من الفضاء العام إلى المكاتب: تحوّل الحركات النسائية في لبنان إلى طابع المنظمات غير الحكومية وأثره على تعبئة النساء وتحقيق التغيير الاجتماعي (En-Ar)

Publishing Date: 
July, 2015
Dossier: 
Women's rights and status, Gender Equity Network
Author(s): Dalya Mitri
Abstract: 

عادة ما يراد للحركات النسائية أن تكون في صدارة التغيير الاجتماعي التحرّري. لكنّها تواجه في لبنان صعوبة في التأثير والتعبئة وإحداث التغيير الاجتماعي المنشود. فالمنظمات غير الحكومية، بشكلها المؤسساتي الطاغي، تبدو أكثر استقراراً واستفادةً من التمويل الدولي واعتماداً على المهنيّين من أصحاب الإختصاص والمهارات. ومع ذلك، تفتقر هيكلياً إلى القدرات التعبوية نفسها، إذ إنّها تدار من قبل "نشطاء" محترفين ومحترفات يستهدفون شرائح محددة وينفذون مشاريع معينة. في المقابل، تصبو الحركات النسائية إلى استقطاب عددٍ كبيرٍ من الأشخاص حول هدف مشترك، سعياً وراء التأثير في التغيير الاجتماعي. ستحاول هذه الورقة تقييم أثر الاحترافية (أو التحول إلى طابع المنظمات غير الحكومية) على المجموعات النسائية، والتحولات التي يُدخلها على خطاب المنظمات وبنيتها، وأهمية السياق الذي تعمل في إطاره، والصلات التي تجمعها بالمجموعات الاجتماعية أو السياسية الأخرى ومؤسسات الدولة والجهات المانحة الدولية. وستركّز هذه الورقة بشكل أساسي على استكشاف أثر أو تأثير هذه الأشكال الجديدة من النسوية ذات طابع المؤسسات غير الحكومية على تعبئة المجموعات الاجتماعية اللبنانية على تنوّعها.

Keywords: Feminism, Social Movements, Women Organizations, NGOs

To cite this paper: Dalya Mitri," من الفضاء العام إلى المكاتب: تحوّل الحركات النسائية في لبنان إلى طابع المنظمات غير الحكومية وأثره على تعبئة النساء وتحقيق التغيير الاجتماعي (En-Ar)", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2015-07-01 00:00:00. doi: 10.28943/CSR.001.0011

[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/ar/paper/من-الفضاء-العام-إلى-المكاتب-تحوّل-الحركات-النسائية-في-لبنان-إلى-طابع-المنظمات-غير-الحكومية
Cited by: 1
Embed this content: 
Copy and paste this code to your website.
Full text: 
Full text
Photo from the 2014 International Women's Day demonstration in Beirut. Source: http://blogbaladi.com/in-pictures-lebanese-protest-against-domestic-violence-on-international-womens-day/

تبدو المنظمات النسائية في لبنان اليوم على مفترق طرق. ففشل الدولة اللبنانية في معالجة مسألة حقوق المرأة المدنية ومكانتها في المجتمع، من بين قضايا أخرى، يؤشر على انسحاب الدولة من القطاع العام، نتيجة لانهيارها شبه التام خلال الحرب الأهلية بالتوازي مع الإصلاحات النيوليبرالية. وقد دفع ضعف الدولة المستمر والتاريخي والهيكلي في المجال العام بالمنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية إلى السعي إلى ملء الفراغ الذي تركته الدولة. وهكذا، تحوّلت المنظمات النسائية اللبنانية، خلال ما يقارب قرن من الزمن، من العمل الخيري والنوادي اليسارية السياسية، إلى صناعة حرفية حقيقية مبنية على المنظمات غير الحكومية، بإدارة ناشطات وناشطين على قدر عالٍ من الاحترافية، وصولاً مؤخراً إلى ظهور منظمات أكثر تركيزاً على مطالبات تتعلق بالحقوق الجنسية والجسدية والهويات الجندرية، كما تظهر الدراسات الحديثة1.

بدأ ظهور الحركات النسائية في لبنان في أعقاب التغيّرات التاريخية الكبرى التي شهدها العالم العربي - من عمليات استقلال وتحديث تجسّدت في القومية العلمانية والحداثة الإسلامية2 وغيرها - وبالتوازي مع نشوء حركات مماثلة في الغرب3. بلغت المنظمات النسائية اللبنانية ذروتها بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (١٩٧٥-١٩٩٠) تزامناً مع نهاية حقبة الحرب الباردة والتمويل الهائل الذي رصده المانحون الغربيون للمنظمات غير الحكومية المحلية سعياً إلى تطبيق السياسات الليبرالية ما بعد الحرب الباردة، مثل "إرساء الديمقراطية" أو "الحكم الرشيد"، والتي شكّلت حقوق المرأة أحد مكوِّناتها الأساسية.

عادة ما يراد للحركات النسائية أن تكون في صدارة التغيير الاجتماعي التحرّري. لكنّها تواجه في لبنان صعوبة في التأثير والتعبئة وإحداث التغيير الاجتماعي المنشود. فالمنظمات غير الحكومية، بشكلها المؤسساتي الطاغي، تبدو أكثر استقراراً واستفادةً من التمويل الدولي واعتماداً على المهنيّين من أصحاب الإختصاص والمهارات. ومع ذلك، تفتقر هيكلياً إلى القدرات التعبوية نفسها، إذ إنّها تدار من قبل "نشطاء" محترفين ومحترفات يستهدفون شرائح محددة وينفذون مشاريع معينة. في المقابل، تصبو الحركات النسائية إلى استقطاب عددٍ كبيرٍ من الأشخاص حول هدف مشترك، سعياً وراء التأثير في التغيير الاجتماعي. عليه، قد تبدو المنظمات غير الحكومية غير مؤهلة للتعبئة والتنظيم الجماهيري من أجل تحقيق التغيير الاجتماعي. فهل يُستدل من ذلك أنّ المنظمات النسائية، وبشكل أكثر تحديداً الحركات النسائية، في لبنان تجد نفسها أمام مفترق، إن لم يكن أمام طريق مسدود؟

ستحاول هذه الورقة الإحاطة بهذا السؤال، منطلقةً من أنّ التحول الاحترافي لهذه المجموعات، أو ما اصطُلح على تسميته بالتحول إلى طابع المنظمات غير الحكومية (NGO-ization)4 لا يؤثِّر سلباً في قدرة المنظمات النسائية على التعبئة فحسب، بل له عواقب غير متوقعة على هيكلة الفضاء السياسي اللبناني. 

لهذه الغاية، قد يكون من الضروري أولاً إقتراح تعريف للحركة الاجتماعية وتحديد الفرق بينها وبين المنظمة غير الحكومية أو أيّ أشكال أخرى من التنظيمات. وبناءً على معلومات تم جمعها عن طريق استبيان قصير وُزّع على ١٥ منظمة نسائية وناشط وناشطة حول قضايا الجندر في لبنان، ستقيِّم الورقة أثر تحوّل هذه الجمعيات إلى نمط المنظمات غير الحكومية على قدراتها التعبوية، والتبدّلات في خطاباتها وهيكلياتها، وأهمية السياق الذي تنشط في إطاره، والصلات التي تجمعها بالفئات الاجتماعية والسياسية الأخرى، وعلى رأسها الدول والجهات الدولية المانحة. وبعد تحديد سريع للجهات الفاعلة الرئيسية، والهيكليات القائمة، وموجات الحركة النسوية (من مجموعات الطبقة العليا الخيرية إلى المنظمات الراديكالية الحديثة)، ستحدِّد هذه الورقة وضعية نضال الحركات النسائية في سياق سياسي واجتماعي أوسع.

