تقرير الراصد العربي ٢٠١٤: لبنان والحماية الإجتماعيَة: ما بين الإحسان والسياسة

Publishing Date: 
September, 2014
Dossier: 
Socio-Economic Rights Base
Author(s): Marie-Noëlle AbiYaghi
Abstract: 

تقدم هذه الورقة البحثية لمحة عن نظام الحماية الإجتماعية في لبنان في العام 2014. وتفصّل دور الدولة في التنمية، وتعدد الفئات الأكثر هشاشة. بالإضافة إلى ذلك، تناقش الورقة الاطار التشريعي وخصائص أنظمة الحماية الاجتماعية في البلد وآثار الحروب والأزمات عليها، لتقدم أخيرًا بعض التوصيات نحو نظام أكثر شمولا.

Keywords: Social Protection, Social Security, Economic & Social Rights, Social & Economic Development, Economic Security, Social State

To cite this paper: Marie-Noëlle AbiYaghi,"تقرير الراصد العربي ٢٠١٤: لبنان والحماية الإجتماعيَة: ما بين الإحسان والسياسة ", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2014-09-01 00:00:00. doi: 10.28943/CSKC.001.20001

[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/ar/paper/تقرير-الراصد-العربي-٢٠١٤-لبنان-والحماية-الإجتماعيَة-ما-بين-الإحسان-والسياسة
Cited by: 1
Embed this content: 
Copy and paste this code to your website.
Full text: 
Full text

مقدمة:

تكثر التعريفات لمصطلحي "الحماية الاجتماعية" و"الضمان الاجتماعي" ولكن غالبا ما يتم إستعمالهما بشكل متبادل. يجدر الذكر ان منظمة العمل الدولية تستخدم مصطلح "الضمان الاجتماعي" بالإشارة إلى الحق في الضمان الاجتماعي المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 (المادة 22)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966 (المادة 9) وصكوك حقوق الإنسان الأخرى للأمم المتحدة. ويشمل هذا المصطلح مجموعة واسعة من أدوات السياسة العامة بما في ذلك التأمين الاجتماعي، المساعدة الاجتماعية ، وغيرها من أشكال التحويلات النقدية، فضلا عن اتخاذ تدابير لضمان الوصول الفعال إلى الرعاية الصحية وغيرها التي تهدف إلى تأمين الحماية الاجتماعية. ويؤكد التقرير الأخير لمنظمة العمل الدولية أن عدم الحصول على الحماية الاجتماعية يشكل العقبة الرئيسية أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويربط التقرير مابين عدم التغطية او الوصول للحماية الاجتماعية ومستويات عالية ومستمرة من الفقر وانعدام الأمن الاقتصادي في بعض أجزاء من العالم بالإضافة إلى مستويات عالية ومتزايدة من عدم المساواة[2].

لا يمكن التطرّق إلى دراسة أنظمة الحماية الإجتماعيّة دون وضعها في سياق مراجعة معمّقة في دور "الدولة الإجتماعية"[3] فيما يتعلق بالتضامن والتكافل الإجتماعيين والإعتراف بالحقوق الإقتصاديّة-الإجتماعيّة. فالتضامن الإجتماعي يعني مثلا العائلة إن كنت الأسرة النوويّة أو العائلة الممتدة، "الطائفة"، القوى العاملة، الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، المؤسسات الدينيّة، الشركات، شركات التأمين والدولة. وتختلف الأدوار ومستوى طغيان أطراف على أخرى حسب واقع كل دولة ومجتمع من جهة، وتحولات الرسماليّة على الصعيدين العالمي والمحلّي[4].

كما انه يصعب فهم الحماية الإجتماعية دون النظر في السياسات الإجتماعية للدولة .

القسم الأول: دور الدولة في التنمية

لا يزال مفهوم دولة الرعاية الاجتماعيَة أو دولة الرفاه الاجتماعي، جنينياً في لبنان، ويبقى مستوى الحماية الاجتماعية للمواطنين شبه معدوم. فالرعاية الصحية والإنفاق على التعليم واستحقاقات التقاعد والمنح العائلية والمساعدات لذوي الاعاقة  كلها لا تزال غير متاحة لعدد كبير من السكان. فهناك ما يقارب ال٤٠٪ الى ٥٠٪ من السكان اللبنانيين غير مسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[5]، حيث ان ٤٠٪ منهم هم خارج اي نظام تأمين صحي، بينما فقط ٨٪ هم متعاقدون مع شركات تأمين خاصة[6].

وباستثناء بعض الحالات الخاصة (كأنظمة الحماية الاجتماعية التابعة لقوى الأمن والتي تعتبر الاكثر فعالية وشمولية من حيث التغطية)، فإن الواقع العام لنظم الرعاية الاجتماعية في لبنان يتصف بإجرائات بيروقراطية معقدة، وشديدة البطئ من حيث مهل استحقاق التعويضات، مما يدفع الكثيرين الى اللجوء الى "الواسطة" في معظم الاحيان.

ولهذه الاسباب وغيرها، فإن السكان الاكثر عرضة (most vulnerable)، كالمسنين وذوي الاعاقة والعاطلين عن العمل، والعمال الاجانب، والنساء والمزارعين \ ات  يبقون في واقع الحال خارج اطار تغطية معظم نظم الحماية الاجتماعية الرسمية. فأغلب النفقات الاجتماعية تقع فعلياً على عاتق الافراد والاسر والمؤسسات الخاصة، مثل المؤسسات الاهلية والمنظمات غير الحكومية[7] ، مما يؤدي، وذلك بسبب غياب منظومة مركزية  فاعلة للحماية الاجتماعية، الى تعزيز وتعميق الممارسات الزبونية (طائفية ام حزبية كانت) والتي تمأسست بسبب سياسات المحاصصة ما بين اقطاب الحكم في الدولة اللبنانية، بالاضافة الى انتشار الفساد في الاجهزة الرسمية، وتعمّقت هذه الممارسات خلال سنوات الحرب الاهلية (ما بين ال١٩٧٥ وال١٩٩٠) ومن ثم خلال مرحلة اعادة الاعمار في التسعينيات من القرن الماضي. 

انتشرت العقيدة التنموية في العالم العربي في الفترات التي تبعت حركات الاستقلال - على غرار الكثير من دول الجنوب - مما حفّز نشوء المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، اما في الحالة اللبنانية فإن العقيدة المهيمنة التي تشكلت على اساسها هذه المؤسسات كانت ولا تزال تعتمد على مبدأ "دعه يعمل دعه يمر". ففي "الجمهورية التجارية"[8] لا تعتبر ظاهرة تنازل الدولة عن مسؤولياتها الاجتماعية والخدماتية والاقتصادية لصالح القطاع الخاص ظاهرة حديثة - كمعظم الدول في المنطقة - بل كانت فعلياً هي السياسة المؤسسة منذ الاستقلال لإنشاء المؤسسات الحديثة للحماية الاجتماعية في لبنان[9]. وتبعاً لما يسمّى بـ"إجماع واشنطن"، انخرطت السياسات العامة، الموضوعة بعد الحرب الأهلية، في المنظومة النوليبرالية المهيمنة. وتؤكّد التوجهات الحالية للدولة اللبنانية على هذا المعطى؛ فقد أبعدت سياسات إعادة الإعمار بسرعة مسألة الحقوق الاجتماعية و"الضمان الاجتماعي" للجميع، وشرعت الدولة اللبنانية، منذ العام ١٩٩٣، في تنفيذ برامج التكيّف الهيكلي المدعوم من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

البعد الاجتماعي في سياق مضاد

 نفّذت الحكومة اللبنانية برنامج إعادة الإعمار "آفاق ٢٠٠٠"، في جزء كبير منه من خلال مجلس الإنماء والإعمار، وعبر اتفاقيات معقودة مع شركات خاصة كبيرة مما كرَس احتكارات في قطاعات الاتصالات السلكية واستيراد المواد الهيدروكربونية ومعالجة النفايات والمطار والميناء، الخ[10].

"فأصبح مفهوم المصلحة العامة (...) غائباً تماماً عن الاديولوجية الجديدة لإعادة الإعمار المتناسبة مع التيار النيوليبرالي الذي يعتبر الدولة والعمل الجماعي مصادر هدر اقتصادي (...) تعيق فعالية الشركات الخاصة"[11].

استمر النهج النيوليبرالي هذا حتى في السياسات التي تلت الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام ٢٠٠٦، فشدّد مؤتمر المانحين المعروف بـ"باريس ٣"[12]، المعقود في العام ٢٠٠٧، على المزيد من القروض بهدف التصدي للعواقب الاقتصادية للحرب[13]. وبالفعل ركّزت الخطَة المقترحة من قبل الحكومة اللبنانية إلى المؤتمر، على إنعاش النمو وتقليص الإنفاق العام ودعم الخصخصة، في الوقت الذي بقي فيه القطاع العام محجَماً إلى حدّ اقصى.

