إعطاء الأولوية لمفهوم "العائلة" في تحليل الحرب: قضيةٌ مثيرة للجدل

Publishing Date: 
December, 2023
Dossier: 
Gender Equity Network, Conflict Analysis Project
Author(s): Frances S. Hasso
Abstract: 

يُعارض هذا المقال فكرة إعطاء الأولوية "للعائلة" كوحدة تحليلية أو بُنية اجتماعية بحاجة إلى الحماية في أعقاب الحرب. فمنهجيات البحث التي تعتبر أن العائلة هي وحدة تحليلية خلال الحرب وبعدها، تتناسى غالبًا أن "الأزمة" هي الشكل المُعتاد للحياة الفردية والعائلية لدى الطبقات الفقيرة والطبقات العامِلة والأفراد من غير المواطنين/ات في أوقات السلم النسبي. فالطبقات العامِلة والفقيرة، سواء ضمن الوحدات العائلية أو خارجها، لا تُعتبَر بالإجمال جديرة بحماية الدولة ودعمها قبل الحرب أو خلالها أو بعدها. في الواقع، الذكور من بينهم هم أكثر فئة تُجبَر على الخدمة في الحرب. وتعتمد الطبقات الفقيرة والعامِلة على العمل الإضافي في معظم الأحيان، سواء كانوا يعيشون داخل العائلات أو خارجها، كما أنهم يُعانون من ظروف السكن السيئة والعنف والمرض والوفاة في سن مبكرة. فالأبحاث التي تُركز على الديناميات العائلية خلال معاناة الناس وتأقلمهم مع نتائج الحرب والتشرد ربما لا تلحظ الأنظمة والمواقع الأقل وضوحًا والأكثر قوةً التي تُحدد بشكلٍ جذري الخيارات القائمة قبل الحرب وخلالها وبعدها.

Keywords: Family, War, Conflict, Gender Roles, Socio-Economic Conditions

To cite this paper: Frances S. Hasso ,"إعطاء الأولوية لمفهوم "العائلة" في تحليل الحرب: قضيةٌ مثيرة للجدل", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2023-12-01 00:00:00. doi:

[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/ar/paper/إعطاء-الأولوية-لمفهوم-العائلة-في-تحليل-الحرب-قضيةٌ-مثيرة-للجدل
Embed this content: 
Copy and paste this code to your website.
Full text: 
Full text
مصدر الصورة: warchildholland.org

لديّ أيضًا تحفظٌ بشأن إعطاء الأولوية للعائلة كوحدة تحليلية في أعقاب الحرب، نظرًا لأهميتها الأيديولوجية والمادية في المجتمع الأوسع باعتبارها موقعًا للتكاثر المبني على المعيارية المُغايِرة والاستخراج وتراكم الموارد. تقول "كاثي ويكس" إن العائلة "تُفرَض من خلال القيود الاقتصادية والقاعدة القانونية، وكذلك من خلال صناعة الموافقة" (ويكس ۲٠۲۱، ۲). أظهر المُنظِّرون/ات السياسيون/ات النسويون/ات الغربيون/ات أن علاقات النساء بالمجتمعات السياسية تتم بوساطة علاقاتهن بالرجال. على سبيل المثال، تقول "غايل روبين" في دراسةٍ بعنوان "الاتجار بالنساء: ملاحظات حول الاقتصاد السياسي للجنس" (۲٠۱۲) إن المجتمعات المبنية على تبادل الفتيات والنساء أو إهدائهن بين الرجال تُعيد إنتاج سلطة العمل وتُولد فائضًا، فهي عملية علائقية تُحوِّل الاختلافات الجنسية، من خلال صلة القرابة، إلى نظام سلطوي جنساني. وتُضيف "روبين": "أنظمة القرابة لا تتبادل النساء فحسب، بل تتبادل الوصول الجنسي، والأوضاع النَسَبية، وأسماء النَسَب والأسلاف، والحقوق والأشخاص من الرجال والنساء والأطفال - في أنظمة ملموسة من العلاقات الاجتماعية" (روبين ۲٠۱۲، ص. ٤٦). تُظهِر "كارول بايتمان" في كتابها "العقد الجنسي" (۱۹۸۸) أن ما يُسمى بـ "العقد الاجتماعي" الذي يعتبره الفلاسفة السياسيون في الغرب أساسَ الدول هو عقدٌ جنسي بين رجال من فئة معينة ويضم النساء كأتباعٍ في دائرة "خاصة" مبنية على المعيارية المُغايِرة، ويتم تشكيلها في الوقت نفسه مع المجال "العام". وعلى عكس العقود الأخرى في المجتمع الليبرالي، في الزواج "يُبرَم العقد بين فرد وشخص آخر تابع له بطبيعته، ولا يُبرَم بين فردَيْن" (بايتمان ۱۹۸۸، ص. ٥٥).

