيوعي فـي لبنـان فـي صيـدا والنـادي العلمانـي فـي الجامعـة األمريكيـة فـي بيـروت ومنظمـات المجتمـع المدنـي (مثـل تيــار المجتمــع المدنــي). ومــع ذلــك، فقــد تعثــرت فــي االنقســامات فـي تأطيـر الحركـة بشـكل رئيسـي بيـن المجموعـات غيـر الرسـمية واألحــزاب السياســية األكثــر مؤسســية، مــع وجــود اختالفــات حــول مــا إذا كانــت الدعــوة إلــى إســقاط أو إصــاح النظــام، وكذلــك فيمــا يتعلــق بالموقــف تجــاه القــادة السياســيين أو الصــراع الســوري (ابــي ياغـي وكاتـوس، ٢٠١٤). ومـع ذلـك، أدت الحركـة إلـى إنشـاء العديـد مــن التجمعــات األصغــر التــي ال تــزال نشــطة اليــوم مثــل حملــة »حقـي عليـي« فـي بيـروت وحملـة طرابلـس بـدون أسـلحة والمنتـدى المدنـي فـي البقـاع الـذي يجمـع بيـن الناشطين/الناشـطات العلمانييـن/ العلمانيــات واليساريين/اليســاريات مــن قــرى وبلــدات مختلفــة، و «العمـل المباشـر» وهـو ائتـاف مـن الناشطين/الناشـطات المسـتقلين/ المسـتقالت فـي بيـروت والبقـاع والشـوف (أبـي ياغـي، ٢٠١٢).
هــزت موجــة أخــرى مــن االحتجاجــات شــوارع بيــروت فــي عــام ٢٠١٥ .وكانــت قــد بــدأت بحشــد الســكان المحلييــن وعــدد قليــل مــن الناشطين/الناشــطات البيئيين/البيئيــات الذين/اللواتــي هم/هــن جــزء مــن حــركات «ليــس فــي عقــر داري (Backyard My In Not) »ولا سـيما فـي منطقـة برجـا فـي قضـاء الشـوف، بالقـرب مـن مكـب علـى مواقع مـن عـام ٢٠١٤ .نمـت هـذه الحركـة أوال الناعمـة اعتبـارا التواصــل الإجتماعي ثــم فــي شــوارع العاصمــة. فــي حيــن كانــت القضيـة البيئيـة هـي المطلـب الرئيسـي، حرضـت الحركـة وحشـدت النـاس وراء مطالـب المسـاءلة ومكافحـة الفسـاد، ونـددت بممارسـات التواطــؤ بيــن الشــركات الخاصــة والحكومــة والقــادة والشــخصيات السياســية (بكــداش ٢٠١٥؛ دو-بويــار ٢٠١٥).
فـي الواقـع، حشـد الناشـطون والناشـطات لتقديـم حلـول تقنيـة إلدارة النفايــات، مــع تأطيــر مطالبهــم مــن خــال التنديــد بالفســاد وصالتــه بنظـام المحاصصـة الطائفيـة فـي مجموعـات مثـل «طلعـت ريحتكـم» الجماعيـة التـي شـكلها بشـكل أساسـي ناشـطون وناشـطات مسـتقلون/ مسـتقالت وناشطون/ناشـطات مـن المجتمـع المدنـي أو مجموعة «بدنا نحاسـب» ذات الميـول اليسـارية التـي تضمنـت أحزاب «اتحــاد الشــباب الديمقراطــي» التابــع للحــزب الشــيوعي اللبنانــي، حركــة الشــعب، الحــزب الســوري القومــي االجتماعــي (SSNP) وحـزب البعـث. ظهـرت مجموعـات أصغـر أخـرى مثل «عالشـارع» (التــي جمعــت نشــطاء مــن حركــة اليســار الديمقراطــي المحتضــرة) و«ثــورة 22 أب«، مجموعــة مــن الناشطين/الناشــطات اليســاريين/ اليسـاريات المستقلين/المسـتقالت و »البلـوك النسـوي«، والذي شـملت المجموعــة النســوية «صــوت النســوة» و «الشــعب يريــد» الــذي يشــمل الحــركات والتجمعــات الجذريــة كالمنتــدى االشــتراكي، وهــو حـزب تروتسـكي.
ركــزت بعــض هــذه التجمعــات والمجموعــات علــى الجوانــب التقنيــة واإليكولوجيــة ألزمــة النفايــات، بينمــا ربــط البعــض اآلخــر تواطــؤ المصالـح الخاصـة مـع الحكومـة اللبنانيـة وأحزاب السـلطة. علـى الرغم من أن الحركة اكتسبت زخماً معيناً فــي جميــع أنحــاء البــاد، ممــا مــن أن الحركــة اكتســبت زخمــا معين سـمح بتطبيـق نوعـا مـن الالمركزيـة للحشـد، إال أن أبطالهـا وراسـميها الرئيســيين ظلــوا خبــراء وخبيــرات وناشــطين وناشــطات فــي بيــروت ّ لديهم/لديهـن خبـرة تنظيـم سـابقة. علـى الرغـم مـن أن الحركـة جمعـت ميـول أيديولوجيـة متنوعـة وحشـدت حـول القاسـم المشـترك للخطـاب المعـادي للطائفيـة، إال أنهـا تعثـرت بسـرعة بــ »الشـبح الطائفـي« الـذي يتجلـى فـي تأطيـر الحركـة الـذي يوضـح الميـول السياسـية والطائفيـة للمتظاهريـن أنفسـهم (أبـي ياغـي، كاتـوس، ويونـس، ٢٠١٧).
