ورقة موقف: الديمقراطية شرطٌ أساسيّ في الطريق نحو إصلاح الدولة والنظام في لبنان

Publishing Date: 
July, 2023
Dossier: 
Socio-Economic Rights Base, Conflict Analysis Project
Author(s): The Centre for Social Sciences Research and Action
Abstract: 

ورقة موقف لمركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية (CeSSRA) حول تقرير نشره صندوق النقد الدولي عن لبنان ضمن المادّة الرابعة في ٢٩ حزيران/يونيو ٢٠٢٣

Keywords: Lebanon, International Monetary Fund, International Financial Institutions, Social Protection System, Socio-economic reforms

To cite this paper: The Centre for Social Sciences Research and Action,"ورقة موقف: الديمقراطية شرطٌ أساسيّ في الطريق نحو إصلاح الدولة والنظام في لبنان", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2023-07-01 00:00:00. doi:

[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/ar/paper/ورقة-موقف-الديمقراطية-شرطٌ-أساسيّ-في-الطريق-نحو-إصلاح-الدولة-والنظام-في-لبنان
Embed this content: 
Copy and paste this code to your website.
Full text: 
Full text

مرصد المؤسّسات المالية الدولية: لبنان.

مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية

١٢ تمّوز/يوليو ٢٠٢٣

 

يُجري صندوق النقد الدولي تقييمًا دوريًا للوضع الاقتصادي والمالي في لبنان منذ عام ٢٠٠٦، وذلك بموجب المادّة الرابعة، الذي يُغطّي البلدان غير المقترضة.

في ٢٩ حزيران/يونيو ٢٠٢٣، نشرَ صندوق النقد الدولي تقريرًا عن لبنان بموجب المادّة الرابعة، مُرفَقًا ببيان صادر عن مجلسه التنفيذي، حيث يُسلَّط الضوء على المخاطر المُحتمَلة والتوصيات السياساتية التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي الكلّي وإنعاش الاقتصاد.

جاءَ في تقييم صندوق النقد الدولي أنّه "[يتأسَّف] لمحدودية الإجراءات السياساتية المتّخذة لمواجهة الأزمة" في لبنان. في الواقع، وكما يؤكّد التقرير، يشهد البلد أزمةً متعدّدة الأبعاد منذ عام ٢٠١٩، مع تسارع التضخّم وتدهوُر قيمة العملة، فضلًا عن اتّساع العجز المالي وارتفاع معدّلات الفقر. وأمام هذا الوضع الحالي الكارثيّ، تقفُ الطبقة السياسية مكتوفة الأيدي بمعظم أركانها.

في غياب أيّ إجراءات عامّة ملموسة وإصلاحات سياساتية مُجدية في ظلّ الانهيار - وهو ما أشار إليه التقرير بحقّ - ينصبّ التركيز الرئيسي لصانعي السياسات، مرّة أخرى، على الجهات الداعمة الخارجية لإنقاذ اقتصاد البلد[1، في سياق عام يتّسم بغياب تام لأي مسار ديمقراطي. 

في التقرير، وفي أحدث تقييم للمجلس التنفيذي، يُعيد صندوق النقد الدولي التأكيد على أهمية تنفيذ عدد من الإجراءات المسبقة من أجل فتح المجال أمام الدعم الخارجي الذي سيكون أساسيًا لإنعاش اقتصاد البلد وتعزيز استقراره.

ليست هذه التوصيات من صندوق النقد الدولي جديدةً، بل تنسجم مع الإجراءات السابقة، أو الإصلاحات السياساتية المقترحة التي يطلبها الصندوق منذ عام ٢٠٢٢[2].

تاريخيًا، وبالنظر إلى انعكاسات تدخُّلات صندوق النقد الدولي في مختلف بلدان العالم، يتبيَّن أنَّ سياسات الصندوق وتدابير التقشّف التي يفرضُها تُساهِم في زيادة حدّة التفاوتات، ممّا يدفع بالسكّان نحو المزيد من الفقر والهشاشة مع تدهوُر الظروف المعيشية وانهيار العقود الاجتماعية[3].

إضافةً إلى ذلك، فإنَّ سياسات التقشّف، مع ما يُرافِقها من تدابير لخفض الإنفاق العام، تؤثّر بشكل مباشر على الأطفال والنساء. وتُواجِه النساء تحديدًا عقبات إضافية تمنعهنّ من الوصول إلى الخدمات الاجتماعية، وخصوصًا الرعاية الصحّية، ودخول سوق العمل، ويتوجّب عليهنّ مواجهة العبء المتزايد لأعمال الرعاية غير المدفوعة للمُعالين في الأسرة.