لهذه الغاية، قد يكون من الضروري أولاً إقتراح تعريف للحركة الاجتماعية وتحديد الفرق بينها وبين المنظمة غير الحكومية أو أيّ أشكال أخرى من التنظيمات. وبناءً على معلومات تم جمعها عن طريق استبيان قصير وُزّع على ١٥ منظمة نسائية وناشط وناشطة حول قضايا الجندر في لبنان، ستقيِّم الورقة أثر تحوّل هذه الجمعيات إلى نمط المنظمات غير الحكومية على قدراتها التعبوية، والتبدّلات في خطاباتها وهيكلياتها، وأهمية السياق الذي تنشط في إطاره، والصلات التي تجمعها بالفئات الاجتماعية والسياسية الأخرى، وعلى رأسها الدول والجهات الدولية المانحة. وبعد تحديد سريع للجهات الفاعلة الرئيسية، والهيكليات القائمة، وموجات الحركة النسوية (من مجموعات الطبقة العليا الخيرية إلى المنظمات الراديكالية الحديثة)، ستحدِّد هذه الورقة وضعية نضال الحركات النسائية في سياق سياسي واجتماعي أوسع. 

الحركات الاجتماعية والحركات النسائية

أدى شبه الإجماع الذي توصّلت إليه دراسات الحركات الاجتماعية5 اليوم إلى التركيز على ثلاث مجموعات من العوامل هي: أولاً، أشكال وحدود الفرص السياسية التي تقولب الحركات الاجتماعية؛ وثانياً، هيكليات التعبئة الرسمية وغير الرسمية التي تسعى المجموعات من خلالها إلى التنظيم بغية الإنخراط في العمل الجماعي؛ وأخيراً، عمليات التأطير الضرورية للتعبئة كوسيط بين الفرصة والعمل.

يمكن للحركات الاجتماعية أن تنبثق من بنى تحتية تنظيمية متنوعة وتقوم بإنتاجها، كمنظمات الحركات الاجتماعية (SMOs)، وجمعيات القرابة الاجتماعية والصداقة، والشبكات النشطة غير الرسمية، وأحياناً المنظمات الرسمية. وقد حدّد هانزبيتر كريسي عدم التجانس هذا من خلال تصنيفه لأربعة أنواع من المنظمات تضطلع بأدوار مختلفة في الحركة الاجتماعية، هي: منظمات الحركات الاجتماعية، ومنظمات الدعم، ومنظمات الجمعيات، ومنظمات الحركات، والأحزاب، وجماعات المصلحة. وبينما تبادر منظمات الحركات الاجتماعية إلى تعبئة جمهورها للعمل الجماعي نحو هدف سياسي محدد، يكون للأطراف الفاعلة في المجموعات الداعمة، من وسائل الإعلام إلى المنظمات الدينية، مشاركة غير مباشرة إلى حد كبير في الحركات الاجتماعية6. أما منظمات الجمعيات فتميل أكثر نحو "العلاقات الزبائنية"، على حد قوله، في حين تتطلع الأحزاب وجماعات المصالح إلى التمثيل السياسي أكثر منه الاستثمار في مشاركة حقيقية في العمل الجماعي7.

بناءً على الإطار المذكور أعلاه، يمكن اعتبار الحركات النسائية حركات اجتماعية. وهنا تعرّف تعبئة الحركة النسائية بأنّها "التعبئة القائمة على مناشدات للمرأة كجمهور مستهدف وتبنّي ذلك كاستراتيجية تنظيمية8"، الأمر الذي يشجِّع المرأة على المشاركة السياسية النشطة، وإعادة تحديد دورها في المجتمع في القطاعين العام والخاص، والتوجّه نحو إنشاء شبكات التوعية كخيار أمثل، وذلك بغية الدلالة على الحاجة إلى التغيير والقضاء على القمع والتمييز على أساس جندري. ومع أنّه لا يمكن وصف الحركات النسائية كلها بالنسوية، إلاّ أنّها "متجذِّرة كلّها في هياكل الاضطهاد المبنية على النوع الاجتماعي9".

في الخلاصة، الحركات النسائية هي حركات اجتماعية، حتى وإن لم تعتبر دائماً نسوية بشكل صاف، لأنّها تشجِّع المرأة على النشاط السياسي والانخراط الفاعل في التغيير الاجتماعي. عليه، ستحاول هذه الورقة استكشاف كيف تمأسست هذه الحركات وتحوّلت إلى منظمات مهنية وكيف أثّرت هذه العملية في بنيتها. وكما أكدت ديلا بورتا ودياني، "لا يكمن الفارق الرئيسي بين الحركات الاجتماعية وهذه المنظمات أو غيرها في الاختلافات في الخصائص التنظيمية أو أنماط السلوك، بل في واقع أنّ الحركات الاجتماعية ليست بمنظمات، ولا حتى من النوع غير المألوف [...] نتيجة لذلك، لا يمكن لمنظمة واحدة أن تكون حركة اجتماعية، مهما كانت صفاتها الغالبة10".

مأسسة الحركات النسوية وظهور الجمعيات النسائية

بدأت مأسسة الحركات النسوية في منتصف القرن العشرين، مما ضمن أرضية صلبة وثابتة للمنظمات النسائية ضمن المجتمعات المدنية. فسمح بتداول الأفكار النسوية من خلال الشبكات العابرة للحدود الوطنية. وازدادت مشاركة النساء في المؤتمرات والاجتماعات الدولية، حيث تداولن بقضايا الاستعمار والاستقلال الوطني والقومية11. كما أتاحت تلك المشاركة الفرصة أمام النساء من بلدان الجنوب لحمل قضايا المساواة بين الجنسين، وبناء شبكاتهنّ الوطنية والإقليمية، وسرد قصص كفاحهنّ الوطني والمحلي على الساحة الدولية.

وشهدت ثمانينيات القرن الماضي، على وجه الخصوص، مطالبات لطرح قضية حقوق المرأة وتبني التشريعات ضمن خطاب حقوق الإنسان الأشمل. فصادقت غالبية الدول (بما فيها لبنان) على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، في توجّه أفضى إلى دمج عدد كبير من المنظمات النسائية المموّلة من الجهات المانحة الدولية في شبكات دولية، وأفسح المجال لإنشاء منظمات موجهة نحو المشاريع وتستهدف المرأة من خلال معالجة احتياجاتها الاجتماعية والاقتصادية. أما المنظمات النسوية، أو تلك التي تتبنى نهجاً نسوياً واضحاً، فاستُبدلت تدريجياً بمنظمات تستهدف جوانب محدّدة لكن تنشر الوعي حول قضايا، مثل العنف ضد المرأة. وقد لقي هذا المنحى الجديد من التحول أو "الانقسام" إلى منظمات مختلفة، تشجيعاً من المنظمات والجهات المانحة الدولية التي تموِّل رامج إقليمية ووطنية ضخمة (بيجين ١٩٩٥، إعلانات الأمم المتحدة حول العنف ضد المرأة) والمبنية على جدول أعمال أوسع يركز على تعزيز "الحكم الرشيد"، كما حدّدته الولايات المتحدة الأميركية أساساً. وقام المؤتمر الدولي الرابع حول حقوق المرأة المنعقد في بيجين في العام ١٩٩٥، بوضع ما كان يُعرف سابقاً تحت مسمى "قضايا المرأة" على جداول أعمال قمم الأمم المتحدة الأخرى. وتمّ على الإثر استحداث المصطلح ذات الصلة وبلورة السياسة العالمية بأنّ "حقوق المرأة هي حقوق الإنسان". وقد صنّفت فالنتين مقدّم منظمات المرأة التي نشأت في أعقاب اتفاقية سيداو على الشكل التالي: منظمات خيرية، ومنظمات رسمية أو تابعة للدولة، وجمعيات مهنية، ومراكز دراسات المرأة، ومنظمات حقوق المرأة ومنظمات نسوية، ومنظمات غير حكومية تعمل على قضايا المرأة والتنمية، ومنظمات قائمة على العاملات والمجموعات 

النسائية الشعبية12. وأسهمت هذه الخطابات والهياكل الجديدة، كما أفرزتها اتفاقية سيداو، في طرح قضايا المساواة بين الجنسين حول العالم والتمهيد لها. كما شكّلت أداة تعبوية بيد المرأة في سعيها نحو التغيير الاجتماعي والسياسي.

