بين "عرسال التي تحتضتن الارهاب" و "عرسال خط احمر" عرسال مطوقة من جميع الجهات
To cite this paper: Nidal Ayoub,"", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2015-11-01 00:00:00. doi: 10.28943/CSKC.002.30003
[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/content/بين-عرسال-التي-تحتضتن-الارهاب-و-عرسال-خط-احمر-عرسال-مطوقة-من-جميع-الجهاتقبل عام 2011، كانت عرسال كالمناطق الأخرى المهمشة لا تصلها التنمية ولا المشاريع الحكومية ولا الخدمات العامة و بالكاد يسمع عنها. فلا صحف تكتب عنها ولا قنوات تهتم بنقل أخبارها ومشاكلها، وفجأة أصبحت عرسال هي الخبر، احتلت العناوين الرئيسية في الصحف وبات اسمها يتردد يوميا في نشرات الأخبار و تصريحات السياسيين والحلقات الحوارية.
بين "عرسال التي تحتضن الإرهاب," و"عرسال خط أحمر" ووفقا لحسابات سياسية، همشت معاناة أهالي عرسال واللاجئين السوريين الذين يعيشون هناك، واختزلت صورة المنطقة التي تبلغ مساحتها حوالى 317 كلم2 والتي تشكل أراضيها 5٪ من مساحة لبنان.
هذا البحث يلقي الضوء على منطقة عرسال والأزمة التي تمر بها على جميع الأصعدة، اقتصادية، اجتماعية، أمنية، انسانية.
منهجية العمل
إستندت في عملي على بحث ميداني طويل إستند على حوالي 40 مقابلة معمّقة مع أهالي عرسال، ومع اللاجئين السوريين الموجودين في عرسال1، خلال شهر تموز 2015.
"نحن ندفع ثمن وقوفنا إلى جانب الشعب السوري"، هذه الجملة يكررها بعض أهالي عرسال. فالنسبة الأكبر من اللاجئين السوريين في لبنان تعيش في عرسال ويقدّر عددهم بحوالي ال 140 ألف لاجئ.
تعتمد عرسال على مصدرين أساسين للانتاج، المقالع والزراعة. يبلغ عدد المقالع حوالي 400 مقلعا ويقدّر مردوده ب 400 ألف دولار. كل مقلع يضم بالحد الأدنى حوالي 7 عمال، أي هناك 7 عائلات تعتاش من المقلع الواحد، و2800 عائلة من مجمل المقالع. وكذلك الأمر بالنسبة للمناشر اذ ان عدد المناشر يفوق الـ350 معملا ويضم نسبة أعلى من العمال، يتراوح عددهم ما بين الـ12 والـ15 عاملا، أي أن هناك 4200 عائلة تعتاش من المناشر. الزراعة، فيبلغ عدد الأشجار في جرود عرسال نحو أربعة ملايين شجرة مثمرة ولا يقل مردودها عن 20 مليار ليرة سنويا.
اليوم، ونتيجة للوضع الأمني غير المستقر، ومراهنات القوى السياسية على عرسال وارتباطها بالأزمة السورية، بالاضافة الى وجود المسلحين والجيش اللذين منعا الأهالي من أن يكون لديهم حرية الحركة والوصول إلى أماكن عملهم، تأثر القطاعين بشكل سلبي، فانخفض العمل بنسبة 70% على الأقل. فمن أصل 400 مقلع هناك حوالي ال 20 مقلعا لا يزال يعمل فيه مستمرا أي أن هناك 2660 عامل قد توقف عملهم. أما بالنسبة للمناشر فالتي تعمل لا تتجاوز الـ40 منشرا، ما يعني أن 3729 عاملا بالحد الأدنى أصبحوا في عداد العاطلين عن العمل.2 الأمر نفسه بالنسبة للقطاع الزراعي، فالمزراعون لا يستطيعون الوصول إلى أراضيهم.
"من يوم ما صارت معركة الجرود، بطل في حدا يطلع ع شغلو، بصير الكل بدو يشتبه فيكي3" هذا ما يؤكده أحد أهالي عرسال، الذي فقد عمله في المقلع منذ خمسة أشهر ثم لا يلبث أن يضيف "أهل عرسال كل واحد عندو بستانان أو تلاتة، ما حدا قادر يطلع عليهن، العجز بعرسال ح يوصل لل 100 بالمية."
