You are here
Manal Al Assi tortured to death by her husband
Manal Assi died in hospital due to injuries she suffered from her husband, Mohammad al-Nhaily, beating after a quarrel in their home turned violent. According to accounts from relatives and neighbors, Nhaily called Assi’s relatives to come to the house and “get their daughter” while he was in the midst of assaulting her.
(Excerpts from Daily Star Report: http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2014/Feb-08/246764-manal-a...)
سعدى علوه-
"دخيلك بردانة يا أختي غطيني". لم تسعف الحياة منال العاصي بأكثر من هذه العبارة قبل أن تغيب عن الوعي ولتفارق الحياة بعد ساعات على تعنيفها من جانب زوجها محمد النحيلي. النحيلي ضربها وسحلها وحرقها ومثّل بجثتها على مرأى ومسمع من أربعة أفراد من عائلتها، وفق ما روت شقيقتها غنوى العاصي لـ"السفير". غنوى تؤكد أنهم خافوا منه: "واحد مجرم عليه كذا بلاغ بحث وتحرٍ، وما منقدر عليه، هددنا جميعاً بالقتل"، تقول مبررة عدم تدخلهم وهم يشهدون ساعات من تعذيب وقتل شقيقتهم أمام أعينهم. العائلة التي عادت وادعت على صهرها بتهمة قتل ابنتها قررت ليل أمس، وفق ما أكدت لـ"السفير" توكيل "منظمة كفى عنفاً واستغلالاً" تكليف محام عنها، بعدما كان أفرادها قد تريثوا.
ومساء أمس، وكي تكتمل المأساة فصولاً، عرفت بنات منال تفاصيل مقتلها. بعدما كانت العائلة قد أخفت ظروف مقتل والدتهما، شاهدت تالا (15 عاماً) وسارة (13 عاماً) تقريراً تلفزيونياً يروي كيفية وقوع الجريمة. والأهم صورة منال في المستشفى. انهارت الفتاتان وكأن أمهما قد قتلت للتو، وكأنها توارى في الثرى في تلك اللحظة.
يؤكد مصدر قضائي رفيع المستوى لـ"السفير" أن حق منال (33 عاماً) التي قتلت ووريت في الثرى عصر أمس الأول، لن يضيع، رداً على سؤال عن سبب عدم تشريح جثتها. ويشدد المصدر على أن تقريري الطبيب الشرعي الذي عاينها قبل وفاتها وبعدها، يؤكدان أنها قتلت نتيجة الضرب المبرح والعنف الممارسيّن عليها. وأوضح المصدر نفسه أن "ليس هناك من داع لتشريح جثتها كون الصور التي أخضعت لها في مستشفى المقاصد، والتي استند إليها الطب الشرعي مع مشاهداته الوصفية وإفادات الشهود، كافية لإدانة المتهم".
في المقابل، أبدى مصدر حقوقي خشيته من أن "يتم الطعن لاحقاً بتقريري الطبيب الشرعي عند بدء المحاكمات، وأن يطالب فريق الدفاع عن النحيلي بإثباتات علمية إضافية قد لا تكون متوافرة بسبب تحلل جثة منال بعد مدة من الدفن. ما يحول دون الإدانة الكاملة للمتهم".
ويقترح المصدر الحقوقي أن "يتم التأكد من الأدلة الموجودة وإجراء التشريح اللازم قبل فوات الأوان، في حال ارتأت النيابة العامة ذلك، تحسباً لأي اجتهادات دفاعية قد تطرأ". وذكّر المصدر بعدم قدرة اللجنتين الطبيتين المنبثقتين من نقابتي أطباء بيروت والشمال، واللتين أُوكلتا بالتحقيق بقضية رولا يعقوب، على القيام بما يلزم من تشريح للرقبة والدماغ بسبب تحلل جثتها، عندما تسلم الأطباء الملف وقرروا ما يلزم، بعد نحو شهرين على مواراتها في الثرى.
هذا في القضاء، لكن تفاصيل قتل منال العاصي لا تقل أهمية في دلالاتها عن إحقاق العدالة في قضيتها. قتلت منال على مرأى ومسمع من معظم أفراد عائلتها: أمها، شقيقها وشقيقتيها. على مسمع من معظم أهالي الحي الذي تسكنه. وسط حضور أكثر من ثلاث فرق إسعاف قدموا لنقلها إلى المستشفى لكن زوجها منعهم. وعلى مرأى ومسمع من جيران عجزوا عن التدخل لأن "المشكلة عائلية"، والأهم لأن الزوج ذو سطوة ويهابه الجميع.