غير أنّ مكسب الكفاءة والرؤية الناجم عن تلك التحولات ترافق مع تزايد الاحترافية في المنظمات النسائية، ما أدى إلى عواقب غير متوقعة. وكما أشارت ديلا بورتا ودياني، "تميل الحركة إلى الانطفاء عندما تعود الهويات التنظيمية لتطغى مرة أخرى، أو عندما يكون "الشعور بالانتماء" مرتبطاً أساساً بالمنظمة التي ينتمي إليها المرء وأحد مكوّناتها، وليس بجماعة أوسع هلامية الحدود13". سيغوص القسم التالي (وبقية الورقة) في العواقب المتعلقة بهذا الجانب، مع التركيز على لبنان بشكل خاص.

تحوّل الحركات النسائية في لبنان والدول العربية إلى طابع المنظمات غير الحكومية (أو الإحترافية)

يمكن للمتغيِّرات الاجتماعية والسياسية في الدول العربية أن تشرح تطوّر الحركات النسائية من الجمعيات الخيرية للطبقة المتوسِّطة والعليا إلى المشاركة في النضال الوطني من أجل الاستقلال في فترات الإستعمار والمراحل اللاحقة لها. كانت الحركات النسائية العربية متجذِّرة في الأحزاب السياسية والحركات الوطنية14، قبل أن تبادر النساء إلى إنشاء منظمات خاصة بهنّ للضغط من أجل قضاياهنّ. وتعود الأسباب وراء ذلك على وجه الخصوص إلى شعور المرأة بتهميش الرجل لها في المنظمات التي انضمّت إليها وباستبعادها من عملية صنع القرار. أما السبب الآخر فهو اكتشاف النساء أرضية مشتركة مع أخريات ألهمتهنّ الأفكار النسوية كوسيلة للنضال من أجل رؤاهن وحقوقهنّ والترويج لجدول أعمالهنّ السياسي ومطالبهنّ15

وقد أتت تلك النساء الرائدات من الطبقات العليا-الوسطى والوسطى بشكل عام. وكخطوة أولى، إنتظمن في جميعات خيرية للانتقال من دورهنّ التقليدي في المنزل وشق طريقهنّ في المجال العام. وقد تجاوبت الدول المستقلة حديثاً مع هذه الحركات فمنحتها الحقوق السياسية والاقتصادية وحق المشاركة16. وفي النصف الثاني 

من القرن العشرين، إنجذبت الشابات المتعلِّمات إلى الأفكار اليسارية، مع أنّ أجندتهنّ النسوية لم تكن دوماً موضع ترحيب من الأحزاب اليسارية التي لم تجد بداً من الفصل بين الأجندتين، بحجة أنّ حقوق المرأة ستتحقق كنتيجة مباشرة للثورات الاجتماعية17. وبعد اتفاقية سيداو والمؤتمرات الدولية حول حقوق المرأة، نشطت المنظمات النسائية في الشرق الأوسط في إصلاح قوانين الأسرة، ولا سيما تلك التي تمثل المحاميات والأخصائيات الاجتماعيات والباحثات اللواتي عادة ما يأتين من خلفية الطبقة الوسطى-العليا18.

أثارت هذه المنظمات المموّلة شبهات الأحزاب الإسلامية والمحافظة - وكذلك اليسارية – التي روّعها ما اعتبرته فرضاً لقيم غربية تهدف إلى تدمير المجتمعات والقيم العربية. وقد وُجِّهت التهم ذاتها إلى الحركات النسائية في عهد الاستقلال والقومية.

شهدت نهاية التسعينيات نشوء شبكات جديدة من الحركات النسوية من خارج الأحزاب السياسية والتي رفضت جميع أشكال العنف والتمييز ضد المرأة، بما في ذلك في البلدان العربية الأخرى، وأيضاً ضد المجتمعات المهمّشة في بلدانها (مثل اللاجئين الفلسطينيين والعمال المهاجرين الأجانب). كما عملت هذه الحركات والمنظمات مع شبكات المجتمع المدني المعولمة، بحثاً عن الدعم ضمن شبكات مثل اتفاقية سيداو وسعياً وراء أموال المانحين الدوليين الأقل ميلاً إلى فرض رؤيتهم وإيديولوجيتهم الخاصة. هذا وروّجت لنسوية تتجاوز "الحدود الحزبية والوطنية"19 وتعتمد على قاعدة دعم أوسع. بيد أنّ انتقادات وجِّهت حول واقع التعاون والتشبيك المعتمد دائماً على التمويل وحول الفشل في خلق أجواء حقيقية من التنسيق حول القضايا المشتركة20.

هذا ويتبدى جانب آخر من التباين المؤسساتي بين الحركات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية على المستوى الهيكلي، ما يحول دون العمل السياسي الفعلي المؤدي للتغيير الاجتماعي، حتى ولو ادعى بعضها أنّ أفكاره جذرية شأنه شأن الحركات الاجتماعية. وكما تقول نولة درويش، "لا يزال واقع غالبية المنظمات النسائية في المنطقة العربية يتأرجح بين العمل الخيري والدور التنموي، في ظل قلة الأجندات النسوية حقاً21".

وكما نرى في مجالات أخرى كالتنمية والعمل الإنساني، تترتب عن التأهيل المهني للمنظمات النسائية تبعات أخرى تؤدي بالعاملات والعاملين في تلك المؤسسات إلى "التحول نحو العمل المأجور22"، الأمر الذي يرتبط إرتباطاً مباشراً بميزاينات أعلى. كما ترتبط هذا العملية بمتطلبات الوكالات المانحة، ما ساعد على خلق فئة جديدة من العاملات: مزيج بين الموظفة والمتطوعة (أو الناشطة). وأصبح دفع الأجر هو القاعدة، على حساب اختفاء الناشطين والمتطوعين والمتطوعات، في منحى أنتج منظمات أقل نشاطاً وذات توجه "إداري" أكثر23.

تميل المنظمات غير الحكومية والنسائية في العالم العربي، وتحديداً في لبنان، إلى التعاون بشكل وثيق مع مؤسسات الدولة24، إما بسبب الروابط التاريخية أو بغية سد الثغرات التي تخلفها الدولة بانسحابها من المجال العام. وهذه "المنظمات غير الحكومية المتخصصة"، على حد تعبير ماري نويل أبي ياغي، غالباً ما تتوجّه بخبراتها إلى مؤسسات الدولة وتتعاون معها، بالرغم من استمرارها في تعزيز الأنشطة الجماعية الضاغطة على الدولة ومحاولة تمرير جداول أعمالها، وهذا ما يؤدي إلى تمييع دورها المعارض25.

تصرّفت هذه المنظمات غير الحكومية إلى حد ما كدولة بالوكالة، بموافقتها على لعب دور الدولة (حين أتت بخبراتها وشاركت في صياغة القوانين والضغط من أجل إقرارها ومراقبة تطبيقها26). أدّت هذه العلاقة الخاصة بين المنظمات غير الحكومية والدولة إلى تحوير المهنة الاجتماعية والسياسية الأصلية التي ارتضتها المنظمات، ما أفضى في نهاية المطاف إلى نشوء شكل من أشكال البيروقراطية في النشاط السياسي. وفي لبنان، قد يكون ضعف الدولة هو ما سرّع هذا الانفتاح على البيروقراطية. فملء الفراغ الناجم عن انهيار الدولة في الحرب الأهلية (١٩٧٥-١٩٩٠)، والاحتلال الإسرائيلي والسوري، والاضطرابات المستمرة في فترة السلم الأهلي افترض تعبئة موارد هذه المنظمات الهائلة، البشرية منها والمادية، لتوفير الخدمات وسد الثغرات في الحوكمة، علماً أنّه كان من الممكن استغلالها في تعزيز التعبئة والعمل السياسي الجماعي.