الزواج "ليس عقدًا خاصًا بين شخصين على الإطلاق" لأنه ينطوي على الاعتراف القانوني وتوزيع الموارد والامتيازات (وارنر ۱۹۹۹، ص. ۱۱٧). أثبتت باحثات نسويات في العالم العربي وفي مناطق أخرى أن الزواج والجنس والعائلات تتشكل ضمن قيود مادية وإيديولوجية راسخة (هودفار ۱۹۹٧؛ هيوز ۲٠۲۱). فترتبط أشكال الزواج والإنجاب التي تأذن بها الدولة بالمواطنة، من بين عوامل أخرى، مما يجعل العائلة مسألةً تحظى باهتمام الدولة الحديثة وتدخلاتها (جوزيف ۲٠٠٠). تمنح معظم الدول العربية للرجال القدرة على إعطاء الجنسية إلى زوجاتهم الأجنبيات وأولادهم، ولا تعطي هذا الحق للنساء (هاسو ۲٠۱۱؛ جوزيف ۲٠٠٠). وعلى الصعيد العالمي، تربط الأنظمة الدينية والأنظمة القانونية الخاصة بالدول الأولاد بآبائهم/نّ وليس بأمهاتهم/نّ، وتُحدِّد ما إذا كانت الجنسية متّصلة بـ "النَسَب" أو مكان الولادة أو جنسية الجد أو الأب. فلا تنطلق هذه القوانين من إيديولوجيات جنسانية فقط، بل أيضًا من إيديولوجيات عرقية، لا سيما إذا وقعَ الزواج بين شخصَيْن من مجموعات عرقية أو وطنية أو دينية مختلفة أو من جنسيات مختلفة (سينكي ۱۹۹۹). إن الدول العربية تنظر بشكل متزايد إلى وحدة العائلة المقبولة قانونًا على أنها "الوحدة الأساسية لنظام وطني حديث ومستقر" (هاسو ۲٠۱۱، ص. ۱٤). ولطالما أنتجت بعض هذه المجتمعات خطابًا متأزمًا يتمحور حول معدلات الطلاق (خلوصي ۲٠۱٠). إضافةً إلى ذلك، لطالما عززت العائلات القوية ووسعت سلطتها السياسية وثروتها الاقتصادية من خلال الاستيلاء على الدولة، كما حصل مع السعوديين مثلًا الذين تعاونوا مع الإمبرياليين الغربيين (الرشيد ۲٠۱٣).

للجنس والزواج تداعيات تتخطى العائلة بغض النظر عن طابعهما الحميمي الظاهر (برينان ۲٠٠٤). فالعائلات هي ترتيبات للتبادل الاقتصادي-الجنسي، وتتمحور حول السكن وكسب لقمة العيش والإنجاب لتكاثر أفراد الأسرة. وتختلف إلى حد كبير شروط العلاقة التعاقدية والقانونية عادةً للزواج ومسؤولياته. ومع ذلك، إن النظر إلى العائلات كوحدات سياسية-اقتصادية يعني الاعتراف بأن الاستخراج غير المتكافئ للعمالة وتراكمها هو أمر أساسي بالنسبة إليها. إضافةً إلى ذلك، يتعرض معظم الناس للعنف والاستغلال داخل العلاقات الحميمة وليس خارجها. فالعلاقة الحميمة لا تمحو المنطق المادي الكامن وراء العلاقات العائلية الزوجية. والواقع أن الأبعاد العاطفية والمكانية للعلاقات الحميمة تُضفي طابعًا شخصيًا على العلاقات العائلية على حساب التحليل الوصفي.

