[لبنان] النشرة الفصلية عن الفضاء المدني، تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢١ – آذار/مارس ٢٠٢٢
نظرة على التقلُّص المتزايد للفضاء المدني
النشرة الفصلية عن الفضاء المدني. نشرة دورية صادرة عن مرصد المجتمع المدني التابع لمركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية.
تعرض النشرة الفصلية آخر المستجدّات عن وضع المجتمع المدني والفضاء المدني في لبنان استنادًا إلى بيانات من برنامج الأبحاث في مرصد المجتمع المدني التابع لمركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية، وترصد آخر التطوُّرات في الفضاء المدني.
١. اتّجاهات الفضاء المدني بين تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢١ وآذار/مارس ٢٠٢٢
أ) حرّية التجمُّع
لمحة عامّة عن التحرُّكات الاجتماعية
شهدت الفترة الممتدّة من ١ تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢١ إلى ٣١ آذار/مارس ٢٠٢٢ ٦٨١ تحرُّكًا اجتماعيًا، وبلغت ذروتها في كانون الثاني/يناير ٢٠٢٢ (١٥٧). بقيَ عدد التحرُّكات مشابهًا للفترة نفسها في العام الماضي (من تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢٠ إلى آذار/مارس ٢٠٢١) حيث تمّ رصد ٦٥٣ تحرُّكًا اجتماعيًا.
عدد التحركات أساليب التحركات
شهدت الفترة الممتدّة من تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢١ حتّى آذار/مارس ٢٠٢٢ مزيدًا من التراجُع في القدرة الشرائية، وارتفاعًا في أسعار السلع، وانقطاعًا متزايدًا في التيّار الكهربائي، وانخفاض قيمة الليرة في سوق الصرف الموازي. وأمام هذه الظروف المعيشية المتدهورة، لجأ المتظاهرون/ات إلى الاعتصامات والمظاهرات (٥٦% من مجموع التحرُّكات) وقطع الطرق (٣٧.٥% من مجموع التحرُّكات) للمطالبة بالإصلاحات (٥١%) والحقوق الاجتماعية الاقتصادية (٣٢%). كذلك، عبَّرَ المحتجّون/ات عن رفضهم للسياسات (١٩%)، مثل مشروع قانون "الكابيتال كنترول" الذي يهدّد حقوق المودعين/ات، ومشروع قانون الموازنة الذي يشمل ضرائب وأعباء قد تؤثّر سلبًا على الطبقات ذات الدخل المحدود.
الجهات الفاعلة
الأهداف
المطالب
خلال الربع الأخير من عام ٢٠٢١، نظَّمت التجمُّعات والمجموعات غير الرسمية ٤٥% (١٣٧) من مجمل التحرُّكات للمطالبة بإصلاحات اقتصادية من أجل الحصول على الاحتياجات الأساسية كالأدوية والمحروقات والكهرباء والخبز، والخدمات الأساسية مثل الصحّة والتعليم.
وفي الربع الأوّل من عام ٢٠٢٢، كانت مجموعات العمّال هي الجهة الفاعلة الأساسية في التحرُّكات بنسبة ٤٨% (١٨١) من مجموع التحرُّكات. أبرز مجموعات العمّال التي تحرّكت هي: العاملون/ات في مجال الرعاية الصحّية، والأساتذة المتعاقدون/ات، وسائقو النقل البرّي، والمتقاعدون العسكريون، وعمّال كهرباء لبنان، ونظّموا تحرُّكاتهم للمطالبة بظروف عمل أفضل (بدلات النقل، زيادة الأجور، المساعدة الاجتماعية، التغطية الصحّية، دفع الأقساط المدرسية لأولادهم/هنّ). وكانت معظم الإضرابات الـ٤١ التي نظَّمَها العمّال مفتوحة، واستمرّت لعدّة أسابيع، مثل الإضراب الذي نظّمه عمّال شركة كهرباء لبنان والذي استمرَّ من ٩ آذار/مارس حتّى ١٢ نيسان/أبريل، وإضراب عمّال الرعاية الصحّية في مستشفى صيدا الذي بدأ في ٣٠ أيلول/سبتمبر وانتهى في ٣١ تشرين الأوّل/أكتوبر.