لم تتوقف الأعمال فجأة في عرسال، بل تراجعت تدريجيا إلى أن وصل الحال إلى ما هو عليه الآن. لكن هذا التراجع بدأ مع انتشار الحواجز والتضييق الأمني، "في البدء، كنا نقضي ساعات طويلة على الحواجز إلى أن يسمحوا لنا بالمرور، هذا الأمر جعل عملنا يتراجع بنسبة 30%، هذا عدا عن الزامنا بكمية محدّدة من المازوت، ففي الوقت الذي يستهلك المقلع 400 ليتر مازوت في اليوم الواحد، سمح لنا فقط ب100 ليتر واذا زادت الكمية ليترا واحدا علينا أن نعود أدراجنا".
أما مسعود فلديه مقلعين، الأول محتل من جبهة النصرة أمّا الثاني فقد اتخذه الجيش مركزا له.
".الوضع بعرسال سيء جدا، نحن مطوقون من جميع الجهات. ابناء عرسال توقفوا عن العمل بسبب الدولة اللبنانية، فالحل عندها ولكنها تتغاضى عن الموضوع، وتصور عرسال وكأنها بؤرة للارهاب وذلك من أجل مصالح سياسية"4
هذا هو رأي اسماعيل الذي لم يستطع منذ سنتين الذهاب إلى بساتينه في الجرود. وهو يملك بساتين كرز وتفاح، كانت تعود عليه بمردود يتراوح بين 20و 30 مليون ليرة. يسأل اسماعيل عن مصير أملاك أهالي عرسال " هذه أملاكنا وأرزاقنا، ماذا فعلت بها الدولة، هل باعتهم للمسلحين؟"5
"قطاع الزراعة في عرسال يسير نحو الدمار الكامل6" هذا ما يؤكده محمد، فالأرض بحاجة إلى أن تفلح وتشجّر وتقصقص ولأن تعالج بالأدوية والمبيدات، "منذ ثلاث سنوات وأنا لا أدري ما هو مصير أرضي، نتيجة غياب الرعاية سيكون مصير الأِشجار اليباس والتحول إلى حطب. الخطر يحدق بهذا القطاع".
الأزمة الاقتصادية الخانقة لم تطل فقط عمال المقالع والمناشر والمزارعين، فالمصالح الأخرى تأثرت بدورها، فمحطات البنزين كانت تعتمد بشكل أساسي على بيع المازوت للمقالع وكذلك قطاع النقل (بيك أب، والشاحنات) وأيضا المحلات داخل عرسال. فبسبب ارتفاع البطالة لم يعد هناك من يحرّك العجلة الاقتصادية " هون أغلبية العالم بتشتغل بالحجار اذا ما في حجار ما في مصاري نشتري شي وبسبب الحواجز على مدخل عرسال ومنع الدخول لغير أهالي المنطقة، من كان يأتي ليشتري من عرسال لأنها أرخص لم يعد يأتي، لقد مات السوق في عرسال7" يقول أحد أصحاب التعاونيات.
هذا هو باختصار وضع "العراسلة، ولكن ماذا عن السوريين الذين يعيشون في المنطقة نفسها ويعانون من المشاكل ذاتها
"عايشين من قلّة الموت8" يجيب أحد اللاجئين لدى سؤالنا عن أوضاعهم. وعلى ما يبدو أن هذا هو وضع الجميع في المخيمات. فالجميع هناك يتذمرون من الوضع ،فمشاكل السوريين في عرسال لا تنتهي وهي غير محصورة فقط بالمشاكل الاقتصادية، فهناك المشاكل الإجتماعية والاغاثية والأمنية والصحية غيرها.
أغلبية السوريون الموجودين في مخيمات عرسال عاطلون عن العمل وهذه هي إحدى المشاكل الأساسية برأيهم. كما أنهم يعانون من نقص المساعدات. ومن اهمال المنظمات الدولية. فعلى الرغم من أن عرسال تضم أكبر عدد للاجئين السوريين إلا أن أغلبية المنظمات والجمعيات لا تعمل بها بحجة أنها تصنف ضمن المناطق الخطرة.