يُقدِّم عمال وعاملات المنازل الأجانب، الذين يتعرضون للعنصرية، خدمات الرعاية للمسنين/ات والأطفال، ويقومون بمهام الطهي والتنظيف مقابل أجور منخفضة، ويكتسبون أهمية متزايدة بالنسبة إلى العائلات والأُسَر المتكاثرة اجتماعيًا وبيولوجيًا (داي ۲٠۱٧). يُعَد "تسليع العلاقة الحميمة" أمرًا أساسيا للزواج والعمل الإنجابي والمنزلي، ويزداد تعقيدًا بسبب الهجرة بين الأوطان (كونستابل ۲٠٠۹). تُنسِّق الدول في ما بينها ومع المؤسسات الرأسمالية لتيسير استقدام العاملين والعاملات المهاجرين/ات وتصديرهم/ن، فيتوسع نطاق العلاقات الاستخراجية إلى أبعد من حدود العائلات التي يرتبط أفرادها بصلة الدم أو بالقانون (فرانتز ۲٠٠۸). يواجه العاملون والعاملات المُستقدَمون/ات من الخارج معدلات عالية من حالات "الموت غير الطبيعي" داخل أماكن عملهم الحميمة في بلدٍ مثل الأردن (عبد الرحمن وآخرون ۲٠۲۱). وأصبحت حياة العاملين والعاملات المهاجرين/ات ضمن العائلات المُضيفة والعائلات التي ترسلهم/ن وتستقبلهم/ن أحد أبرز الاهتمامات في "الشؤون الداخلية" والعلاقات الدولية بين الدول (بيرجيم ۲٠٠٦). يعتمد العاملون والعاملات المنزليون/ات، وخصوصًا النساء، على المجال العائلي الحميم الذي يعملون فيه والأنظمة القانونية والشُرطية للمجتمع المُضيف، ويتقيدون بها، حتى لو لم يكن أسلوب صاحب العمل قمعيًا. أجرت "عطية أحمد" بحثًا عن المُهاجِرات من جنوب آسيا اللواتي عملن في أُسَر كويتية واعتنقن الإسلام، فوجدت أن اعتناق الإسلام "لم يخفِ وجود الاختلافات القائمة على صلة القرابة والاختلافات العرقية-الوطنية التي تُشكل العلاقات الهرمية وغير المتكافئة بين عاملات المنازل وأصحاب العمل" (أحمد ۲٠۱٧، ص. ۱٤٧).

اعتمدت الدول والإمبراطوريات عبر التاريخ سياسات وقوانين تُعالج القضايا الحميمة وتضبط العائلات لأنها في الواقع ليست مجرد علاقات حميمة (دونزيلو ۱۹٧۹). تحتاج الحكومات إلى العائلات من أجل إنجاب الأطفال وتربيتهم/ن وتوجيههم/ن ليصبحوا عمالًا ودافعي ضرائب وجنودًا ومقدمي رعاية. تخوض الإمبراطوريات والدول التدخلات المتعلقة بممارسات الخصوبة وتحديد النسل بطرق متعددة لتأمين احتياجاتها العسكرية والعمالية (ديميريي وسوميل ۲٠٠۸). وبحسب السياق، قد تهتم الحكومة بمعدلات الخصوبة المرتفعة أو المنخفضة، أو معدلات الزواج المنخفضة، أو معدلات الطلاق المرتفعة لأسباب مماثلة.