ويتجلـى ذلــك بشــكل واضــح فــي شــعار «كلــن يعنــي كلــن» (الجميــع يعنــي الجميع والذي يتضمن ضمناً «باسـتثناء زعيمـي»، ممـا سـاهم فـي نهايـة المطـاف فـي تفـكك الحركـة. مـع تجـاوز احتجاجـات عـام ٢٠١٥ موضـوع إدارة النفايـات وتأطيـر المطالــب حــول الفســاد وســوء االدارة، أدت الحركــة إلــى المشــاركة فــي االنتخابــات البلديــة لعــام ٢٠١٦ ،ال ســيما مــع تشــكيل مجموعــة بيــروت مدينتــي التــي قدمــت نفســها علــى أنهــا مســتقلة وغيــر تابعــة سياســيا وتعنــى بالمســائل البيئيــة واالجتماعيــة االقتصاديــة وجــودة الحيــاة اليوميــة فــي العاصمــة. علــى الرغــم مــن عــدم نجاحهــا فــي ً االنتخابـات، فقـد كان للتجربـة صـدى فـي مناطـق أخـرى مـع ظهـور مجموعــات مماثلــة والمشــاركة فــي عمليــات التمثيــل الرســمي، مثــل «بعلبــك مدينتــي» علــى ســبيل المثــال.
قبيــل االنتخابــات البرلمانيــة لعــام ٢٠١٨ ،نظــم المرشــحون قوائــم »جديــدة« جمعــت أفــراد مــن حــركات «المجتمــع المدنــي» الســابقة. ومـع ذلـك، فشـلت هـذه القوائـم فـي كسـب ثقـة المواطنيـن وتقديـم بديـل قابـل للتطبيـق، وفـازت الجهـات الفاعلـة المسـتقلة فـي المجتمـع المدنـي بمقعــد واحــد فقــط فــي بيــروت األولــى (تافانــا وباريــرا، ٢٠١٩).
تظهـر موجتـا االحتجاجـات األخيرتـان بعـض االختالفـات: حركـة عـام ٢٠١٥ أكثــر «تقنيــة»، تركــز علــى القضايــا البيئيــة باإلضافــة إلــى إدانــة ســوء االدارة والفســاد، بينمــا كانــت احتجاجــات ٢٠١٩ سياســية منـذ البدايـة. ربطـت الخطابـات والشـعارات ومطالـب المحتجيـن بشـكل واضــح بيــن النظــام الطائفــي التوافقــي والتواطــؤ الواســع للمصالــح الخاصـة والعامـة والمحسـوبية المتفشـية. وبهـذا المعنـى، فـإن شـكاواهم امنـت للحركـة موقفاً سياسياً وتأطيـرا للحركـة.
ومــع ذلــك، تحمــل كلتــا الموجتيــن أوجــه تشــابه، وتظهــر اســتمرارية بيــن بعضهــا البعــض، وكذلــك موجــات االحتجاجــات الســابقة. ومــن المثيــر لالهتمــام أنــه تــم تبنــي شــعار «كلّن يعني كلّن» منــذ بدايــة احتجاجـات ٢٠١٩ .تعثـرت هـذه الموجـات ألسـباب مختلفـة وال سـيما بســبب عالقاتهــا غيـر المنسـجمة فــي كثيـر مـن األحيــان مــع أحــزاب الســلطة السياســية. علــى ســبيل المثــال ومــن المثيــر لالهتمــام انــه تــم اعتمـاد شـعار «كلّن يعني كلّن» منـذ بدايـة احتجاجـات ٢٠١٩، وبينمـا يبـدو أنـه أقـل إثـارة للجـدل ولكـن ال يـزال العديـد مـن المتظاهريـن/ ّ المتظاهــرات يشعرون/تشــعرن بــأن زعيمهم/زعيمهــن معفــي منــه. ولكـن، أدى المسـار الـذي بـدأ عـام ٢٠١٥ والحـركات السـابقة إلـى موجــة حشــد كرســتها احتجاجــات ١٧ أكتوبــر ٢٠١٩.
حركة ١٧ أكتوبر كبلورة لساحة متعددة التنظيمات
بالنظـر إلـى هيـاكل الحشـد التي وثقت في سمح دعم لبنان للحركات الجماعية4 والرســوم البيانيــة التفاعليــة5 فــي الســنوات األخيــرة، يبــدو أن مجموعــات العمــال والمجموعــات المتضـررة (بمــا فــي ذلــك ليــس فـي عقـر داري NIMBY) هـم مـن بيـن األكثـر نشـاط بيـن عامـي ٢٠١٧ و٢٠١٨ ،كان نصـف الحـركات الجماعيـة التـي تـم مسـحها بقيـادة إحـدى المجموعتيـن، تليهـا المجموعـات غيـر الرسـمية والتجمعــات التــي شــكلت ١ .٢٠ ٪ مــن إجمالــي الحــركات الجماعيــة التـي تـم مسـحها. فـي السـياق اللبنانـي، حيـث تـم اضعـاف الحـركات والنقابـات العماليـة مـن قبـل الدولـة وأحزابهـا بمحـاوالت االسـتقطاب (ليــا أبــو خاطــر، ٢٠١٩) ، مــن الجديــر بالذكــر أن العمــال يحاولــون ّحـرك. تشـمل فئـة مجموعـات العمـال المسـتخدمة، باإلضافـة ً دائمـا الت إلـى الهيـاكل التقليديـة مثـل النقابـات، والموظفيـن خـارج هـذه الهيـاكل، وآخرين/اخريــات يحشدون/تحشــدن حــول العمــل واألمــور العماليــة بشــكل غيــر رســمي، ممــا يشــير إلــى انتشــار القضايــا العماليــة فــي مشـهد الحـركات الجماعيـة. ومـع ذلـك، شـهد عـام ٢٠١٩ بـروز ًا كبيـرا وشــبه أغلبيــة مــن التحــركات التــي تقودهــا المجموعــات والتجمعــات غيــر الرســمية (٨٦ ٪ مــن إجمالــي التحــركات الجماعيــة التــي تــم رصدهــا فــي عــام ٢٠١٩)، حيــث شــهد هــذا العــام بــروز العديــد مــن التجمعــات والمجموعــات الجديــدة فــي بيــروت والمناطــق كجــزء مــن احتجاجــات أكتوبــر.