"وضعنا من سيئ إلى أسوأ، فمنذ أحداث عرسال الأخيرة تغيرت أحوالنا 180 درجة، وصارت أي مساعدة اغاثية للاجئين كأنها مساعدة للإرهاب."9 الا أن هناك بعض المنظمات الأهلية الموجودة داخل عرسال كجمعية زمزم الخيرية وجمعية البنيان مرصوص التي تقدم مساعدات خلال فترات زمنية متفاوتة الا أنها غير كافية بحسب اللاجئين كما أن هناك بعض المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة كاليونيسيف وال ACF تقوم بتقديم خدمات المياه والصرف الصحي. ولكن حتى هذه الخدمات لا تقدّم بشكل مدروس وكاف.
وهذا ما يلاحظ بسرعة في بعض المخيمات جراء رائحة "المجارير" المنبعثه. ولدى السؤال عن هذه المشكلة، يجيب أحد اللاجئين "قالولنا ما في طاقة يشفطوا زيادة، وين منروح فيهن نحنا؟"10
مشكلة الجور الفنية والشفط، هي مشكلة مشتركة تعاني منها أغلب المخميات. والأغلبية يؤكدون أن عدد نقلات الشفط التي تقوم بها "الانترسوس "وهي 29 نقلة شهريا لا تكفي
مخيم الملعب، هو أحد المخيمات التي تعاني من هذه المشكلة، وحيث يعيش 206 عائلة، ما يعني أنه على الأقل هم بحاجة للشفط مرتين في النهار". طبعا هذه ليست المشكلة الوحيدة، فهناك النقص في مياه الشرب لا سيما في الصيف. هذا عدا عن مشكلة الكهرباء.
من جهة أخرى، يعاني اللاجئون من نقص المساعدات الإغاثية، فبحسب كلامهم فإن العديد من الجمعيات والمنظمات أوقفت عملها في عرسال بعد الأحداث، بحجّة أنها منطقة غير آمنة.
"في رمضان العام الماضي، كان هناك العديد من المساعدات، أما هذا العام، فقد وزعت دار الفتوى في أول رمضان ربطة خبز لكل عائلة ولا شيء سوى ذلك". تقول إحدى النساء.
"لا جمعيات ولا منظمات، اخر مرّة اجت جمعيّة كان وقت التلج، عطيونا كرتونة غذائية ومازوت، ومن وقته.ا"11
12من جهة أخرى، يستنكر جميع اللاجئين الانخفاض التدريجي لبطاقات الدعم الذي تقدمها مفوضية الأمم المتحدة. "كل فترة بنقصوا شوي، هلق صار 20 ألف من وين العالم بدها تعيش؟"
ومساحيق تنظيف وغيرها. ولكن في مقابل هذه المساعدات على سكان المخيّم أن يتقيّدوا ببعض الشروط الدينيّة، فعلى الفتيات حتى لو كنّ في عمر صغير أن يضعن النقاب. كما على الجميع أن يشارك في صلاة الجمعبالتأكيد وضع المخيمات من حيث الإغاثة يختلف من مخيم إلى آخر، فبعض المخيمات تحظى ببعض المساعدات غير الرسمية والتي تأخذ طابعا فرديا ولكنها لا تغطي حاجات كل الموجودين في المخيمات كما أنها تقدّم بفترات متقطّعة.
أمّا بالنسبة للمخيمات التابعة للجماعات الاسلاميّة، فالوضع فيها أفضل من المخيمات الأخرى، فالقيّمون على المخيم يقدمون المواد الغذائيّة والمازوت.
مشكلة العمل
90% من السوريين الموجودين في مخيمات عرسال لا يعملونن، بحسب ما يؤكده اهالي عزسال.
"بعرسال العراسلة ما بيشتغلوا نحنا بدنا نلاقي شغل؟"13 هذا ما يؤكد عليه أحد اللاجئين. فيما يشتكي البعض الآخر من مسألة فصلهم من الأمم المتحدة.
فالمفوضية تفصل العائلة اذا كان هناك أي فرد فيها عمره بين ال 16 وال 40 لأنه قادر على العمل، وهذه النقطة تطرح اشكاليتين على السوريين. الأولى هي أنه وبحال كان الأب متوفي وهذه حال البعض لا يمكن للطفل الذي عمره 16 أن يكمل دراسته لأن عليه أن يعيل أسرته، الاشكالية الثانية هي أن وزارة العمل قد أصدرت سابقا قرارا يمنع السوريين من العمل.