غالبًا ما تندرج مطالب حماية العائلات المبنية على المعيارية المُغايِرة ضمن منطق الغالب والمغلوب مقابل الاحتياجات الاقتصادية والقانونية والثقافية للعلاقات غير العائلية وغير المبنية على المعيارية المُغايِرة (وارنر ۱۹۹۹، ۹٠-۹۱). في حالات الحرب والتشرد في بلدان الجنوب، تبرز معادلاتٌ سلطوية أخرى بالنسبة إلى الضحايا، بما في ذلك التعزيزات القومية المثلية (بوار ۲٠۱٣) والنسوية للإمبريالية الغربية. ولا تلبي هذه الأنظمة عمومًا احتياجات ضحايا الحرب الذين يلتمسون المساعدة خارج إطار العائلة المعترف بها قانونًا أو إذا كانوا من مجتمع "الكوير" من منظور الجنس أو النوع الاجتماعي. وجدت "سيما شاخساري" أن اللاجئين المتحولين جنسيًا أو الذين ينتمون إلى مجتمع "الكوير" في مُدُن تركية صغيرة عيّنتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والحكومة المركزية، يتعرّضون للموت البطيء جرّاء "مناطق الاعتراف" الضيقة والجوهرية، وذلك من خلال هدر وقتهم/نّ وحياتهم/نّ حرفيًا. وأوضحت أنَّ الاعتراف بانتهاكات الحقوق دائمًا ما يكون عشوائيًا ومؤقتًا ومحدودًا من حيث أن الحقوق التي تُعتبر أحيانًا جديرة بالإنقاذ تصبح في أوقات أخرى غير مهمة (شاخساري ۲٠۱٤).

يمكن للتماسك العائلي، بغض النظر عن سمات وصفات العائلات المحددة، أن يحمي الأفراد إلى حدٍ ما في حالات الحرب والنزوح، لأن هذه السياقات تؤدي عادةً إلى فقدان الخدمات الرعائية للدولة، وتدمير البنية التحتية، والانهيار الاقتصادي، وتَشَتُّت الأصدقاء، والابتعاد عن مساحات التضامن المدني والاجتماعي التي كانت موجودة قبل الحرب. تخلق الحروب فراغات سياسية وتُدمِّر الشبكات الاجتماعية والاقتصادية الهشة التي تعتمد عليها الطبقات الفقيرة والطبقات العاملة بشكل خاص. علاوةً على ذلك، تُشجِّع ظروف الحرب واللجوء على انتشار الجهات الفاعلة الجديدة والقديمة وإعادة تجهيزها: الميليشيات، ومنظمات المعونة الحكومية المتعددة الأطراف والأجنبية، والإرساليات، وقوات الشرطة والجيش في الدولة المضيفة. تُقلِل ظروف الحرب والنزوح من الشبكات والعلاقات الوثيقة المُقيَّدة مكانيًا حتى عندما تعقد شبكات وعلاقات أخرى وتنتج حدودًا ومسارات ومساحات جديدة للسلوك الاجتماعي والعمل.

في الحروب الأهلية، ترتكب الجهات المسلحة العنف الجنسي غالبًا ضد النساء "الأخريات"، لا سيما عندما يؤدي الصراع على الموارد أو السلطة السياسية إلى تأجيج الاختلافات العرقية أو الدينية، كما حدث في كينيا في التسعينات (نيامونغو ۲٠٠٧). كتبت كل من خلود السابا وأنوج كابيلاشرامي في دراستهما حول الحرب السورية التي اندلعت في عام ۲٠۱۱: "تزايدَ حجم العنف وتعددت الجهات الفاعلة مع تقدم مراحل النزاع، مما عرَّضَ النساء والفتيات السوريات لـ... الاختطاف، والاختفاء القسري للناشطات السياسيات والنساء المنتميات إلى عائلات الناشطين الرجال، إلى جانب حالات الإعدام، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والتعذيب، والاستعباد، والتجنيد القسري على يد الميليشيات، والاحتجاز القسري، والحرمان من المحاكمات العادلة" (السابا وكابيلاشرامي ۲٠۱٦، ص. ٧ - ۱۱). وفي سياق النزوح إلى بلدان أخرى، باتت العائلات تشعر بالقلق إزاء انعدام الأمن الاقتصادي والجنسي لبناتها، فأجبرتهنّ على الزواج في سن المراهقة (المرجع نفسه، ص. ٧).

