[لبنان] النشرة الفصلية عن الفضاء المدني، نيسان/أبريل – حزيران/يونيو ٢٠٢٢

[لبنان] النشرة الفصلية عن الفضاء المدني، نيسان/أبريل – حزيران/يونيو ٢٠٢٢

الحرّيات المدنية مُهدَّدة

النشرة الفصلية عن الفضاء المدني. نشرة دورية صادرة عن مرصد المجتمع المدني التابع لمركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية.

تعرض النشرة الفصلية آخر المستجدّات عن وضع المجتمع المدني والفضاء المدني في لبنان استنادًا إلى بيانات من برنامج الأبحاث في مرصد المجتمع المدني التابع لمركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية، وترصد آخر التطوُّرات في الفضاء المدني.

١. اتّجاهات الفضاء المدني بين نيسان/أبريل - حزيران/يونيو ٢٠٢٢

أ) حرّية التجمّع: ما زالت مجموعات العمّال في صدارة الجهات الفاعلة الأساسية في التحركّات

لمحة عامّة عن التحرُّكات الاجتماعية 

شهدت الفترة الممتدّة من ١ نيسان/أبريل إلى ٣٠ حزيران/يونيو ٢٠٢٢ ٢٨٨ تحرُّكًا اجتماعيًا، أي أنَّها تراجعت بنسبة ٢٣% مقارنةً بالربع الأوّل من العام ٢٠٢٢ حيث تمّ رصد ٣٧٥ تحرُّكًا اجتماعيًا.

تكشف التحرُّكات خلال الربع الثاني من العام ٢٠٢٢ عن اتّجاهات مُشابهة لتلك التي شهدتها الفترة الممتدّة من كانون الثاني/يناير إلى آذار/مارس ٢٠٢٢. لجأ المتظاهرون/ات إلى الاعتصامات والمظاهرات (٦٣% من مجموع التحرُّكات) وقطع الطرق (٢٣%) للمطالبة بالإصلاحات (٣١%) والحقوق الاجتماعية الاقتصادية (٣٢%). كذلك، عبَّرَ المحتجّون/ات عن رفضهم/هنّ للسياسات (١٨%) مثل إلغاء المُعاينة الميكانيكية للسيّارات، ومنع استخدام الطحين المدعوم باستثناء أفران الخبز.

في الفترة الممتدّة من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو ٢٠٢٢، كانت مجموعات العمّال هي الجهة الفاعلة الأساسية بنسبة ٥٠% (١٤٤) من مجموع التحرُّكات، تمامًا كما حصل في الربع الأوّل من عام ٢٠٢٢. تمّ تنظيم عدّة تحرُّكات من قِبَل موظّفي الإدارة العامّة والمعلّمين/ات والأساتذة المتعاقدين/ات والمساعدين القضائيين والمتقاعدين العسكريين والعاملين/ات في مجال الرعاية الصحّية ومجموعات أخرى من العمّال، للمطالبة بزيادة الرواتب وبدلات النقل والمساعدة الاجتماعية والتغطية الصحّية ودفع المساعدة التعليمية لأولادهم/هنّ.

نظّمت التجمّعات والمجموعات غير الرسمية ٢٢% من مجمل التحرُّكات رفضًا لتدهور الظروف المعيشية والاجتماعية والاقتصادية في ظلّ انقطاع الخبز وارتفاع أسعار المحروقات وانقطاع الأدوية وانقطاع المياه والكهرباء لفترات طويلة وانخفاض القدرة الشرائية بشكل مستمرّ وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

في ١٥ أيّار/مايو أي يوم الانتخابات النيابية، تمّ تسجيل العديد من الاشتباكات حول خلافات متعلّقة بالانتخابات في مختلف المناطق (المزيد حول الانتهاكات أدناه). ولكنْ، لم يتمّ رصد سوى ٥ تحرُّكات اجتماعية مرتبطة بالانتخابات النيابية خلال شهرَيْ أيّار/مايو وحزيران/يونيو. فقد نظَّمَ مناصرو/ات الأحزاب السياسية ٣ تحرُّكات للاحتجاج على نتائج الانتخابات، وأقامَ موظّفو/ات الخدمة المدنية الذين عملوا/ن في مراكز الاقتراع اعتصامَيْن للمطالبة بدفع مستحقّاتهم/هنّ.