في الخلاصة، إنّ تطوّر المنظمات النسائية في العالم العربي، وفي لبنان بشكل خاص، إلى نوع من الكيانات المهنية ذات دور محدد تجاه الدولة، هو الذي قولب خطاباتها وأفعالها. كما يطرح السؤال حول دورها في المجتمع اللبناني وقدرتها على تعبئة العدد الأكبر من النساء.

تطوّر الحركات النسائية في لبنان والتداعيات السياسية للتحوّل إلى طابع المنظمات غير الحكومية

كما أوضحت برناديت ضو بفصاحة، تطوّرت الحركات النسائية في لبنان خلال أربع موجات متتالية27. كانت البداية في التعبئة داخل الطبقات العليا في إطار النضال من أجل الاستقلال. وبعد استقلال لبنان، تشكلت الموجة الثانية في الحركات اليسارية، الأقرب إلى الأفكار الماركسية، خاصة بعد هزيمة العام ١٩٦٧. ثم توقف كل شيء خلال الحرب الأهلية، لتظهر بعدها موجة جديدة (بالتزامن مع مؤتمر بيجين، واعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتكاثر المنظمات غير الحكومية، الخ.). وفي العقد الماضي، ولد نموذج راديكالي جديد للتنظيم النسوي اليساري في إطار الحركة المناهضة للعولمة28.

ولم تتميّز تلك الموجات بالتحوّلات التنظيمية فحسب، بل أيضاً بالتباينات في الخطاب. فقد طالبت الموجة الأولى من الناشطات بحقوقهنّ السياسية في إطار بناء الهوية الوطنية، في حين تبنّى الجيل الثاني من النساء أفكاراً أقرب إلى الماركسية، ضمن نضال أوسع من أجل الثورة الاشتراكية، ومقاومة الاستعمار، وحركات التحرر29.

وأسهم التغيير الهيكلي داخل حركات الجيل الثاني - الذي يعود بشكل رئيسي إلى التأهيل المهني للمنظمات وعملها خلال فترة الحرب الأهلية وفي أعقابها - في إنتاج المشهد الحالي للمجتمع المدني في لبنان والمرتكز بوضوح على منظمات غير حكومية تعتمد مقاربة واحدة أو تتبنى قضية يتيمة، إن من خلال الحملات الإعلامية، أو شبكات المناصرة والضغط أو التوعية.

وشهد ظهور الحركات المناهضة للعولمة أو "الموجة الرابعة" ممارسات خطابية سياسية يسارية معادية للإمبريالية والنيوليبرالية وتنظر بعين ناقدة إلى مأسسة المنظمات النسائية في لبنان. وتعيب المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة على هذه الحركة أنّها "غربية" وتفرضها جهات خارجية.

يظهر التنوع والاختلاف بين الموجات الأربعة من الحركة النسائية في أجنداتها وأهدافها. فهي تتراوح بين الدفع باتجاه المشاركة في الساحة السياسية وحق الانتخاب، من دون تحدّي النظام الطائفي والأبوي من جهة، والإغاثة والعمل التنموي والوصول إلى المناطق المحرومة من جهة أخرى. وبعد انقطاع طوال الحرب الأهلية، حيث نشطت المنظمات غير الحكومية مع غيرها من الجمعيات في مجال الإغاثة، إما كأذرعة لأحزاب سياسية أو كمنظمات غير حكومية مؤسسية، جاء مؤتمر حقوق المرأة في بيجين في العام ١٩٩٥ ليطرح نموذجاً جديداً لحقوق المرأة، باعتبارها جزءاً من حقوق الإنسان، ودعا إلى مشاركة المرأة في جميع جوانب الحياة العامة والخاصة وإلى التوعية بحقوقها30

نتيجة لهذا المؤتمر، تبنّت المنظمات النسائية غير الحكومية اللبنانية جدول أعمال جديداً وأدخلت عدداً من التعديلات الهيكلية بغية الوصول إلى النساء من خلال مشاريع مفصّلة لهن خصيصاً، بتمويل من الوكالات المانحة، وانسجاماً مع التوجّهات الجديدة التي حدّدتها المؤتمرات المتعاقبة حول حقوق المرأة، وبما يتفق مع جدول الأعمال السياسي للدول المانحة الغربية. وانتقلت النساء في الجمعيات من كونهنّ ناشطات متطوعات إلى مهنيات مدفوعات الأجر، واضطررن للتكيف مع طرق عمل جديدة وبيروقراطية لم تخدم المجتمع المحلي فحسب، بل أيضاً الوكالات المانحة، حتى وإن كانت هذه المنظمات تحرص دوماً على صياغة مشاريعها وفقاً لاحتياجات المستفيدين. وكما أوضحت ممثلة عن التجمع النسائي الديمقراطي في لبنان، "عادة ما نختار المعايير والتدخلات من مشاريعهم (المانحين) والتي تخدم أهدافهم الرئيسية، والتي بدورها هي ما يحتاجه مجتمعنا31".

أما الحركة النسوية الراديكالية، وهي الموجة الأحدث في لبنان، فقد سلّطت الضوء على الدور الاجتماعي للجندر والنضال ضد الاضطهاد الذكوري والنظام الأبوي32. فقد انبثقت من حركة المثليات والمثليين في 

لبنان33 وأثارت قضايا لم تتم معالجتها في السابق، مثل الهوية الجنسية، والحقوق الجسدية، والتحرر الجنسي34. وعلى الرغم من اعتبار البعض أنّ إعادة تمحور النقاش حول أمور خاصة عزز الفجوة بين الحركات وجمهورها المتوقع، تؤكد ستيفاني لاتي عبد الله أنّ هذا التركيز على المسائل "الخاصة"، "وبدلاً من أن يضيق أفق نضالات الحركات النسائية، مكّنها من نقل أفعالها إلى المستوى السياسي35".

وكما تمّت الإشارة إليه في المقدمة، يعمل عددٌ كبيرٌ من المنظمات غير الحكومية النسائية والنسوية إلى جانب الدولة حالياً لتنفيذ مشاريع متعلقة بالمرأة36. لكنّ عمل منظمات المرأة الوثيق مع الدولة والأحزاب السياسية المختلفة ليس بالجديد. فحتى المنظمات الحديثة العهد نفّذت مشاريعها بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية من خلال مراكزها المحلية التي تستهدف الوصول إلى النساء من القاعدة الشعبية37. لكنّ هذا "التفاعل الاستراتيجي مع الدولة"38 غالباً ما يخلق إشكالية وتوتراً بين الحاجة إلى سد الفجوات التي يخلفها ضعف الدولة اللبنانية وضرورة التعبير المستقل عن الاعتراض والوقوف على دور المنظمات "في تعريف الاحتياجات الصحية للمجتمع وتفصيلها39".

