العوائق أمام العمل اللائق للمهاجرين في الأردن: مناقشة مع علياء الهنداوي
علياء الهنداوي، مديرة برنامج الأردن ولبنان في مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان (BHRRC)، هي مدافعة منذ زمن طويل عن حقوق العمّال اللاجئين والمهاجرين في الشرق الأوسط. ولدت الهنداوي في باكستان ونشأت في الأردن، وعملت لدى المنظمة الدولية للهجرة ومنظمة العمل الدولية، وكذلك اتحاد نقابات العمال الدولي ووزارة التخطيط والتعاون الدولي في الأردن وغيرها من المنظمات. في هذه المقابلة، تشرح الهنداوي العلاقة بين نظام الكفالة (كفالة المهاجرين) والهيكليات الرسمية وغير الرسمية الأخرى على المستوى عبر الوطني والوطني والفردي، وكيف يساهم هذا النظام في استغلال العمال المهاجرين في الأردن. وتوصي بمجموعة من الإصلاحات لمعالجة هذه القضايا.
To cite this paper: Jennifer Gordon ,"العوائق أمام العمل اللائق للمهاجرين في الأردن: مناقشة مع علياء الهنداوي", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2020-06-01 00:00:00. doi: 10.28943/CSR.004.003
[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/paper/obstacles-decent-work-migrants-jordan-discussion-alia-hindawiالمقدّمة
يشغل العمّال المهاجرون واللاجئون الكثير من الوظائف الأقل أجرًا والتي قلّما يرغب أحدٌ سواهم في شغلها في الأردن، بما في ذلك الوظائف في مجالات البناء والزراعة والعمل المنزلي وتصنيع الملابس. فيعمل هؤلاء لساعاتٍ طويلةٍ ويواجهون ظروفًا خطيرة لقاء حد أدنى للأجور قد يتأخر أو قد يُحرمون منه. وتتفق علياء الهنداوي مع الكثير من الباحثين والناشطين الذين يصبّون اهتمامهم على نظام الكفالة في الأردن وبلدان أخرى في الشرق الأوسط باعتباره سببًا أساسيًا لضعف المهاجرين. لكنّ الهنداوي تعتبر أنه من أجل فهم كيفية وأسباب استغلال المهاجرين، يجب على المرء أن يفهم أيضًا تفاعل نظام الكفالة مع القوانين الرسمية الأخرى والممارسات غير الرسمية على المستويات عبر الوطنية والوطنية والفردية.
نظام الكفالة: مهاجرون من دون القدرة على التنقّل
تربط معظم دول العالم التي تُصدِر تأشيرات للعمّال المهاجرين من ذوي الأجر المتدني حق العامل في العمل والإقامة في البلد بصاحب عمل كفيل.1 يمنح نظام الكفالة، المُعتمَد في جميع أنحاء الخليج كما وفي الأردن ولبنان، الكفيل سلطة واسعة على المهاجر. ويسمح نظام الكفالة للمهاجر بالعمل لصالح صاحب عمله/ها الكفيل فحسب، ويفرض عليه/ها مغادرة البلد بمجرد انتهاء هذه العلاقة. بعبارة أخرى، فإنّ العامل المهاجر يخضع لكفيله. كذلك، يمكن لأصحاب العمل سحب كفالتهم من دون تقديم تبرير، ولا تُفرَض أيّ قيود على حقّهم هذا. في الأردن، يُطبَّق نظام الكفالة على جميع العمّال غير الأردنيين.2
تشير الهنداوي إلى أن اختلالات القوى الشديدة في نظام الكفالة تُنتِج ظروفًا مؤاتية للعمل القسري. وتقول: "إن القيود الخطيرة المفروضة على تنقل [المهاجرين] وحدها تجعل من الصعب للغاية" على المهاجرين الحصول على حقوقهم. فالعامل الذي يترك عمله بعد التعرّض لاعتداء أو يتم طرده يفقد تصريح العمل الصالح. "[في حالة إلغاء تصريح العمل، يصبح تصريح الإقامة لاغيًا، وبالتالي [يصبح وضع المهاجر] غير قانوني فجأة في البلد"، ما يتركه في الواقع عرضة للاعتقال.
