مقاربة شاملة ومتعددة الجوانب لقضايا المرأة في سياق الحرب نبذة عن عمل المنظّمة النسوية السورية: "النساء الآن من أجل التنمية"

Publishing Date: 
December, 2023
Dossier: 
Gender Equity Network, Conflict Analysis Project
Author(s): Valentina Napolitano
Abstract: 

تُقدِّم هذه المقالة لمحةً عن تاريخ منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" والتحوّلات التي مرّت بها استنادًا إلى مسار وقصص بعض أعضائها. وتستند إلى مقابلات أُجريت مع ثلاثة أعضاء في المنظمة، بالإضافة إلى التقارير والمنشورات الواردة على الموقع الإلكتروني الخاص بالمنظّمة. وتُظهر المقالة أنّ النزاع السوري قد شكّل فترة اضطرابات ومعاناة شديدة أثّرت على النساء ودفعت إلى إمعان التفكير في دورهنّ الحالي والمستقبلي في الحياة الاجتماعية والسياسية في سوريا الغد.

Keywords: Gender, women, Syria, Confict, Case Study, Civil Society Organisations

To cite this paper: Valentina Napolitano,"مقاربة شاملة ومتعددة الجوانب لقضايا المرأة في سياق الحرب نبذة عن عمل المنظّمة النسوية السورية: "النساء الآن من أجل التنمية"", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2023-12-01 00:00:00. doi:

[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/ar/node/75945
Embed this content: 
Copy and paste this code to your website.
Full text: 
Full text
شعار منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" مصدر الصورة:https://women-now.org/ar/

تأسّست منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية"[1] عام 2012 بمبادرة من الروائية السورية سمر يزبك[2]، وهي منظّمة غير حكومية تضمّ اليوم أكثر من مئة سيّدة سورية (بين موظّفات ومتطوّعات) في سوريا وبلاد الاغتراب. تهدف المنظّمة إلى حماية النساء وتمكينهنّ وتعزيز مشاركتهنّ السياسية بالإضافة إلى نشر المعرفة المكرسة لدراسة قضايا المرأة وتمكينها. فلا تزال أصواتهنّ غير مسموعة بما يكفي في سياق النزاع الذي يعصف بسوريا منذ الانتفاضة الشعبية في آذار/مارس 2011 ضدّ نظام بشار الأسد وقمعه الدموي (ياسين كساب والشامي 2016).

أنشأت منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" مراكز عدة داخل سوريا وفي البلدان التي تستضيف اللاجئين (لبنان وتركيا) وترتكز على أعضائها المقيمين في دول مختلفة في الشرق الأوسط وأوروبا، وتنشط في مجالات متنوّعة: الدعم النفسي والتعليم والتدريب المهني وحماية حقوق المرأة والحفاظ عليها والعدالة والتوثيق والبحث. وبالتالي، تهدف إلى تعزيز مشاركة النساء في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من خلال تنظيم أنشطة رامية إلى تمكينهنّ بالإضافة إلى الاهتمام باحتياجاتهنّ اليومية على أرض الواقع. تتخذ منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" مقاربة شاملة لمعالجة قضايا المرأة من خلال الجمع بين المسائل الاجتماعية والسياسية. فترغب المنظمة بالخروج عن النهج النسوي النخبوي الذي يُشجّعه النظام السوري.[3] في السابق، كان هذا الأخير قد دعا إلى اعتماد سياسة تُعزّز مشاركة المرأة في المجال العام. غير أنّ "نسوية الدولة" هذه لم تؤدِّ سوى إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية بين نساء النخبة أو النساء المنبثقات من عائلات مقرّبة من السلطة، اللواتي يتمتّعن بإمكانية الوصول إلى مناصب صنع القرار من جهة، ونساء الطبقتَين المتوسطة والمحرومة المهمّشات والمقيّدات بنظام ذكوري قائم على السيطرة والقمع (أبو عصب 2017، العبدة 2017). وفي حين كانت هناك حركات نسوية يسارية ناشطة في سوريا قبل العام 2011، إلّا أنَّها حركات منفصلة عن المجتمع وكانت تخضع للقمع المنهجي على يد النظام (العبدة وضاهر، يصدر قريبًا). في هذا السياق بالتحديد، تتبنّى منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" مقاربةً متعدّدة الجوانب تهدف إلى مراعاة التداخل والتفاعل بين أشكال متنوّعة من الهيمنة المرتبطة باختلاف الطبقة الاجتماعية والنوع الاجتماعي والدين والعرق على المستوى المحلي والوطني والدولي (منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" 2019).

تضع منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" القضية النسوية في قلب النزاع السوري من خلال الأنشطة التي تقوم بها والتفكير النظري الذي تعتمده، فتُحدِّد التغيّرات المجتمعيّة العميقة التي تشهدها سوريا منذ العام 2011 وتشارك فيها. والجدير بالذكر أنّ الإنتاج الأدبي والعلمي الذي يُغطّي سنوات الثورة والنزاع يُظهر بوضوح الدور الذي اضطلعت به المرأة في التعبئة السلمية والعمل الإنساني ونشر المعلومات. (العبدة 2017، يزبك 2019، الناطور 2020، أوبين-بولتانسكي وبوكس 2021). من جهة أخرى، تُسلِّط الضوء على كيفية اكتساب النساء أدوارًا جديدةً (على الصعيد الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي) دفعتهنّ، في بعض الحالات، إلى التشكيك في أشكال السيطرة، لا سيما السيطرة الذكورية (الخليلي، يصدر قريبًا) وفي حالات أخرى، شجّعتهنّ على الحفاظ على التوازن الأسري الذي غالبًا ما يستند إلى علاقات غير متكافئة وأشكال من التبعية (نابوليتانو، يصدر قريبًا). بشكلٍ عام، كان النزاع الدافعَ الأكبر للتفكير في مفاهيم جديدة للنوع الاجتماعي (فريدمان وآخرون 2017).