وبما أنّ "بصمة الحركة الاجتماعية هي بالضبط في رفضها تقديم الخدمات وإقرارها بدور الدولة في ذلك40"، يمكن القول هنا إنّ الحركات النسائية وقعت مرة أخرى في مفارقة حتمية تحوّلها إلى طابع المنظمات غير الحكومية في السياق اللبناني. والعاملات في المنظمات غير الحكومية أنفسهنّ يعترفن بأنّه لا مفرّ من هذا التعاون بسبب "ضعف الدور التشريعي للسلطة السياسية واهتمامها بقضايا أخرى (خاصة الأمنية والسياسية)، وإفساح المجال أمام المنظمات غير الحكومية والمجتمع بشكل عام في لبنان لملء الفجوة ولعب دور غير مطلوب منها41". وبينما ي/تعبِّر العاملون/ات في المنظمات غير الحكومية والناشطين/ات بشكل واضح عن معارضتهم/ن للحكومة (فكرة التعاون مع "مثل هذه الدولة الفاسدة تثير الغثيان") وعن عدم رضاهم/ن عن 

اضطرارهم/ن للحلول محل الدولة، فإنّ "النشاطية" لا تعني "القيام بعمل الحكومة42". على الرغم من ذلك، غالباً ما يعتبر هذا التعاون لازماً للضغط والدعوة إلى اعتماد قوانين معينة، فضلاً عن مراقبة ورصد سلامة تطبيق مؤسسات الدولة لها43. وغالباً ما تتم الإشارة إلى ممارسة الضغط وجهاً لوجه أو تنظيم دورات تدريبية لموظفي الدولة على أنها وسائل ناجعة لإيصال الرسالة. فالضغط وسن القوانين44 من أفضل الوسائل للتعبير عن المطالب والحصول على النتائج، حتى لو عنى ذلك رصد تطبيق تلك النتائج45.

بناء على ذلك، تتوافق الأطراف الفاعلة والمحللين على أنّ المنظمات اللبنانية تضطلع بدور الدولة، من خلال توفيرها الخدمات أو المناصرة وسن القوانين. ومع أنّ المنظمات اللبنانية التي شُكلت حديثاً تعتبر أنّها ترفع الصوت عالياً46، بدلاً من تقديم الخدمات، إلاّ أنّ مطالباتها مسيسة للغاية، في إطار تركيزها على الجماعات المهمّشة والقضايا الواجب على الدولة وسياساتها أن تعالجها47. بعبارة أخرى، "الدعوة في الاتجاه الذي نراه مناسباً، بطريقة جذرية لا تجد الأعذار لملء الفجوات الخطيرة التي تخلفها الحكومة واللهجة الخفيفة والمزعجة لعديد من المنظمات غير الحكومية التي تدافع عن الشيء الخطأ أو الصحيح، لكن بطريقة تبريرية للغاية48".

التحوّل إلى طابع المنظمات غير الحكومية وأثره على التعبئة والتغيير الاجتماعي

فشلت هذه الأنواع الجديدة من المنظمات غير الحكومية، في أحيان كثيرة، في حشد مجموعات كبيرة من النساء في لبنان حول قضاياهنّ ومصالحهنّ، مثل العنف المنزلي، وقانون الأحوال الشخصية، وحقوق اكتساب الجنسية. وفي هذا السياق، تعتبر خطّاب أنّ انقسام النساء على أسس طائفية هو أحد أهم الأسباب، في حين يعزا انخفاض مستويات مشاركة المرأة إلى النظام السياسي الطائفي والزبائنية السياسية في لبنان تحديداً49. هذا 

بالإضافة إلى عدم تمكن الحركات الاجتماعية50 والمنظمات غير الحكومية من الحشد خارج حواجز الهويات الطائفية أو الولاءات السياسية51.

ومن بين العوامل الأخرى التي تعيق التعبئة اللغة التي تستخدمها المنظمات غير الحكومية اللبنانية. إذ تعتمد الوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية مصطلحات خاصة بها عادة ما تكون بالإنجليزية. وقد أصبح اتقان هذه المصطلحات إلزامياً تقريباً للتمكن من العمل بشكل صحيح وكتابة التقارير والبرامج والمشاريع، بالرغم من بذل جهد حقيقي في التواصل وتنظيم الحملات باللغة العربية، وذلك باستخدام مزيج مثير للاهتمام من العامية واللغة العربية الفصحى يسهل على الجميع فهمه. وبما أنّ معظم النظريات والنصوص النسوية الحديثة مكتوبة باللغة الإنجليزية أيضاً، يتم استبعاد غير الناطقات/ين بتلك اللغة فعلياً من دوائر النقاش، ما يحول دون تعبئتهم/نّ. عملياً، استتبع ذلك أن تستمر نساء الطبقة الوسطى أو العليا المتعلمة في قيادة الغالبية العظمى من الحركات النسائية، بما في ذلك الجيل الأخير مما اصطلح على تسميته بـ "الموجة الرابعة"52 والذي حاول تجنّب الهياكل البيروقراطية والهرمية السابقة.

علاوة على ذلك، أدى الامتثال لأجندات المانحين إلى الإعتماد على التمويل المتاح وفرض انتظام لا يمكن تجنبه مع التوجهات العالمية المتعلقة بقضايا المرأة53. وتعرضت الجهود الشعبية لمزيد من العرقلة بسبب احترافية الهياكل وفقدان التواصل مع الواقع الميداني، أثناء السعي إلى تنفيذ مشاريع ذات تمويل كبير وخاضعة للمساءلة. هذا ويبقى الخطر قائماً "من إغفال هذه المنظمات غير الحكومية الكفاح من أجل تبديل الطريقة التي يجسد فيها الجندر والتغيير في الوعي الشعبي54".

وأخيراً، تميل الجهات المانحة إلى التقرب من المنظمات غير الحكومية التي تعرفها والتي غالباً ما تكون ممأسسة للغاية وبرئاسة شخصية معروفة. يؤدي هذا إلى إدامة النظام وتقديم الحلول "السريعة والفنية" في قضايا سياسية أكثر تعقيداً، على حد قول خطّاب. وبالرغم من وعي محدودية "مطاردة الصناديق الداعمة" والتنافس بين المنظمات غير الحكومية الذي يشجِّعه هذا التسابق، يتمسّك بعض المنظمات غير الحكومية 

بالإلتزام بصياغة المشاريع وفقاً للقيم الأساسية والأهداف المستقاة من الالتزام السياسي الأصلي. وخير دليل على ذلك قرار منظمة "كفى" مؤخراً برفض تقديم مقترحات في إطار نداء الطوارئ للاجئين السوريين، كما مشروع منظمة "أبعاد" المثير للجدل حول استهداف الرجال والنساء والذي "فرض فرضاً" على المانحين، بعد أن تم التأكيد على ضرورته من خلال مجموعات التركيز والتواصل على الأرض55

طرائق جديدة لتعبئة الرأي العام واستهدافه

على الرغم من الصعوبات التي تواجهها المنظمات غير الحكومية في التعبئة، فإن الطرائق البديلة موجودة. وعليه، سيقيم هذا القسم مقارنة بين نشاطين حديثين لمنظمتين نسائيتين يعتمدان على نهجين مختلفين بشكل كبير.

فقد تجسّد الاختلاف بين طرائق التعبئة المتنوِّعة في التناقض بين النشاطين الأكثر ظهوراً في الأعوام الماضية: الاحتجاج الذي نظمته "كفى" لصالح إقرار قانون العنف الأسري من ناحية، والمشروع غير المألوف والمثيل للجدل الذي أطلقته "أبعاد"56، مع استخدامها زعماء دينيين للتعبير عن صورة الحملة. ففي العام ٢٠١٢، أطلقت "أبعاد" حملة "نؤمن"، وهي سلسلة من الحوارات مع رجال الدين لإنهاء العنف الجنساني وخلق مساحة للحوار بين المنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين حول حقوق المرأة ووضعها في المجتمع اللبناني. وبالرغم من اعتبار المشروع ناجحاً للغاية من قبل المنظمة المنفِّذة التي وجدت فيه فرصة فريدة لجمع الزعماء الدينيين مع النساء على طاولة واحدة ودفعهم لاتخاذ موقف علني ضد العنف الجنساني، فقد لقي المشروع نقداً شديداً من منظمات نسائية أخرى اعتبرت أنّ جوهر المشروع يفضي إلى إعادة إنتاج سيطرة الزعماء الدينيين على المجتمع اللبناني ولا يواجه النظام الأبوي، بل يرفض الطعن في سلطة الزعماء الدينيين ودورهم في تشكيل نموذج الأسرة ودور المرأة في لبنان.