القيود على حرّية التجمّع
من ١ تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢١ إلى ٣١ آذار/مارس ٢٠٢٢، قوبل ٢٠ تحرُّكًا اجتماعيًا بالقمع. وشملت وسائل القمع: تقييد حرّية التجمُّع (٩)، الاعتداء على المتظاهرين/ات (٦)، الاستدعاء والاستجواب (٤)، الاعتقالات (١)، واستخدام الغاز المسيل للدموع (١). ردًّا على هذا القمع، وخلال الفترة نفسها، نُظِّمَ ١٤ تحرُّكًا لاستنكار الاعتقال والاستدعاء التعسُّفي للمتظاهرين/ات وقمع الاعتصامات. وحصلت كلّ هذه التحرُّكات في محيط مؤسّسات عسكرية وأمنية.
عدد التحرّكات التي قوبِلَت بالقمع
ب) حرّية إنشاء الجمعيّات
إنشاء ١٤٣ جمعية جديدة - تكريس للنهج الخيري
تمّ نشر ١٤٣ جمعية جديدة في الجريدة الرسمية من ١ تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢١ إلى ٣١ آذار/مارس ٢٠٢٢. تهدف ٨١% منها إلى تقديم الدعم الاقتصادي والخدمات الصحّية والتعليم وفُرَص العمل. وفيما تُحاوِل هذه الجمعيات سدّ النقص نظرًا لغياب دولة الرعاية الاجتماعية والخدمات الاجتماعية والحقوق في لبنان، وخصوصًا في ظلّ الأزمة الحالية التي يمرّ بها البلد، يُلاحَظ ازدياد عدد المنظّمات الخيرية والمنظّمات التي تُعنى بالمساعدة والإغاثة، ما يُشير إلى تكريس نهج الخدمة والعمل الخيري، مع عدد محدود من الجمعيات الحقوقية.
عدد الجمعيّات الجديدة
أبرز التهديدات لحرّية تكوين الجمعيات
حرّية تكوين الجمعيات الخاصّة بالقضاة
في منتصف شهر كانون الأوّل/ديسمبر، اعتمدت لجنة الإدارة والعدل النيابية مشروع قانون بشأن استقلالية وشفافية القضاء. وبحسب هذه النسخة من القانون، لا يُسمَح للقضاة بتكوين الجمعيات إلّا إذا كانَ موضوع الجمعية لا يتعارض مع صلاحيات مجلس القضاء الأعلى. ونتيجةً لذلك، فإنَّ حرّية القضاة في تكوين الجمعيات تقتصر على النوادي الترفيهية والثقافية، ولا يمكن أن تشمل الجمعيات التي تتناول المبادئ الأخلاقية للقضاة وحقوقهم المادّية واستقلالهم .
مجموعات المعارضة البحرينية
شهدَ شهر كانون الأوّل/ديسمبر ٢٠٢١ وشهر شباط/فبراير ٢٠٢٢ سلسلةً من التدابير التقييدية ضدّ مجموعات المعارضة البحرينية التي انتقدت سجلّات حقوق الإنسان في البحرين وحاولت تنظيم فعّاليات في لبنان. أصدرت وزارة الداخلية عدّة قرارات لترحيل أعضاء إحدى المجموعات، وإلغاء الفعّاليات التي كانوا يُخطّطون لاستضافتها، وفي نهاية المطاف محاكمة مُنظِّمي الفعّاليات والمتحدّثين فيها. وكانَ الهدف من هذه الحملة على حرّية التعبير والتجمُّع هو عدم الإساءة إلى السلطات البحرينية حيث كانَ لبنان منشغلًا بمحاولة التخفيف من الخلاف الدبلوماسي مع العديد من دول الخليج.
ت) حرّية التعبير
استهداف الصحفيين/ات
تلجأ السلطات باستمرار إلى استهداف الصحفيين/ات. وتجدرُ الإشارة إلى أنَّ لبنان يحتلّ المرتبة ١٣٠ من بين ١٨٠ بلدًا في النسخة العشرين من التصنيف السنوي لحرّية الصحافة لمنظّمة "مراسلون بلا حدود" (Reporters Without Borders).