حماية العمّال في الأردن: مفقودون في العمل
بالرغم من ذلك، تشدّد الهنداوي على أنه لا يمكن فصل نظام الكفالة عن سائر القوانين الأخرى.
من ناحيةٍ، من الضروري تحليل علاقة نظام الكفالة بالجوانب الأخرى من القانون الأردني والسياسات التي تضر بالمهاجرين. فعلى سبيل المثال، وبالرغم من أنّ قانون العمل الأردني يمنح بعض أشكال الحماية للعمّال المهاجرين والمواطنين على حد سواء (انظر أدناه)، إلا أنه يشمل أيضًا تباينات في الأجور الرسمية بين الأردنيين والعمّال الأجانب. "هناك حدّ أدنى للأجور للعمّال المهاجرين في صناعة الملابس، وحدّ أدنى للأجور مختلف للأردنيين. ويمكن ملاحظة التمييز نفسه في قطاع البناء. في الواقع، يوجد حدّ أدنى مختلف للأجور للعمّال الأردنيين والعمّال [المهاجرين] في جميع أنحاء البلاد."
وتشير الهنداوي إلى أنه على الرغم من أن القانون الأردني يضمن للمهاجرين بعض أشكال الحماية العمّالية، مثل القيود المفروضة على ساعات العمل، وتحميل صاحب العمل تكلفة رسوم تصاريح العمل، وغيرهما من أوجه الحماية، فإن غياب الآليات السياساتية المناسبة يصعّب للغاية إنفاذ هذه الحقوق.3 على سبيل المثال، لا تُجري وزارة العمل عمليات تفتيش دورية لرصد انتهاكات معايير العمل في القطاعات التي تستخدم الكثير من العمّال المهاجرين.4 فبدلًا من ذلك، تُخصِّص الوزارة القسم الأكبر من مواردها المحدودة في مجال الإنفاذ لإيجاد المهاجرين الذين يعملون من دون تصريح. وتوضح الهنداوي أن ذلك "يشكّل مشكلة خطيرة [...]. لقد أصدر الأردن قوانين عمل تهدف إلى تغطية العمال المهاجرين"، ولكن "ما هي الفائدة من ذلك إذا لم ننفذ القانون؟" عندما لا يتم تطبيق معايير العمل، يضع نظام الكفالة الكفيل في وضع يسمح له بمعاملة العمّال المهاجرين بطرق تنتهك القانون الأردني وضمانات حقوق الإنسان الدولية.
ومن العوامل الأخرى التي تساهم في إضعاف العمّال المهاجرين عدم وجود نقابات عمالية فاعلة. ففي بعض القطاعات، لا تعترف الحكومة الأردنية إلا بنقابة رسمية واحدة، وللنقابات وجود ضعيف بين المهاجرين في معظم الصناعات.5
علاوةً على ذلك، وفي ظلّ عدم وجود تمثيل جماعي فعّال، يبرز همّ أساسي يتمثّل في عدم وجود آلية فعالة للانتصاف الفردي من خلال المحاكم. فبسبب نظام الكفالة، لا يمكن للمهاجرين البقاء في الأردن بعد ترك العمل أو طردهم. ومع ذلك، لا يمكن متابعة دعوى في المحكمة من الخارج. وبذلك، لا يمكن للمهاجرين الذين يتم ترحيلهم بأي حال من الأحوال رفع دعوى ضد صاحب عمل سابق لاسترداد الأجور غير المدفوعة أو لمتابعة انتهاكات القانون الأخرى.
تذكّرنا الهنداوي أيضًا أن عددًا من القوى العابرة للحدود الوطنية تلعب دورًا مهمًا في إنتاج أسباب ضعف العمّال المهاجرين.