وفي مقابلة مع عضوة في منظمة "أبعاد"، قالت:

"طريقة التعبئة لدينا مبنية على الهدف، فإذا قررنا استهداف أصحاب النفوذ، سنستخدم علم النفس الإيجابي، لا النغمة العدوانية، لا الاتهام، وذلك بحثاً عن القدوة للرجال.. نندد، ولكن بطريقة ناعمة، من دون استعداء الجهات الفاعلة المؤثرة. نحاول خلق الفضاء لتشجيع التغيير الاجتماعي وحقوق المرأة57".

يتعلق المثال الثاني بمنظمة "كفى" التي تمكنت من حشد ما يقارب ٥٠٠٠ شخص في ٨ آذار ٢٠١٤، في تظاهرة دعت لإقرار قانون ضد العنف المنزلي، حيث أطلقت حملة إعلامية وطنية وتمكنت من جذب النساء من خلفيات مختلفة. وقد اعتمد نجاح هذه التعبئة على جملة من الأدوات، هي: اللقاءات مع قادة المجتمع المحلي والنساء في الميدان، ومجموعات التركيز، واللقاءات مع المتطوعات والمتطوعين للانخراط في مسار تنظيم الاحتجاج. ولكنها اعتمدت أيضاً على وسائل الإعلام الاجتماعي والسائدة. فالتواصل عبر وسائل الإعلام أفسح المجال أمام "تسمية الأشياء بأسمائها وفضحها"، خاصة في ما يتعلق بالنواب أو أعضاء اللجنة البرلمانية المعنية. وقد ساعد الحضور الإعلامي الواسع ووجود الصحفيين لنقل الأخبار على زيادة الوعي وتعبئة الرأي العام إلى حد كبير حول قضية العنف ضد المرأة وضرورة إمرار القانون58.

تلخِّص هذه الإجراءات الطرائق المختلفة للتعبئة التي تعتمدها المنظمات النسائية في لبنان. فقد اختارت "كفى" استخدام الفضاء العام باعتباره فضاء التعبئة. لكنْ، بالرغم من الاختلافات، للمنظمتين بعض السمات المشتركة. فكلاهما يتمتع بتنظيم متين وباع طويل في صنع السياسات والضغط والمناصرة. كما أنّهما تعرفان كيف تستخدمان وسائل الإعلام لنقل الرسالة. والأهم من ذلك، تَشكّل النهجان اللذان اتُّبعا من ضرورة التفاعل مع الدولة، وهو مؤشر قوي على العلاقة المتناقضة بين المنظمات النسائية والدولة اللبنانية.

وعلى الرغم من التمايز بين هذين النشاطين اللذين أطلقتهما اثنتان من أكبر الجمعيات النسائية وأكثرها شهرة في لبنان، فقد تم اعتبارهما ناجحين من قبل المنظمين والمشاركين وقد أديا بالفعل إلى رفع وعي الرأي العام حول نضالات المرأة. يشدِّد بعض العاملين والعاملات في منظمات أصغر على عدم جدوى مقاربة صنع السياسات في السياق اللبناني في أغلب الأحيان، باعتبار أنّ هناك حاجة إلى مزيد من المنظمات المتوجهة  

للقاعدة الشعبية والتي تعمل يداً بيد مع المجتمعات المحلية وفقاً لاحتياجاتها، من دون أن تخشى إحداث الصخب عند شجب ضعف الدولة. وكما أوضحت ممثلة عن هذه الجمعيات:

"نحاول ملء الثغرات على الأرض، عوض  بذل الجهد في التحدث [مع ممثلي مؤسسات الدولة]. يمكننا أن نلقي نظرة سريعة على السنوات العشر الماضية ونحتسب كم من سياسات المجتمع المدني قد وصلت إلى جدول الأعمال، لنكتشف ضآلة ما حصلنا عليه في هذا المجال59".

الخلاصة: الخروج من النمط

لا بد من فهم الفوارق بين الحركة الاجتماعية والمنظمة غير الحكومية، أو المنظمة الرسمية وتحليلها لإظهار أنّه لا ولم ولن يمكنها التعبئة بطرق مماثلة. فشبه الاستحالة الذي يواجه المنظمات النسائية في لبنان في التعبئة خارج دوائر جمهورها، وما وراء الخطوط الطبقية، والانقسامات الريفية/الحضرية، والتعليم، والطائفية، ما هو إلا تذكير بالأثر الجلي للتحوّل إلى طابع المنظمات غير الحكومية على الحركات النسائية. كما أنّ صعوبة إيجاد قضية مشتركة لتعزيز التعاون بين هذه المنظمات والتنافسية التي يفرضها التسابق للحصول على أموال، تسهمان أيضاً في عدم وضوح الرسالة النسوية.

فبسبب عمل المنظمات غير الحكومية بالوكالة لملء الفراغات المتعددة الناجمة عن تهالك الدولة اللبنانية خلال الحرب الأهلية وفترة الاحتلال السوري والسياسات النيوليبرالية بعد نهاية الحرب، أفضت خبرتها في "التغطية" على ضعف الدولة اللبنانية إلى خلق علاقة من التبعية المتبادلة، ممّا جعلها غير قادرة على تحفيز العمل الجماعي أو تعبئة قطاعات أوسع من الشعب اللبناني.

في المقابل، فإنّ البحث عن تحوّل الحركات الاجتماعية الحقوقية النسائية أو انزلاقها نحو الاحترافية أو منطق المنظمات غير الحكومية في لبنان (وغيره من البلدان)، كما تدّعي الأصوات النقدية، يبقى هدفاً متحركاً على المستويين النظري والعلمي، على حد سواء. وفي المحصِّلة، لا بد من توضيح المقصود بالفوارق فعلياً وعملياً بين المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية. فعلى الرغم من اعتماد هذه الورقة التعريفات السائدة من أجل الوضوح التحليلي، فإنّ نظرة أقرب تشير إلى صورة أكثر غموضاً. لكنْ، لا يجب تفسير هذا الشعور على أنّه دعوة إلى مزيد من التوضيح المفاهيمي. على العكس، يبدو أنّ ممارسات منظمات حقوق المرأة ذاتها هي ما يسهم في ذلك، بالإضافة إلى إسباغ نوع من المثالية على الحركات الاجتماعية. لذا، من الذي يقرر في نهاية المطاف من نعتبره جزءاً من حركة اجتماعية ومن هو مجرد بيروقراطي فقد روحه في رحلته نحو نمط المنظمات غير الحكومية؟ ومن يقرِّر ما هي النسوية الحقة؟ وبما أنّ التمايز غير واضح المعالم على الأرض، فإنّ تهمة التنميط و التحول إلى طابع المنظمات غير الحكومية قد تأتي أيضاً، ولو جزئياً، من المنظمات الأصغر حجماً ومن بعض الباحثين الذين يتشاركون الحنين إلى أخلاقيات الصراعات السياسية. وللتحقق أكثر من هذا الافتراض، قد يكون من المفيد إثارة مسألة القيود المفروضة على الحركات الاجتماعية نفسها من حيث المأسسة والكفاءة.

فالمظاهرة التي نظمتها منظمة "كفى" في آذار ٢٠١٤ للتنديد بالعنف ضد المرأة والتي تمكنت من تعبئة حوالى ٥٠٠٠ شخص تشكل مثالاً جيداً لفهم القدرة الفعلية للمنظمات النسائية في لبنان. وعلى الرغم من أهمية التعبئة، فقد ترجمت هذه المظاهرة هذه المطالب تحت اسم "التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري" والذي فشل في تمرير القانون بعد سنوات من الصياغات والمطالبات. في المقابل، يشير هذا المثال إلى أنّه حتى لو اعتبرنا تحول المنظمات النسائية إلى نمط المنظمات غير الحكومية ميزة تأسيسية جديدة للمجتمع المدني في لبنان، فالاعتراف بحقوق المرأة لا يعتمد على زيادة نسبة الحركات الاجتماعية إلى المنظمات غير الحكومية فحسب، بل هو أكثر اعتماداً على المشاكل الهيكلية الكثيرة في المجال السياسي في لبنان.