فــي ١٧ أكتوبــر ٢٠١٩ ،اندلعــت االحتجاجــات بشــكل عضــوي فــي ُعــرف بيــروت، ونمــت فــي الحجــم وتوســعت فــي األيــام التاليــة. ت الحركـة االجتماعيـة التـي تلـت ذلـك اآلن باسـم«احتجاجـات أكتوبـر». فـي حيـن أن الدافـع المحـدد للتحـرك قـد يكـون قـرارا بفـرض ضريبـة علــى بروتوكــوالت الصــوت عبــر اإلنترنــت(مثــل Whatsapp)، رفضــت االحتجاجــات تدابيــر التقشــف والضرائــب التنازليــة وارتفــاع الديــن العــام والتضخــم المتزايــد وتدهــور ظــروف المعيشــة، وهــي قضايـا كانـت فـي صميـم قلـب التحـركات فـي لبنـان منـذ عـام ٢٠١٥6 علــى األقــل. تؤكــد هــذه الحركــة االجتماعيــة علــى أزمــة الشــرعية السياســية والثقــة، وينبغــي النظــر إليهــا فــي ســياق التضييــق المتزايــد للمســاحة الديمقراطيــة والمدنيــة.
فـي حيـن بـدا أن احتجاجـات أكتوبـر كانـت تقودهـا مجموعـات »غيـر معروفــة »، إال أنهــا ال تــزال تشــمل مجموعــة متنوعــة مــن الجهــات الفاعلـة، بمـا فـي ذلـك األحـزاب السياسـية ومنظمـات المجتمـع المدنـي ًـا والناشـطون والناشـطات، ومـا إلـى ذلـك فـي سـاحات متعـددة، وأحيان متضاربـة. وهـذا يفسـح المجـال للتعـاون المحتمـل العابـر للمجموعـات، ولكــن يمكــن أن يــؤدي أيضــا إلــى الخالفــات والصراعــات حيــث ســيكون للجهــات الفاعلــة المختلفــة أجنــدات وأنمــاط عمــل واســتراتيجيات مختلفــة، مــن بيــن األمــور الخالفيــة المتعــددة. مــن هــذا المنظــور، اننــا نعتبــر الجهــات الفاعلــة المشــاركة فــي السياســة ً مـن النظـر الـى «الدولـة»، نشـير معارضـة غيـر ثابتـة ومتقلبـة. بـدال إلـى الجهـات التابعـة للدولـة علـى سـبيل المثـال، كشـبكة مـن الجهـات المتشـابكة التـي تتفاعـل بشـكل رسـمي وغيـر رسـمي وتـؤدي وظيفـة الدولــة. وبالمثــل، ال يمكــن اعتبــار الجهــات الفاعلــة فــي الحركــة ً االجتماعيـة ثابتـة ودائمـا فـي وضـع احتجاجـي تجـاه «الدولـة» فعلـى ســبيل المثــال قــد يتــم اســتدعاء بعــض الجهــات المعارضــة للتعــاون مــع الدولــة والمؤسســات العامــة، أو حتــى شــغل بعــض الوظائــف العامــة.
وبالتالـي فـإن ايجـاد »منظـور اسـتراتيجي« مـن خـال تسـليط الضوء علـى مـن يفعـل مـاذا، يجبرنـا علـى التسـاؤل عمـا إذا كانـت كل مـن« الحـركات » »والـدول« ليسـت مجـرد وهـم، ممـا يعنـي أن وحـدة كل كيـان غيـر موجـودة علـى ارض الواقـع (مـاك-آدم وآخـرون ٢٠٠١؛ دويفنـدك وجاسـبر، ٢٠١٥).
التعاريـف والخطـوط واألدوار والوظائـف لمختلـف الجهـات الفاعلـة فـي الدولـة مليئـة بالثغـرات ومتغيـرة باسـتمرار.
لفهـم االسـتراتيجيات المختلفـة التـي اعتمدهـا الناشـطون والناشـطات، وكذلــك كيفيــة مســاهمة هــذه االســتراتيجيات نفســها فــي عرقلــة الحركة، تقترح إطاراً مفهمياً ثلاثياً: الاقناع والإكراه والمكافأة
(دويفنــدك وجاســبر، ٢٠١٥7). يســمح هــذا اإلطــار للفاعليــن بفهــم تفاعالتهــم مــع الدولــة، وكذلــك تفاعالتهـم مـع بعضهـم البعـض ومـع الجهـات الفاعلـة األخـرى. كمـا ً أنهــا أداة تســمح لنــا بــإدراك كيــف يقــوم الفاعلــون، بنــاء علــى هــذه التفاعــات، باختيــارات اســتراتيجية (مقصــودة أو غيــر مقصــودة). يمكننــا بالتالــي «تحقيــق صــورة ديناميكيــة للسياســة فــي الخطــط والمبـادرات وردود الفعـل والتدابيـر المضـادة والتحـركات والجهـود الرمزيــة وتبديــل المياديــن والتحــركات األخــرى التــي يقــوم بهــا الفاعلـون» (جاسـبر وآخـرون، فـي ديـا بورتـا وديانـي،٢٠١٥ ). فـي المقابـل، يعطـي هـذا النهـج أيضـا أفـكارا حـول كيفيـة تأثـر الجهـات الفاعلـة وقراراتهـا وأفعالهـا باآلخريـن، باإلضافـة إلـى اسـتراتيجياتها المعتمــدة. يحــدد اإلطــار المفاهيمــي االســتراتيجيات الثــاث لإلقنــاع واإلكــراه والمكافــأة التــي يمكــن أن يســتخدمها جميــع الفاعليــن المعنييـن، بمـا فـي ذلـك علـى سـبيل المثـال الـدول وسياسـاتها التـي يمكـن أن تمـارس القمـع أو اإلكـراه تجـاه الحـركات االجتماعيـة، أو يمكــن للحــركات االجتماعيــة نفســها اســتخدام اإلكــراه أو المكافــأة علــى ســبيل المثــال.