وتبرز في هذا السياق مجموعة من الجهات الفاعلة عبر الوطنية في مجال الهجرة العمّالية، وهي شركات وساطة العمال الخاصة، التي توظّف المهاجرين في بلدانهم الأصلية وتربطهم بعمل رسمي (بتصريح) في الأردن. وتشير الهنداوي إلى أن هؤلاء الوسطاء يشتهرون بفرض رسوم عالية بشكل غير قانوني، وبتقديم وعود زائفة حول العمل الذي سيقوم به المهاجرون عند وصولهم، وبإقراض المال بأسعار فائدة ربوية لتغطية تكاليف الهجرة. نتيجةً لذلك، عندما يصل المهاجرون إلى الأردن، فإنهم غالبًا ما يكونون مدينين بشدة لهؤلاء الوسطاء. ويعلم العمّال أنه يتعين عليهم سداد ما اقترضوه قبل أن يتمكنوا من إرسال الأموال إلى بلدهم.6 نتيجة لذلك، يشعر المهاجرون باليأس، ما يثنيهم عن الإبلاغ عن الإساءة إلى السلطات، خوفًا من طردهم من قبل الكفيل وإعادتهم إلى بلدهم قبل أن يتمكنوا من البدء بمساعدة عائلاتهم.
ولفهم العقبات التي يواجهها المهاجرون في ممارسة حقوقهم، تقول الهنداوي إنه من الضروري دراسة كيف تنعكس آثار نظام الكفالة والجوانب الأخرى من القانون الأردني، وكذلك دور وسطاء العمل، في قطاعات محددة. وتتناول الهنداوي العمل المنزلي والعمل في مجال البناء كمثالين عن ذلك.
عاملات المنازل: طبقات متعددة من الضعف
تواجه عاملات المنازل المهاجرات قيودًا إضافية على حريتهن، تنشأ بشكل أساسي عن ممارسات أصحاب العمل. وغالبًا ما تجد المنظمات غير الحكومية نفسها مضطرةً إلى اللجوء لطرق معينة للمساعدة، حتى لو لم تكن مثالية. وتشير الهنداوي إلى أنه وعلى الرغم من أن القانون الأردني يحظر على أصحاب العمل مصادرة جوازات سفر عاملات المنازل المهاجرات، إلا أن هذه الممارسة شائعة. فضلًا عن ذلك، يتعين على أصحاب العمل السماح لعاملات المنازل بمغادرة منازلهم، لكنهم لا يلتزمون بذلك في أغلب الأحيان. "تُرتكَب الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان وتستمرّ لأن صاحب العمل لا يسمح للعاملة بمغادرة المنزل، ما يعني أنها غير قادرة على إخبار الآخرين في حال تعرّضها إلى سوء المعاملة." عندما تُجبَر عاملات المنازل على العمل على مدار الساعة أو بدون يوم راحة، ويتقاضين رواتب ضئيلة أو لا يتقاضين أي شيء على الإطلاق، أو يتعرضن للإساءة الجسدية أو الجنسية أو العاطفية، فإنهن يواجهن خيارًا بين السيّئ والأسوأ: الاستمرار في العمل في ظل هذه الظروف، أو ترك الوظيفة ومواجهة السجن والترحيل.
وتُشير الهنداوي إلى أنّه عندما يترك عاملٌ منزلي مهاجر، وغالبيتهم من النساء، بيئة مسيئةً، يلجأ صاحب العمل في أحيان كثيرة إلى التحايل ضمن إطار نظام الكفالة عن طريق إبلاغ الشرطة. "إذا "هربت" العاملة المنزلية، ربّما لأنَّ كفيلَها يُسيء معاملتها، يمكن للكفيل أن يذهب إلى مركز الشرطة، حيث تمّ تسجيلها عندما وصلَتْ إلى الأردن، ويُبلّغ أنّها ’مفقودة‘. فتبدأ الشرطة عندئذٍ بالبحث عنها".