 

لائحة المراجع باللغات الأصلية:

Marie-Noëlle Abi-Yaghi, L’altermondialisme au Liban : un militantisme de passage. Logiques d’engagement et reconfiguration de l’espace militant (de gauche) au Liban, Thèse de Doctorat, Université de Paris 1-Panthéon Sorbonne, 2013.

Mounia Bennani-Chraïbi, Olivier Fillieule, Résistances et protestations dans les sociétés musulmanes, Presses de Sciences Po, Paris, 2003.

Nawla Darwiche, “Women in Arab NGOs: A Publication of the Arab Network for Non-Governmental Organizations,  Feminist Review, Vol. 69, No 1, 2001.

Bernadette Daou, Les Féminismes au Liban: un dynamisme de positionnement par rapport au patriarcat et un renouvellement au sein du «Printemps Arabe », Masters Thesis, Université Saint-Joseph, Beirut, 2014.

Donatella Della Porta and Mario Diani, Social Movements: An Introduction, Wiley, Oxford, 2006.

Lucy Earl, "Social Movements and NGOs: A Preliminary Investigation", International NGO Training and Research Centre (INTRAC), 2004.

Islah Jad, “The NGO-Isation of Arab Women’s Movements”, IDS Bulletin, Vol. 35, No. 4, 2004.

Karam Karam, "المسار التىاجعي لعملية الإصلاح الانتخابي في لبنان: نقد لتجربة التشارك بين المجتمع المدني والقطاع العام والمنظمات الدولية”, published in part in Al-Akhbar, 15 July 2008.

Lara Khattab, Civil Society in a Sectarian Context: The Women’s Movement in Post-War Lebanon, Masters Thesis, Lebanese American University, Beirut, 2010.

Stéphanie Latte Abdallah,  “Vers un féminisme politique hors frontières au Proche-Orient”,  Vingtième Siècle. Revue d’histoire, Vol. 103, No 3, 2009.

Doug McAdam, John D. McCarthy, and Mayer N. Zald, Comparative Perspectives on Social Movements: Political Opportunities, Mobilizing Structures, and Cultural Framings, Cambridge University Press, 1996.

Valentine M. Moghadam, “Feminism, Legal Reform and Women’s Empowerment in the Middle East and North Africa”, International Social Science Journal, Vol. 59, No 191, 2008.

Riwa Salameh, "Gender politics in Lebanon and the limits of legal reformism", Civil Society Knowledge Center, Lebanon Support, 2014.

Joanna Siméant, "Urgence et développement, professionalisation et militantisme dans l’humanitaire", Mots, No. 65,  2001.

David A Snow, Sarah A. Soule, and Hanspeter Kriesi (eds.), The Blackwell Companion to Social Movements, Second Edition, Wiley-Blackwell, Malden, MA, 2007.

 