ركّزت توصيات التقرير على إعادة هيكلة النظام المالي أوّلًا، ودعت إلى اتّخاذ تدابير لمعالجة الخسائر الفادحة التي يتكبّدها لبنان. وبينما يُشدِّد صندوق النقد الدولي على أهمية حماية صغار المودعين "إلى أقصى حدّ ممكن"، إلّا أنَّ اعتماد قانون الرقابة على رأس المال (أو ما يُعرَف بـ "الكابيتال كونترول") في هذه المرحلة من الأزمة سيؤثّر بالدرجة الأولى على صغار المودعين. في الواقع، هم الأكثر عرضة لخسارة ودائعهم/نّ، ولم تُتَّخَذ أيّ تدابير موثوقة لحمايتهم/نّ، ممّا يدفع بعض المحلّلين إلى الاعتقاد بأنَّ هذه التأخيرات تهدف إلى تحرير الودائع.

ثانيًا، يدعو الصندوق إلى إجراء إصلاحات مالية، ولا سيّما إعادة هيكلة الديون، والحدّ من التضخّم، وتوحيد سعر الصرف، إلى جانب تحسين أداء الإدارات العامّة. وغالبًا ما تأتي عملية إعادة تخصيص الأموال لخدمة الديون على حساب أنظمة الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، كما أنَّ صندوق النقد الدولي يُشجِّع على الزيادة التدريجية لضرائب القيمة المضافة، ممّا يؤدّي إلى إلقاء العبء الأكبر على عامّة السكّان الذين تترتّب عليهم/نّ تداعيات الأزمة والآثار الناجمة عن جهود تحقيق الاستقرار. لذلك، يجب وضع سياسة مالية عادلة وقائمة على الضرائب التصاعدية، إضافةً إلى اعتماد الضريبة على الثروات.

ختامًا، يؤكّد صندوق النقد الدولي مجدّدًا على ضرورة تعزيز "شبكة الأمان لدعم الفئات الأكثر هشاشةً بطريقة هادفة". وعلى الرغم من أنَّ الحكومات المتعاقبة قد اعتمدت على المساعدات الاجتماعية القائمة على استهداف الفقر، إلّا أنَّ النتائج مُخيِّبة حتّى الآن، حيث أنَّ معدّلات الهشاشة المتعدّدة الأبعاد تجاوزت الـ ٨٠% بحسب آخر الإحصاءات[4]، والأزمة مستمرّة نحو الأسوأ، وتتّسع فئة الوسط المفقود مع زيادة الفقر وسقوط الناس في ثغرات نظام الحماية الاجتماعية الإقصائي والتمييزي والمُجزَّأ. وللمرّة الأولى في تاريخ البلد، تمّ إعداد استراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية تُحدِّد أُسُس الحماية الاجتماعية الشاملة والقائمة على الحقوق التي تؤمّن التغطية مدى الحياة للجميع في البلد. بالتالي، من الضروري إقرار هذه الاستراتيجية رسميًا، والبناء على هذه الخطوة المفصليّة، والمضيّ نحو تطبيقها من خلال السياسات والبرامج العامّة لضمان حماية الجميع، بمَنْ فيهم الفئات الأكثر هشاشةً.


[1] لقراءة المزيد حول هذا الموضوع، يمكنكم/نّ الاطّلاع على المرجع التالي: أولغا جبيلي، ميكيلي سكالا، ميريام يونس. "إنقاذ أم تخلّي عن الحقوق؟ الكلفة العالية للاتّفاق مع صندوق النقد الدولي في لبنان". تحرير وإشراف ماري-نويل أبي ياغي، ليا يمّين. بيروت: مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية. ٢٠٢٢. الصفحتان ٨-٩.

[2] جبيلي، سكالا، يونس. المرجع المُشار إليه أعلاه. الصفحة 11 وما يليها.

[3] لقراءة المزيد حول هذا الموضوع، يمكنكم/نّ الاطّلاع على رسمٍ بياني أعدّه مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية: https://civilsociety-centre.org/content/international-financial-institut...

[4] سما الحاج سليمان، ماغي عبد الأحد، كريستوفر شلهوب. "الفقر المتعدّد الأبعاد في لبنان: أثر الأزمة الاجتماعية والاقتصادية وإطار مقترح لقياس الفقر". بيروت: لجنة الأمم المتّحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا. ٢٠٢١. متوفّر عبر الرابط التالي: https://www.unescwa.org/sites/default/files/pubs/pdf/multidimensional-po...

About the author(s):
The Centre for Social Sciences Research and Action:

The Centre for Social Sciences Research and Action, first founded in Lebanon in 2006 under the name of Lebanon Support, is a multidisciplinary space creating synergies and bridging between the scientific, practitioner, and policy spheres. The Centre for Social Sciences Research and Action aims to foster social change through innovative uses of social science, digital technologies, and publication and exchange of knowledge.