أكرم مثلا،وهو أب لأربعة أولاد، كان الحظ قد صادفه أخيرا حين وجد عملا في إحدى المناشر، الا أن اقامته ما لبثت أن انتهت ولم يجدد له، فالتجديد يحتاج الى كفيل وأيضا إلى تسوية أوراق بقيمة 500 دولار، بحسب ما يشرح، "بالحالتين لا أستطيع العمل، فمن دون أوراق لا أستطيع اجتياز الحواجز والذهاب إلى عملي، وبحال استطعت تجديد أوراقي هناك أيضا خطر من توقيفي على الحاجز لأني خالفت القانون، فالتجديد لأي سوري يترافق مع امضائنا على تعهد بعدم العمل."14
واللافت من خلال المقابلات أن العديد من السوريين الذين يعيشون في مخيمات، تدهورت أوضاعهم الإقتصادية بعد أن كانوا ميسوري الحال.
خالد مثلا عمره 40 عاما، عمل لمدة 20 عاما في الشركة السورية للنفط، كرئيس لورش الميكانيك على حفارات النقب، واليوم هو عاطل عن العمل "حاولت كتير فتش ع شغل، كلن قالولي اني ختيار."15
مجد كان لديه مكتب محاماة، عمّار كان تاجرا يملك محلا كبيرا للأدوات للمنزليّة والكهربائية "خسرنا كل شيء ومات اثنان من أولادي، أتينا إلى عرسال بثيابنا فقط".
عاصم موجود في لبنان منذ 21 عاما وكان يعمل في ورشات العمار والنجارة والباطون. وهو اليوم يبيع الأغراض على الطريق "اشتري من محلات الجملة وابيعها بأسعار أرخص من المحلات"16
إياد كان يعمل فلاحا في أراضيه في سوريا، أما اليوم فهو عاطل عن العمل. مازن كان يعمل نجار باطون، قطعت يده جراء قذيفة وهو الآن عاجز عن العمل.
الوضع المزري الذي يعيشه السوريون دفع العديد من الأطفال إلى دخول سوق العمل. فطارق وسامر هما ضمن مجموعة تتألف من عشرة أطفال، تتراوح أعمارهم بين الرابع عشر والسادسة عشر، ويعملون طوال النهار في بيع ربطات الخبز. "منبيع الربطة بألف، واخر النهار منروح عالفرن منعطيهن المصاري، وكل 10 ربطات منبيعن بيطلعلنا ربطة خبز".17
على الرغم من دخول عدد لا بأس به من الأطفال إلى سوق العمل، إلا أن عددا منهم يذهب إلى المدرسة التي أنشأتها ال ibl وهي تابعة للائتلاف السوري. ولكن هذه المدارس الموجودة في عدد من المناطق التي يتواجد فيها السوريون، غير معترف بشهادتها من قبل الدولة اللبنانية وهذه مشكلة أخرى يعاني منها الأهل. "عم نبعتن عالمدرسة ت ما ينسوا كيف يقروا ويكتبوا، الشهادة مش معترف فيها، هلق لما يخلصوا شو بيعملوا؟"ـ سؤال طرحه عدد من الأهالي حول مصير أولادهم.
في حين وجد البعض الآخر من الأهالي أن لا فائدة من شهادات غير معترف به لا سيّما في ظروفهم هذه، "الأطفال اللي بالخامس والسادس يروحو عالشغل مو أحسن؟". يسأل أحد اللاجئين.18
الزواج المبكر
وفيما يخرج الأولاد الذكور من المدارس إلى سوق العمل، تُزوّج الفتيات في عمر صغير. الزواج المبكر أيضا هو إحدى الظواهر المنتشرة في المخيمات، وفيما يرى البعض أنه أمر عادي وطبيعي فهو "مصير الفتيات في نهاية المطاف19,"يبرره آخرون بانه من أجل تأمين حياة أفضل لبناتهم لا سيّما أنهم لا يستطيعون تأمين حاجاتهم.