  • 1.  روى سلامة، "السياسات الجندرية في لبنان وحدود الإصلاح القانوني" (بالإنجليزية)، مركز المجتمع المدني للمعرفة، دعم لبنان، بيروت، ٢٠١٤، متوافر على الرابط التالي:  https://civilsociety-centre.org/ar/paper/gender-politics-lebanon-and-limits-legal-reformism-en-ar (آخر ولوج في ٢٠ كانون الأول ٢٠١٤)؛ برناديت ضو، النسوية في لبنان: ديناميكية تموضعها في مواجهة البطريركية وتجددها خلال "الربيع العربي" (بالفرنسية)، أطروحة ماجستير، جامعة القديس يوسف، بيروت، ٢٠١٤.
  • 2. مثلاً، مراجعة مونيا بناني-شريبي، أوليفييه فيليول، مقاومات واحتجاجات في المجتمعات الإسلامية (بالفرنسية)، مطبعة كلية العلوم السياسية، باريس، ٢٠٠٣.
  • 3. لوسي إيرل، "الحركات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية: تحقيق أولي" (بالإنجليزية)، مركز أبحاث وتدريب المنظمات غير الحكومية الدولية (إنتراك)، ٢٠٠٤، متوافر على الرابط التالي: http://www.intrac.org/resources.php?action=resource&id=31 (آخر ولوج في ٢٠ تشرين الثاني ٢٠١٤).
  • 4.  إصلاح جاد، "تحول الحركة النسائية إلى طابع المنظمات غير الحكومية في العالم العربي" (بالإنجليزية)، نشرة مركز دراسات التنمية IDS Bulletin، المجلد ٣٥، العدد ٤، ٢٠٠٤، ص. ٣٤-٤٢.
  • 5.  دوغ ماكادام، جون د. مكارثي، وماير ن. زالد، نظرات مقارنة حول الحركات الاجتماعية: الفرص السياسية، الهياكل التعبوية، والتأطيرات الثقافية (بالإنجليزية)، مطبعة جامعة كامبردج، ١٩٩٦.
  • 6. هانزبيتر كريسي، في ماكادام، مكارثي، زالد، المصدر نفسه
  • 7. المصدر نفسه.
  • 8. ميرا ماركس فيري، كارول ماكلورغ مولرز،  النسوية والحركة النسائية: نظرة عامة (بالانجليزية)، في: دايفد أ. سنو، سارا أ. سول، وهانزبيرتر كريسي (تحرير)، دليل بلاكويل للحركات الاجتماعية، الطبعة الثانية، دار ويلي-بلاكويل، مالدن، ماساشوستس، ٢٠٠٧.
  • 9. فيري ومولرز، ٢٠٠٧، المصدر نفسه
  • 10. دوناتيلا ديلابورتا وماريو دياني،  الحركات الاجتماعية: تعريف (بالانجليزية)، وايلي، أوكسفورد، ٢٠٠٦.
  • 11.  إصلاح جاد، ٢٠٠٤، مصدر مذكور سابقاً.
  • 12.  فالنتين م. مقدّم، "النسوية والإصلاح القانوني وتمكين المرأة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" (بالإنجليزية)، مجلة العلوم الاجتماعية الدولية، المجلد ٥٩، العدد ١٩١، ٢٠٠٨، ص. ٩-١٦.
  • 13.  ديلابورتا ودياني، ٢٠٠٦، مصدر مذكور سابقاً.
  • 14. ستيفاني لاتي عبدالله، "نحو نسوية سياسية عابرة للحدود في الشرق الأدنى" (بالفرنسية)، فانتيام سياكل-ريفو ديستوار، المجلد ١٠٣، العدد ٣، ٢٠٠٩، ص. ١٧٧-١٩٥.
  • 15. المصدر نفسه.
  • 16. مقدم، ٢٠٠٨، مصدر مذكور سابقاً.
  • 17. مراجعة تطور التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني في: لارا خطاب، المجتمع المدني في السياق الطائفي: الحركة النسائية في لبنان ما بعد الحرب (بالإنجليزية)، أطروحة ماجستير، الجامعة اللبنانية الأميركية، بيروت، ٢٠١٠.
  • 18.  مقدم، ٢٠٠٨، مصدر مذكور سابقاً.
  • 19.  لاتي عبدالله، ٢٠٠٩، مصدر مذكور سابقاً.
  • 20. جاد، ٢٠٠٤، مصدر مذكور سابقاً؛ لاتي عبدالله، ٢٠٠٩، مصدر مذكور سابقاً.
  • 21. نولة درويش، "النساء في المنظمات غير الحكومية العربية" (بالإنجليزية)، مجلة المراجعات النسوية (فيمينيست ريفو)، المجلد ٦٩، العدد ١، ٢٠٠١، ص. ١٥-٢٠.
  • 22.  جوانا سيميانت، "الطوارئ والتنمية، الاحترافية والنضالية في العمل الإنساني" (بالفرنسية)، مجلة Mots، العدد ٦٥، ٢٠٠١، ص. ٢٨-٥٠.
  • 23. كرم كرم، "المسار التراجعي لعملية الإصلاح الانتخابي في لبنان: نقد لتجربة التشارك بين المجتمع المدني والقطاع العام والمنظمات الدولية"، نشرت بشكل مختصر في جريدة الأخبار، بيروت، ١٥ تموز ٢٠٠٨، ص. ٣٢-٣٣.
  • 24. وفقاً للوسي إيرل، ٢٠٠٤، مصدر مذكور سابقاً، فإن "بصمة الحركة الاجتماعية هي بالضبط رفضها لتقديم الخدمات وإقرارها بدور الدولة في ذلك".
  • 25. ماري نويل أبي ياغي، العولمة البديلة في لبنان: نضال عبور. منطق الانخراط وإعادة تركيب الفضاء الناشط (لليسار) في لبنان (بالفرنسية)، أطروحة دكتوراه، جامعة باريس ١ - بانثيون سوربون، ٢٠١٣.
  • 26. كما نرى مثلاً في تطبيق قانون منع التدخين في لبنان الذي يتم رصد تطبيقه من قبل الجمعية التي صاغته.
  • 27.  ضو، ٢٠١٤، مصدر مذكور سابقاً.
  • 28. المصدر نفسه.
  • 29. المصدر نفسه.
  • 30.  تحول "العنف ضد المرأة" إلى موضوع بذاته، وتم إنشاء منظمات متخصصة في هذا الأمر (الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، ثم جمعية كفى في العام ٢٠٠٥، وثم مركز أبعاد في العام ٢٠١١).
  • 31. مقابلة مع ممثلة عن التجمع النسائي الديمقراطي في لبنان، كانون الأول، ٢٠١٤.
  • 32.  ضو، ٢٠١٤، مذكور سابقاً.
  • 33. مثل حلم وميم ونسوية. راجع ماري-نويل أبي ياغي، 2013، مذكور سابقاً.
  • 34. خير مثال على هذه الحركات هو التجمع النسوي "نسوية" الذي تبنى مقاربة نسوية جذرية للنضال السياسي، مركزاً على التقاطعية في فهم ديناميكيات السلطة، حيث لا يمكن فصل هوية المرأة عن عرقها أو طبقتها الاجتماعية أو قضاياها الجنسانية.
  • 35. لاتي عبدالله، ٢٠٠٩، مذكور سابقاً.
  • 36. بعد التصديق على اتفاقية سيداو، أصبحت الدولة اللبنانية شريكة بحكم الواقع لجميع المنظمات التي تروج لإصلاح القوانين الأسرية أو الضاغطة لسن قانون  بشأن العنف الأسري.
  • 37. مقابلة مع ممثلة عن التجمع النسائي الديمقراطي في لبنان، كانون الأول، ٢٠١٤.
  • 38.  إيرل، 2004، مذكور سابقاً.
  • 39. المصدر نفسه.
  • 40. المصدر نفسه.
  • 41. مقابلة مع ممثلة عن الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، تشرين الثاني، ٢٠١٤.
  • 42. مقابلة مع مؤسس جمعية موزايك، بيروت، تشرين الثاني، 2014.
  • 43. أحد الأمثلة هو مسار إنفاذ قانون العنف الأسري. فقد قامت المنظمات غير الحكومية المعنية بخلق آليات للرقابة على حسن إنفاذ القانون، بسبب تمنّع هيئات الدولة عن تولي زمام المبادرة. وقامت هذه المنظمات (ولاسيما جمعية كفى) بتدريب القضاة وقوى الأمن الداخلي وبرمجة نظام الشكاوى، لا بل ساعدت على إنشاء قسم داخل المديرية العامة للأمن الداخلي لمحاسبة الموظفين الذين يخلون بتطبيق القانون.
  • 44. مقابلات مع ليبماش، التجمع النسائي الديمقراطي، كفى، تشرين الثاني - كانون الأول، 2014.
  • 45. لم تعنِ تجربة كفى في العمل مع الدولة، على سبيل المثال، أنها توقفت عن الضغط على الدولة أو مواجهه النظام. لكنّ أعضاء/عضوات هذه المنظمة يجدون/ن صعوبة في الدفاع عن هذا الموقف. فعلى الرغم من أنّ العمل مع النواب لإمرار القانون قد أتى ثماره، إلا أنّ كفى ترى مجالاً واسعاً أمامها لانتقاد تقصير الدولة ومؤسساتها وشجبه.
  • 46.  أبي ياغي، 2014، مذكور سابقاً.
  • 47.  في المقابل، قامت تظاهرات فيرغوسن في الولايات المتحدة (بعد مقتل شاب أعزل على يد الشرطة) برفض شروط النشاطية والحقوق المدنية والعمل مع منظمات الدولة وممثلي المجتمع المحلي. فقد عرّفوا/ن عن أنفسهم/ن كممثلين عن جماعة في "نضال نشط" وحراك ضد القتل المعتمد من الدولة، واعتبروا/ن أن هذا النضال سيستمر حتى تحقيق المطالب.
  • 48. مقابلة مع ممثلة عن "حركة مناهضة العنصرية"، كانون الأول، ٢٠١٤.
  • 49. خطاب، ٢٠١٠، مذكور سابقاً.
  • 50. يمكن الإشارة هنا إلى انضمام الكثير من النساء غير المسيسات في الغالب إلى المظاهرات عقب اغتيال رفيق الحريري في ٢٠٠٥، لكن لم تجر أي محاولة جدية لالتقاط حماسهن وتعبئتهن حول قضايا سياسية أخرى.
  • 51. سلامة، ٢٠١٤،  مذكور سابقاً.
  • 52. ضو، ٢٠١٤، مذكور سابقاً.
  • 53.  يشير مؤسس ليبماش إلى حقيقة أن جميع الجهات المانحة تهتم حالياً بدعم جمعيات المثليين والمثليات والثنائيين والثنائيات والمتحولين والمتحولات جنسياً تبعاً "للضجة الإعلامية"، حيث يقوم المانحون "بالدق على أبواب هذه المؤسسات" لتشجيعها على تقديم مقترحات التمويل.
  • 54.  إيرل، ٢٠٠٤، مذكور سابقاً.
  • 55. مقابلة مع أبعاد، تشرين الثاني، ٢٠١٤.
  • 56.  تم تأسيس "أبعاد" ، وهو عبارةعن مركز الموارد للمساواة بين الجنسين، في العام ٢٠١١ للترويج للمساواة وحماية المرأة والفئات المهمشة من خلال تطوير السياسات.
  • 57. مقابلة مع أبعاد، تشرين الثاني، ٢٠١٤.
  • 58.  باختصار، ساعدت ثلاثة عوامل في إنجاح هذه التظاهرة: التعبئة من خلال أدوات التوعية والمناصرة ونشر المعلومات على أوسع نطاق ممكن؛ ودور الإعلام في التطرق إلى حالات أربع نساء قتلن في حوادث عنف منزلي، مما أدى إلى ردة فعل عاطفية لدى الرأي العام؛ ودقة تنظيم المظاهرة نفسها، من خلال استهداف الناس عبر اللقاءات (لمتطوعات والناشطيات والنساء من منظمات شقيقة).
  • 59.  مقابلة مع حركة مناهضة العنصرية، كانون الأول، ٢٠١٤.
About the author(s):
Dalya Mitri:

Dalya Mitri is an independent consultant based in Geneva working with various NGOs and think tanks focusing on humanitarian and development issues in the Arab world. She holds a Master’s degree in political science from Sciences Po in Paris and her knowledge and experience stem from her long standing involvement in the activities, initiatives and programs of local and international agencies, including: the European Commission for Humanitarian Aid (ECHO), Mouvement Social Libanais, René Mouawad Foundation and Interpeace.