وخلافاً لمؤتمرات الدعم السابقة، تضّمن المشروع المقدم من حكومة فؤاد السنيورة حينها شقا إجتماعيا؛ فتطرقت خطة العمل[14] الى "الشأن الاجتماعي"، لكن تبقى معالجة هذه المسألة ثانوية بالمقارنة مع المؤشرات والأداء الماكرو-اقتصادي. ففي حين اقترحت الخطة، في أهدافها العامة، إصلاح بعض المحاور الخاصة بالحماية الاجتماعية "للحد من الفقر، وتحسين أداء الإنفاق الاجتماعي وتحسين نوعية مؤشرات التعليم والصحة"، لم تتطرق الخطة الى إصلاح النظام نفسه، بل اقتصرت على اقتراحات تحسين ظروف تشغيل الحماية الاجتماعية وتوحيد الصناديق والجهات الضامنة وتوسيع نطاق تغطية البطاقة الصحية بينما أهمل تنظيم مسألة التقاعد.

ولم يحدث فعلياً أي تقدم في ملفي إصلاح نظام الصحة ونظام تعويضات نهاية الخدمة منذ العام ٢٠٠٣ رغم اقتراح العديد من المشاريع. ورغم الخلافات السياسية، يظهر توافق عام من قبل الاطراف السياسية جمعاء على خصخصة انظمة الحماية الاجتماعية، مما يؤكد على أن "المسألة الإجتماعية" لا تقع ضمن أولويات الأجندات السياسية في لبنان.

وتشير الدراسات أن " تندرج هذه السياسات ضمن نموذج تعزيز تحرير، تحرير، وبيئة مواتية للشركات التي تملك بدورها يسببها تراجعا في المؤشرات الاجتماعية، على الرغم من معدلات النمو الاقتصادية الإيجابية المتواضعة شهدت البلاد خلال النصف الثاني من العقد السابق . وعلاوة على ذلك، أدت تدابير التقشف في كثير من الأحيان تستهدف الانفاق التنموي والاجتماعي في تفاقم الضعف والتبعية الاقتصادية للفقراء والمهمشين"[15].

أزمة أرقام وغياب الرؤية

يشير تقرير التنمية البشرية للعام ٢٠١٣ إلى أن لبنان يحتل المرتبة ٧٢ من أصل ١٨٧ دولة ويصنفه في "الدول ذات التنمية المرتفعة". ولكن تبقى هذه المعدّلات غير دقيقة لقلّة البيانات وشرذمتها، الأمر الذي يرجع إلى أسباب سياسية (لم يجر أي مسح وطني منذ عام ١٩٣٢، لأسباب تتعلق بالتوازن الطائفي). يكشف ذلك أيضاً عن غياب جهاز وطني مستقل للدراسات الإحصائية ينتج معطيات عن الحالة الاجتماعية في لبنان. فتظهر المعطيات الصادرة عن المنظمات الدولية او المحلية فروقات مهمة بسبب استعمال مسميات إحصائية مختلفة. أظهر مثلا مسح قامت به وزارة الشؤون الاجتماعية أن عدد المقيمين في لبنان يبلغ ثلاثة ملايين في عام ١٩٩٦، ٤٪ منهم أجانب. أما الإدارة المركزية للإحصاء فتقول أن العدد في ١٩٩٧ يبلغ أربعة ملايين، ٧،٦٪ منهم أجانب. في حين أن الدراسة الوطنية للأحوال المعيشية للأسر (١٩٩٦ و٢٠٠٤) لا تأخذ بعين الاعتبار عدد السكان في المخيمات الفلسطينية. وتجدر الإشارة هنا إلى الأوضاع الهشة على كافة الأصعدة القانونية والاقتصادية والصحية والاجتماعية للاجئين الفلسطنيين في لبنان.[16]

وغالبا ما تكون الأرقام المتوفرة مجتزئة ومن مصادر غالبا ما تكون صحافية مما يجعل عملية التأكد من دقتها وطابعها العلمي: وتعتبر على سبيل المثال هذه المصادر أن 28٪ من سكان لبنان يمكن تصنيفهم "فقراء"[17] وأن ما يقارب ٤٨٪ من ثروات لبنان الخاصة هي محصورة في ايدي ٨،٩٠٠ مواطن والذين يشكلون ٠.٣٪ من السكان البالغين.[18]

بالإضافة إلى مشكلة تضارب الأرقام، تطمس المعدلات الوطنية الفروقات الجغرافية والاجتماعية الهامة في لبنان. وبالرغم من أن الأبحاث التي قام بها فريق الـIRFED في عهد الرئيس فؤاد شهاب (١٩٥٨-١٩٦٤) والتي صيغت على أساسها خطة عمل وسياسة للإصلاح، بينت حجم التفاوت الاجتماعي[19]، لا يزال المجتمع حتى اليوم يعاني من عمق الهوة الاقتصادية والاجتماعية بين اللبنانيين. وتظهر خرائط الفقر جلياً تفاوتات كبيرة بين بيروت وجبل لبنان والمناطق الجنوبية بالمقارنة مع البقاع والشمال[20].

الفئات الأكثر هشاشة

يمكن تعداد فئات السكان الأكثر تضرراً وهي الأسر التي ترأسها نساء (أكثر من ١٢٠ ألف شخص[21])، والأطفال العاملون (أكثر من ٥٠ ألف طفل دون سن العمل البالغ 14 عاماً)، والعاطلون عن العمل
(١١،٥٪ وفقاً للبيانات الرسمية)، والأشخاص ذوو الإعاقة (أكثر من ٧٥ ألف شخص)، وكبار السن (أكثر من ٢٧٠ ألف مقيم في لبنان عمرهم 60 عاماً وما فوق). فليس من المبالغة القول أن الفقراء يزدادون فقراً[22] والطبقات الوسطى تتقلَص[23].

بلغ معدل البطالة ٦،٤٪[24] في العام ٢٠٠٩، ولكن لا يعكس هذا الرقم واقع سوق العمل الفعلي، فلا يأخذ بعين الاعتبار العمالة الهشة أو المؤقتة أو الموسمية[25]. ويعتقد البعض أن بطالة من هم بين ١٨-٣٥ عاماً تقارب الـ٥٠٪[26].

بالاضافة الى ذلك يلاحظ تناقص القوة الشرائية للبنانيين وتزايد مستويات التضخم وبالرغم من ذلك بقي الحد الادنى للأجور مجمداً ما بين العام ١٩٩٧ وال٢٠٠٨. كما تبقى الخدمات الصحية غير متاحة لعدد كبير من المواطنين في ظل غياب تعميم مساهمات الموظفين/ات وأرباب العمل للصناديق الضامنة، علماً ان نسبة العمل غير المصرح عنه تقدر بـ٣٦٪ [27].

اللاجئون الفلسطنيون[28]

يعتبر لبنان اللاجئين الفلسطينين فئة خاصة من الأجانب، وتعاقبت الحكومات تامتتالية والأطراف السيايسية على رفض "التوطين" خوفا بالإخلال بال"توازن الطائفي". هم تابعون لوكالة الأمم املتحدة لإغاثة وتشغيل الالجئني الفلسطينيني في الشرق الأدنى (الأونروا، التي تعنى باخدمات التربوية والصحية والإجتماعية) ولا يتلقون أشكال احلماية القانونية التي يتلقاها ثائر الالجئين من مفوضية الامم المتحدة اللاجئين. ويعان الاجؤن مصاعب في التوظيف إذ وفقا للمرسوم الوزاري 17561 (سنة 1964) هم يصنفون كأجانب. إذ ان شرط المعاملة بالمثل لا يمكن ان يطبق في هذه الحالة. بالإضافة غلى ذلك عليهم الحصول على اجازة عمل مسبقة. كما انه حظر على الفلسطنيين مزاولة مهن معينة كما ان القانون لم يسمح للذين كانوا يعملون بوجب عقود رسمية الاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي رغم انهم ملزمون بدفع الاشتراكات. وفي عام 1982 صدر مرسوم وزاري رقم 289/1 الذي قلص لائحة المهن التاحة لهم ومنعهم من حق العمل في اكثر من 70 مهنة. تم اتخاذ عدد من القرارات التي اعتبرت ايجابية بحق الفلسطنيين ( سنة 1995؛ سنة 2005) اهمها التي اصدرت في اب 2010 حيث اقر مجلس النواب تعديلات على قانون العمل (المادة 59) وقانون الضمان الإجتماعي (المادة 9) خصت بالذكر الاجئين الفلسطينيين، وتعفيهم من رسوم اجازة العمل، تلغي مبدا المعاملة بالمثل، وتحدد تعويض نهاية خدمة (ولم تشمل التعديلات ضمان المومة والتقديمات العائلية). لكن اعتبرت هذه التعديلات غير كافية خاصة انها لا ترفع الحظر للتنظيم النقابي وتكرس تمييز واضح ضد الاجئين اذ انهم لم يزالوا ملزمون بدفع كامل الاشتراكات لصندوق الضمان الاجتماعي ولا يتمتعون بالطغتية الكاملة في المقابل

واقع الانفاق الاجتماعي:  " مال عام من أجل صحة خاصة"

وفقا للبنك الدولي، يصل إجمالي الإنفاق الاجتماعي في لبنان إلى ٢١٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بشكل اساسي في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، حيث يغطي القطاع الخاص غالبية هذا الانفاق (١٥٪) وبينما تغطي الدولة ٦٪ فقط.[29] وعلى الرغم من تصريح بعض الخبراء بأن حجم الإنفاق الاجتماعي كبير نسبياً في لبنان، تبقى النتائج دون المستوى المطلوب ولا ترقى الى الصفر، حسب المعايير الدولية[30]. مما دفع بعض الأكادميين بتوصيف الحالة ك"مال عام من أجل صحة خاصة"[31].