وتُضيف الهنداوي بأنّه من غير المرجّح أن يكون مع العاملة جواز سفرها، لأنَّ صاحب العمل يصادره عادةً، ما يوفّر سببًا إضافيًا لاعتقالها.
حتّى إنَّ المنظّمات غير الحكومية، التي تلعب دورًا محوريًا في دعم عاملات المنازل المهاجرات، قد تُساهِم في زيادة القيود المفروضة على حرّية المهاجرات. وتبرز مسألة أساسية في هذا المجال، وهي حاجة المنظّمات غير الحكومية إلى حماية أنفسها من التُهم الجنائية بـ"إيواء" مُهاجِرة تركت كفيلها. تقول الهنداوي في هذا السياق: "فلنعتبر أنّها [إحدى العاملات المنزليات المهاجرات] وجدت منظّمة غير حكومية مستعدّة لمساعدتها. من المرجّح أن تأخذها هذه المنظّمة غير الحكومية إلى مأوى يوفّر مكانًا للإقامة لبعض عاملات المنازل، لحماية نفسها من تهمة إيواء شخص فارّ". ولكنْ، أغلب الظنّ أنّ مآوي المهاجرين هذه سوف تنصح العاملة المهاجرة بعدم الخروج. وكما تُشير الهنداوي، فإنّ المأوى ينصح العاملة بعدم الخروج "بدافع حمايتها، إذ إنّ صاحب العمل والشرطة يبحثان عنها الآن". فعن غير قصد، يُساهِم هذا الشاغل للأسف في فرض قيود إضافية على قدرة المهاجرة على التنقّل؛ فبعد أن كانت أسيرة في منزل صاحب العمل، تُصبِح أسيرة في المأوى.
عمّال البناء: نظام من التقسيم الطبقي
في حين أن عاملات المنازل يعملن لصالح أسر فردية، غالبًا ما يتم توظيف عمّال البناء المهاجرين في أسفل سلاسل التوريد العالمية. وعليه، تساهم مجموعة مختلفة من الديناميات في استغلال هؤلاء العمّال.
يعود أحد جوانب ضعف المهاجرين في قطاع البناء إلى طريقة استقدام عمال البناء وتوظيفهم في المشاريع الكبرى. فتمنح الحكومة الأردنية الشركات التي تدير مواقع البناء الكبيرة حق توظيف العمّال المهاجرين. ويفرض القانون أن تحتفظ الحكومة بحصة من الوظائف في مشروع بناء معيّن للأردنيين، ويسمح لها بإصدار إذن للمقاول لتوظيف المهاجرين بموجب تصاريح العمل لبقية الأعمال التي تتطلب عمالة "غير ماهرة".
لكنَّ الواقع أكثر تعقيدًا بكثير. فقليلٌ من الأردنيين مستعدٌّ للقيام بأعمال البناء اليدوي مقابل الأجور المعروضة في البلاد. ومع ذلك، يجب على أصحاب العمل تأمين حصّة العمّال الأردنيين. تذكر الهنداوي أنّه "نظرًا إلى أنَّ المُقاوِل يُعاقَب في حال عدم استخدامه للأردنيين، عَمَدَ المُقاوِلون في بعض الحالات إلى دفع الأموال لبعض الأردنيين، ولكنَّهم قالوا [لهم] ’ابقوا في المنزل، ولا تحضروا إلى العمل، وإليكم الراتب‘". في هذه الحالة، حتّى العمل الذي يتمّ تخصيصه للأردنيين يقوم به في الواقع العمّال المهاجرون.