- الإقناع
الإقناع هـو أحـد األدوات الرئيسـية التي يسـتخدمها الفاعلـون والفاعالت ً بشـكل عـام للوصـول إلـى أهدافهـم. يمكـن للمـرء (اعتمـادا علـى وجهـة نظـره) أن يشـير إليهـا علـى أنهـا »أيديولوجيـة« أو« قـوة ناعمـة»أو «تثقيـف» أو «توعيـة». تعتمــد حركــة االحتجاجــات فــي أكتوبــر ٢٠١٩ علــى غــرار غيرهــا بشــكل كبيــر علــى اإلقنــاع كاســتراتيجية رئيســية للعمــل والتعبئــة والترويــج. تدعــو الحركــة إلــى طــرق خالقــة ومبتكــرة لخلــق الوعــي حـول القضايـا االجتماعيـة واالقتصاديـة وإدانـة الفسـاد ونشـر الدعـوات الــى االحتجاجــات والتحــركات المخطــط لهــا. اســتخدم الناشــطون والناشــطات والمجموعــات ادوات بصريــة (صــور ورســوم بيانيــة وفيديــو) علــى منصــات التواصــل االجتماعــي، وفــي حيــن كانــت ًــا بصريــة مختلفــة ألن كل الرســائل مشــتركة لكنهــا عكســت أنماط ً مجموعــة اعتمــدت علــى طرقهــا الخاصــة إلنتــاج هــذه الصــور بــدال مـن االعتمـاد علـى »إنتـاج« احترافـي. اعتمـد الناشـطون والناشـطات ً أيضـا علـى تطبيقـات المراسـلة مثـل Whatsapp وSignal للتواصـل والتخطيـط ووضـع االسـتراتيجيات. تـم نشـر الهاشـتاغات Hashtags كدعـوات للتحـرك، علـى سـبيل المثـال أعـاد هاشـتاغ »القـوة للنـاس« الدعـوات ألنظمـة سياسـية بديلـة تضـع النـاس واحتياجاتهـم كأولويـة واســتعادة الفاعليــة الشــعبية فــي صنــع القــرار، علــى عكــس نظــام المحاصصــة التوافقــي الــذي فــرض مفهــوم عقيــم للديمقراطيــة.
شــهدت الحركــة االحتجاجيــة أيضــا محــاوالت التنظيــم البديــل مــع المجموعـات التـي تتبنـى هيكليـات أفقيـة وغيـر هرميـة، علـى الرغـم مـن أن المحـاوالت السـابقة مـن قبـل مجموعـات مماثلـة بشـكل خـاص فــي أوائــل ال٢٠٠٠ أظهــرت محدوديــة هــذا النــوع مــن الهيــكل التنظيمـي علـى النحـو المبيـن فـي ابـي ياغـي، ٢٠١٣ .فـي الواقـع، عـادة مـا يمهّـد »اسـتبداد« انعـدام الهيـاكل (فريمـان، ١٩٧٠ )الطريـق لظهـور قـادة غيـر رسـميين. أدى تبنـي الهيـاكل المسـطحة إلـى غيـاب قيــادة »رســمية« مركزيــة تتحــدث أو تمثــل الحركــة بأكملهــا. ومــع ذلــك، يوضــح البحــث الســابق كيــف عــادة مــا يظهــر القــادة غيــر الرسـميين وغيـر النظامييـن (وغيـر الديمقراطييـن فـي الغالـب) فـي هـذه األنـواع مـن الهيـاكل غيـر الهرميـة.
- الإكراه
الإكراه أداة يســتخدمها الفاعلون/الفاعــات الذين/اللواتــي يســتخدمون/ تسـتخدمن العنـف سـواء كان رمزياً أو جسدياً.
فـي حيـن أن العنـف «الثـوري» فـرض نوعـا مـن الحتميـة الماركسـية ًـا فـي محـاكاة للعمليـات الثوريـة األخـرى فـي تونـس أو للتنظيـم، وأحيان السـودان، فقـد أدى ذلـك إلـى حـد مـا إلـى إنشـاء هيـاكل تنظيميـة فارغـة شــكلية أكثــر مــن كونهــا ديمقراطيــة وتشــاركية، ممــا يبيــن محدوديــة ً التنظيــم كاســتراتيجية إقنــاع، ولكــن أيضــا النزعــات الكامنــة إلعــادة إنتـاج النظـام نفسـه الـذي تـم انتقـاده.
مـن هـذا المنظـور، يمكـن للقيـادات غيـر الرسـمية / غيـر الديمقراطيـة أن تمـارس االكـراه تجـاه أعضـاء المجموعـات والتجمعـات، وعـادة مـا يكـون القـادة غيـر الرسـميين فـي الهيـاكل المسـطحة رجـاًل ذوي رأس مـال اجتماعـي وثقافـي مهـم.
