موجز عن التحركات الإجتماعية في الأردن – ١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٨ حتى ٣١ آب/أغسطس ٢٠٢١
بالرغم من غياب التغطية الإعلامية، يشهد المجتمع الأردني حاليًا سلسلة من التوترات المتزايدة في ظلّ الانكماش الاقتصادي الذي يشهده البلد وسياسات التقشف التي تعتمدها الحكومة. يقدّم هذا الموجز لمحة عامة عن التحركات الإجتماعية التي مسحنها في الأردن بين ١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٨ و٣١ آب/أغسطس ٢٠٢١ من ضمنها الأنماط العامة والمطالب وأساليب التحرك.
To cite this paper: Rossana Tufaro,"موجز عن التحركات الإجتماعية في الأردن – ١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٨ حتى ٣١ آب/أغسطس ٢٠٢١", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2021-10-01 00:00:00. doi:
[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/paper/موجز-عن-التحركات-الإجتماعية-في-الأردن-–-١-أيلولسبتمبر-٢٠١٨-حتى-٣١-آبأغسطس-٢٠٢١إخلاء المسؤولية بشأن دقّة المعلومات
منذ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨، تتعرّض حرية الصحافة والإعلام في الأردن إلى قيود مشدّدة، تزايدت مند آذار/مارس ٢٠٢٠، بعد إعادة فرض القانون العرفي كجزء من التدابير التي اعتمدتها المملكة الهاشمية لاحتواء تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-١٩). وقد أدّى ذلك إلى الحدّ بشدّة من التغطية الإعلامية للاحتجاجات الاجتماعية، بما في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تعرّضت الوسائل الإخبارية وغيرها من وسائل الإعلام إلى عقوبات من الدولة. لذا، ليست مجموعة البيانات الواردة أدناه شاملة، كما أنها لا تعكس الأنماط والتوجهات الأساسية لسياسات المواجهة والمعارضة الأردنية. كذلك، وبسبب التوفر المتزايد لمجموعات البيانات المتعلّقة بالتحركات العمّالية، قد لا تعكس هيمنة العمّال كجهات فاعلة وناشطة أساسية، كما وهيمنة الشكاوى المتعلقة بالعمّل الواردة في هذا الملخّص، نسب المشاركة الفعلية لمختلف الفئات على أرض الواقع.
الأنماط العامة
بين ١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٨ و٣١ آب/أغسطس ٢٠٢١، تمّ رصد ٤٠٦ تحركًا إجتماعيًا في الأردن، وفقًا للتوزيع الزمني التالي:
الإطار الزمني |
عدد التحركات |
الإطار الزمني |
عدد التحركات |
الإطار الزمني |
عدد التحركات |
الربع الثالث من العام ٢٠١٨ |
٥٧ |
الربع الثالث من العام ٢٠١٩ |
٢٩ |
الربع الثالث من العام ٢٠٢٠ |
١٢ |
الربع الأول من العام ٢٠١٩ |
٦٤ |
الربع الأول من العام ٢٠٢٠ |
٧٥ |
الربع الأول من العام ٢٠٢١ |
٥٤ |
الربع الثاني من العام ٢٠١٩ |
١٩ |
الربع الثاني من العام ٢٠٢٠ |
١٨ |
الربع الثاني من العام ٢٠٢١ |
٧٧ |
تجدر الإشارة إلى أنه، وبالرغم من فرض عمليات إغلاق مطوّلة متعلّقة بالصحة منذ آذار/مارس وحتى الآن لاحتواء تفشي جائحة كوفيد-١٩، لم يشهد عدد التحركات السنوية المرصودة في العامَيْن ٢٠١٩ و٢٠٢٠ أيْ تغيّر يُذكَر (-٧ تحركات)، كما أنّ عدد التحركات الإجتماعية المرصودة خلال الربعَيْن الأوّل والثاني من العام ٢٠٢١ وحدهما (١٣١) فاق العدد المرصود في العامَيْن ٢٠١٩ (١١٢) و٢٠٢٠ (١٠٥). ومن بين التفسيرات الممكنة لهذه الظاهرة "التأثير المضاعف" للجائحة على عدد من القطاعات الاقتصادية المتضرّرة أساسًا من الانكماش الاقتصادي في البلاد، مما ساهم في تحريك الشارع. كذلك، لعبت موجة الاحتجاجات التي اندلعت تضامنًا مع فلسطين بالتزامن مع حملة #أنقذوا حي الشيخ جراح والهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة دورًا في هذا السياق (انظر Infra).