 ويشير تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى الملاحظة نفسها فـ"لا تتناغم هذه التكاليف الاجتماعية مع نتائجها (...)[32]". وتشير الدراسات حول الحماية الاجتماعية في لبنان الى تنوع واختلاف مصادر تمويل الحماية الاجتماعية: من ضرائب والمساهمات الاجتماعية الى جانب مصادر اخرى للتضامن الاجتماعي[33]. ولكن بشكل عام يمكن القول ان هناك نقص في المعلومات حول الموارد المالية الرافدة لنظم الحماية في لبنان.

 

القسم الثاني: الاطار التشريعي وخصائص أنظمة الحماية الاجتماعية

ان نظم التغطية الخاصة بالحماية الاجتماعية التابعة للدولة في لبنان لا تعتمد على الاقامة او الانتماء المواطني للدولة بل على علاقة المواطن بقوة العمل. فالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي هي المؤسسة الابرز بتأمين الحماية الاجتماعية في لبنان، موجهة بشكل مباشر للموظفين والعمال، وتؤمن الحماية الصحية وتعويضات نهاية الخدمة.

لقد وافق لبنان على اكثر من ٥٠ وثيقة تابعة لمنظمة العمل الدولية، من ضمنها ٧ من اصل ٨ وثائق اساسية، بينما لم يوافق على الوثائق التالية ١٠٢، ١١٨، ١٢١، ١٢٨، ١٣٠، ١٥٧ و١٦٨ (عمال وعاملات المنازل)[34]

يمكن توصيف نظام الضمان الاجتماعي في لبنان بانه مستوحى عن النموذج البيسماركي، وهو يتميّز بعدة خصائص:

- تعدّد الصناديق والجهات الضامنة،

- فوارق كبيرة بين موظفي القطاع العام وموظفي القطاع الخاص (على صعيد التغطية والمساهمات)،

- غياب التغطية لغير الموظفين المصرَح عنهم وبعض أصحاب المهن الحرَة،

- محدودية التغطية التي تقتصر على الخدمات الصحية الأساسية والتعويضات العائلية وتعويضات نهاية الخدمة،

- غياب التغطية في حال البطالة أو العجز التام عن العمل،

- محدودية التغطية زمنياً عند سن التقاعد،

 

صناديق الضمان الاجتماعي

1) "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"

أنشئ "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" (الصندوق) بموجب قانون صادر عام 1963[35] (استجابةً لمطلب نقابي دام عشرين عاماً). يتيح الصندوق التسجيل فقط لأصحاب الأجور في القطاع الخاص[36]، وموظفي الحكومة غير الدائمين والعاملين لحسابهم وأولئك الذين يعملون في الخارج والعاطلين عن العمل والعمال في القطاع غير النظامي[37]

النساء العاملات في القطاع غير النظامي والعمل بدون أجر

تعيش العاملات في القطاع غير النظامي في حالة خاصة من الهشاشة في ظل تزايد عدد اللواتي يعملن في هذا القطاع. كما لا يعترف المجتمع اللبناني بأي قيمة اقتصادية للمسؤوليات والأعمال الرعائية والمهام الإنتاجية والإنجابية التي تبقى غير مأجورة[38] في سياق عام تهيمن عليه القيم والمبادئ البطركية[39]. وفي الحالتين غالباً ما تكون النساء دون أي نوع من الحماية الإجتماعية[40]

 

يقع عبء التسجيل في الصندوق على أرباب العمل ويبقى النظام اختياري للعاملين لحسابهم بينما هو إلزامي بالنسبة إلى الموظفين. تصل مجموع المساهمات الإلزامية إلى ٢٣،٥٪ من الأجر، ويدفع صاحب العمل ٢١،٥٪ منها، بينما تقع نسبة ٢٪ على عاتق الموظف. يتم تمويل نظام الضمان باعتباره صندوقاً (fund) بعكس الأنظمة الأخرى التي تتبع مبدأ (Pay as you go). 

يتمتع الصندوق بالاستقلال المالي والإداري على الرغم من أنه يقع تحت وصاية مجلس الوزراء ووزارة العمل. تتكون إدارة الصندوق من: مجلس إدارة يضمّ ممثلين عن الحكومة وأصحاب العمل والموظفين؛ أمانة سر لديها سلطات تنفيذية؛ ولجنة فنية تقدم تقارير ومقترحات لتطوير الصندوق[41].

ويشمل الصندوق أربعة فروع مختلفة:

- ضمان المرض والأمومة[42]؛ يغطي تكاليف العناية الطبية ويشمل الخدمات الوقائية كما العلاجية (معاينات، استشفاء، دواء، الفحوصات المخبرية والشعاعية، أمومة إلخ). كما يغطي نفقات الجنازة للمضمون وأفراد أسرته. اما التعويض الصحي فيقدم للمضمون عندما لا يدفع له أجره في حال غيابه المؤقت عن العمل لأسباب صحية. ويقدم تعويض الأمومة فقط في الحالات التي لا يغطي فيها رب العمل هذه الإجازة.

 Rights and Access Programme"تقديمات  برنامج تأمين حقوق المعوقين"  [43]

على إثر التوصيات الصادرة عن الحلقة الدراسية الوطنية حول قضايا الإعاقة التي ضمّت أكثر من 150 مشاركاً من منظمات غير حكومية وخبراء وممثلين عن المؤسّسات المعنية في القطاعَين العام والخاص، صدر القانون رقم 243/1993. وقد نصّ هذا القانون على الحقوق العامة للأشخاص ذوي الإعاقة وعلى إنشاء الهيئة الوطنية لشؤون المعوقين

أما برنامج تأمين حقوق المعوقين فقد أبصر النور مع تشكيل أوّل هيئة وطنية لشؤون المعوقين في العام 1994 

وكرس القانون رقم 220/2000 الذي حلّ محلّ القانون رقم 243/93 تحويل التعاطي مع قضية الإعاقة من "عمل خيري" محض إلى عمل يرتكز على الحقوق والواجبات. ويرتكز هذا البرنامج على

- اعتماد التصنيف الدولي لتأدية الوظائف والعجز والصحة الصادر عن منظمة الصحة العالمية-

إصدار بطاقة الإعاقة الفردية: تهدف هذه البطاقة إلى تسهيل تقييم الحاجات الكمّية والنوعية لدى الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان وكفالة-

 تمتّعهم بحقوقهم. إلى ذلك، تسمح هذه البطاقة لحاملها بالاستفادة من كلّ الحقوق والميزات التي تنصّ عليها القوانين والمراسيم المرعية الإجراء في لبنان

تغطية المُعينات التقنية وسائر الخدمات المتخصّصة الهادفة إلى التنسيق مع كلّ مؤسّسات التغطية العامة في لبنان-

لا بدّ من الإشارة إلى أنّ برنامج تأمين حقوق المعوقين هو مشروع نموذجي يهدف إلى إحداث تناغم بين الخطط القائمة الخاصة بالضمان الاجتماعي وبموظّفي الخدمة المدنية والخطط الأخرى، بما يسلّط الضوء على إجراء ويؤمّن التوفيرالوصول للخدمات

- ضمان طوارئ العمل والأمراض المهنية؛ الذي لم ينفذ لغاية الآن.

- نظام التقديمات العائلية والتعليمية[44]؛

يوفر هذا الفرع مساعدة اضافية على أساس الاحتياجات تقدّم إلى زوجة المضمون "الشرعية" التي لا تتقاضى أجرا وأولاده "الشرعيين" الذين لم يبلغوا سن الـ١٨ والذين يتابعون دراستهم وأولاده "المعاقين ذوي عاهة" وبناته العازبات الما دون ٢٥ سنة العاطلات عن العمل.