لـم يتـم ممارسـة اإلكـراه علـى الفاعليـن فـي الحركـة االجتماعيـة فقـط؛ لكنهــا كانــت تمــارس ضمــن نفــس ســاحة الحركــة االجتماعيــة. هــذه أو متجانســة.لا يمكــن اعتبارهــا ثابتــة األخيــرة، وكمــا ذكرنــا ســابق األشــكال المتباينــة للجهــات الفاعلــة فــي التنظيــم واأليديولوجيــات والشــكاوى والخلفيــات االجتماعيــة االقتصاديــة والطائفيــة وطــرق التحــرك واضحــة داخــل الحركــة. إن حمــات تصنيــف فئــات مــن المتظاهريــن بأنهــم »مندســين«، مــن خــال التشــديد علــى انتمائهــم الدينــي أو الحزبــي األساســي، أو خلفيتهــم االجتماعيــة (المعدمــة فــي كثيــر مــن األحيــان) يعيــد إنتــاج روح الفصــل العنصــري للنظــام السياسـي التـي يقـوم هـؤالء الفاعلـون والفاعـات بالتحـرك ضـده (كمـا هـو موضـح مـن قبـل أبـي ياغـي، يونـس وكاتـوس فـي ٢٠١٧ ).وعلـى نفـس المنـوال، فـإن خطـوط التقسـيم القائمـة علـى أنمـاط العمـل التـي تتبناهـا المجموعـات توضـح الديناميكيـات الخالفيـة داخـل الحركـة. إن الخطابـات وطـرق االعتـراض بيـن مـا يُعتبـر أنمـاط عمـل واحتجاجـات »عنيفـة« أو »سـلمية«، مـع التصنيفـات الكامنـة للناشـطين والناشـطات علـى أسـس اجتماعيـة واقتصاديـة وطائفيـة، تـؤدي إلـى تعزيـز الوضـع الراهــن والنظــام.
مـن ناحيـة أخـرى، حاولـت الدولـة التفـاوض مـع الحـراك االجتماعـي، ً تعييـن قيادة لهـا حتى تتمكن مـن تحديد الحركة مـن خـال محاولتهـا أوال ً واحتواءهـا. تمـت دعـوة ممثلـي الحركـة االجتماعيـة مـرار ً او تكـرارا ًـا أو اختيارهـم مـن إلجـراء نقاشـات، مـع اإلعـان عـن البعـض تلقائي قبـل الدولـة. ومـع ذلـك، رفـض المتظاهـرون والمتظاهـرات االعتـراف بــأي جماعــة أو أشــخاص كممثليــن للحركــة العامــة متمســكين بشــعار »ال قيــادة«. فــي حيــن كانــت هــذه االســتراتيجية فــي صالــح الحــراك االجتماعــي فــي البدايــة، ولكــن مــع اســتمرار األزمــة وتفاقمهــا مــع ً أزمـة اقتصاديـة فقـد ثبـت أن لهـا تأثيـر ًا مضـادا وأنهـا تحـد مـن تأثيـر التحـركات االجتماعيـة علـى المـدى الطويـل.
يمكـن أن يشـير اإلكـراه أيضـا إلـى اسـتخدام العنـف. قوبلـت الحركـة االجتماعيـة باسـتخدام غيـر مسـبوق للقـوة والقمـع مـن قبـل الدولـة - بمـا فـي ذلـك االسـتخدام المكثـف للغـاز المسـيل للدمـوع والرصـاص المطاطي (غالباً بشكل مباشر وعلى المادة القصير) ومدافـع المياه والاعتقالات8 - ممــا أدى إلــى إنشــاء مســاحة مدنيــة متقلصــة ســلفا واالعتقــاالت تشـهد التوقيفـات واالعتقـال وزيـادة الرقابـة علـى المجتمـع المدنـي. يوضـح الرسـم البيانـي أدنـاه مـن قبـل دعـم لبنـان احتجـاز الناشـطين/ الناشــطات والمدونين/المدونــات علــى مــدى بضعــة أشــهر فــي عــام ٢٠١٨.
تتجســد هــذه المســاحة المتقلصــة أيضــا فــي القيــود المفروضــة فــي القوانيــن، فعلــى ســبيل المثــال، تــم إعاقــة قانــون الوصــول إلــى المعلومـات التـي يمكـن للناشطين/الناشـطات االعتمـاد عليـه للمطالبـة بمزيــد مــن الشــفافية فــي عــام ٢٠١٩ ،وذلــك بعــد مــرور أكثــر مــن عاميــن علــى ســريان القانــون لــم يتــم انشــاء الهيئــة المشــرفة علــى تنفيــذه، وال تــزال العديــد مــن اإلدارات العامــة تفتقــر إلــى البنيــة التحتيــة والمــوارد لالســتجابة لطلبــات المعلومــات9.
- المكافأة
يشــير الجــزء الثالــث مــن اإلطــار إلــى المكاســب وإرضــاء الجهــات الفاعلـة والناشطين/الناشـطات، سـواء كانـت ماديـة أو رمزيـة، وكيـف تؤثــر تلــك المكاســب علــى قراراتهــم وأفعالهــم. ُظهــر نظــرة طوليــة إلــى الجهــات الفاعلــة المشــاركة فــي الحــركات ت ً عـن المنظمـات ذات الطابـع المؤسسـي فـي مجـال االجتماعيـة، فضـا المجتمـع المدنـي، التعدديـة فـي المواقـف التـي تعرضهـا. قـد تتكـون هذه المواقـف المتعـددة مـن األدوار المتتاليـة أو المصاحبـة التـي يلعبونهـا و / أو الوظائـف التـي يشـغلونها طـوال مسـارهم أو «تاريخهـم الناشـط». وبالتالــي، يجــد العديــد مــن الفاعلين/الفاعــا ّ ت أنفسهم/انفســهن عنــد ً تقاطـع األدوار المهنيـة داخـل منظمـات المجتمـع المدنـي، ولكنهـم أيضـا يقـودون التحـركات والنشـاط علـى األرض. هـذه المواضـع المتعـددة قـد تسـهل الترابـط داخـل السـاحة المدنيـة الشـاملة متعـددة المنظمـات، مـع حـدوث تبـادل بيـن المنظمـات المهنيـة والمزيـد مـن المنظمـات الجذريـة ًــا مــا توضــح ســرديات الفاعليــن/ بشــكل عضــوي. ومــع ذلــك، غالب الفاعــات وممارســتهم ديناميكيــة متوتــرة بيــن الدوريــن: باختصــار، بيــن أشــكال المشــاركة «االختصاصيــة» أو «المدفوعــة» واألشــكال «التطوعيــة».