الأهداف

المطالب

*قد يتضمّن التحرُّك الواحد عدّة أساليب وجهات فاعلة ومطالب وأهداف.
 

تقييد مستمرّ على حرّية التجمُّع

من ١ نيسان/أبريل إلى ٣٠ حزيران/يونيو ٢٠٢٢، قوبِل ١٢ تحرُّكًا اجتماعيًا بالقمع، حيث تمّ قمع ٨ من هذه التحرُّكات في نيسان/أبريل، من خلال: الاستدعاء والاستجواب (٩)، الاعتداء على المتظاهرين/ات (٦)، تقييد حرّية التجمُّع (٣)، والاعتقالات (١). وبقيَ عدد التحرُّكات التي تمّ قمعها ثابتًا مقارنةً بالربع الأوّل من السنة.

وفي انتهاكٍ آخر لحرّية التجمُّع، طلبَ وزير الداخلية في ٢٤ حزيران/يونيو من الأجهزة الأمنية اتّخاذ الإجراءات اللازمة لمنع إقامة أيّ احتفال أو لقاء أو تجمُّع يهدف إلى الترويج للمثلية الجنسية، من دون الرجوع إلى أيّ نصّ قانوني يُبرِّر هذا القرار. يتعارض هذا القرار مع الحقّ في حرّية التجمُّع والتعبير الذي يكفله الدستور للمواطنين/ات اللبنانيين/ات. كذلك، ينتهك هذا القرار حقّ مجتمع الميم في التعبير والتجمُّع بحرّية، الذي تمّ قبوله رسميًا وصريح من قِبَل الحكومة اللبنانية في عملية المراجعة الدورية الشاملة في لبنان لعام ٢٠٢١ لدى مجلس حقوق الإنسان.

وكانَ من المُقرَّر تنظيم اعتصام أمام وزارة الداخلية في ٢٦ حزيران/يونيو اعتراضًا على هذا القرار، لكنْ تمَّ تأجيلُه بسبب تزايد التهديدات بالقتل والدعوات إلى إقامة تظاهرات مضادة، وخوفًا من امتناع الأجهزة الأمنية عن حماية المُشارِكين/ات في الاعتصام.

 

ب) حرّية إنشاء الجمعيّات: هيمنة الجمعيات الخيرية

إنشاء ٥٢ جمعية جديدة و١٠ نقابات جديدة

تمّ نشر ٥٠ جمعية جديدة في الجريدة الرسمية من ١ نيسان/أبريل إلى ٣٠ حزيران/يونيو ٢٠٢٢. تهدف ٨٥% منها إلى تقديم الدعم الاقتصادي والخدمات الصحّية والتعليم وفُرَص العمل. ما زلنا نشهد زيادةً في عدد المنظّمات الخيرية والمنظّمات التي تُعنى بالمساعدة والإغاثة في ظلّ غياب دولة الرعاية الاجتماعية والخدمات الاجتماعية والحقوق في لبنان.

عدد الجمعيات الجديدة التي تمّ إنشاؤها

المجموع حزيران/يونيو أيّار/مايو نيسان/أبريل الشهر
٥٢ ١٦ ٣٠ ٦ عدد الجمعيات الجديدة

 

 

 

تمّ إنشاء ١٠ نقابات جديدة في نيسان/أبريل وأيّار/مايو وحزيران/يونيو ٢٠٢٢، لأصحاب مراكز البصريات، وموظّفي/ات قطاع تكنولوجيا التربية، والعاملين في قطاع الكهرباء في لبنان الشمالي، ومرشدي الأماكن السياحية، والعاملين في قطاع صيد وتربية الأسماك، ومربّي النحل، ومدرّبي تطوير الذات، وموظّفي/ات محلّات الأزهار، ومتعهّدي الشحن والتفريغ، والاختصاصيين/ات في علم التغذية.