وجدت "روزماري صايغ" أنه في حالات اللاجئين الفلسطينيين الفقراء الذين فرّوا إلى لبنان بعد عمليات الترحيل عام ۱۹٤۸، من الممكن أن يكون التشرد وخسارة الأراضي قد زاد من أهمية العائلات كمصادر للتضامن الثقافي والدعم المادي في سياق الشتات العدائي (صايغ ۱۹٧۹، ص. ۱۲٧-۱۲۸). وفي ظلّ العوائق التي فرضتها الدول لمنع العودة إلى الوطن والالتقاء بأفراد العائلة المشتتين، تعزَّزَ الدافع لإعادة بناء العائلات: "تُظهِر جميع الروايات التي تعود إلى الفترة المبكرة أن اللاجئين يحاولون إعادة بناء الروابط العائلية، ورغم الظروف الرديئة في المخيمات، لم ينخفض معدل الزواج ولا سن الزواج" (صايغ ۱۹٧۹، ص. ۱۲۸). وجدت كاثرين ثورليفسون مؤخرًا أن اللاجئين السوريين الفقراء في لبنان وسّعوا مفاهيمهم الخاصة بالعائلة لتشمل غير الأقارب من أجل "التأقلم" والاستمرار (۲٠۱٤).

في الدراسة التي أجرتها "ليلى فرهود" حول مئات العائلات التي نجت من الحرب الأهلية اللبنانية (۱۹٧٥-۱۹۹٠)، تستعرض تأثير "الإجهاد" المرتبط بالحرب و"التأقلم" واستراتيجيات التكيف، وكيف يتم التخفيف من وطأة الحرب وانعدام الأمن من خلال "الموارد العائلية" (فرهود ۱۹۹۹). وجدت الباحثة آثارًا سلبية عدة على الصحة النفسية، خصوصًا بالنسبة إلى الأمهات اللواتي يتعاملن مع "الانفصال الناجم عن الحرب" أي انفصالهن عن أزواجهن، و"الضغط الاقتصادي" الناجم عن الحرب (فرهود 1999، ص. ۱۹٤). كانت العائلات ذات "الوضع الاجتماعي-الاقتصادي المتدني" هي الأكثر احتمالية لتقليل "استهلاكها للأغذية الأساسية مثل اللحوم والأسماك والدواجن خلال الحرب" (فرهود 1999، ص. ۱۹۸). واستنتجت "فرهود" أن "العائلات التي تواجه قيودًا اقتصادية أقل وتتمتع بمستويات تعليمية أعلى ولديها رضا أكبر عن دعمها الاجتماعي، استطاعت أن تتكيف بشكل أكثر فعالية" مع الحرب (فرهود 1999، ص. ۲٠۱). واستنادًا إلى مقابلات مع لاجئات في كندا، أوضحَت بيرمان وآخرون (۲٠٠٦) أن النساء يتحملن "العبء الأكبر من تداعيات الحرب"، ويعود سبب ذلك بالدرجة الأولى إلى أن مسؤوليتهن القائمة مسبقًا والتي تشمل "رعاية عائلتهن وحمايتها والاعتناء بها" تتضاعف في الظروف العدائية وغير المألوفة (بيرمان وآخرون 2006، ص. ٣٤). وكما هو حال جميع اللاجئين، إن الصدمات والاغتراب والعزلة الاجتماعية والصدمة الثقافية والافتقار إلى المعرفة اللغوية والعجز عن الوصول إلى فرص العمل والافتقار إلى المال والوضع القانوني المحدود أو المعدوم في المجتمعات المضيفة، كلها عوامل تُسبّب معاناة كبيرة، من بينها الاكتئاب (المرجع نفسه ٣٦-٣۹).