وقــد أظهــر بحــث ســابق كيــف أنــه بالنســبة للناشطين/الناشــطات، كان يعتبـر العمـل فـي القطاعــات النقابيـة ويُنظـر إليـه كشــكل مـن أشــكال الخدمــة العامــة (ابــي ياغــي،٢٠١٣). يمكــن أن يصاحــب ذلــك أيضــا متعـة رمزيـة تتكـون مـن إسـقاط اإليثـار والرضـا الفـردي الناتـج عـن المشـاركة »مـن أجـل المصلحـة العامة«. بشـكل أكثـر واقعيـة، يمكن أن ً تتكـون هـذه المتعـة أيضـا مـن بنـاء صـورة عامـة (عبـر الخطـب العامـة والظهـور اإلعالمـي علـى سـبيل المثـال) أو السـيرة الذاتيـة المهنيـة. إن التوتـر الحالـي بيـن األدوار والوظائـف التـي يبـدو أن نفـس مجموعـة الناشطين/الناشـطات يعبرون/يعبـرن عنهـا يوضـح أكثـر مـن معارضـة ثنائيـة أو مصطنعـة بيـن االنخـراط فـي الجمعيـات والحـركات الشـعبية. إنـه يظهـر مسـافة وهميـة مـن األشـكال »مدفوعـة« مـن المشـاركة فـي قطــاع ســقط فــي »فــخ التنفيــذ« تجــاه اجنــدات الجهــات المانحــة (ابــي ياغــي، يميــن، وجاغاناثســينغ، ٢٠١٩ ) مــن خــال تشــويه العمــل فــي القطـاع النقابـي.
يمكــن أن ينتــج هــذا التوتــر عــن زيــادة شــيطنة القطــاع النقابــي فــي الخطــاب العــام الســائد، مــع تزايــد اتهامــات الفســاد مــن قبــل الجهــات ً المانحــة وســلطات الدولــة والجمهــور العــام. وقــد ينتــج أيضــا عــن تصــور أن الناشطين/الناشــطات المحترفين/المحترفــات قــد«ينتقلــون مـن قضيـة إلـى أخـرى، حامليـن مهاراتهـم المتخصصـة معهـم مقابـل ثمـن» (جاسـبر وآخـرون، فـي ديـا بورتـا وديانـي، ٢٠١٥ ،ص ٨). فـي الواقـع، يمكـن اعتبـار التعـاون فـي مجـال المسـاعدة والشـراكات الدوليــة مــن أجــل التنميــة، فــي أشــكال المســاعدة اإلنمائيــة الرســمية وتمويــل القطــاع النقابــي أو المبــادرات الخيريــة للفئــات األكثــر ًــا، بمثابــة أداة الستنســاخ الوضــع الراهــن - للنظــام السياســي حرمان والمعاييـر المجتمعيـة والطبقـات االجتماعيـة علـى سـبيل المثـال. يفشـل اقتصــاد المعونــات هــذا فــي معالجــة األســباب الجذريــة والهيكليــة ًــا مــا تعتمــد علــى للمشــاكل التــي يســعى إلــى معالجتهــا، والتــي غالب العمليــات التشــاركية واالستشــارية الشــكلية، والتــي ينخــرط فيهــا القطــاع النقابــي والناشطون/الناشــطات »مقابــل اجــر«. ومــع ذلــك، تســاهم الديناميكيــات الجدليــة مــن الشــيطنة المتبادلــة )أو االنبهــار(، واعتمــاد احتــواء الخطــاب )ال ســيما مــن قبــل الدولــة وأحــزاب الســلطة السياســية ووســائل اإلعــام التقليديــة الرئيســية، ومــا إلــى ذلــك(، بشــكل مباشــر فــي استنســاخ النظــام /األنظمــة التــي يســعى/ تســعى الناشطون/الناشــطات الذين/اللواتــي يتلقون/تتلقيــن أجــر أو غيــر مدفوعــي األجــر الــى تحديــه، ويغــذي الشــيطنة الســائدة لكلتــا المجموعتيــن مــن الناشطين/الناشــطات: الناشطين/الناشــطات علــى مســتوى القاعــدي الذين/اللواتــي يعتبرون/تعتبــرن غيــر منظميــن/ منظمـات وعرضـة للعنـف ويفتقرون/تفتقـرن إلـى القيـادة مـن جهـة، والجمعيـات الموصوفـة علـى أنهـا تتبـع أجنـدات خارجيـة والمنخرطة فــي إســاءة اســتخدام وتبديــد األمــوال العامــة مــن ناحيــة أخــرى. لــذا فــإن الروايــات والممارســات الثنائيــة داخــل األوســاط الناشــطة واألكاديميـة تبـدو غيـر مجديـة وتـؤدي إلـى نتائـج عكسـية حيـث أن كال مــن أشــكال المشــاركة »المهنيــة« و »الشــعبية« تــؤدي وظائــف اجتماعيــة متميــزة ومتكاملــة.