بتول مثلا، عمرها 16 عاما، تزوجت حديثا، زوجها عمره 20 عاما، كانت في الصف السابع في سوريا، والدها معتقل، وقد جاءت إلى لبنان مع أمها وأخواتها السبعة. والأم لا تستطيع تأمين مصروفهن. فبدأت بتزويجهن.
الأطفال حديثي الولادة
بحسب الهيئة الطبية في عرسال، تبلغ نسبة الولادات في المستشفى الميداني التابع لها حوالي 150 ولادة شهريا20. ما يعني أن هناك الالاف من الأطفال الذين ولدوا خلال هذه سنوات الأربع غير مسجلين. غير ان هذه ليست المشكلة الوحيدة، فهناك أيضا الغياب شبه التام للمنظمات التي تعنى بسلامة المرأة الحامل وحاجات الطفل.
أغلبية الأمهات يجدن صعوبات في تأمين جميع احتياجات أطفالهن من الحليب والحفاضات. "لا يمكنني أن أرضع طفلي، وثمن علبة الحليب 15000 ليرة لبنانية، لا أستطيع تأمين ثمنها، أعطيه يانسون بدلا من الحليب"21، تقول إحدى الأمهات. بعض الأمهات يستبدلن الحليب باللبن أو بالبطاطا المسلوقة. طبعا هذا الأمر يؤدي إلى نقص المناعة عند الأطفال، وبالتالي إلى ازدياد الأمراض، بحسب ما تؤكد الهيئة الطبية في عرسال.
لا يوجد حملات مكثفة لتلقيح الأطفال، وان وجدت فهي بالكاد تشمل 10% منهم ،بحسب الهيئة الطبية. ولا يمكن للهئية تأمين اللقاحات لأن هذا الأمر محصور بوزارة الصحة وهي لا تعترف بهم كقطاع صحي. وعلى الرغم من أن الهيئة كانت تؤمن اللقاحات سابقا بطريقة غير شرعية الا أن توقف الدعم المالي للمستشفى بعد أحداث عرسال يحول الآن دون ذلك.
وهذا الأمر ينعكس سلبا على الأطفال، بجسب الهيئة، فأمراض الحصبة والحمّى التيفيّة والمالطية عادت لتصيب الأطفال بشكل ملحوظ ومرتفع ويؤكد الطبيب المسؤول عن الهيئة الطبيّة أنه وفي حال استمرت الظروف الصحية بما هي عليه هناك تخوف من الانتشار الواسع لهذه الأمراض وغيرها كالكوليرا وشلل الاطفال.
أما المشكلة التي تواجهها الهيئة في الأشهر الأخيرة هي نقص الحواضن. نتيجة للظروف الصعبة يولد عدد من الأطفال وهم يعانون من مشاكل صحية وهم حاجة إلى حواضن، لكن لا يوجد في المستشفى إلا ثلاث حواضن. وفي حال تم إدخالهم إلى مستشفيات أخرى تتكفل الأمم المتحدة ب 75% من تكلفة العلاج، أمّا ال 25% المتبقية، فلا يستطيع أغلبية اللاجئين تحملها وهذا ما يدفع العديد من الأهالي إلى رفض تحويلهم، وبالتالي يتركون طفلهم وما يلبث أن يموت. وهذه الحال تتكرر كثيرا في الأشهر الأخيرة.
انعدام الظروف الصحية وارتفاع الأمراض
تستقبل الهيئة الطبية في عرسال يوميا 500 مريض وسطيا، أما العمليات الجراحية فيبلغ عددها 200 عملية شهريا. وحاليا هناك 1000 مريض يراجع بشكل دائم قسم غسل الكلى.
"التلوث هو أحد الأسباب الرئيسية لإنتشار الأمراض، ان كان التلوث الغذائي أو التلوث الناتج عن مياه الصرف الصحي أو تلوث المياه"22 هذا ما يؤكده الطبيب المسؤول عن الهيئة.