عدد النقابات الجديدة التي تمّ إنشاؤها

المجموع حزيران/يونيو أيّار/مايو نيسان/أبريل الشهر
١٠ ٢ ٧ ١ عدد النقابات الجديدة

 

 

 

المصارف: فاعل رئيسي في تقليص الفضاء المدني

خلال مظاهرة نُظِّمَت في حزيران/يونيو، استنكرَ "الاتّحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركيًا" القيود المصرفية المفروضة على الحسابات بالعملات الأجنبية والتي تؤثّر على قدرة منظّمات المجتمع المدني والجمعيات على تقديم المساعدة والإغاثة، ما يُعرِّضها لخطر الإغلاق. لقد تأثّرت منظّمات المجتمع المدني بشكل خاصّ بالقيود المصرفية التي تمّ فرضها منذ بداية الأزمة الاقتصادية في نهاية عام ٢٠١٩ وذلك لأنَّ معظم تمويلها يأتي من الخارج. تشمل أبرز هذه القيود: الوصول المحدود إلى الحسابات بالعملات الأجنبية، والرسوم الإضافية على التحويلات والسحوبات، وسحب العملات الأجنبية بالليرة اللبنانية بسعر صرف مُخفَّض.

لم يتمّ التأكيد بعد على اتّفاقٍ يقضي بدفع ٤٠% من الأموال الممنوحة للجمعيات الخيرية عام ٢٠٢١ نقدًا.

 

ت) حرّية التعبير: قمع الناشطين/ات والصحفيين/ات

استهداف الصحفيين/ات

في ٦ أيّار/مايو، نظَّمَ الصحفيون/ات اعتصامًا في بيروت بمناسبة يوم شهداء الصحافة للتنديد بقمع حرّية الصحافة. وعلى الرغم من تحرُّكهم، تمّ استهداف ١٠ صحفيين/ات من قِبَل سلطات الدولة بين ١ نيسان/أبريل و٣٠ حزيران/يونيو ٢٠٢٢، وهي زيادة ملحوظة مقارنةً بالفصل السابق عندما تمّ تقديم ٢ من الشكاوى ضدّ الصحفيين/ات.

ردًّا على هذه الحملة على الصحفيين/ات، نشرت نقابة الصحافة البديلة بيانًا استنكرت فيه الانتهاك المستمرّ لحرّية التعبير والرأي، كما استنكرت مثول الصحفيين/ات أمام الأجهزة العسكرية والأمنية بدل القضاء، وشجبت الاستخدام المفرط لتهمة "القدح والذم" التي تُقيِّد حرّية التعبير.

بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو ٢٠٢٢:

استهداف الناشطين/ات

استهدفت السلطات أيضًا الناشطين/ات.

الرقابة

تمّ رصد حادثتَيْن مرتبطتَيْن بالرقابة بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو ٢٠٢٢:

  • تمّ حجب صفحة "ثورة ماب" على إنستغرام لمدّة ثلاثة أيّام. ترصد صفحة "ثورة ماب" ممتلكات الأشخاص المرتبطين بالطبقة الحاكمة في لبنان وإنفاقهم وتحرُّكاتهم.
  • تمّ حظر فيلم الرسوم المتحرّكة "لايت يير" بسبب مشهد يتضمّن قبلة مثلية، بعد أن رفضت شركة "ديزني" حذف المقطع بناءً على طلب السلطات الرقابية.

الانتخابات النيابية

أُجريَت الانتخابات النيابية في لبنان في ١٥ أيّار/مايو. وسُجِّلَت أعمال ترهيب للصحفيين/ات، ورقابة ذاتية واسعة النطاق، وحوادث عنف محدودة ضدّ الإعلام خلال الحملة الانتخابية. في يوم الانتخابات، رصدت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات ٣٦٠٠ انتهاك، منها ١٢٧٣ انتهاكًا للخصوصية خلف العازل، و١٩٨ حالة ترهيب للمرشّحين/ات، و٩٥ اعتداء، و٣٠ قطعاً للطرق لمنع وصول الناخبين/ات إلى مراكز الاقتراع، و١٤ حالة مُنِعَ فيها الصحفيون/ات والمرشّحون/ات أو المراقبون/ات من دخول مراكز الاقتراع.

انتهاكات للانتخاباات الديمقراطية

 

٢. تحت المجهر: قمع السلطات اللبنانية للحرّيات المدنية لمجتمع الميم

واجهَ أفراد مجتمع الميم في لبنان التمييز الهيكلي والعنف والانتهاك لحقوقهم/هنّ القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية على مدار العقود الأخيرة. وأدّى تدهور الظروف المعيشية والاجتماعية والاقتصادية إلى تفاقم هذه الانتهاكات. إنَّ هذا القمع الموجّه ضدّ فئة مهمَّشة يعكس تراجعًا عامًا لوضع الحرّيات في لبنان.