ومــع ذلــك، فــإن هــذا التكامــل يظهــر محدوديــة تعدديــة التموضــع لبعــض الفاعلين/الفاعــات الذين/اللواتــي يتنقلون/تنتقلــن فــي نفــس الوقــت بيــن موقــع الناشــط الشعبي/الناشــطة الشــعبية والمواقــع االستشــارية لســلطات الدولــة أو المؤسســات الدوليــة، ممــا يوضــح حـدود دورهـم فـي المعارضـة (يتعـارض مـع القـول عـن عـض اليـد التــي تطعــم)، فــي حيــن يبــدو أن موقعهــم كخبراء/خبيــرات يســتفيد مــن مكانتهم/مكانتهــن كناشطين/ناشــطات. مــن الجديــر بالذكــر هنــا أن جميـع أنـواع »النشـاط القاعـدي« ال تبـدو متسـاوية، مـع اسـتمرار تهميـش بعـض أنـواع االلتزامـات اإليديولوجيـة والسياسـية حتـى فـي أوســاط الناشطين/الناشــطات.
الخالصة
تسـمح سـالة الحـركات بتسـليط الضـوء علـى العمليـات التـي دفعـت اليهـا والتـي أدت إلـى أحـدث موجـة احتجـاج فـي البـاد، أي احتجاجـات أكتوبـر ٢٠١٩ .لفهـم هـذه التعبئـة االجتماعيـة وديناميكيتاهـا وحدودهـا بشـكل أفضـل، اعتمدنـا علـى إطـار يـدور حـول ثـاث اسـتراتيجيات مسـتخدمة: اإلقنـاع واإلكـراه والمكافـأة. تـم اسـتخدام هـذه لتحليـل التفاعالت بيـن هـؤالء الفاعلين والفاعـات أنفسهم/أنفسـهن، وكذلـك الديناميات والتفاعـات مـع الجهـات الفاعلـة األخـرى والدولـة. مـن خـال فهـم مـا سـبق، يمكننـا أن نفهـم الخيـارات االسـتراتيجية التـي يتخذهـا الفاعلـون/ الفاعـات وكيـف يشـكل ذلـك تحركاتهم/تحركاتهن. ضمـن النظـام اللبنانـي التوافقـي وتقاسـم السـلطة، ان إلقـاء نظـرة طوليـة علـى التحـركات والحـركات االجتماعيـة عبـر الزمـن يسـلط الضـوء ً مـن تحـدي الهيـاكل االجتماعيـة والسياسـية علـى اسـتمرارية وتطـور المطالـب. قـد يبـدو أن هـذه الموجـات تـؤدي دور منفـذ للشـكوى، بـدال فـي البـاد. فـي سـياق الحيـز المدنـي المتقلـص بسـبب العوامـل والممارسـات الهيكليـة (مـن قبـل الدولـة وأحـزاب السـلطة ووسـائل اإلعـام، ً والمانحيـن الدولييـن والمجتمـع، إلـخ)، مـن الجديـر بالذكـر أنـه ليـس فقـط النظـام الـذي يعيـق التعبئـة، ولكـن أيضـا وفـي كثيـر مـن األحيـان، الخيــارات االســتراتيجية التــي اعتمدتهــا الجهــات الفاعلــة أنفســها تعيــق التعبئــة ايضــا، فينتهــي بهــم األمــر بالمســاهمة فــي تقلــص المســاحة وإعـادة استنسـاخ الوضـع الراهـن بالتزامـن مـع التعبئـة ضـده. فـي هـذا المنظـور الطولـي وبـدًل مـن اسـتخالص االسـتنتاجات بعـد كل موجـة ً احتجـاج، نناقـش دراسـة التحـركات علـى المسـتوى الجزئـي، وكيـف تتراكـم فـي فتـرة زمنيـة طويلـة وتغـذي موجـات الحـركات المتتاليـة، بـدال مـن تقييمهـا مـن حيـث نجاحـات أو إخفاقـات.
تم م نشر هذه الورقة في الأصل من قبل شبكة المنظمات العربیة غیر الحكومیة للتنمیة، جزء من Watch Space Civic ،وهي متاحة على هذا الرابط إلى جانب تقاریر من ١٠ دول عربیة أخرى.
المراجع
AbiYaghi, Marie-Noëlle. “Civil Mobilization and Peace in Lebanon”, in Picard, Elisabeth and Ramsbotham, Alexander (eds). Reconciliation, reform and resilience. Positive Peace for Lebanon, Issue 24. London: Accord Publications. July 2012.
AbiYaghi, Marie-Noëlle. L’altermondialisme au Liban : un militantisme de passage. Logiques d’engagement et reconfiguration de l’espace militant (de gauche) au Liban, Doctorat de science politique. Paris: Université de Paris1-La Sorbonne. 2013.
AbiYaghi, Marie-Noëlle, Catusse, Myriam, and Younes, Miriam. “From isqat an-nizam at-ta’ifi to the Garbage Crisis Movement: Political Identities and Antisectarian Movements.” In di Peri, Rosita and Meier, Daniel (eds.). Lebanon facing the Arab Uprisings. Constraints and Adaptation. London: Palgrave. 2017.
AbiYaghi, Marie-Noëlle, Yammine, Léa, and Jagarnathsingh, Amreesha. Civil Society in Lebanon: the Implementation Trap. Beirut: Lebanon Support, 2019. https://civilsociety-centre.org/paper/civil-society-lebanon-implementati...
Duyvendak, Jan Willem and Jasper, Jim (eds). Players and Arenas, The Interactive Dynamics of Protest. Amsterdam: Amsterdam University Press. 2015.
Favier, Agnès. Logiques de l’engagement et modes de contestation au Liban. Genèse et éclatement d’une génération de militants intellectuels (1958-1975), thèse de doctorat en science politique. Marseille: Aix-Marseille III, Université Paul-Cézanne. 2004.