فضلًا عن ذلك، تُعتبر مناقشة قضايا المرأة في سياق النزاع أمرًا ضروريًا نظرًا إلى أنّ النقاشات العامة تحتكرها جهات فاعلة إنسانيّة تستهدف النساء بشكلٍ أساسي في أنشطتها. فتنقل هذه الجهات الإنسانية رؤيةً ثنائية للمرأة السورية وتقدّمها إما على أنّها ضحية مستضعفة أو امرأة متمكّنة بفضل البرامج الإنسانية التي تستفيد منها. ونادرًا ما تأخذ هذه الرؤية في الاعتبار النواحي الاجتماعية والواقع المعيشي للمرأة وتمثيلها، إضافةً إلى أنّها غالبًا ما ترتبط بإرشادات أخلاقية (شانيك 2021). في هذا السياق، تطمح منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" إلى رفع صوت النساء السوريات والاستجابة لاحتياجاتهنّ، وهو عملٌ يتمّ تحقيقه بفضل التجربة المشتركة التي تجمع الأعضاء والمستفيدات معًا.

تُقدِّم هذه المقالة لمحةً عن تاريخ منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" والتحوّلات التي مرّت بها استنادًا إلى مسار وقصص بعض أعضائها. وتستند إلى مقابلات أُجريت مع ثلاثة أعضاء في المنظمة، بالإضافة إلى التقارير والمنشورات الواردة على الموقع الإلكتروني الخاص بالمنظّمة. وتُظهر المقالة أنّ النزاع السوري قد شكّل فترة اضطرابات ومعاناة شديدة أثّرت على النساء ودفعت إلى إمعان التفكير في دورهنّ الحالي والمستقبلي في الحياة الاجتماعية والسياسية في سوريا الغد.

سنقوم أولًا بتوضيح كيف تأسّست منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" إثر التقاء عدّة مسارات فردية وبهدف إنشاء شبكات تتكوّن من نساء من عدّة مناطق جغرافية وأديان وطبقات اجتماعية. ثم سنتحدّث عن تطوُّر أنشطة منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" استنادًا إلى إمكانية تنفيذها وخبرة أعضائها والمستجدات السياسية والاحتياجات الناشئة. بعد ذلك، سنتطرّق إلى النهج العلمي والفكري الذي تبنّته المنظمة ومقاربتها الشاملة والمتعدّدة الجوانب لمعالجة قضايا المرأة. وفي الختام، نتناول التحديات التي واجهت المنظّمة في ظلّ الحرب والدمار والنزوح القسري الذي طال أعضاءَها.

1. من مسارات فردية إلى شبكات مشتركة

تَزامنَ تأسيس منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" مع بداية الانتفاضة السورية في العام 2012، في فترةٍ شهد خلالها المجتمع السوري فورةً على صعيد عمل الجمعيات الذي كان محظورًا لعقود طويلة. في عهد الأسد الأب، كانت المنظّمات الجماعية الوحيدة المرخّصة هي تلك المرتبطة بحزب البعث. ومع وصول بشار الأسد إلى سدّة الرئاسة في العقد الأول من القرن الحالي، ظهرت بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية، إلا أنّ النظام كان المشرف الأوّل عليها (رويز دي الفيرا 2010). وأتت فكرة تأسيس منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" إثر زيارات كثيرة قامت بها سمر يزبك من فرنسا إلى منطقة إدلب التي كانت في تلك الفترة تحت سيطرة المعارضة السورية. عندئذٍ، لاحظت الكاتبة الفرق الكبير بين تجربتها كامرأة متعلّمة من الطبقة الوسطى وتجربة النساء اللواتي التقت بهنّ في هذه المنطقة. بالتالي، قرّرت إنشاء مراكز يمكن للنساء فيها أن يشعرن بالأمان ويتبادلن الخبرات ويبنين شبكات دعم لبعضهنّ البعض. فتقرّبت الروائية من المحامية والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان رزان زيتونة[4] التي كانت تقيم حينها في الغوطة، شرقي دمشق. وتوضح سمر أنّ أحد أهداف المنظّمة هو تعزيز التفاعل وإنشاء شبكات تتكوّن من نساء من عدة مناطق جغرافية وأديان وطبقات اجتماعية لتجسيد فكرتها عن "سوريا واحدة" كما تصفها عند تقديم منظمة "النساء الآن من أجل التنمية"[5].

افتتحت منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" أولى مراكزها في الغوطة في العام 2013 وفي إدلب في العام 2014 بمساهمة نساء أخريات مقيمات في سوريا أو في بلدان الاغتراب وملتزمات بمبادئ المشروع. في تلك الفترة، كانت لبنى، طالبة تصميم غرافيكي في الثلاثينيات من العمر، تعيش في مدينة حرستا،[6] شمال شرق دمشق، حيث ترعرعت. وأُجبرت على التوقف عن الدراسة بعد اندلاع الثورة لأنها كانت مطلوبة لدى الأجهزة الأمنية بسبب مشاركتها في التظاهرات. ووصفت لبنى الظروف حيث أبصرت المراكز الأولى المخصّصة للنساء النور، فقالت:

"في نهاية العام 2012 ومع بداية العام 2013، بدأت تتّضح ملامح المجتمع المدني في الغوطة. بالطبع، كانت الأنشطة غير المنظّمة قد نشأت من قبل، فتردّدت على مسامعنا أسماء منظّمات لم نسمع عنها سابقًا في سوريا. وعندما اندلعت الاشتباكات في حرستا، بقيتُ في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وقابلتُ رزان في تلك الفترة. كنتُ أرغب في العمل مع النساء وكانت رزان عندها تقوم بإنشاء شبكات من النساء في الميدان ومع المنظمات (...). لقد أخبرتني عن منظّمة تهدف إلى دعم النساء وطلبت مني كتابة مقترح لإنشاء مركز لها. كانت تجربتي الأولى في هذا السياق، فأرسلتُ لها نصًا من بضعة أسطر، وبعد شهرَين بلّغتني أن اقتراحنا مقبول وأنّه أصبح بإمكاننا أن نباشر بالعمل. فقمنا بافتتاح مركز في مدينة حرستا. وفي موازاة ذلك، تمّ افتتاح مركز آخر في دوما، لكنّني اكتشفتُ ذلك بعد فترةٍ بسبب تعذُّر التواصل بين المنطقتَين".

على الرغم من أنّ لبنى لم تكن تمتلك أيّ خبرة في عمل المؤسسات، إلا أنّها قرّرت الانخراط في إنشاء مركز للنساء لأنّها اكتشفت، على غرار سمر، الفوارق الاجتماعية التي تفصلها عن نساء أخريات في المدينة التي نشأت فيها. وكانت تلاحظ جوانب الظلم التي تواجههنّ والتي بدأت هي نفسها تعاني منها مع سعي جماعات المعارضة المسلّحة إلى فرض سيطرتها على مدينة حرستا. وتجدر الإشارة إلى أنّ مدينة حرستا ومنطقة الغوطة الشرقية كانتا تحت حصارٍ شديد فرضه الجيش السوري[7] عليهما منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

"كنتُ أسكن في ريف حرستا، إلّا أنني لم أختلط يومًا بنساء حرستا. والتقيتُ بنساء من منطقتي للمرّة الأولى خلال الثورة. عندها، اكتشفت حالات من الظلم والجهل لا يستطيع المرء أن يتخيّلها حتى. فكان وضع المرأة مروّعًا من جميع النواحي. وعندما اشتدّ الحصار، غادرَت الطبقات الوسطى الغوطة باتّجاه شرق المنطقة. ولم يبقَ في الميدان سوى الناشطين والسكّان الأكثر حرمانًا. عانت نساء المنطقة من مشاكل لم أستطع تخيّلها لأنَّني كُنتُ أعمل وأخرج بكلّ حرّية وسط عائلةٍ منفتحة من مدينة حرستا. أرادت الجماعات المسلّحة أن تفرض عليّ ملابس معيّنة. وبدأت الجماعات تتعدّى على الإنجازات التي حقّقتها المرأة في بداية الثورة، وكان الوضع مروعًا. شعرت أنه لا بد من القيام بشيء، فبحثتُ وتعرّفتُ إلى رزان (...)".

تُظهِر قصّة لبنى أنّ الثورة السورية سمحت بتجاوز الحدود الاجتماعية وشكّلت ساحةَ لقاءٍ بين سوريين وسوريات من خلفيات اجتماعية مختلفة. كذلك، يَتَبيَّن لنا أنّ الثورة كانت بمثابة فرصة لتحرُّر المرأة وتوسيع دائرة مشاركتها. غير أنّ هذه المكتسبات أصبحت في دائرة الخطر نظرًا لوجود جماعات مسلّحة تسعى إلى فرض سيطرتها من جديد على ممارسات النساء وأجسادهنّ.

لا تقوم منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" بحشد ناشطات في سوريا وحسب، بل تُشجّع أيضًا مشاركة النساء المتواجدات في بلدان الاغتراب واللواتي يرغبن بأن يكون لهنّ دور فعّال في مسار التغيير في بلدهنّ. كانت ماريا في الحادية والثلاثين من العمر وتُشرف على إنهاء أطروحة في علم الأحياء في فرنسا عندما بدأت الثورة في آذار/مارس 2011. وكانت ناشطة في "حلقات اللاعنف"[8] في دمشق وفي الحركة النسوية الإسلامية في فرنسا (لات-عبد الله 2010)، فقرّرت السفر إلى دمشق عام 2012، إلا أنّها اضطرّت أن تغادر لأسباب أمنية، ثمّ توجّهت إلى إدلب في العام 2013 للمساهمة في الثورة. وبعد ذلك، شاركت في إنشاء شبكة لحماية الأطفال عُرفت باسم "شبكة حراس الطفولة". وعندما عادت إلى فرنسا، قابلَت سمر التي أخبرتها عن مشروعها، فقرّرت الانضمام إليه في العام 2013.