الإطار الجغرافي، والتواتر وأنماط التحرّك
خلال السنوات الثلاث، تميّز الإطار الجغرافي للتحركات بمستوى عالٍ من اللامركزية، إذ جرت حوالى ٦٠٪ من التحركات الإجتماعية خارج عمّان.
وتمثل النمط الأساسي من التحركات في الاعتصامات (٧٠٪)، تليها الإضرابات (١٢٪) والاحتجاجات (٩٪) والمسيرات (٨٪).
كذلك، شهدت السنوات الثلاث هيمنة صافية للتحركات المتواصلة (١٦٪) والعرضيّة (٤٨٪) مقارنة بالأحداث المنفردة (٣٦٪)، مما يشير إلى عدم معالجة الأسباب التي تساهم في إشعال التحركات الإجتماعية وإلى فشل الدولة في الاستجابة بشكل ملائم لها. كذلك، استمرّ عدد من التحركات المتواصلة (الإضرابات المفتوحة والاعتصامات) لأسابيع عدّة.
مطالب التحرّكات ومحفّزاتها
تمحورت غالبية التحرّكات المرصودة حول المطالبة بالمزيد من الحقوق الاجتماعية-الاقتصادية، تليها الشكاوى حول السياسات المعتمدة، المتعلّقة هي الأخرى بالمسائل الاجتماعية-الاقتصادية.
تعكس هيمنة هذه المطالب نطاق ومسارات الانحدار الشديد في الظروف المعيشية في الأردن خلال السنوات الثلاث الماضية، نتيجة ركود النمو، المقرون بازدياد البطالة وكلفة المعيشة، وتطبيق سياسات تقشّف صارمة يدعمها صندوق النقد الدولي، بما في ذلك رفع الضرائب وخفض الإنفاق العام على الأجور والخدمات الاجتماعية وخصخصة التعليم والرعاية الصحية.
في ما يتعلّق بحقوق العمل، تمحورت معظم المطالب العمّالية حول زيادة الأحول والتوظيف الدائم وزيادة منافع وبدلات الضمان الاجتماعي. كذلك، احتلّ مطلب سداد الأجور المتأخرة حصّة أساسية. وشملت المطالب الأساسية المتعلقة بالضمان الاجتماعي والحماية الحصول على المزيد من فرض العمل والتعويضات عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تفشي جائحة كوفيد-١٩ واستراتيجيات الاحتواء التي طبّقتها الحكومة. وشكّل المطلب الأخير المحفّز الرئيسي للزيادة الملحوظة في الشكاوى السياساتية المرصودة في العام ٢٠٢١.
تجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم من المطالب والمحفّزات الهيكليّة المشتركة، لا يزال النضال المتعلّق بالحقوق الاجتماعية-الاقتصادية منقسمًا إلى حدّ بعيد إلى مجموعة من النزاعات القطاعية أو التجارية المنفصلة. كذلك، وبالرغم من الغضب الذي أثارته وفاة سبعة مصابين بفيروس كورونا في آذار/مارس ٢٠٢١ نتيجة انقطاع مادة الأوكسجين، مما أدى إلى احتجاجات واسعة النطاق مطالبة باستقالة الحكومة وبتغيير السياسات الاقتصادية والأمنية، لم تؤدِّ تلك التحركات إلى إعادة إحياء حركة واسعة النطاق تطالب بتغيير في النظام.
أخيرًا، يمكن أن تُعزى الزيادة الحادة في الشكاوى المناطقية في العامَيْن ٢٠٢٠ و٢٠٢١ إلى موجتَيّن بارزتَيّن من الاحتجاجات تضامنًا مع فلسطين، أشعلها على التوالي إعلان دونالد ترامب "صفقة القرن" (٣١ تحركًا) ومواصلة المواجهات العنيفة الواسعة النطاق في الأراضي المحتلّة وغزّة تزامنًا مع حملة #أنقذوا_حي_الشيخ_جراح في أيار/مايو ٢٠٢١ (٢٩ تحركًا). ويشكّل ذلك دليلًا على أنّ القضية الفلسطينية لا تزال تلعب دورًا محوريًا في الأردن، بالرغم من السياسات التطبيعية التي يعتمدها النظام الملكي منذ عقود. وبرز مثال آخر عن هذا الشرخ في بداية شهر كانون الثاني/يناير ٢٠٢٠، عندما أشعل توقيع اتفاقية غاز بين إسرائيل والمملكة الهاشمية الأردنية موجة من الاحتجاجات على الصعيد الوطني (٤ تحركات).