Jasper, Jim et. al. “Strategy.” In Della Porta, Donatella and Diani, Mario (eds). The Oxford Handbook of Social Movements. Oxford: Oxford University Press. 2015.
Karam, Karam. Le Mouvement Civil Au Liban, Revendications, Protestations et Mobilisations Associatives Dans L’Après-Guerre. France: Editions Karthala - Iremam. 2006.
McAdam, Doug, Tarrow, Sidney, & Tilly, Charles. Dynamics of Contention. Cambridge: Cambridge University Press. 2001.
Mitri, Dalya. “From Public Space to Office Space: the professionalization/NGOization of the feminist movement associations in Lebanon and its impact on mobilization and achieving social change.” In Marie-Noëlle AbiYaghi, Bassem Chit, and Léa Yammine (eds). “Revisiting Inequalities in Lebanon, The case of the “Syrian refugee crisis” and gender dynamics,” The Civil Society Review, Issue 1. Beirut: Lebanon Support. 2015.
Moghniye, Lamia. Local expertise and global packages of aid: The transformative role of volunteerism and locally engaged expertise of aid during the 2006 July war in Lebanon. Beirut: Lebanon Support. 2015, a. https://civilsociety-centre.org/paper/local-expertise-and-global-package...
Moghniye, Lamia. Local forms of relief during the July war in 2006 and international humanitarian interventions: Implications on community preparedness for war and conflict. Beirut: Lebanon Support. 2015, b. https://civilsociety-centre.org/paper/local-forms-relief-during-july-war...
Lebanon Support. “Collective Action digest, 22 October 2019.” Civil Society knowledge Centre. https://civilsociety-centre.org/digest/collective-action-digest-22-octob... (Last accessed on 8 April 2020).
Lebanon Support. “Crackdown on Social Media by Lebanese Authorities. (Infographic)” Civil Society knowledge Centre. https://civilsociety-centre.org/content/crackdown-social-media-lebanese-... (Last accessed on 8 April 2020).
Lebanon Support. “Women’s Movements in Lebanon.” Civil Society knowledge Centre. https://civilsociety-centre.org/gen/women-movements-timeline/4938#event-.... (Last accessed on 27 March 2020).
Lebanon Support. “Map of Collective Actions in Lebanon” Civil Society knowledge Centre. https://civilsociety-centre.org/cap/collective_action. (Last accessed on 8 March 2020).
Lebanon Support. “Map of Collective Actions in Lebanon” Civil Society knowledge Centre. https://civilsociety-centre.org/cap/collective_action/charts. (Last accessed on 8 March 2020).
Tavana, Daniel and Parreira, Christiana. Lebanon’s 2018 Election: New Measures And The Resilience Of The Status Quo. Beirut: Lebanon Support. 2019.
- 1. لمعرفة المزيد عن األنظمة القانونية والسياسية التي تحكم عمل منظمات المجتمع المدني والفضاء المدني في لبنان، يرجى قراءة »المجتمع المدني في لبنان: فخ التنفيذ«
- 2. لمعرفة المزيد عن ذلك اقرأ/ي: .centre-civilsociety://https timeline-movements-women/gen/org/4938#event-_-1920s syria-and-lebanon-in-established-union-w
- 3. ّ كرست هذه الفترة بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠٠٧ دور التنظيم المحلي والشعبي، داخل مجموعات مثل صامدون، خارج الهياكل التقليدية للمساعدة واإلغاثة، في ضمان استعداد البالد واستجابتها لألزمات )لميا مغنية، ٢٠١٥ ،أ(. بنيت هذه االستجابات واإلجراءات على التجارب السابقة ومشاركة البيانات الروتينية وتنسيق المعلومات من أجل تمكين توفير المساعدة بشكل أكثر فعالية للمجتمعات المتضررة )لميا مغنية، ٢٠١٥ ،ب(
- 4. متاحة عبر: /cap/org.centre-civilsociety://https action_collect
- 5. متاحة عبر: /cap/org.centre-civilsociety://https charts/action_c
- 6. اقرأ المزيد في ملخص العمل الجماعي لدعم لبنان، ٢٢ أكتوبر ٢٠١٩ : digest-22-october-2019action-collective/digest/org.centre-civilsociety://h
- 7. يراقب جاسبر ثالث انواع أساسية من الوسائل االستراتيجية: الدفع لآلخرين لفعل ما تريد وإقناعهم وإكراههم.
- 8. للمزيد انظر موقع هيومن رايتس ووتش على اإلنترنت بشأن االحتجاجات وتوثيق االنتهاكات: /feed-blog/org.hrw.www://https protests-l
- 9. s/org.hrw.www://https/2019/09/27-/lebanon stalled-law-information-access انظر إلى عمل مبادرة غربال و
Marie-Noëlle Abi Yaghi specialises in the sociology of contentious politics in contemporary Lebanon, with a focus on transformation of commitment and logics of disengagement, as well as gendered dynamics within social movements. She also focuses on (re)production processes and forms of social control, order, and discipline. AbiYaghi is currently the co-director of the CeSSRA and a lecturer at the Institute of Political Science at the Saint-Joseph University, Beirut.
Marie-Noëlle holds a PhD in Political Science from the Université Paris I Panthéon-Sorbonne, France.
E-mail: mabiyaghi@socialsciences-centre.org
Twitter: https://twitter.com/mnabiyaghi
ORCID: https://orcid.org/0000-0001-8558-6722
Léa Yammine is a creative and researcher. Her main research areas and work revolve around on communication, visualisations, social justice, civil society, and gender. She is currently the co-director of the CeSSRA.
Léa holds a BA in Graphic Design from the American University of Beirut, and an MA in Culture, Creativity & Entrepreneurship from the University of Leeds, UK.
Email: lea@socialsciences-centre.org
Twitter: https://twitter.com/lea_yam