ويلعب وسطاء العمل أدوارًا محورية في ملء الحصص المخصّصة للمهاجرين في قطاع البناء. تُشير الهنداوي إلى أنَّ وسطاء العمل يستقدمون العمّال المهاجرين من الخارج باستخدام بعض تصاريح العمل المخصّصة لمشروعٍ معيّن، غير أنّهم يبيعون التصاريح المتبقّية في السوق السوداء. وتُعتبَر تصاريح العمل هذه المتوفّرة في السوق السوداء مرغوبة بشكل خاصّ من جانب المهاجرين الذين لا يحملون وثائق، إمّا لأنّهم دخلوا البلاد من دون تصريح وإمّا لأنّهم تركوا كفيلهم لكنّهم لم يغادروا البلاد. كذلك، يشترون التأشيرات للتمكّن من البقاء في الأردن والحصول على وظائف في قطاع البناء.
وقد أُفيدَ أيضًا بأنَّ مُقاوِلي البناء يستعينون بالمهاجرين الذين يحملون تصاريح مخصّصة للعمل في مجال الزراعة، وهي تصاريح تُكلِّف أقلّ من التصاريح الخاصّة بأعمال البناء. ويشكّل هذا الترتيب انتهاكًا للقانون، إنّما يتمّ التغاضي عنه غالبًا.
أخيرًا، منذ العام 2017، مُنح اللاجئون السوريون في الأردن حقّ الحصول على مجموعة منفصلة من تصاريح العمل في مجال البناء، وهي تُتيح لهم التنقّل بين أصحاب عمل مختلفين ضمن القطاع. وحتى عندما يعمل السوريون في القطاع من دون تصاريح، فإن الحكومة لم تعد ترحّلهم. وتذكر الهنداوي "باتت سوق عمل مجزأة ونشأ نظام من التقسيم الطبقي، حيث تحصل المجموعات المختلفة على حقوق مختلفة".
يُنتِج هذا المزيج من المهاجرين واللاجئين من ذوي الأوضاع المختلفة في موقع عمل واحد حالة مؤاتية لممارسة الاعتداءات. فلقد وثّق مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان 7BHRRC مجموعة من انتهاكات الحقوق في القطاع في الأردن وفي دول أخرى في الشرق الأوسط، تشمل الأجور المنخفضة وعدم دفع تلك الأجور وظروف العمل الخطيرة والمميتة، والتمييز الواسع النطاق، والقيود المفروضة على القدرة على الانضمام إلى نقابة، والابتزاز والاحتيال في سياق التوظيف.
يشعر عمّال البناء المهاجرون، على غرار عاملات المنازل، بأنهم غير قادرين على الإبلاغ عن هذه المشاكل. ويُدرِك العمّال المهاجرون الذين يعملون بشكل قانوني مع تصاريح عمل تربطهم بمقاول البناء أنهم سيصبحون "غير قانونيين" ويتعرضون للاعتقال والترحيل إذا تقدموا بشكوى وتم طردهم. ويُعدّ المهاجرون الذين لديهم تصاريح لقطاع آخر غير ذلك الذي يعملون فيه "غير قانونيين" بالفعل، وهم عرضة للاعتقال والترحيل إذا لفتوا الانتباه إليهم. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون كلاهما مدينًا لوسطاء العمل و/أو وكالات التوظيف الخاصة، ما يعني أنهم يخشون خسارة وظائفهم، إذ عندئذٍ لن يكونون قادرين على سداد الديون المتوجبة عليهم، وسيكسبون قدرًا أقل بكثير من المال لإرساله إلى الوطن.
العمل نحو إيجاد الحلول
تُقدِّم الهنداوي مجموعةً من التوصيات للإصلاح من شأنها أن تُساعِد العمّال المهاجرين. وتؤكّد الهنداوي بشكلٍ عام على أهمية وضع حدّ لنظام الكفالة؛ وإدخال تغييرات على آليات التوظيف، بما في ذلك اعتماد شرط يفرض "الدفع من قبل صاحب العمل"، أي نقل تكاليف الهجرة من المهاجر إلى الكفيل؛ وآليات أفضل لإنفاذ قانون العمل من قبل الدولة وللانتصاف الفردي.