تهابه العائلة التي اعتادت تعنيفه ابنتها، اعتادت اتصالاته ليقول: "تعوا شوفو قتلتلكم بنتكم"، اعتادت أن يضربها من دون أن يتقدم أحد منهم بشكوى. وجريمة قتل منال لم تخرج عن السياق نفسه.
تغيير إفادة
تروي غوى العاصي، شقيقة منال، لـ"السفير" وقائع اليوم الدامي الذي عاشته منال وانتهى بقتلها، وهم شهود على لفظها أنفاسها.
عند العاشرة والنصف من قبل ظهر الأربعاء الماضي، كانت والدة منال وشقيقتاها غنوى وعبير يشربن القهوة في منزل الأولى في طريق الجديدة عندما اتصل النحيلي وقال للأم: "قتلتلك بنتك تعي خديها ع القبر". ركضت الشقيقتان ووصلتا قبل أمهما ليجدن منال "مضرجة بدمائها وتتنفس بصعوبة". نهر النحيلي عبير وغنوى وأكمل مهمته "سحلها في كل البيت، سحبها من شعرها وأجلسها على الكنبة وبدأ بصفعها وركلها على كامل جسدها.. كان الدم ينزف من رأسها ومن أنفها ومن فمها". غنوى تقول إنه كان قد رماها بمياه الفاصوليا الساخنة: "كانت حبوب الفاصوليا تملأ المنزل وكانت منال محروقة". رجته النساء الثلاث أن يسمح لهن بنقل منال إلى المستشفى "يا حبيبي يا قلبي الله يخليك، الله يخليلك شبابك"، قلن له من دون جدوى. ضربهن جميعاً ثم أقفل الباب ورحل. قامت شقيقتا منال وغيّرتا ملابسها قبل أن يعود بعد عشر دقائق. عاد النحيلي بصحبة شقيق زوجته ليشهد على ما يفعله أيضاً. شارك الشقيق الذي يبلغ من العمر 27 عاماً في التمني على صهره السماح لهم بنقل شقيقته إلى المستشفى من دون جدوى. غادرت غنوى: "لأني خفت يقتل أخي كمان، كان مسلحاً، وقلت أكيد رح يقتل حدا تاني". ركضت إلى الشارع وشرعت تترجى شباب الحي مساعدتها. قالت لهم إنه يقتل منال، توسلت إغاثتها ولكن أحداً لم يتجاوب معها "كلهم بخافو منه"،.
وقد غادر شقيق منال وشقيقتها الثانية منزلها وتركاها مع أمها والنحيلي الذي كان قد اعتدى على الجميع بالضرب: "خنق أمي وضرب أخي وأنا هربت"، تقول غوى. بعدها أقفل الباب على الوالدة مع ابنتها الفاقدة للوعي بعدما أخذ هاتفها وحقيبتها، وغادر. بعد نحو ساعتين تقريباً عاد مع شقيق منال ونقلاها إلى مستشفى المقاصد بعدما عمم عليهم ضرورة القول إنها وقعت عن سلم المنزل وأن رأسها ارتطم بحافة المجلى".
في المستشفى التزمت الوالدة بتعليمات صهرها، قاتل ابنتها الذي كان حاضراً أيضاً. تقول غوى إن ما قيل عن عدم اتصالهم بالقوى الأمنية غير صحيح: "أنا اتصلت فيهم وبعض شباب الحي اتصلوا أيضاً"، نافية علمها بسبب عدم حضورهم. هنا يذكّر المصدر الحقوقي بإفادات بنات رولا يعقوب التي لا تتجاوز كبيرتهن الثانية عشرة من العمر، ليقول: "إذا كان البالغون قد غيروا إفاداتهم تحت الضغط والخوف فكيف بصغيرات يعشن مع عائلة والدهن؟".