يبدو واضحاً أن هذا القانون لا يأخذ بالاعتبار المقاربة الحقوقية للإعاقة لاستعماله مصطلحات لا تتوافق مع المعايير المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية (اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للعام ٢٠٠٦[45]) حتى وان لم يوقع عليها لبنان بعد.

مقاربة جندرية للحماية الإجتماعية: بين التمييز الإجابي والسلبي

 

صممت أنظمة الضمان الاجتماعي، في الكثير من الدول، بهدف تقليص الفجوات بين عمل النساء المأجور و"دورهن" في الأمومة وتقديم الرعاية. اتخذت تدابير نموذجية في هذا الصدد، مثل إجازة الأمومة والتقاعد المبكر، لكن غالباً ما يقابل هذا "التمييز الإيجابي" تدابير أخرى تؤثر على حقوق النساء بطرق مستترة، كما ان تطبيق هذه الأنظمة يمكن أن يميز أحياناً ضدهن

ففي حال تعدد الزوجات يستحق تعويض المرض للزوجة الأولى[46] فقط. كما يتوجه قانون الضمان الاجتماعي ضمنياً إلى المرأة كأم وليس كعاملة إذ أنه يتضمن حوافز كبيرة تشجعها على الزواج والإنجاب، مثل استحقاق التقاعد المبكر لها في حال زواجها، وفي هذه الحالة غالباً ما يضغط الزوج على زوجته لكي تقوم بسحب تعويضها، الأمر الذي يعزّز هشاشة وضع المرأة ويزيد من تبعيّتها الى زوجها. أما بالنسبة إلى أرباب العمل فغالباً ما يدفعون بالموظفات إلى الاستقالة بعد زواجهن لتجنب دفع تعويضات وإجازة الأمومة

وبذلك يشكل قانون الضمان الاجتماعي عائقاً أمام تغيير العقليات ويحصر المرأة في دورها التقليدي حيث ينظر إليها باعتبارها "ربة منزل" فقط. ويساهم أيضاً في تعزيز التبعية تجاه الرجل، سواء كان الوالد أو الأخ أو الزوج، فتعتبر في هذه الحال حقوق المرأة وكأنها مستمدَة من حقوق الرجل. وفي هذا السياق يصعب اعتبار المرأة "معيلة" breadwinner لأسرتها إذ ان نظام الضمان الاجتماعي مصمّم تبعاً لنموذج "الرجل المعيل" الذي يعتبر أن الرجل هو "رب العائلة" والمرأة مسؤولة عن العمل الرعائي غير المأجور. كما لا يسمح القانون للرجال بالحصول على إجازة الأبوَة عند ولادة طفلهم أو عندما يكون مريضاً. كما تجدر الإشارة إلى أن القانون يحصر المستفيدين للزوجة "الشرعية" والأولاد "الشرعيين" مما يشكّل تهميشاً لللأطفال الذين يولدون خارج نطاق الزواج

   :لذا يقتضي

الإعتراف إن إجازة الأمومة هي من ضمن قيمها الإنسانية وظيفة إجتماعية تعد من الموارد البشرية للمجتمع  ، وعلى هذا المجتمع المشاركة في تحمل أعبائها 

  التمييز بين إجازة الوضع بحد ذاتها والإجازة اللازمة لرعاية الأولاد فهناك إلتباس يقتضي إزالته من الأذهان ومن النصوص-

 توحيد إجازة الأمومة وجعلها متوافقة مع الأحكام الدولية-

 

- نظام تعويض نهاية الخدمة[47]؛

يستفيد من فرع تعويض نهاية الخدمة العاملون في نشاط مهني يخضعهم لفرع تعويض نهاية الخدمة وهؤلاء هم :

- الاجراء اللبنانيون الدائمون والمؤقتون والمتمرنون الذين يعملون لدى رب عمل واحد أو أكثر لبناني أو أجنبي.

- الأجراء اللبنانيون غير المرتبطين برب عمل معين الذين يعملون في قطاع البحر والمرافىء وقد حدّد تاريخ بدء الخضوع لفرع نهاية الخدمة بالنسبة لهذه الفئة في ١/٢/١٩٧٠.

- الأجراء الأجانب العاملون على الأراضي اللبنانية والمرتبطون برب عمل واحد أو أكثر شرط أن يكونوا حائزين على إجازة عمل وأن تقر الدولة التي ينتمون إليها للبناني مبدأ المساواة في المعاملة مع رعاياها فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي 

كما حددت المادة ٥٠ من قانون الضمان الاجتماعي الشروط الواجب توفرها في الأجير الخاضع لنظام تعويض نهاية الخدمة لكي يستحق هذا التعويض. وتتعلق هذه الشروط إما بعدد سنوات خدمة المضمون (عشرين سنة على الأقل) أو بمقدرته على العمل (الاصابة بعجز بمعدل ٥٠٪ على الأقل) أو بوضعه العائلي (كالمضمونة التي تترك عملها خلال ١٢ شهر بعد زواجها) أو بعمره (بلوغ ٦٠ أو ٦٤ سنة) أو بوجوده (كالوفاة).

بالنسبة إلى المتقاعدين، اعتمد النظام اللبناني طريقة الرسملة الفردية التي تقوم على تجميع الاشتراكات المدفوعة من الأجير في حساب شخصي يراكم الفائدة النظامية التي يحددها الصندوق من دون أن يسمح ذلك بإعادة توزيع الموارد عبر الأجيال أو لصالح الفئات الأكثر تهميشاً. وعند استحقاق الأجير للتعويض يدفع له ما تجمع في حسابه إما دفعة واحدة وإما يخصص له ريع لمدى الحياة يحتسب وفقاً لمقدار الاشتراكات المتراكمة فيه ولعمر الأجير. غير أن الصندوق لم ينفذ حتى الآن هذا النوع الأخير واقتصر تعويض نهاية الخدمة على الدفعة الواحدة.

يجدر أيضاً التوضيح بأن نظام الضمان الاجتماعي يوفر خدمات محدودة جداً لكبار السن إذ أن التأمين الصحي يتوقف عند التقاعد أي عندما يكون الإنسان في حاجة أكبر اليه. فيمكن توصيف الضمان في لبنان كشبكة أمان مؤقتة تغطي المضمون خلال سنوات عمله  فقط. يثير هذا الأمر إشكالية غياب شبكة أمان شاملة لكبار السن الذين يشكلون فئة هشة من المجتمع. في المقابل يتمتع المتقاعدون من القطاع العام بتغطية شاملة كما أن نقابات المهن الحرَة (المحامين والمهندسين) أسست أنظمة خاصة تمتد الى ما بعد التقاعد.

يقتصر نظام الضمان الاجتماعي في لبنان على تقديم نوع من "التأمين" للأفراد دون التطرق الى إعادة توزيع المداخيل للفئات الأكثر هشاشة. فهذا يؤدي إلى تغطية محدودة ويترك شريحة كبيرة من السكان حتى دون اي نوع من التأمين الصحي.

2) تعاونية موظفي الدولة

تأسست تعاونية موظفي الدولة (التعاونية) عام ١٩٦٣ بموجب مشروع قانون وضع موضع التنفيذ بمرسوم رقم ١٤٢٧٣. تشمل التعاونية الموظفين العامين في جميع الإدارات العامة بما فيها القضاء والجامعة اللبنانية باستثناء الجيش وعناصر قوى الامن الداخلي والامن العام والأفراد المدنيين الملحقين بهم، لكن يستثني هذا النظام الموظفين المتعاقدين مع الدولة.

ويتمتع المنتسبون والمستفيدون من التعاونية بخدمات تشمل:

- تعويض٩٠٪ من تكاليف المعاينات الطبية والاستشفاء،

- المنح المدرسية،

- التقديمات الاجتماعية (الزواج، الوفاة، الولادة)

- تعويض نهاية الخدمة او راتب تقاعدي.

3) الحماية الاجتماعية للقطاعات غير المدنية

تؤمن الخدمات التالية:

- بدل المعاينات الطبية والاستشفاء

- المنح المدرسية،

- التقديمات الاجتماعية (الزواج، الوفاة، الولادة)

- تعويض نهاية الخدمة او راتب تقاعدي.

ملكي[48] يقدر بأن ٥٨٪ من السكان ليس لديهم قدرة على الوصول للتأمينات الصحية، وبالنتيجة فإن الدولة هي واحدة من بين فاعلين كثر في المجتمع والذين يشكلون جسم الاوسع للرعاية الاجتماعية في لبنان. فمن يسيطر في واقع الامر على الرعاية الاجتماعية في لبنان هي المنظمات الغير الحكومية وخاصة المنظمات الخيرية والمحلية. وهذا القطاع يتمتع بسلطة واسعة وحرة في صياغة البرامج، في سياق من ضعف التنسيق ما بين هذه المنظمات، بالاضافة الى ذلك فإن جزء واسع من الخدمات الاجتماعية التي تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية يتم توزيعها على السكان من خلال هذه المنظمات المحلية.