وفي ما يتعلق بعاملات المنازل على وجه التحديد، ترى الهنداوي أن التدابير الرامية إلى تحسين القدرة على التنقل أساسية. فيجب أن تكون المهاجرات اللواتي يواجهن سوء معاملة أثناء العمل قادرات على المغادرة والبحث عن عمل في أي مكان آخر، من دون الخوف من الاعتقال والترحيل. كذلك، ينبغي إيجاد طريقة لعاملات المنازل للتقدّم بدعاوى قانونية عن الانتهاكات في العمل. ويجب أيضًا تعديل قوانين أخرى، كتلك التي تعرّض المنظمات غير الحكومية لخطر الملاحقة القضائية بسبب إيواء عاملة منزلية مهاجرة تركت وضعًا استغلاليًا. وأخيرًا، تشير الهنداوي إلى أنه من المهم معالجة الممارسات الفردية لأصحاب العمل الذين يصادرون جوازات سفر المهاجرات بصورة غير قانونية ويمنعونهنّ من مغادرة المنزل. على الرغم من أن هذه الإجراءات تنتهك القانون، إلا أنها منتشرة على نطاق واسع، وسيتعين على الحكومة ومناصري حقوق العاملات المهاجرات اعتماد مقاربات مُبتكرة في جهودهم لمكافحة التقبّل الثقافي لهذه الممارسات.
في ما يتعلق بقطاع البناء، تحثّنا الهنداوي على النظر في الدور الذي تلعبه المؤسسات المالية الدولية التي تموّل المشاريع الكبرى والشركات المتعددة الجنسيات التي تدير وتلزّم العمل في الأردن. وترى الهنداوي أنَّ معاملة العمّال المهاجرين في قطاع البناء في الأردن ستبقى على حالها إلى أن تتحمّل المؤسّسات المالية الدولية والشركات المتعدّدة الجنسيات مسؤولية المعاملة الجيّدة للعمّال المهاجرين الذين يقومون بالجزء الأكبر من العمالة في أسفل سلسلة التوريد في قطاع البناء. ومن خلال مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان (BHRRC)، أجرت الهنداوي دراسة استقصائية8 وأبحاثًا عن 39 مشروع بناء كبير في الأردن ولبنان بتمويل من مؤسسات مالية دولية. وكشفت الدراسة الاستقصائية أن قلة من هذه المشاريع لديها سياسات رسمية ومتاحة للجمهور تحمي حقوق الإنسان للعمال ضمن مواقعها، ولا يبدو أن أيًا منها لديه سياسات خاصة بالعمّال المهاجرين واللاجئين. على النقيض من ذلك، وجدت دراسة أجرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" Human Rights Watch حول صناعة الملابس "اتجاهًا متزايدًا" لدى شركات العلامات التجارية في ذلك القطاع نحو تبني سياسات الشفافية في سلسلة التوريد.9
أخيرًا، تؤكد الهنداوي على الحاجة إلى إنشاء نقابات مستقلة وقوية لجميع العمال المهاجرين وإلى صون حرية تكوين النقابات للمهاجرين واللاجئين؛ فضلًا عن الحاجة إلى تمكين المنظمات غير الحكومية القائمة التي تدافع بفعالية عن حقوق المهاجرين في العمل وتدعو إلى اعتماد سياسات أفضل. عندما يكون المهاجرون قادرين على ترك وضع مسيء من دون أن يخسروا الحق في البقاء في البلاد، يمكنهم أن يصبحوا شركاء حقيقيين لهذه المؤسسات في الكفاح من أجل العمل اللائق.