"العائلة" هي منظومة ذات جذور تاريخية، ولم تحمل يومًا معنى موحدًا بين أفرادها، ولم تعمل يومًا بشكلٍ موحّد، ولم تحظَ يومًا بتعريفٍ قانوني موحد. كما وأنَّ العائلات الفعلية هشة تاريخيًا من حيث الشكل والمضمون. ولا شك في أن العنف والدمار والاضطرابات التي تُحدثها الحرب تُخلّف عواقب وخيمة على الحياة البشرية وغير البشرية والبيئات التي تستهدفها الحرب. تُنتِج الحرب أبعادًا جغرافية وظروفًا حميمة جديدة، لا ترتبط جميعها بالعائلة. فيجب أن ندرك أن التدخلات من ناحية القانون والسياسات والمعونة تتشكل أساسًا من خلال مصالح الدول في المجتمعات الأصلية والمضيفة ويمكن أن تُعيد إنتاج أوجه عدم المساواة "العامة" و"الخاصة" الموجودة مسبقًا، أو تؤدي إلى تفاقمها.

البحث الإثنوغرافي "المصغر" (ويكس ۲٠۲۱، ص. ٣) حول ديناميات العائلة خلال الحرب وفي أعقابها، بما في ذلك التركيز على القدرة والجهود الريادية والإبداع لدى أفراد العائلة، يقلل من أهمية القوى السمفونية العنيفة الأوسع نطاقًا. وهي تشمل المخاطر التي تشكلها منظمات المعونة المدنية، الحكومية وغير الحكومية، التي تُرسِّخ العنف البيروقراطي والمادي على ضحايا الحرب الذين يعيشون في ظروف من الحرمان وانعدام الأمان. في عالمٍ مثالي، يُفترَض أن تُقارَب الحرب بطرق كفيلة بالتخفيف من المعاناة المباشرة، ومعالجة القضايا الأساسية، وتأمين موارد تسمح للناس والمجتمعات بالتعافي وإعادة بناء أنفسهم والمساهمة بشكلٍ فاعل في تحديد الأولويات. إضافةً إلى ذلك، من المُفترَض أن تسمح الاستجابات التأهيلية بنشوء مجموعة من أشكال التضامن الاجتماعي في الوطن وفي المجتمعات المُضيفة، ومن المُفترَض بها أيضًا أن تُراعي الاحتياجات المعقدة لأفراد المجتمعات التي دمرتها الحرب، على اختلاف سياقاتهم، بدلًا من أن تنظر إليهم حصرًا ضمن إطار "العائلة".

 

 

 

المراجع

Abder-Rahman, Hassan A., Al-Soleiti, M., Habash, I.H. et al. 2021. “Patterns of Death among Migrant Domestic Workers in Jordan: Retrospective analysis of 63 cases in a tertiary hospital.” Egyptian Journal of Forensic Sciences 11, 24. https://doi.org/10.1186/s41935-021-00240-8

Ahmad, Attiya. 2017. Everyday Conversions: Islam, Domestic Work, and South Asian Migrant Women in Kuwait. Durham: Duke University Press.

Alsaba, Khuloud and Anuj Kapilashrami. 2016. “Understanding Women’s Experience of Violence and the Political Economy of Gender in Conflict: The Case of Syria.” Reproductive Health Matters: A Journal on Sexual and Reproductive Health and Rights Vol. 24, No. 47: 5-17.

Bergem, Knut V. 2006. “The Role of the State in the in-Migration of Domestic Workers to Jordan and the GCC Countries.” In: Migration et politique au Moyen-Orient [online]. Beyrouth: Presses de l’Ifpo, 2006 (generated 29 octobre 2021). Available on the Internet: http://books.openedition.org/ifpo/4775. ISBN: 9782351594780.

Berman, Helene, Estella Rosa Irías Girón, Antonia Ponce Marroquín. 2006. “A Narrative Study of Refugee Women Who Have Experienced Violence in the Context of War.” CJNR Vol. 38, No. 4: 32-53.

Brennan, Denise. 2004. What's Love Got to Do with It?: Transnational Desires and Sex Tourism in the Dominican Republic. Durham: Duke University Press.

Constable, Nicole. 2009. “The Commodification of Intimacy: Marriage, Sex, and Reproductive Labor.” Annual Review of Anthropology Vol. 38: 49-64.