عاملات المنازل المهاجرات[49]

يستثنى "الخدم في بيوت الأفراد" من أحكام قانون العمل اللبناني بموجب المادة السابعة منه، وبالتالي ان العاملات  في هذا القطاع، وهن بمعظمهن من النساء المهاجرات، يقعن خارج الأطر الحمائية للعمال والعاملات المنصوص عليها في هذا القانون كما في قانون الضمان الاجتماعي. وبسبب هذا الاستثناء تنتفي الحقوق الأساسية لعاملة منزل مهاجرة في العمل، مثل الحد الأدنى للأجور والحق في تغيير نوع وصاحب عملها، وساعات عمل وراحة محددة، والعطل الأسبوعية والسنوية والمرضية والحق بالضمان الاجتماعي وبالتقاعد. يأتي استثناء عاملات المنازل من أحكام قانون العمل مبنياً على فلسفة وآليات النظام الأبوي الذي لا يعترف بالقيمة الاقتصادية للعمل المنزلي وهذا الأمر مبني على افتراض بأن العمل المنزلي ورعاية الأطفال والمسنين هي أعمال تدخل ضمن الدور "الطبيعي" للنساء، فتبين الكثير من الدراسات عجز النساء عن الالتحاق بسوق العمل بسبب هذه الأعمال الملقاة على عاتقهن وحدهن. وبالتالي فإنهن عندما يقمن بوظيفة خارج المنزل فهن إما يضطرن إلى العمل المضاعف لإتمام العمل المنزلي وإما يقمن بتوظيف عاملة منزلية للقيام به. وبالتالي نستنتج أن هناك حاجة اقتصادية كبيرة لعاملات المنازل المهاجرات وفي الوقت نفسه يؤسس الوضع القائم إلى حرمانهن من أبسط حقوقهن في العمل

إن ما بات يعرف بنظام الكفالة هو الإطار القانوني الأوحد الذي يرعى إقامة وعمل عاملات المنازل المهاجرات في لبنان، حيث يفرض على كل عاملة أن يكون لها صاحب عمل حصريّ يتمتّع بسلطة كبيرة على وضعها القانوني في البلاد وعلى حرية تحركها وانتقالها إلى عمل جديد. بالإضافة إلى ذلك فإن النظام القائم يتيح لأصحاب العمل بممارسة سيطرة استثنائية على النساء المهاجرات اللواتي يعملن في منازلهم، الأمر الذي يحرّمه قانون العمل بالنسبة إلى أي عامل آخر، كاحتجاز حرية العاملة في مكان عملها/منزل الأسرة، ومنعها من التواصل مع العالم الخارجي حتى في يوم عطلتها ان توفّر، ومصادرة جواز سفرها وأوراق إقامتها على الرغم من مخالفة هذا الأمر بشكل فاضح لأحكام قانون العقوبات اللبناني، وحجز راتبها وعدم دفعه بانتظام. وقد يستخدم أيضاً أصحاب العمل تكتيكات لإجبار العاملة على العمل مثل التهديد والعنف اللفظي والجسدي والجنسي او حتى اتهامهن جزافاً بجناية السرقة. بالإضافة الى السلوكيات العنصرية والكراهية الطبقية المتبعة ضدهن نتيجة كونهن نساء فقيرات مهاجرات من دول تعتمد، مثل لبنان، على ريع تحويلات مواطنيها المغتربين

القسم الثالث:أثار الأزمات والحروب على واقع التغطية الاجتماعية  

غالباً ما يشجب المراقبون حال أنظمة الضمان الاجتماعي وينسبون أدائه المتواضع لممارسات عديدة مثل الفساد، المحسوبية والزبونية وقلة الكفاءة، الخ[50]. أما على مستوى السياسات العامة فيبقى مستوى تدخل الدولة متواضعاً مع إرث حقبة ما قبل الحرب الأهلية وتأثير ديناميات الحرب. 

الإرث "الشهابي"

يعتبر الرئيس فؤاد شهاب (1958-1964) مؤسس أنظمة الحماية الاجتماعية في لبنان، فبوشر في عهده إطلاق المؤسسات العامة (مثل وزارة التخطيط أو مكتب التنمية الاجتماعية) بهدف "تطوير" المجتمع اللبناني، كان شهاب متأثراً بالأفكار التنموية والحداثية للأب لوبري[51]. لكن لم يصمد مشروعه الطموح وانهار مع بداية الحرب الأهلية. وتكاثرت، في العهد الشهابي، أعداد الجمعيات "التنموية" بدعم من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي تأسست في ١٩٥٢، ولعبت دورأ تنموياً واجتماعياً إلى جانب الدولة.

تأثير الحروب 

عزّز النزاع الأهلي (1975 - 1990) سيطرة  الاحزاب والميليشيات على مناطق نفوذ محلية والتي وضعت أنظمة مختلفة للخدمات الإجتماعية[52]. فأسست بعض الميليشيات والاحزاب اقتصاداً حربياً عبر إنشاء نظام ضريبي موازي. في هذا السياق، أسست القوات اللبنانية ما سمي آنذاك "مؤسسات التضامن الاجتماعية"، أما الحزب التقدمي الاشتراكي فأسس نظاماً مشابهاً ضمن "الإدارة المدنية للجبل"[53] وفي الضاحية الجنوبية والجنوب قدمت حركة أمل وبعدها حزب الله عدداً من الخدمات الاجتماعية[54]. أنشئت هذه المبادرات الحزبية إلى جانب شبكة من المنظمات الخيرية التابعة لبعض الشخصيات السياسية والدينية، مثل "المبرَات" التي أسسها السيد محمد حسين فضل الله، المقاصد الخيرية الإسلامية ( رغم انها تأسست ما يزيد عن قرن ما قبل الحرب) [55]، مؤسسة رينيه معوض، مؤسسة الحريري[56]، أو أيضاً المؤسسات الدينية، مثل الرابطة المارونية. وغالباً ما يتنافس الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات مع دور الدولة، إذ أن العديد منها أسس علاقات تعاون مع بعض الوزارات (مثل مؤسسة "آرك آن سيال" وعملها على قضية الإعاقة). فلن يكون من المبالغة القول أن الحرب الأهلية ساهمت الى حد كبير في مأسسة عمل الجمعيات على الصعيد الاجتماعي ولقد تم تثبيت هذا الدور في سياق الحروب الإسرائيلية المتكررة[57].

تجزئة وشرذمة الحقوق الاجتماعية

تظهر الحقوق الاجتماعية للبنانيين مجزأة ومستندة على علاقات هشة وزبونية مع السلطات العامة. الأمر الذي يخلق تفاوتات اجتماعية بين المواطنين ويعيق بناء ثقتهم بالمؤسسات العامة ومفهوم "الدولة". لا تغيب الدولة كلياً عن المجالات الاجتماعية، فيلحظ تدخلها في المجالات الاجتماعية من خلال وزارات التعليم والعمل والصحة والشؤون الاجتماعية وحتى من خلال وزارة الدفاع التي تملك اكثر من ثلاثين مركزاً صحياً. لكن ذلك يؤدي إلى تشابك في قطاعات التدخل وإلى شرذمة المؤسسات الاجتماعية (أكثر من 12 صندوق وتعاونية حسب دراسة ميريام كاتوس) فلا تتساوى الخدمات المقدمة للمضمونين والفئات التي تصنفهم. لم تبن أنظمة الحماية على مبدأ التضامن بل هي تؤسس إلى تقسيم المواطنين إلى فئات مختلفة وتساهم في تقويض التعبير الجماعي الذي يمكن أن ينتج حراكا مطلبيا مثلاً.

وفي هذا السياق نلاحظ تضارب بين الهيئات الحكومية المشرفة على الجهات الضامنة، فوزارة العمل مثلا هي المؤسسة الوصية على الصندوق الذي يديره مجلس مؤلّف من عشرين ممثل عن النقابات وستة أعضاء يعينهم مجلس الوزراء. وفي حقل آخر، إن وزارة الداخلية هي التي تشرف على صندوق قوات الأمن، كما أن رئاسة مجلس الوزراء هي التي تدير تعاونية الموظفين. وفي ظل غياب آلية التنسيق بين مختلف "مقدمي الخدمات"، يجد المستفيدون أنفسهم في وضع تتفاوت فيه شروط التغطية الصحية على صعيد تلقي العلاج والدواء او بالنسبة للمعاملات الإدارية والمالية.