قائمة المراجع
مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، "دليل أوّلي للأعمال: فهم المخاطر التي يتعرّض لها عمّال البناء في الشرق الأوسط،" موقع إلكتروني، مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، التاريخ غير متوفّر، متاح على الموقع التالي: https://www.business-humanrights.org/en/a-human-rights-primer-for-busine... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، "من المخاطر غير المقبولة إلى الرخاء المشترك: قطاع البناء في الأردن ولبنان،" موقع إلكتروني، مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، التاريخ غير متوفّر، متاح على الموقع التالي:https://www.business-humanrights.org/en/jordan-lebanon-construction/from... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
دانيال كوستا وفيليب مارتن، "برامج هجرة العمالة المؤقتة: الحوكمة وحقوق العمّال المهاجرين والتوصيات للميثاق العالمي للأمم المتحدة بشأن الهجرة،" موقع إلكتروني، معهد السياسات الاقتصادية، آب/أغسطس 2018، متاح على الموقع التالي: https://www.epi.org/publication/temporary-labor-migration-programs-gover... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019]
إليزابيث فرانتز، "القوى العاملة غير الحرة في الأردن: العمل المأسور الذي ترعاه الدولة في المنطقة العربية،" صحيفة دراسات التنمية، 2013، المجلّد49(8)، ص.1072-1087، ص. 1077.
جنيفر غوردون، "Global Labour Recruitment in a Supply Chain Context" "التوظيف العالمي للعمال في سياق سلسلة التوريد،" جنيف، منظمة العمل الدولية، 2015، متاح على الموقع التالي: https://www.ilo.org/global/publications/working-papers/WCMS_377805/lang-... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
منظّمة هيومن رايتس ووتش، "اتبع الخيط: الحاجة إلى الشفافية في سلسلة التوريد في صناعة الملابس والأحذية،" موقع إلكتروني، منظّمة هيومن رايتس ووتش، 2017، متاح على الموقع التالي: https://www.hrw.org/report/2017/04/20/follow-thread/need-supply-chain-tr... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
منظمة العمل الدولية،"دراسة حالة: اتفاقات المفاوضة الجماعية في صناعة الملابس في الأردن،" جنيف، العمل الأفضل- منظمة العمل الدولية ومؤسسة التمويل الدولية، التاريخ غير متوفر، متاح على الموقع التالي: https://betterwork.org/global/wp-content/uploads/ILO-Better-Work_Jordan-... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
منظمة العمل الدولية، "عمّال المنازل وصناعة الملابس المهاجرون في الأردن: تحليل أساسي للإتجار بالأشخاص والقوانين والسياسات ذات الصلة،" جنيف، مكتب العمل الدولي - فرع المبادئ والحقوق الأساسية في العمل (الأساسيات)، 2017، متاح على الموقع التالي: https://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/---ed_norm/---declaration/docum... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
باتي تامارا لينار وكريستين سترال، "هجرة العمالة المؤقتة: استغلال أو أداة للتنمية أو كلاهما؟" السياسة والمجتمع، 2010، المجلّد29 (4)، ص. 283-294.
بريانكا موتابارثي،"فهم الكفالة: قانون قديم يتعارض مع التطور الحديث،" موقع إلكتروني، موقع حقوق المهاجرين، 2015، متاح على الموقع: https://www.migrant-rights.org/2015/03/understanding-kafala-an-archaic-l... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
- 1. دانيال كوستا وفيليب مارتن، "برامج هجرة العمالة المؤقتة: الحوكمة وحقوق العمّال المهاجرين والتوصيات للميثاق العالمي للأمم المتحدة بشأن الهجرة،" موقع إلكتروني، معهد السياسات الاقتصادية، آب/أغسطس 2018، متاح على الموقع التالي: https://www.epi.org/publication/temporary-labor-migration-programs-gover... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019]؛ باتي تامارا لينار وكريستين سترال، "هجرة العمالة المؤقتة: استغلال أو أداة للتنمية أو كلاهما؟" السياسة والمجتمع، 2010، المجلّد29 (4)، ص. 283-294.