الجهات الفاعلة والجهات الداعية إلى التحرّك
كما هي الحال عادة في التحركات المطلبية والاحتجاجية، نفّذت المجموعات العمّالية معظم التحركات الإجتماعية التي رُصدَت خلال السنوات الثلاث.
شملت الجبهات الأكثر حدّة العاملين في القطاع العام، والشباب العاطلين عن العمل، والعاملين في قطاع النقل، الذين نظموا تحرّكات شبه مستمرّة طوال الفترة قيد الدراسة. أما التحركات المنفردة فنظّمتها بشكل أساسي المجموعات المتضرّرة ومجموعات إنتاجية أخرى، خصوصًا أصحاب المحلات التجارية.
ويعود الدور الكبير الذي يلعبه القطاع العام بشكل أساسي إلى سياسات التقشّف التي اعتمدتها الحكومات الأردنية في السنوات الماضية، والتي كان لها أثر شديد على الأجور والمنافع واستقرار العمل. ويحتلّ المعلّمون موقعًا رائدًا في صفوف العاملين في القطاع العام، إذ إنهم كانوا في طليعة المواجهات الشرسة مع الدولة للمطالبة بحقوق العمل والحقوق النقابية خلال السنوات الثلاث الماضية. أما احتجاجات الشباب العاطلين عن العمل فنظمتها بشكل أساسي المجموعات الشبابية الحضرية/المتعلّمة والريفية/غير الماهرة على حدّ سواء، مما يشير إلى تفشي هذه الظاهرة والاعتقاد السائد لدى الشباب بأنّ الدولة عبارة عن مؤسسة "رعاية". أخيرًا، يحتلّ سائقو تطبيقات طلب السيارات، وخصوصًا تطبيقَيْ "أوبر" و"كريم"، مكانة متزايدة في صفوف العاملين في قطاع النقل، علمًا أنهم ينظمون تحركات للتعبير عن شكاوى ضدّ شركاتهم وللمطالبة بزيادة تمثيلهم العمّالي.
باستثناء معلّمي المدارس، نشأت معظم هذه التحركات ضمن إطار جهات غير رسمية دعت إليها. في المثال، شاركت منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدينية والأحزاب السياسية بكثرة في التحركات الداعية إلى تطبيق إصلاحات وللتعبير عن الشكاوى المناطقية.
ختامًا، وبالرغم من غياب التغطية الإعلامية لهذه المسألة، يشهد المجتمع الأردني حاليًا سلسلة من التوترات المتزايدة في ظلّ الانكماش الاقتصادي الذي يشهده البلد وسياسات التقشف التي تعتمدها الحكومة. وبالرغم من أنّ هذه التوترات لم تتحول بعد إلى حركات واسعة النطاق تطالب بتغيير النظام، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ جزءًا لا يستهان به من التوترات الأشدّ (خصوصًا في القطاع العام والمحافظات الريفية/الطرفية) تتغلغل في القواعد الاجتماعية-الجغرافية التاريخية الداعمة للنظام الملكي. ويشكّل ذلك دليلًا على الصعوبات التي يواجهها النظام الملكي الهاشمي في عملية التحديث النيوليبرالي الشاملة للصفقة السلطوية مع قواعده المستهدفة، مع العلم أنّ هذه الصفقة أدّت سابقًا إلى سلسلة من المواجهات التي تحدّت الوضع القائم.
Dr. Rossana Tufaro is a Research Fellow and a researcher in Contentious Politics - MENA at the Centre for Social Sciences Research and Action, with a focus on Lebanon and Jordan. In the past years, she devoted most of her research activities to the investigation of Lebanese labor history and the history of Lebanese popular politics in the global 1960s from a transnational perspective. Her main research interests include the history of popular and contentious politics in the Levantine region, the political economy of the MENA region, and the history of transnational radical cultures in the Mediterranean area. Over the years, she has lectured in a variety of international conferences and universities, and has been affiliated with numerous Lebanese and Italian academic institutions. Rossana is currently a teaching Assistant of Contemporary History of the Arab Middle East at the University of Rome “La Sapienza”. Rossana has a PhD in Studies on Africa and Asia, she specialised in the social and political history of contemporary Lebanon.
ORCID: https://orcid.org/0000-0002-6814-8736
Facebook: https://www.facebook.com/rossana.tuf/
Twitter: https://twitter.com/rossana_tuf