يتأجج النقاش العام، منذ بضع سنوات، حول دور وزارة الصحة فغالباً ما تتهم خدماتها بعدم الكفاءة أو بالفساد. طوابير طويلة من المرضى خارج مكاتبها ومكاتب صندوق الضمان الاجتماعي وتأخر معاملات تسديد بدل التكاليف الطبية والإستشفائية كلها تشير إلى عدم فعاليَة النظام الحالي.

اما فيما يخص التغطية التي تقدمها وزارة الصحة والتي لا تعترف بها الصناديق الضامنة، فإن تكلفتها "غير مضبوطة"[58] وتسدد إلى كل حالة على حدة كما أنها تموّل مباشرة من الموازنة العامة. بالإضافة إلى ممارسة شائعة ألا وهي المبالغة في فوترة  نفقات المستشفيات في سياق غياب تام للمحاسبة. ولا نغفل عن التفاوت في توفير الخدمات الصحية حسب المناطق الجغرافية مما يحول دون إمكانية حصول الجميع بشكل متساو على الرعاية الصحية ، إضافة إلى إهمال إدماج سياسات الصحة الإنجابية والجنسية في اي تخطيط يتعلق بالحق في الصحة .

ترتكز المبادرات العامة أيضا على مؤسسات خاصة ad hoc خلال الحرب الأهلية يتم تمويلها من الضرائب ولكن تتمتع بالاستقلال المالي والإداري واسع النطاق ودون ان تخضع أنشطتها للرقابة من قبل البرلمان أو المؤسسات السياسية الأخرى. وفي الممارسة، ارتبطت هذه المؤسسات بشكل وثيق مع بعض الأفراد أو الجماعات السياسية، ومنها : مجلس الجنوب الذي أنشئ في عام 1970، أو صندوق النازحين (1991) ومجلس الإنماء والإعمار (1977). كثرت الانتقادات حول الصندوقين الأولين خاصة فيما يخص استخدامهما لمآرب سياسية بحتة مما دعا بعض المحللين لوصفهما بـ"شبكات أمان سياسة" عوضاً عن أن تكون "شبكات أمان اجتماعية"[59]. أما بالنسبة للصندوق الأخير فوصف المحللون عمله وطريقة التوظيف فيه بالـ"محاصصة" السياسية[60].

أشارت معظم الدراسات إلى أن هذه الأنظمة تساهم في تعزيز هشاشة الأفراد من خلال توضيف علاقات الزبونية والتبعية[61]

البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً [62]

أطلق البرنامج استجابة لسلسلة الأولويات الملحوظة في خطة العمل الاجتماعية التي قدمتها الحكومة اللبنانية إلى مؤتمر "باريس 3". وتهدف الخطة التنفيذية للبرنامج إلى بناء قاعدة بيانات وطنية للأسر الأكثر فقراً ضمن نظام معلوماتي متخصص وعلى أسس ومعايير "علمية" بهدف توفير المساعدة لهذه الأسر عبر "إعادة صياغة النظام الوطني للحماية الاجتماعية" حسب الموقع الالكتروني التابع لهذه المبادرة. تتشارك الحكومة اللبنانية والبنك الدولي في تمويل البرنامج، وقد جهزت وزارة الشؤون الاجتماعية لذلك 96 مركزاً من مراكز الخدمات الإنمائية موزعة في جميع المناطق لاستقبال طلبات المواطنين. تتضمن سلة المساعدات المقدمة للاسر الخدمات التالية: الاستشفاء المجاني، والرعاية الصحية الأولية وتأمين الأدوية اللازمة، وإعفاء أبناء هذه العائلات من رسوم التسجيل في المدارس الرسمية بكافة المراحل، والتعليم المهني، وتأمين الكتب المدرسية، إضافة إلى الإعفاء من رسوم الاشتراك في الكهرباء

 وقد كان لكثيرون ملاحظات وموقف من هذه المبادرة نظرا لكون الفقر آفة إجتماعية لا يمكن للدولة التخيف منها عبر دعم مؤقت لبعض الأسر ، وعن واجب الدولة يقتضي رسم السياسات بهدف  تقليص الفجوات وإعادة توزيع الدخل 

إلى جانب هذه المؤسسات لا تزال العائلة الممتدَة تشكل شبكة الأمان الأساسية، لكن ظاهرتي "التمدن" و"النزعة الفردية" تساهمان في اضعاف مبادرات التضامن "التقليدية". 

نقائص أنظمة الحماية الإجتماعية

تستثني أنظمة الضمان الاجتماعي فئات العمَال في القطاع غير النظامي وأولئك  المهاجرين واللاجئين والعاملين في المؤسسات الصغيرة والعاملين لحسابهم الخاص والعمال المستقلين.

يجدر الذكر هنا ان هناك هوة بين التغطية المقرّة في القانون وتلك الفعلية إذ أنه غالباً ما لا يصرّح عن الموظفين في سياق عدم تفعيل أنظمة الرقابة التي تغض النظر عن وضعهم.

القسم الرابع: توصيات 

تقوم الحماية الاجتماعية في لبنان على اعتبارها خدمة ورعاية خيرية وليس على مبدأ حقوقي بحت.

وفي هذا السياق هنالك ضرورة لإعادة تعريف المفاهيم والأسس التي يستند عليها العقد الإجتماعي في لبنان:

  1. التصديق على الصقوق الدولية التي تعنى بالحماية الإجتماعية والحقوق الإقتصدية ولا سيما الحقوق النقابية
  2. بلورت رؤية شاملة للحماية الاجتماعية تستند الى فكرة العدالة الاجتماعية في ظل نموذج تنموي يركز على تنمية متوازنة تقوم على تطوير مؤسسات تضمينية وفعالة ومساءلة، وتاخذ بالاعتبار السياسات الاقتصادبة التي تساهم في العدالة من حيث توفير فرص العمل التي تقوم على تعزيز القدرات الانتاجية وتصويب الاختلالات بميزان المدفوعات، والسياسة الضريبية التي تضمن استمرارية البرامج وسياسية الاجور التي تعزز القدرات الاستهلاكية.
  3. كون الحق بالحماية الاجتماعية هو جزء من سياسات اعادة التوزيع، وبالتالي فان تمويل البرامج والخدمات تمول من الموارد المخصصة والثابتة والتي تقوم على مبدأ التوزيع العادل للثروات.
  4. التغيير الهيكلي في المقاربة والتحول من مفهوم شبكات الحماية الاجتماعية والمقاربات الاستهدافية Targeting Programs والتحويلات النقدية Cash transfersالى اعتبار برامج الحماية الاقتصادية عنصراً في إستراتيجية تنموية واسعة تستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وإحقاق حقوق الإنسان. مع التاكيد على ان الحماية الاجتماعية ليست نظام ريعي بل هو واجب والتزام على الدولة تجاة مواطنيها لتوفير حمايتهم وكرامتهم في مختلف مراحل حياتهم. وضرورة توحيد برامج الحماية الاجتماعية وضمان المساواة في الخدمات والتغطية للكتل السكانية كلها.
  5.  الحاجة إلى إعادة النظر في دور الدولة فيما يختص بالعلاقة مع الشركاء الآخرين من أجل قيادة حوار اجتماعي بين مختلف المكونات الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك ممثلون عن قطاع الأعمال، ومنظمات المجتمع المدني، والنقابات العمالية، والحركات النسائية والشبابية والثقافية وتلك الخاصة بالاشخاص المعوقين مما يساهم في تحديد دور كل من الاطراف في العملية التنموية وفي الحماية الاجتماعية.
  6. ضرورة زيادة نسبة الإنفاق الاجتماعي من إجمالي الإنفاق الحكومي، على ان يتم ربط خطط الإصلاح باعتماد وتنفيذ سياسة اجتماعية شاملة ومتكاملة. ضمان التمويل الكافي لسياسات الحماية الاجتماعية ينبغي أن يقوم على خيارات اقتصادية مستدامة، وعلى سياسات ضريبية فعالة (، وعلى الحوكمة المعززة اضافة الى إعادة هيكلة نظام الدعم.
  7. تبني سياسات اجتماعية تضمن الغاء التمييز تجاه المراة ودمجها في امجتمع والغاء الفجوات بين الرجل والمراة.
  8. تبني سياسات اجتماعية تتضمن دمج اللاجئين الفلسطنيين
  9. تبني سياسات تعنى بالجهوزية ( crisis preparedness)  واستعاب الازمات من اجل تأمين الامان الاجتماعي وحاجات الاعداد المتزايدة من الناس المتأثرة بهذه الازمات. ومن المهم هنا الربط ما بين الاستجابة الفعالة (effective response) للازمات الطارئة كالتدخلات الانسانية  (humanitarian interventions)ومسألة ونظم الحماية الاجتماعية خاصة فيما يعنى باللاجئين والنازحين، وخاصة على اثر الحروب المتكررة التي يشهدها لبنان، وحالياً بما يعنى باللاجئين السوريين.