- 2. يُطبَّق نظام الكفالة في الأردن على جميع العمّال غير الأردنيين، فيما يسري هذا النظام على جنسيات محدّدة في دول أخرى. انظر، على سبيل المثال، إليزابيث فرانتز، "القوى العاملة غير الحرة في الأردن: العمل المأسور الذي ترعاه الدولة في المنطقة العربية،" صحيفة دراسات التنمية ، 2013، المجلّد49(8)، ص.1072-1087، ص. 1077؛ بريانكا موتابارثي،"فهم الكفالة: قانون قديم يتعارض مع التطور الحديث،" موقع إلكتروني، موقع حقوق المهاجرين، 2015، متاح على الموقع: https://www.migrant-rights.org/2015/03/understanding-kafala-an-archaic-l... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
- 3. للاطلاع على لمحة عامة عن القوانين الأردنية المتعلقة بالعمال المهاجرين، انظر: منظمة العمل الدولية، "عمّال المنازل وصناعة الملابس المهاجرون في الأردن: تحليل أساسي للإتجار بالأشخاص والقوانين والسياسات ذات الصلة،" جنيف، مكتب العمل الدولي - فرع المبادئ والحقوق الأساسية في العمل (الأساسيات) ، 2017، متاح على الموقع التالي: https://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/---ed_norm/---declaration/docum... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
- 4. الاستثناء الرئيسي هو في صناعة تصدير الملابس، حيث تتعاون وزارة العمل مع شركة Better Work Jordan (برنامج لمنظمة العمل الدولية) لتفتيش المصانع بهدف رصد انتهاكات معايير العمل.
- 5. أحد الاستثناءات هنا هو في صناعة تصدير الملابس، حيث تفاوضت النقابة على عقد يغطي الكثير من العمال المهاجرين. انظر: منظمة العمل الدولية،"دراسة حالة: اتفاقات المفاوضة الجماعية في صناعة الملابس في الأردن،" جنيف، العمل الأفضل- منظمة العمل الدولية ومؤسسة التمويل الدولية، التاريخ غير متوفر، متاح على الموقع التالي: https://betterwork.org/global/wp-content/uploads/ILO-Better-Work_Jordan-... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
- 6. جنيفر غوردون، "Global Labour Recruitment in a Supply Chain Context" "التوظيف العالمي للعمال في سياق سلسلة التوريد،" جنيف، منظمة العمل الدولية، 2015، متاح على الموقع التالي: https://www.ilo.org/global/publications/working-papers/WCMS_377805/lang-... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
- 7. مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، "دليل أوّلي للأعمال: فهم المخاطر التي يتعرّض لها عمّال البناء في الشرق الأوسط،" موقع إلكتروني، مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، التاريخ غير متوفّر، متاح على الموقع التالي: https://www.business-humanrights.org/en/a-human-rights-primer-for-busine... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
- 8. مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، "من المخاطر غير المقبولة إلى الرخاء المشترك: قطاع البناء في الأردن ولبنان،" موقع إلكتروني، مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، التاريخ غير متوفّر، متاح على الموقع التالي: https://www.business-humanrights.org/en/jordan-lebanon-construction/from... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
- 9. منظّمة هيومن رايتس ووتش، "اتبع الخيط: الحاجة إلى الشفافية في سلسلة التوريد في صناعة الملابس والأحذية،" موقع إلكتروني، منظّمة هيومن رايتس ووتش، 2017، متاح على الموقع التالي: https://www.hrw.org/report/2017/04/20/follow-thread/need-supply-chain-tr... [آخر زيارة للرابط في 26 آب/أغسطس 2019].
Professor Jennifer Gordon has been on the faculty at Fordham University School of Law in New York City since 2003, where she teaches immigration law and labor and employment law, as well as an introductory course on legislation and regulation. Her research and writing on migration, trade, and labor standards in the context of globalization has appeared in top academic journals in the United States, and her book, Suburban Sweatshops: The Fight for Immigrant Rights, was published by Harvard University Press. She has also written on these topics for the New York Times, Foreign Policy, and numerous other media outlets. Earlier in her career, she founded and directed the Workplace Project, a pioneering immigrant workers’ center in the United States. Gordon has received a MacArthur Prize Fellowship and an Open Society Fellowship, and was named one of the “Outstanding Woman Lawyers in the United States” by the National Law Journal.