التوترات بين اللبنانيون والسوريون
والحال إن الواقع المتأزم لدى الطرفين، ووجودهما في مساحة جغرافية واحدة مليئة بالمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، ونتيجة للظروف التي يعيشونها جعلت العلاقات بينهما تتوتر. فبعض أهالي عرسال يتململ من وجود السوريون لا سيما أولئك الذين يملكون محال تجارية. أمال لديها متجر لبيع الثياب، والبيع شبه معدوم بحسب تأكيدها، الأسباب كثيرة "ما في باع من ورا الأوضاع الأمنية، بس كمان السوريين عم يفتحوا محلات تياب وعم بصير في منافسة".23 أما رولا فتشعر من الاستياء من الموظفة السورية التي كانت تعمل لديها "اجت اشتغلت فترة، بعدان فتحت محل ذات المصلحة، وأخدتلي الزبونات."24 فيما يصر اسماعيل أن السوريون ليسوا سبب المشكلة، بل هو توقف عمل المقالع والمناشر. أما خديجة فتعدد المشاكل الناتجة عن وجود السوريين كالكثافة السكانية وقلّة الموارد والمنافسة الا أنها وبالوقت نفسه تجد أن هناك نواحي ايجابية "لم يكن لدينا مستشفيات من قبل، بفضلهم أصبح لدينا، هذا عدا عن فتحهم لمحلات لتصليح الأحذية وغيرها".25
المزارعين يؤكدون على سرقة بعض السوريين لمحاصيل بساتيهم "مش قادرين نطلع، عم بقطفو الكرزات وعم يجوا يبعونا اياه. الكيلو صار ب 6000".26
بعض نساء عرسال، تخاف من بعض السوريات على أزواجهن "مش كلن، بس في نسوات عم تاخد رجال مزوجين27" تقول أم ابراهيم، وتخبر عن ثلاث جيران لها لإتخذوا زوجة ثانية. الا أن أيمن الذي بدأ مؤخرا ينزعج من الوضع بأكمله ومن وجود السوريين يقول بأسى "نحنا بحياتنا ما كنا نعرف شو يعني عنصرية، شوفي الد\ولة لوين وصلتنا".28
اما السوريون، فيشكرون بأهالي عرسال، ويؤكدون أن بعض الإساءات التي يتعرض لها بعضهم، هي اساءات فردية، وهناك مشاكل عابرة ليس سببها العنصرية وقد تحدث بين سوري وسوري. الا أنهم يتوجسون من استمرار الوضع على ما هو عليه، من جهة الوضع الاقتصادي والمساعدات. "اذا ضل هيك الوضع ح يصير في سرقات كتير لأن الناس بحاجة وما معها تاكل،"29 يقول مسؤول أحد المخيمات.
- 1. بعض الأسامي هي اسماء مستعارة
- 2. هذه المعلومات والأرقام هي وفقا لمقابلات مع خبراء في عرسال (مزارعين، أصحاب مقالع ومناشر)
- 3. مقابلة أجرتها الكاتبة في 9 تموز2015
- 4. مقابلة أجرتها الكاتبة مع اسماعيل فليطة في 9 تموز 2015
- 5. مقابلة أجرتها الكاتبةة في 9 تموز 2015
- 6. مقاابلة أجرتها الكاتبة في 9 تموز 2015
- 7. مقابلة أجرتها الكاتبة مع صاحب إحدى أكبر التعاونيات في عرسال في 10 تموز 2015
- 8. مقابلة أجرتها الكاتبة في 10 تموز 2015
- 9. مقابلة أجرتها الكاتبة مع مسؤول أحد المخيمات في 10 تموز 2015
- 10. مقابلة أجرتها الكاتبة في 11 تموز 2015
- 11. مقابلة أجرتها الكاتبة في 11 تموز 2015
- 12. مقابلة اجرتها الكاتبة في 11 تموز 2015
- 13. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 14. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 15. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 16. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 17. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 18. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 19. تعليقات بعض اللاجئين٫ ضمن المقابلات التي قامت بها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 20. مقابلة اجرتها الكاتبة في 12 تموز 2015
- 21. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 22. مقابلة اجرتها الكاتبة في 12 تموز 2015
- 23. مقابلة اجرتها الكاتبة في 12 تموز 2015
- 24. مقابلة اجرتها الكاتبة في 12 تموز 2015
- 25. مقابلة اجرتها الكاتبة في 12 تموز 2015
- 26. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 27. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 28. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015
- 29. مقابلة اجرتها الكاتبة في ١١ تموز 2015