في العام 2012، قامت "النساء الآن من أجل التنمية" أولًا بتنظيم حملات دعم لمشاريع صغيرة ريادية تهدف إلى توفير دخل مادّي للنساء، إلى جانب تنفيذ أنشطة لدعم الأطفال على الصعيد النفسي والتعليمي. وتمّ افتتاح أول مركزين في حرستا ودوما الواقعتَين في الغوطة، يليه افتتاح مراكز أخرى في إدلب وفي منطقة البقاع في لبنان. ومع مرور الوقت، امتدّ نطاق المنظّمة جغرافيًا لتبلغ ذروة نشاطها في العام 2016 حيث أصبح لديها ستة مراكز ومقهيان للإنترنت في الغوطة وكفر بطنا بالقرب من دمشق، وفي إدلب ومعرة النعمان وسراقب في شمال البلاد، وفي لبنان وتركيا. يهدف هذا الامتداد الإقليمي إلى إنشاء روابط بين السوريات اللواتي يعشن في أطر اجتماعية وسياسية مختلفة في ظلّ التغيرات المستجدّة في ساحة النزاع، ولا سيما التهجير القسري الذي طال الأعضاء والشعب السوري بشكلٍ عام[9]. بدأت شبكات النساء بالظهور خلال حملات الدعم الأولى التي تم تنظيمها أثناء حصار داريا بالقرب من دمشق. فواجه أعضاء المركز الحصار الشديد والظروف المعيشية اللاإنسانية، مما شكَّلَ دافعًا للتضامن (العبدة 2017).

صرّحت ماريا: "عندما تمّ تدمير مركز داريا، قمنا بتنظيم الحملة الأولى لدعم النساء في المنطقة. يمكن القول إنّ الفكرة الرئيسية من منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" بدأت تتبلور فعليًا حينها، وهي دعم النساء لنساء أُخريات. في تلك الفترة، بدأت جميع المراكز الأخرى تدعم نساء داريا اللواتي كنّ محاصرات، وبدأت ترفع اللافتات والرايات لمناصرة قضيتهنّ. بعد ذلك، بدأنا بإجراء المقابلات، وحينها تشكّلَ حراك "من أجل سوريا". وأَعتبرُ أنَّ هذه الخطوة كانت الحملة الأولى الحقيقية الرامية إلى دعم المرأة. فاكتشفنا حينها القوة الجديدة لمنظّمة النساء الآن من أجل التنمية".

في مرحلة تشكيل منظمة "النساء الآن من أجل التنمية"، أصبحت المراكز النسائية مكانًا للالتقاء وتكوين شبكات مع مبادرات أخرى مثل حراك "من أجل سوريا"[10]، وهي منظمة حقوقية تدعم نساء داريا[11]، وحركة "عائلات من أجل الحرية"[12] التي نشأت لاحقًا إثر مشروع لجمع قصص عائلات المفقودين. وبالتالي، تمكّنت منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" من مواصلة جهودها الرامية إلى تكوين شبكات تواصل بين السوريين والسوريات. والجدير بالذكر أنّ الأنشطة المقترحة وطريقة عمل المنظمة تتطوّر مع مرور الوقت ومع تراكُم الخبرات المُكتسبة.

2. نبدأ بالتغيير من أسفل الهرم، نبدأ بتغيير أنفسنا

تتميّز منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" بأسلوب عملها الذي ينطلق من تحديد احتياجات المرأة من خلال المقابلات التي يجريها أعضاؤها في المواقع الميدانية. فتقوم المُشارِكات أنفسهنّ بتحديد المواضيع التي تهمهنّ بالتعاون مع أعضاء المنظّمة. وذكّرت ماريا بكلّ فخر أنّ المنظمة لا ترضخ لطلبات الجهات المانحة، بل يتمّ تطوير المشاريع وفقًا للمتطلبات المحلية:

"لم تقم أي منظّمة يومًا بفرض برنامج معين علينا. في كلّ مركز، كنا نقوم بمشاريع تلبّي المتطلبات المحلية. فاستجابت منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" لاحتياجات النساء وصمّمت البرامج استنادًا إليهنّ. لم نأتِ بمشاريع موضوعة مسبقًا وإنما وضعناها بالتعاون مع الناس على أرض الواقع، وهذا أمرٌ مهمٌّ جدًا لأنّ عملنا يهدف إلى نقل رؤية الأشخاص الذين نعمل معهم".

تتميّز منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" بقربها من الأشخاص المستفيدين من أنشطتها. فتعتمد نهج المشاركة مع هؤلاء المستفيدين لإعداد المشاريع في مختلف المجالات (العمل والتعليم والصحة). وقد تطوّرت هذه المشاريع مع الوقت ومع تَطوُّر الاحتياجات المتعلّقة بالنزاع، وأيضًا مع اكتساب الخبرة. فتحرص المنظمة على مراجعة عملها وإعادة النظر فيه، ما يسمح لها بالتغيير بمرور الزمن.

تروي لبنى: "في البداية، كانت لدى سمر طموحات كبيرة، لكننا لم نكن نُدرِك صعوبات العمل. توجّهنا نحو أمور أبسط بكثير. والواقع أنّ متطلّبات جديدة تظهر يومًا بعد يوم... وَضْعُنا اليوم ليس كوضعنا في بداية عملنا. فقد بدأنا بأنشطة توعية حول عمل المجتمع المدني، وبدأنا بطريقةٍ بسيطة وعفوية، وفي بعض الأحيان لم نكن نتبع أي منهجية، فكنا ننطلق من الاحتياجات الملموسة التي يُخبرنا عنها الناس. أقمنا دورات تدريبية، ونظّمنا دروسًا لمحو الأمية، ثم طلبت النساء معرفة المزيد عن تعليم أطفالهنّ، وحتى عن قضايا معيّنة مثل التحرّش الجنسي. بعد ذلك، بدأ الوضع على الأرض يفرض نفسه علينا. كنا نتابع لحظة بلحظة جميع التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. عندما فُرض الحصار على الغوطة، بدأنا بحملات التمكين الاقتصادي. كُنّا نقدّم إعانات مالية صغيرة للنساء ليبدأن مشاريعهنّ الصغيرة لتوليد الدخل. ومنذ العام 2015، بدأنا نفكّر في مسألة التمكين السياسي. لقد اكتسبنا الخبرة والوعي، وتَطَوَّرنا داخل المنظمة. فأنا لم أعد كما كنت في السابق، واليوم أستطيع القول إنني نسوية وأصبحت كذلك خلال عملي في منظمة "النساء الآن من أجل التنمية". في السابق، كُنت امرأةً تهتمّ لقضايا الحقوق، غير أنني لم أكن أعلم ماذا يعني ذلك. أما الآن فقد أصبحت نسوية، وأُدافع عن حقوق المرأة في هذه المنظمة".