وبشكل خاص:

1- ترشيد إدارة وتنظيم أنظمة الضمان الإجتماعي

- توحيد انظمة التغطية (الجهات الضامنة) والصناديق، وضمان المساواة بالخدمات والتغطية لجميع السكان

- إعادة تنظيم وتحديث الهيكلية الإدارية لوزارة الصحة

- اخضاع ادارة الصناديق لمعايير ملزمة ولاليات شفافة ومراقبة مستمرة

- مكافحة الهدر وترشيد الإنفاق

- مكافحة التهرب من التصريح عن الموظفين

- تسهيل المعاملات وطرائق التعويض من خلال إنشاء بطاقة صحية

2- التمويل

- اصلاح نظام التمويل لجعله تضامنيا على المستوى الوطني

3- التشريع

- تطوير سياسة الحماية الاجتماعية الشاملة بالاستناد إلى مبدأ الوقاية (والتوقع prévision) كي لا تقتصر على المبدا العلاجي

- إنشاء نظام لضمان الشيخوخة بشكل ملح

- إنشاء نظام محدود زمنيأ للتعويض عن البطالة

- تنزيه القوانين من أي تمييز على أساس الجندر، الإعاقة الخ

- زيادة نطاق التغطية لتضم الفئات الاكثر عرضة، والاجراء في القطاع غير النظامي، والعمال الاجانب وبشكل العام المهاجرين الناشطين اقتصاديا بغض النظر عن وظيفتهم الإقتصادية (موظف، رجال العمال

الخ): الاجراء غير اللبنانيين المنتسبين الى الضمان الاجتماعي والذين يسهمون في تمويل فرع ضمان المرض والامومة دون الاستفادة منه. ويشار الى ان جميع العمال الفلسطينيين وأصحاب عملهم ملزمون بدفع 23.5 في المئة من الأجر الشهري إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بفروعه الثلاثة: فرع ضمان المرض والأمومة وفرع التقديمات العائلية والتعليمية وفرع تعويض نهاية الخدمة. لكن العمال الفلسطينيين لا يستفيدون إلا من تعويض نهاية الخدمة، وهو مبلغ مقطوع يتقاضونه عند التقاعد. وهذا القانون يكرس هذا الانتهاك لحقوق الفلسطينيين.

 

المراجع:

[2] International Labour Office, “World Social Protection Report 2014/2015: Building Economic Recovery, Inclusive Development and Social Justice,” Geneva, ILO, 2014.

[3]François-Xavier Merrien, Raphaël Parchet, Antoine Kernen, L’Etat social. Une perspective internationale, Paris, Armand Colin, 2005.

[4]  للمزيد من التفاصيل:

International Labour Office, “World Social Protection Report 2014/2015: Building Economic Recovery, Inclusive Development and Social Justice,” Geneva, ILO, 2014.

[5] Myriam Catusse, « La décharge à l’épreuve : les chemins de traverse de la réforme de la caisse nationale de la sécurité sociale au Liban », intervention dans le cadre de la section thématique « Les politiques sociales : mutations, enjeux, théories » dirigée par F. X. Merrien et M. Steffen au 10ème congrès de l'Association française de science politique (2009).

[6] Roger Nasnas et  alii, Le Liban de demain. Vers une vision économique et sociale, Beyrouth, Editions Dar an-Nahar, 2007.

[7] عدد كبير من المنظمات الغير حكومية (محلية ودولية) يعملون على انشاء برامج المساعدات المالية. وعلى الرغم من ان هذا الموضوع يجب ان تتم معالجته في منظوره اللبناني، ونظراً لحساسية والاشكالية التي تحملها هذه المسألة(وخاصة بما يعنى بفعالية هذه البرامج في كونها “شبكات امان”)، لن نستطيع مقاربته في هذا الورقة القصيرة.

[8] Toufic Gaspard, A political economy of Lebanon, 1948-2002: the limits of laissez-faire, Brill Academic Publishers, 2004. Carolyn Gates, “The Merchant Republic of Lebanon,” The Centre for Lebanese Studies, IB Tauris Publishers, 1998.

[9] Myriam Catusse, op.cit.

[10] Reinoud Leenders, “Nobody Having Too Much to Answer For: Laissez-Faire, Networks and Postwar Reconstruction in Lebanon,” in Steven Heydemann. (ed), Networks of Privilege in the Middle East: The Politics of Economic Reform Revisited, London, Palgrave/Macmillan, 2004, p. 169-200.

[11] George Corm, Le Liban contemporain, Paris, La Découverte, 2003, p. 237.

[12]  في فبراير 2001، عقد اجتماع باريس I، مع الحكومة اللبنانية تطلب الدعم من المجتمع الدولي لاستكمال جهودها في إحداث دورة حميدة من عجز مالي أقل، وانخفاض نسب الديون، وانخفاض أسعار الفائدة، والتي يمكن إطلاق العنان للإمكانات من القطاع الخاص في لبنان. وقدمت استراتيجية للجهات المانحة، والتي شملت تحرير وتسهيل التجارة، التي تحتوي على الإنفاق العام بما في ذلك خفض الدعم على بعض المنتجات الغذائية، والخصخصة (في مجال الاتصالات والمياه والكهرباء والقطاعات)، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، وتحديث النظام الضريبي

[13] يجدر ذكر هنا ان  لبنان من بين البلدان الأكثر مديونية في العالم مع دين يبلغ  ١٥٠٪ من ناتجها المحلي الإجمالي. ومع ذلك، في ظل ركود النمو الاقتصادي وتصاعد الدين العام التي وصلت إلى 170٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهي الجولة الثانية من المانحين الدوليين باريس II-عقدت في نوفمبر 2002. سعى المؤتمر إلى مساعدة لبنان على إدارة الأزمة الاقتصادية، عملا-يطلق عليها اسم مؤتمر شروط التي وضعتها الحكومة اللبنانية، التي شملت الإصلاحات الضريبية والمالية والخصخصة. في سياق باريس II، الخطة الاقتصادية للحكومة، وأشاد من قبل مجتمع المانحين، بمثابة مجرد تكرار للسياسات الموجهة نحو السوق التقليدية، والتي تهدف إلى خفض كل من النفقات الجارية والرأسمالية، فضلا عن زيادة الإيرادات الضريبية مع قدمت مساهمة كبيرة من ضريبة القيمة المضافة (VAT) في نفس العام.

Jad Chaaban, « Public Finance Reform in Lebanon: An Overview », Arab Initiative Reform (2008).

[14] Republic of Lebanon, Social Action Plan Toward Strengthening Social Safety Nets and Access to Basic Social Service, document préparatoire à la conférence de Paris III, (Janvier 2007)”, available at:
http://www.economy.gov.lb [تمّ الاطلاع   في ١٧/١/٢٠١٤].

[16] Souha Tarraf-Najib, “Travail et Déni de Travail : Les Palestiniens de Tripoli et des Camps de Réfugiés (Nahr el Bared, Beddawi) au Nord Liban,” REMMM 105-106, 2005, p. 283-305.

[17] Mariam Saab, "Some 28 Percent of Lebanese Live Below Poverty Line - Study," The Daily Star, 5 February 2009, available at: http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2009/Feb-05/52975-some-28-percent-of-lebanese-live-below-poverty-line-study.ashx [last accessed 16 November 2018].

[18] "Filthy Rich: Half a Percent of Lebanese Adults Own Half the Country's Wealth,” Executive Magazine, 18 October 2013.

[19]. Louis-Joseph Lebret, “Besoins et Possibilités de Développement du Liban, Etude Préliminaire,” Ministère du Plan, Mission IRFED Liban, Beyrouth, 1960-1961.

[20] وتشير الإحصاءات المتوفرة إلى أن معدل "الفقر" هو 11٪ في شمال وجنوب لبنان، في حين أنه هو 1٪ فقط في بيروت وجبل لبنان.

Republic of Lebanon, 2007, Social Action Plan Toward Strengthening Social Safety Nets and Access to Basic Social Service, Janvier 2007, document préparatoire à la conférence de Paris III.

[21] Consultation & Research Institute, “ Post Conflict Social and Livehoods Assesment in Lebanon,” Beirut, Consultation & Research Institute Ltd, 2007, available at: https://www.daleel-madani.org/sites/default/files/Resources/057D14BA45269E61C12573760042777A-Full_Report.pdf [last accessed 16 November 2018].

[22] يقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن ثلث سكان اللبنانيين المقيمين تحت خط الفقر

Ministry of Social Affairs (MoSA), Central Administration of Statistics, UNDP, Living Conditions of Households. The National Survey of Household Living Conditions, )2006).