وفي المستشفى شك الأطباء في كلام عائلة منال وبكل ما بدا عليها من عنف وكدمات. اتصلت المستشفى بالقوى الأمنية في المنطقة التي طلبت بدورها طبيباً شرعياً. قال الطبيب الشرعي وبعض عناصر الأمن للأم: "إذا أصريت على القول أن ابنتك وقعت ولم يكن ذلك صحيحاً ستعتبرين شريكة في الجريمة". سجل الطبيب تقريره وأجريت الصور الشعاعية التي أكدت وجود نزيف في الرأس أدى إلى موت منال دماغياً وسريرياً. قرابة منتصف الليل لفظت منال أنفاسها الأخيرة بعدما كان زوجها قد هرب مع وصول عناصر الدرك لإجراء تحقيقاتهم. ومع موتها ووجود الأدلة على تعرضها للضرب والقتل، اعترفت عائلتها بما حصل. روى أفرادها للقوى الأمنية كيف قتلها زوجها أمامهم جميعاً، وكيف هددهم بالقتل وكيف خافوا وأخفوا الحقيقة في البداية.
ليتزوج ثالثة
مصدر أمني أكد لـ"السفير" أن أحداً لم يتصل بقوى الأمن وأن "مستشفى المقاصد" هي من أعلمهم بالأمر"، مشيراً إلى أن أفراد عائلة منال اعتبروا في إفاداتهم الأولية أن الحادث "قضاء وقدر" وجاء نتيجة سقوطها عن سلم المطبخ وارتطامها بالمجلى. ولفت إلى أن التحريات الاستقصائية أثبتت تعرض منال للضرب فتم الاتصال بالنائب العام في بيروت الذي أشار بالكشف على المنزل وبتكليف طبيب شرعي بمعاينة الضحية. وأكد الطبيب، وفق ما أفادت العائلة، أنها تعرضت للضرب بـ"آلة حادة على رأسها وأنحاء مختلفة من جسدها، وأن العنف أدى إلى إصابتها بنزيف في الدماغ وبموتها". ومع مواجهة عائلتها بهذه الحقائق، وبالتحديد بعد تأكد مقتل منال، روت العائلة كامل التفاصيل واتخذت صفة الإدعاء الشخصي بحق النحيلي. المصدر الأمني نفسه أكد لـ"السفير" أن النحيلي "مطلوب بعدد من بلاغات البحث والتحري بسبب مشاكل وتجاوزات قانونية عدة وإطلاق نار وغيرها".
من جهته، أكد مصدر في الدفاع المدني لـ"السفير" أن فرقة إسعاف توجهت عند الواحدة وعشر دقائق إلى منزل منال لنقلها إلى المستشفى بعد ورود اتصال بهذا الشأن، ولكن "زوجها نهر الشباب وقال لهم إنه لا يريد نقلها إلى أي مكان"، فرحلوا.
ومثلهم رحل مسعفون من فرق إغاثة أخرى، ومع الجميع رحلت منال، ابنة الثلاثة والثلاثين عاماً، أم لطفلتين. رحلت بعدما أمضت سنوات طويلة من العنف الزوجي وسط صمتها وصمت عائلتها على البطش الذي كان يمارسه زوجها بحقها. قتلت منال وعائلتها ليست الوحيدة الشاهدة على الجريمة، الحي بكامله شاهد، ولم يحرك أحد ساكنا. من هو هذا الرجل الذي أخاف حيا بكامله؟ إلى أي سلطة يطمئن هذا الرجل الذي استمر بقتل زوجته وتعنيف عائلتها على مدى أكثر من سبع ساعات؟ إلى أي منظومة اجتماعية ودينية وقانونية يستند؟ رجل مطلوب للعدالة والمفروض أنه ملاحق يتجول حراً ويمارس عمله بشكل عادي ويعيش حياته طبيعياً وكان يقرر الزواج للمرة الثالثة بعدما تزوج إمرأة ثانية على منال وأنجب منها صبياً. رجل أمضى سنواته الأخيرة يبطش بزوجته ويعنفها بكل ما أوتي من قوة من دون أن يتجرأ أحد على مواجهته، وعلى التقدم بشكوى ضده: "كنا نقول منحلها عائلياً، وبعدين نحن منخاف منه". لا تملك عائلتها غير هذا الجواب. المسألة ليست في القانون وحده، بل فينا نحن جميعاً الذين نشارك في جرائم العنف الأسري كل من موقعه وعلى طريقته.