تقوم منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" بتطوير أنشطتها وفقًا للاحتياجات التي تختلف مع مرور الوقت ووفقًا للخبرة المكتسبة في العمل على أرض الواقع. فتشمل المنظمة مشاريع داعمة وأنشطة تدريبية وتعليمية، وأنشطة أخرى متعلّقة بتوليد الدخل وبناء القدرات السياسية. وفي الوقت نفسه، يساهم العمل داخل المنظمة في تغيير الأعضاء العاملين فيها على الصعيد الشخصي. فاكتشفت لبنى في منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" التزامها النسوي انطلاقًا من تجربتها في العمل المباشر مع النساء. وذكرت ماريا أيضًا التغيّرات الشخصية التي شهدتها إثر اندلاع الثورة وخلال عملها في منظمة "النساء الآن من أجل التنمية"، حتّى أنّها تقول إنّ "حياتها قبل الثورة" تختلف عن "حياتها بعد الثورة"، وهذا يدلّ على نقطة التحوّل المفصليّة التي شكّلتها هذه التجربة في حياتها.

"لقد حاولنا تحليل التغييرات الذي كنا نمرّ بها على الصعيد الشخصي. والأمر الإيجابي هو أننا من سياقات مختلفة ولم نكن قد عملنا سابقًا في مجال التنمية أو دراسات النوع الاجتماعي. فلم يكن أيٌّ من هذين المجالين موجودًا حتى قبل الثورة، ودخلنا في هذا المجال بصفتنا ناشطات من أجل إيجاد حلول للمشاكل بشكلٍ جماعي (...)".

إنَّ العمل الذي تقوم به منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" يؤدّي إلى تعلّم أمور جديدة وزيادة الخبرة. بالتالي، لا يتمّ تعزيز أساليب العمل المعتمدة فحسب، بل يساهم هذا العمل في دفع الأشخاص إلى التفكير النظري وإنتاج المعرفة النسوية التي أدّت إلى إنشاء قسم مخصّص للبحث في المنظّمة منذ العام 2019.

3. بين العمل الميداني والتفكير النظري: إنتاج المعرفة النسوية المشتركة

على مرّ السنوات، اكتسبت النساء في منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" معرفةً واسعةً يعتبرن مشاركتها والحفاظ عليها غايةً في الأهمية. انضمّت ن.س.، المتخصصة في دراسات النوع الاجتماعي والمقيمة في ألمانيا، إلى الجمعية في نهاية العام 2019 كباحثة مستقلّة ثمّ كمُشرفة على الأنشطة البحثية. وتَعتبِر ن.س. أنّ ثمّة حاجة حقيقيّة لنقل شهادات النساء وقصصهنّ التي لا تزال غائبة تمامًا عن المناقشات العامة على صعيد سوريا والمجتمع الدولي. الهدف من ذلك أيضًا هو إنتاج المعرفة التي لا تستهدف الوسط الأكاديمي والخبراء فحسب، إنما تستهدف النساء أنفسهنّ أولًا. ولهذا السبب، تَصدُر المنشورات بالإنجليزية والعربية وبأسلوبٍ لغوي يسهل على جميع الفئات فهمه. أمّا فكرة الرجوع ببعض الخطوات إلى الوراء لإعادة النظر في أنشطة المنظّمة، وإطلاق أعمال البحث والتفكير بالاستناد إلى المعرفة المكتسبة من العمل الميداني، فقد برزت في سياق بدء التركيز على مسألة العدالة في المناقشات العامة، لا سيما بعد أن استعادَ النظام السوري في العام 2016 جزءًا كبيرًا من المناطق التي كانت قد خرجت عن سيطرته.

"مع بداية العمل على تحقيق العدالة والمصالحة في سوريا، بدأنا ننظر في قضايا متعلّقة بالعدالة بين الجنسين. وبدأنا العمل على هذا الموضوع انطلاقًا من تجربة النساء في المراكز وداخل حركة "عائلات من أجل الحرية". في العام 2017، عقدنا ورش عمل لتعريف العدالة بين الجنسين. وفي تلك الفترة، بدأنا إصدار التقارير. فبدأنا العمل على مسألة العدالة بين الجنسين في سوريا، وقرّرنا إنشاء مكوّن بحثي يمكنه نشر المعرفة النسوية مع أرشفة الأحداث وتوثيقها من وجهة نظر الأشخاص المعنيين (...)".

بالتالي، إنَّ أنشطة منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" لا تتطوّر وفقًا للوضع الميداني فحسب، بل أيضًا وفقًا للتوجّهات التي تتبلور في المناقشات العامة، وذلك من أجل اعتماد خطاب مضاد. تقع هذه المناقشات في إطار مقاربة نقديّة للمفاهيم التي تنقلها مثل "الاستدامة" أو "بناء القدرات" للبحث في أهمّيتها وجدواها في السياق السوري. فيسمح ذلك بإطلاق تفكير نظري ترغب المنظّمة بأن تخوضه من منظور إنتاج المعرفة وإمكانية إفادة المجتمع السوري. ويتمّ تصميم البحث النظري الذي تقوم به المنظّمة استنادًا إلى تأثيراته المباشرة على أرض الواقع.