[23] Ibrahim Maroun, “La Question des Classes Moyennes au Liban (ou l’accentuation des Disparités Sociales dans les Années “80” et “90”,” UNDP conférence on linking economic growth and social development, Beyrouth, UNDP, 2000. Walid Salim Safi, “La Disparité Socio-économique comme Facteur de Désintégration?”, Confluence Méditerranée 47, Cairn International Edition, 2003.

[25] Roger Nasnas et  alii, Le Liban de demain. Vers une vision économique et sociale, Beyrouth, Editions Dar an-Nahar, 2007, p. 36.

[26] Roger Nasnas et  alii, op.cit., 2007, p.316.

[27] Republic of Lebanon/World Bank Health Sector Mission, Aide mémoire, janvier 26-30 (2009) p. 1

[28] Lebanese Palestinian Dialogue Commitee, “Right to work”, Website, available at:  http://www.lpdc.gov.lb/Rights/Areas-of-Work/Right-To-Work.aspx?lang=ar-lb [last accessed 19 November 2018]

[29]  Roger Nasnas et  alii, op.cit., 2007,p.297.

[30] المرجع نفسه.

[31]   Vincent Geisser et Filippo Marranconi,  “État” de Santé au Liban : Une Médecine à Deux Vitesses?”, Website: Les Carnets de l’Ifpo, 13 mars 2014, available at: https://ifpo.hypotheses.org/5836 [last accessed 16 November 2018].

[32] UNDP, “Toward a Citizen’s State, Lebanon 2008-2009,”  National Human Development Report, 2009, p. 128.

[33] Roger Melki, “La Protection Sociale au Liban : Entre Réflexe d’Assistance et Logique d’Assurance,” UNDP conférence on linking economic growth and social development, Beyrouth, UNDP, 2000, p.192.

[34] International Labour Organization, “Up-to-date Conventions and Protocols not ratified by”, Website, available at: http://www.ilo.org/dyn/normlex/en/f?p=1000:11210:1462915399275465::::P11210_INSTRUMENT_SORT:2 [last accessed 19 November 2018]

[35] مرسوم رقم 13955.

[36] تم إنشاء صندوق إضافي سميّ "الضمان الإختياري" في سنة 1993. ولكن لم ينفذ أبداً بشكل فعلي. 

[37] تجدر الإشارة هنا إلى أنه خلال الحرب الأهلية، شملت  تقديمات الصندوق فئات جديدة من العمال خلال الحرب الأهلية (مثل سائقي الأجرة أو بائعي لصحف) لكن هذا توسيع كان نتيجة تحركات مطلبة  في هذه القطاعات ولم تأت في سياق سياسات عامة لتوسيع نطاق تغطية أنظمة الضمان.

[38] لا يقتصر العمل بدون أجر المرأة في العمل المنزلي

[39] للمزيد من المعلومات: “Gender Equality and Workers’ Rights in the Informal Economies of Arab States”النساء يمثلن 34٪ من مجموع القوى العاملة الدائمة في الزراعة الأسرية في العمل غير المأجور Destremau, Blandine with Abi Yaghi, Marie-Noëlle (2007, DRAFT) ILO, Regional Background Paper [Arab region] (Geneva: International Labour Office).

[40] Delphine Torres Tailfer, “Women and Economic Power in Lebanon: The Legal Framework and Challenges to Women's Economic Empowerment,” Beirut, CRTD-A, 2010.

[41] International Labor Organization, “Analysis of the Draft Law on the Pension Reform and Alternatives,” Geneva, 2003, p.16.

[42] حسب المرسوم 14035 الصادر في 16/3/1970وعدل بالمرسوم .. 5101 بتاريخ 24/3/2001

[43]هذا المربع يستند إلى مقبلة مع السيدة هبام فاخوري، مسؤولة عن وحدة البحوث والتنمية ،برنامج تأمين حقوق المعوقين، وزارة الشؤون الإجتماعية، لبنان. في: ماري نويل أبي ياغي (تح)، الحماية الاجتماعية والأشخاص ذوو الإعاقة في منطقة الشرق الأوسط: المسائل والتح ّ ديات

والمناقشات، مبادرة رصد قضايا الإعاقة لمنطقة ال ّ شرق الأوسط، العدد الأوّل، عمان (1999).

  الحماية الاجتماعية

والأشخاص ذوو الإعاقة

في منطقة الشرق

الأوسط:

المسائل والتح ّ ديات

والمناقشات

 

[44] المرسوم .2957 بتاريخ20/10/1965

[46] Hyam  Mallat, “La Politique de Protection Sociale au Liban. Evolution, Situation et Perspectives,” International Social Security Association, 2004, available at: www.issa.int/pdf/initiative/reports/1Liban.pdf [last accessed 16 November 2018].

[47]  مرسوم رقم1519 بتاريخ24/4/1965

[48] Roger Melki, op.cit, 2000.

[49] اعد هذا المربع من قبل منظمة كفى عنف وإستغلال.

[50]  Kamal Hamdan, “Le Social dans la Reconstruction au Liban : Éléments de Réflexion,” Maghreb Machrek 169, Beirut, Consultation & Research Institute, CRI, 2000, p. 55-69.

[51] لوبري، مصدر سابق.

[52]  للمزيد من المعلومات: Judith Harik, “The Public and Social Services of the Lebanese Militias,” Papers on Lebanon 14, Oxford, Centre for Lebanese Studies, 1994.

[53]. Isabelle Rivoal, “Baakline, de l’Administration Civile de la Montagne à la Renaissance Municipale. Réflexion sur le Pouvoir Local au Liban,” in Agnès Favier, Pouvoirs locaux et municipalités au Liban, Beyrouth, Les cahiers du CERMOC 24, 2001, p.319-338.

[54] لقراءة المزيد عن مؤسسات الإجتماعية لحزب الله: Myriam Catusse, Joseph Alagha, “Les Services Sociaux du Hezbollah. Effort de Guerre, Ethos Religieux et Ressources Politiques,” in Mervin S. (dir.), Hezbollah. Etat des lieux, Paris, Actes Sud, 2008, pp. 123-146.

[55] Michael Johnson, Class and Client in Beirut: The Sunni Muslim Community and the Lebanese State 1840-1985, London, Ithaca Press, 1986.

[56] لقراءة المزيد : Rana Jawad, “A Profile of Social Welfare in Lebanon: Assessing the Implications for Social Development Policy,” Global Social Policy 2, 2002, p.319.

[57] عن حركات التضامن إثر الإعتداءات التي حصلت في التسعينات: Karam Karam, Le Mouvement civil au Liban. Revendications, protestations et mobilisations associatives dans l’après-guerre, Paris, Karthala, 2006.

عن الحركات خلال ما سمي بـ”حرب تموز”:  Candice Raymond, “Samidoun, 33 Jours de Mobilisation Civile à Beyrouth,” in Elisabeth Picard, Franck Mermier (dir),  Liban : Une guerre de 33 jours, Paris, La Découverte, 2007 p. 58-65; Marie-Noëlle AbiYaghi, L’altermondialisme au Liban : un militantisme de passage. Logiques d’engagement et reconfiguration de l’espace militant (de gauche) au Liban, Université de Paris1-La Sorbonne, doctorat de science politique, (2013).

[58] Myriam Catusse, op.cit., 2009.

[59] Adib Ne’meh, “Slipping through the cracks: Social Safety nets in Lebanon,” The Lebanon Report 2, Beirut, UNDP, 1996.

[60] Reinoud Leenders, “Nobody Having Too Much to Answer For: Laissez-Faire, Networks and Postwar Reconstruction in Lebanon,” in Steven Heydemann (ed), Networks of Privilege in the Middle East: The Politics of Economic Reform Revisited, Palgrave/Macmillan, 2004, p. 182.

[61] Thierry Kochuyt, “La Misère au Liban : Une population Appauvrie, Peu d’Etat et Plusieurs Solidarités Souterraines,” Revue Tiers Monde 179, 2004, p. 515-535.

 

About the author(s):
Marie-Noëlle AbiYaghi:

Marie-Noëlle Abi Yaghi specialises in the sociology of contentious politics in contemporary Lebanon, with a focus on transformation of commitment and logics of disengagement, as well as gendered dynamics within social movements. She also focuses on (re)production processes and forms of social control, order, and discipline. AbiYaghi is currently the co-director of the CeSSRA and a lecturer at the Institute of Political Science at the Saint-Joseph University, Beirut.
Marie-Noëlle holds a PhD in Political Science from the Université Paris I Panthéon-Sorbonne, France.
 

E-mail: mabiyaghi@socialsciences-centre.org
Twitter: https://twitter.com/mnabiyaghi
ORCID: https://orcid.org/0000-0001-8558-6722