وزارة الداخلية تمنع احتفالات واجتماعات وتجمُّعات لها علاقة بمجتمع الميم

في واحدة من أحدث الهجمات ضدّ مجتمع الميم، منعت وزارة الداخلية في ٢٤ حزيران/يونيو إحياء أيّ احتفالات واجتماعات وتجمّعات مرتبطة بمجتمع الميم. يُشكِّل هذا القرار انتهاكًا لحرّية التعبير والتجمُّع لمجتمع الميم، علمًا أنَّ وزير الداخلية رفضَ "التذرُّع بحرّية التعبير في هذه القضية".

ليست هذه المرّة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الحظر، إذ لطالما مُنِعَت أو أُلغِيَت تجمّعات مجتمع الميم. على سبيل المثال لا الحصر، في أيّار/مايو ٢٠١٨، أوقفت السلطات اللبنانية حفل "بيروت برايد" الثاني، واعتقلت مُنظِّم "بيروت برايد" ولاحقته قضائيًا. وفي عام ٢٠١٩، تمّ إلغاء الحفل الافتتاحي للنسخة الثالثة من "بيروت برايد".

الإطار القانوني

يتعارض الحظر مع توصيةٍ بـ"ضمان الحقّ في التجمُّع السلمي والتعبير لأفراد مجتمع الميم" بعد أن وافقَ لبنان على هذه التوصية عام ٢٠٢١ في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة. كما وأنَّ أيّ حظر على مجتمع الميم ينتهك الحقّ الدستوري لجميع المواطنين/ات اللبنانيين/ات في ممارسة حرّية التعبير والتجمُّع.

مجتمع الميم وحرّية التجمُّع والتعبير

من أجل أن نفهم أهمية حرّية التجمُّع والتعبير بالنسبة إلى أفراد مجتمع الميم للمطالبة بحقوقهم/هنّ، نعود بالذاكرة إلى حركة ١٧ تشرين الأوّل/أكتوبر التي نقلَ خلالها أفراد مجتمع الميم مطالبهم/هنّ من الهامش إلى الخطاب العام والعلني بخطوطه العريضة. فمن خلال هتافاتهم/هنّ ("من أجل المثليين/ات لن نسكت"؛ "من أجل النساء المتحوّلات سنهتف في الشوارع") والكتابات على الجدران ("حقوق المثليين"، "نعم لإلغاء المادّة ٥٣٤"، "حقوق مزدوجي الجنس"، "لقد سئمت من البقاء في الخزانة"، "حقوق المثليين/ات والمتحوّلين/ات جنسيًا هي من حقوق الإنسان") عبَّروا/ن مرّة جديدة عن مطالبهم/هنّ.

تهدف القيود المفروضة على حرّية التجمُّع والتعبير، مثل القرار الصادر في ٢٤ حزيران/ يونيو، إلى إسكات أفراد مجتمع الميم وتغييبهم/هنّ.

القمع المُوجَّه ضدّ الحقوق المدنية، والتراجُع العام للحرّيات

صرَّحَ طارق زيدان، المدير التنفيذي لجمعية "حلم"، وهي منظّمة غير حكومية تُدافِع عن حقوق أفراد مجتمع الميم، لهيومن رايتس ووتش في ٤ تمّوز/يوليو أنَّه على الرغم من أنَّ قرار ٢٤ حزيران/يونيو يستهدف مجتمعًا معيّنًا، إلّا أنَّه يكشف عن تراجُع عام في حقوق الإنسان والحرّيات في لبنان. كذلك، صرّحت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، أنَّ "منع نشاطات [مجتمع الميم] لا يُميِّز ضدّ الأقلّيات الجنسية والجندرية ومُناصِريها فحسب، إنَّما ينتهك حقّ الجميع في حرّية التجمُّع والتعبير وتكوين الجمعيات في لبنان".

إنَّ القمع الذي يستهدف مجموعات محدّدة، مثل مجتمع الميم والصحفيين/ات والناشطين/ات، هو جزء من محاولة أكبر لخنق حرّية التعبير والتأثير على الحالة العامّة للحرّيات في البلد.