وقد أفادت ماريا بما يلي: "نحن نعمل على تطوير إطارنا النظري. وفي ما يتعلّق بموضوع الحماية، فإننا نقدم مشاريع حول الدعم النفسي وإدارة الذات، ونحاول تقديم المساعدة القانونية عند الإمكان، غير أنّ جميع المواضيع التي نفكّر فيها تواجه تحديات بسبب الحرب، منها مفهوم الاستدامة ومفهوم التمكين. فليس من السهل أن نساعد النساء ونُنظّم الأنشطة لهنّ لنجدهنّ في نهاية المطاف محطّمات! ونفكر في قضايا مثل حريّة المرأة وحقوقها، وإمكانية وصولها إلى الموارد، لا سيما الاقتصادية منها. بدأنا نعمل على تحقيق العدالة وأدركنا أنّ العدالة لا تتعلق بالمحاسبة فقط. في البداية، كنتُ أعتقد أنّ أوّل خطوة يجب تنفيذها هي محاكمة بشار الأسد، إلا أنّني أدركت لاحقًا أنّ تحقيق العدالة أكثر تعقيدًا من ذلك، لا سيما العدالة بحقّ النساء. فتختلف نظرة امرأة سجينة للعدالة عن نظرة رجل سجين إذ يتعيّن عليها أن تواجه ظلمًا هائلًا من المجتمع. ويُعتبر هذا الوضع قائمًا من قبل اندلاع الثورة بزمنٍ بعيدٍ، حتى أنّه مترسّخ على المستوى القانوني".

لذلك، يجب أن يهدف إنتاج المعرفة عن النساء إلى إفادة النساء أنفسهنّ وتعزيز مشاريع في المجالات التي يتعرّضن فيها للظلم. في مقالٍ يتناول أخلاقيات البحث في سياق النزاع السوري، لم تكتفِ المنظمة بأن تقلب علاقات القوة غير المتكافئة القائمة بين الباحثين والمشاركين في الدراسات فحسب، بل ذهبت إلى اعتبار العمل البحثي بمثابة استراتيجية بقاء حقيقية للنساء اللواتي يقمن به. "من خلال إنتاج سرديات بديلة ترتكز على واقع النساء المهمّشات، من بين أمور أخرى، ومن خلال تحدّي المعلومات الخاطئة الصادرة عن النظام السوري والأطراف الأخرى المُشارِكة في النزاع، يصبح إنتاج المعرفة بحدّ ذاته جزءًا من الكفاح ضد النسيان والنضال للبقاء لدى الباحثين أنفسهم" (نسرين وآخرون 2022، ص.10). ويشير هذا النهج العلمي أيضًا إلى المقاربة الأوسع نطاقًا لمعالجة قضايا المرأة بالأسلوب الذي تعتمده منظمة "النساء الآن من أجل التنمية".

4. مقاربة شاملة ومتعددة الجوانب لمعالجة قضايا المرأة

تُعتبر مراعاة الأبعاد المختلفة لحياة المرأة جزءًا أساسيًا من العمل المتعلّق بمعالجة قضايا المرأة في السياق السوري. ويمكن ترجمة ذلك على أرض الواقع بمراعاة احتياجات المرأة الاقتصادية والصحية والنفسية إلى جانب الاهتمام بتدريبها الفكري والمهني والسياسي في إطارِ نهجٍ يطمح أن يكون شاملًا وتشاركيًا. وتُشارك النساء الأعضاء في منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" في عملية التعلّم هذه بأنفسهنّ كما ذُكر سابقًا. تحدّثت ماريا بوضوح عن هذه المقاربة الشاملة لمعالجة قضايا المرأة فقالت:

"بدأت منظّمة النساء الآن من أجل التنمية بهدف أن تكون منظّمة داعمة وإرشادية تقودها النساء المحلّيات. أما الآن فيمكن القول إنّنا تعلّمنا فعليًا الكثير من المفاهيم داخل المنظمة وقمنا بتطوير أنفسنا. نحن أيضًا تعرّضنا للتهميش، ولا نزعم تدريب نساء أخريات. فنأتي بمبادئ التمكين من منظور شامل وليس جزئيًا (...). كانت لدينا مُدخَلات للمشاريع: تأمين الحماية، وتعزيز القدرات الاقتصادية والسياسية؛ غير أنّ كلّ مركز كان يدرس كيفية تحقيق هذه الأهداف، حتى لو لم يتمّ ذلك في الوقت نفسه".

إنَّ هذا النهج الذي يتمحور حوله عمل المنظّمة يقترن أيضًا مع مقاربة نظرية مستوحاة من نظريات متعدّدة الجوانب حول النوع الاجتماعي (كرينشاو 2021). تسمح هذه النظريات بتناول تجارب المرأة من خلال مراعاة اندماجها في أحد أشكال الهيمنة المرتبطة بالنوع الاجتماعي والطبقة الاجتماعية والدين والعرق (منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" 2019، ص.6). وهذا يعني أيضًا تحديد إطار زمني طويل لدراسة أوضاع المرأة في الحرب السورية كاستمرارية لأشكال الظلم والسيطرة التي كانت سائدة سابقًا (س. ح. وآخرون 2022، ص.5) مع الأخذ في الاعتبار تفاعل المستويات المحلية والوطنية والدولية. ومع ذلك، على الرغم من هذه المقاربة العامة والشاملة لمعالجة قضايا المرأة، تصطدم منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" بعقبات متعدّدة متعلّقة بسياق الحرب تحديدًا.