Dai, Diana. 2017. “Working on the Inside, Living on the Outside: Migrant Domestic Workers in Jordan.” Undergraduate honors thesis. Duke University. Durham, NC. https://dukespace.lib.duke.edu/dspace/handle/10161/14331

Demirci, Tuba and Selçuk Akşin Somel. 2008. “Women’s Bodies, Demography, and Public Health: Abortion Policy and Perspectives in the Ottoman Empire of the Nineteenth Century.” Journal of the History of Sexuality, Vol. 17, Number 3 (September): 377-420.

Farhood, Laila F. 1999. “Testing a Model of Family Stress and Coping Based on War and Non-War Stressors, Family Resources and Coping Among Lebanese Families.” Archives of Psychiatric Nursing Vol. XIII, No. 4 (August): 192-203.

Frantz, Elizabeth. 2008. “Of Maids and Madams: Sri Lankan Domestic Workers and Their Employers in Jordan.” Critical Asian Studies 40:4: 609-638.

Hasso, Frances S. 2011. Consuming Desires: Family Crisis and the State in the Middle East. Stanford: Stanford University Press.

Hoodfar, Homa. 1997. Between Marriage and the Market: Intimate Politics and Survival in Cairo. Berkeley: University of California Press.

Hughes, Geoffrey F. 2012. Kinship, Islam, and the Politics of Marriage in Jordan: Affection and Mercy. Bloomington: Indiana University Press.

Kholoussy, Hanan. 2010. ‘For Better, For Worse’: The Marriage Crisis that Made Modern Egypt. Stanford: Stanford University Press.

Joseph, Suad, ed. 2000. Gender and Citizenship in the Middle East. Syracuse: Syracuse University Press.

Nyamongo, Grace Bosibori. 2007. “Gendered Silence: Sexual Violence Against Women During Ethnic Conflicts in Kenya.” Asian Women Vol. 23, No. 4: 61-74. http://www.dbpia.co.kr/journal/articleDetail?nodeId=NODE01095217

Pateman, Carol. 1988. The Sexual Contract. Stanford: Stanford University Press.

Puar, Jasbir. 2013. “Rethinking Homonationalism.” International Journal of Middle East Studies, 45(2): 336-339.

Al-Rasheed, Madawi. 2013. A Most Masculine State: Gender, Politics, and Religion in Saudi Arabia. Cambridge: Cambridge University Press.

Rubin, Gayle S. 2012. “The Traffic in Women: Notes on the ‘Political Economy’ of Sex,” 33-65. In Deviations: A Gayle Rubin Reader. Durham: Duke University Press.

Sayigh, Rosemary. 1979. Palestinians: From Peasants to Revolutionaries. London: Zed Press.

Shakhsari, Sima. 2014. “The Queer Time of Death: Temporality, Geopolitics, and Refugee Rights.” Sexualities 17, no. 8 (December): 998–1015.

Sinke, Suzanne. 1999. “Migration for Labor, Migration for Love: Marriage and Family Formation Across Borders.” OAH Magazine of History, Vol. 14, No. 1 (fall): 17-21.

Thorleifsson, Cathrine. 2014. “Coping Strategies among Self-settled Syrians in Lebanon.” Forced Migration Review (47): 23-25.

Warner, Michael. 1999. The Trouble with Normal: Sex, Politics, and the Ethics of Queer Life. New York: The Free Press.

Week, Kathi. 2021. “Abolition of the Family: the Most Infamous Proposal.” Feminist Theory (published online). https://journals.sagepub.com/doi/full/10.1177/14647001211015841

 

About the author(s):
Frances S. Hasso :

Frances S. Hasso is Professor in the Program in Gender, Sexuality and Feminist Studies at Duke University with secondary appointments in the Department of History and the Department of Sociology. She taught in and directed the International Comparative Studies Program at Duke from 2010 to 2015 and was a member of the Oberlin College faculty from 2000 to 2010. She is Editor Emerita (2015-2018) of the Journal of Middle East Women›s Studies. Her latest book, Buried in the Red Dirt: Race, Reproduction and Death in Modern Palestine, was published by Cambridge University Press as a Creative Commons Open Access monograph. Many of her publications are accessible through her personal website: https://franceshasso.net/publications