5. التحديات المتعلقة بسياق الحرب والنزوح

أعطت الثورة السورية زخمًا فريدًا من نوعه لتنظيم العمل الجماعي بمختلف أشكاله داخل سوريا وخارجها، إلّا أنَّ النزاع العنيف وتهجير السكان يشكّلان تحديًا حقيقيًا يحول دون مواصلة الأعمال على المدى الطويل. فبعد تأسيس منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" بفترةٍ قصيرةٍ، تأثّرت بأعمال العنف التي وقعت في منطقة الغوطة: حصار وقصف واختطاف عدد من الناشطين. تمّ اختطاف رزان زيتونة في كانون الأول/ديسمبر 2013 مع مجموعة من الناشطين، منهم زوجها وائل حمادة وسميرة الخليل وناظم الحمادي الذين لا يزال مصيرهم مجهولًا ويُرجّح أن يكونوا قد اختُطفوا على يد جيش الإسلام. وكانت هذه المحطة بمثابة ضربة قاسية لمنظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" وللمجتمع المدني السوري ككلّ.

تسبّب القصف بتدمير عدة مراكز، منها مركز داريا عام 2016 ومقهى الإنترنت في درعا، إضافةً إلى مركزَيْ معرة النعمان وسراقب في العام 2019. ومنذ العام 2021، لم يبقَ أيٌّ من المراكز الأصلية التي أنشأتها منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" في سوريا. فكان من الضروري أن يُعاد تنظيم العمل حول شبكات من النساء من المناطق الشمالية، وإن كان من دون وجود مقرّ للعمل. والجدير بالذكر أنّ استمرار أعمال العنف في سوريا يطرح سؤالًا حول استدامة الأنشطة التي تقوم بها منظمة "النساء الآن من أجل التنمية"، فسبق وذكرت ماريا استحالة إقامة مشروع لتمكين المرأة اقتصاديًا على المدى البعيد. ويُضاف إلى ذلك تحدٍ آخر يتمثّل في تجزئة مناطق العمل ما بين الداخل السوري الخاضع لسيطرة قوى مختلفة، ودول الجوار التي استقبلت اللاجئين. وتخضع منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" لأُطُر قانونية واجتماعية وسياسية مختلفة للغاية يجب أن تتكيّف معها إلا أنّها قد تؤدّي إلى شرذمة عملها.

الخاتمة

من خلال تقديم لمحة شاملة عن مسار منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية"، أظهرت هذه المقالة حيويّة المجتمع المدني السوري المنبثق من انتفاضة 2011 وقدرته على التكيّف، كما أظهرت نشوء وعي كبير وأفكار جديدة حول أشكال الهيمنة وعدم المساواة المتعدّدة التي تنتشر في المجتمع السوري والتي تطال النساء. على نطاقٍ أوسع، تلتزم منظمة "النساء الآن من أجل التنمية" وتنخرط في نقاشاتٍ ونضالاتٍ أطلقتها الحركات النسوية التي تتبنّى النظرية الاستعمارية وتربط "بين البُعد الرمزي والبنّاء والثقافي للعلاقات بين الجنسين وبُعدها الاقتصادي والسياسي على المستوى المحلي والعالمي" (فيرشور وديستريمو 2012، ص.10). في سياق النزاع السوري ومن خلال منح المرأة صوتًا، ترغب منظّمة "النساء الآن من أجل التنمية" أن تتميّز عن النسوية النخبوية المرتبطة بنظام الأسد من جهة، وعن فكرٍ نسوي سُلطوي تدعمه الجهات الفاعلة الإنسانية بمقاربة مزدوجة وواعظة حول مكانة المرأة ودورها. أمّا المعركة التي تخوضها المنظّمة فتتجاوز قضية المرأة لأنها تتناول أشكال الهيمنة وأوجه عدم المساواة بين الجنسين وبين الطبقات الاجتماعية والأديان في المجتمع السوري ككلّ، ما يسمح بقياس حجم التغيّرات المجتمعية منذ بداية الثورة والحرب.

 

 

قائمة المراجع

Abu-Assab, N ; Destabilising gender dynamics : Syria post-2011, in Freedman, J., Kivilcim, Z., & N. O. Baklacıoglu (eds) 2017. A Gendered Approach to the Syrian Refugee Crisis (London, New York, Routledge), p. 989-916.

AlAbdeh, M. 2017. « Lessons from Syria on women's empowerment during conflict. » Open Democracy, en ligne :https://www.opendemocracy.net/en/5050/lessons-from-syria-on-womens-empowerment-during-conflict/

AlAbdeh, M. ; J. Daher.(à paraître). « L’engagement des Syriennes à l’épreuve : rapports sociaux de sexe et formes multiples de répression dans le processus révolutionnaire. » Dans Abir Krefa, Sarah Barrière (dir) Le genre en révolution, PUF.

Al-Khalili, Charlotte. (à paraître). « Women in Revolution: Women’s Revolution? Social Changes among Displaced Syrian Women in Gaziantep, Turkey. » Dans Ababsa, Myria ; Napolitano, Valentina (dir.) La société syrienne dans la révolution et la guerre, Paris/Beyrouth, Éditions de l’Ifpo.

Al-Natour, Manal. « Strategies of Nonviolent Resistance: Syrian Women Subverting Dominant Paradigms. » Dans Women Rising: In and Beyond the Arab Spring, edited by Rita Stephan and Mounira M. Charrad, NYU Press, 2020, pp. 330–38.

Aubin-Boltanski, Emma ; Cécile Boëx. 2021. « Les femmes prennent la parole. Déclarations filmées et sit-in à domicile. » Dans C. Boëx et A. Devictor, Syrie une nouvelle ère des images. De la révolte au conflit transnational, CNRS Editions, p. 87-103.

Crenshaw, Kimberlé. 2021. « Sortir des marges l’intersection de la race et du sexe. Une critique féministe Noire de la doctrine antidiscriminatoire, de la théorie féministe et de la lutte antiraciste. » Dans Cahiers du Genre, vol. 70, no. 1, p. 21-49.

Freedman, J., Kivilcim, Z., & N. O. Baklacıoglu (dir.). 2017. A Gendered Approach to the Syrian Refugee Crisis, London, New York, Routledge

Napolitano, Valentina. (à paraître). « Recompositions et tensions de genre parmi les Syriens en Jordanie : à l’intersection des contraintes institutionnelles, des représentations et des vécus. » Dans Ababsa, Myriam ; Napolitano, Valentina (dir.) La société syrienne dans la révolution et la guerre, Paris/Beyrouth, Éditions de l’Ifpo.

Shanneik Yafa. 2021. « Displacement, humanitarian interventions and gender rights in the Middle East: Syrian refugees in Jordan as a case study. » Dans Journal of Ethnic and Migration Studies, vol. 47, n° 15, p. 3329-3344.

S. H. Nisren ; Helmut Krieger, Adriana  Qubaiova, Klaudia Wieser. 2022. « A Holistic Approach to Survival: Transforming Research Strategies in Contexts of War and Conflict Zones. » KnowWar et Women Now for Development, en ligne : https://women-now.org/a-holistic-approach-to-survival/

Verschuur, Christine, et Blandine Destremau 2012. « Féminismes décoloniaux, genre et développement. Histoire et récits des mouvements de femmes et des féminismes aux Suds. » Dans Revue Tiers Monde, vol. 209, no. 1, p. 7-18.

Women Now for Developpement. 2019. « Gender justice and Feminist Knwoledge Production in Syria. » Mai 2019, en ligne : https://women-now.org/gender-justice-and-feminist-knowledge-production-in-syria/ 

Yassin-Kassab Robin, Leila Al-Shami 2016. Burning Country. Syrians in Revolution and War, London: Pluto Press.

Yazbek Samar. 2012. Feux croisés, journal de la révolution syrienne, Paris, Buchet/Castel.

_ (2019) Dix-neuf femmes, les Syriennes racontent, Paris, Stock.


[1] راجع/ي الموقع الإلكتروني للمنظمة: https://women-now.org/ar/.

[2] وُلدت في مدينة جبلة في سوريا في العام 1970. من أحدث أعمالها: "تسع عشرة امرأة - سوريات يروين"، باريس، ستوك، 2019؛ و"تقاطع نيران: من يوميات الانتفاضة السورية"، باريس، بوشي/شاستيل، 2012.

[3] مقابلة مع المسؤولة عن قسم البحث، السيدة ن.س. وهي في العقد الثالث من عمرها ومقيمة حاليًا في ألمانيا.

[4] وُلدت عام 1977. هي مناضلة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وبسبب نشاطها في هذا المجال مُنعَت من مغادرة الأراضي السورية. أسّست في العام 2011 "مركز توثيق الانتهاكات في سوريا" لتوثيق الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري.

[5] مقتطف من نصّ من توقيع سمر يزبك توضّح فيه فكرة تأسيس منظمة "النساء الآن من أجل التنمية". يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني:

https://women-now.org/ar/in-the-ninth-year-for-women-now/

[6]  لجأت إلى تركيا أولًا في العام 2014، ثم إلى فرنسا في العام 2021. مقابلة أُجريت في حزيران/يونيو 2022.

[7] استراتيجية تتمثّل في تعطيل حركة مرور الأشخاص والمواد الغذائية في الأحياء والمدن التي غدَت تحت سيطرة المعارضة السورية.

[8] وهي عبارة عن حلقات تفكير كانت موجودة قبل اندلاع الثورة السورية، لا سيما في مدينة داريا القريبة من دمشق.

[9] وفقًا للبيانات التي نشرتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في كانون الثاني/يناير 2022، تسبّب النزاع في سوريا بنزوح داخلي لما يُقارب 6.7 مليون شخص وأُجبر 5.5 مليون آخرين على اللجوء إلى البلدان المجاورة (تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق، ومصر).

[10] شبكة من الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، تأسّست عام 2014. يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني: https://thesyriacampaign.org

[12] منظمة تجمع نساء من عائلات المفقودين وتعمل على توثيق الانتهاكات التي تُرتكب بحقّ هذه العائلات وتُطالب بالإفراج عن المُعتقلين. يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني: https://syrianfamilies.org/ar/.

About the author(s):
Valentina Napolitano:

Docteur en Études politiques à l’EHESS de Paris, elle a soutenu une thèse intitulée « S’engager à Yarmouk. Sociologie de la militance palestinienne en Syrie » portant sur la question des engagements militants en contexte conflictuel et autoritaire. Parmi ses dernières publications : « La mobilisation des réfugiés palestiniens dans le sillage de la « révolution » syrienne : s’engager sous contrainte », Cultures et Conflits, n°87, Automne 2012, pp. 119-137. « Hamas and the Syrian Uprising: a Difficult Choice », Middle East Policy, vol. 20, n° 3, Automne 2013, pp. 73-85. « Palestinian civil organisations in the Syrian uprising. Militant conversion and forms of self-management in crisis time », al-Majdal, n°57, été 2015, pp. 11-16.