بين تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢١ وآذار/مارس ٢٠٢٢
- اعتقلَ الأمن العام بشكلٍ تعسُّفي الصحفية ندى حمصي لمدّة ثلاثة أسابيع من دون سبب قانوني واضح. وكان مشتبهًا بها بالإرهاب والتجسُّس لصالح إسرائيل وتجارة السلاح، لكن لم تُوجَّه ضدّها أيّ اتّهامات قضائية. وُجِّهَت ضدّها تهمة تعاطي الحشيش فقط، لكنَّها غير كافية لتبرير احتجازها لفترة طويلة.
- حكمت المحكمة العسكرية على الصحفي رضوان مرتضى بالسجن لمدّة ثلاثة عشر شهرًا بتهمة إهانة الجيش اللبناني وقائده.
- قدّمت رئاسة الجمهورية إخبارًا بحقّ الصحفي محمّد نمر بسبب مقالة كتبها حول تمويل الحملة الانتخابية للتيّار الوطني الحرّ.
- تقدّمت القاضية غادة عون بشكوى ضدّ الصحفي مارسيل غانم بسبب انتقاد تحقيقاتها وملاحقاتها الأخيرة التي استهدفت القطاع المصرفي.
استهداف المُدافِعين/ات عن حقوق الإنسان
استهدفت السلطات أيضًا المُدافِعين/ات عن حقوق الإنسان. في كانون الأوّل/ديسمبر، تمّ توقيف الناشطة الأردنية الشيماء الزعبي التي تُدافِع عن حقوق المرأة ومجتمع الميم. وفي كانون الثاني/يناير، استدعى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية التابع لقوى الأمن الداخلي الناشط ضومط قزّي دريبي الذي دافعَ عن عاملة منزل إثيوبية على مواقع التواصل الاجتماعي.
الرقابة
من تشرين الأوّل/أكتوبر ٢٠٢١ إلى آذار/مارس ٢٠٢٢، تمّ توقيف واحتجاز و/أو استدعاء مؤلّفي ثلاثة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وإنتاجٌ فنّي واحد، بسبب انتقادهم رموز من النظام الحاكم، أي الرئاسة والجيش ونائب في البرلمان.
وفي تشرين الأوّل/أكتوبر، أوقفَ الأمن العام عرض مسرحية بعنوان "تنفيسة" على مسرح المدينة بسبب انتقاد رئاسة الجمهورية والحكومة، وتمّ استدعاء المخرج عوض عوض.
في كانون الأوّل/ديسمبر، استجوبَ الأمن العام توفيق بريدي، وهو مؤثّر لبناني على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب إهانة الرئيس.
في تشرين الثاني/نوفمبر، استدعت المحكمة العسكرية الفنّانة الكوميدية اللبنانية شادن فقيه للتحقيق معها على خلفية اتّهامها بتحقير قوى الأمن الداخلي والمسّ بسمعتها.
في كانون الثاني/يناير، استدعى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية الناشط طارق أبو صالح للتحقيق معه بعد أن انتقدَ النائب فيصل كرامي على مواقع التواصل الاجتماعي.
ث) التقدُّم في الفضاء المدني
خلال الفصلَيْن الماضيَيْن، تحرَّكَ المحتجّون/ات ضدّ التحرّش الجنسي. وأدّت هذه التحرُّكات الاجتماعية إلى اتّخاذ تدابير إجرائية لمعالجة المَطالِب.
في طرابلس، نظَّمَ الطلّاب الثانويون ثلاثة اعتصامات في ٦ و٧ و٩ كانون الأوّل/ديسمبر للمطالبة بالتحقيق مع المُدرِّس سامر مولوي المُتَّهَم بالتحرّش. وبعد هذا التحرّك، قامت وزارة التربية بفصل مولوي عن التدريس في ٧ كانون الأوّل/ديسمبر، وهو محتجز رهن التحقيق منذ ١ نيسان/أبريل.
في ٨ شباط/فبراير، تظاهرَ ناشطون/ات أمام مسرح مونو بعد أن نظَّمَ المسرح ورش عمل للطلّاب بقيادة ميشيل جبر المتّهم بالتحرّش الجنسي في ثمانية وأربعين إفادة. وفي ١٢ شباط/فبراير، قرَّرَت إدارة مسرح مونو قطع العلاقات مع جبر.
٢. أحدث رسومنا البيانية عن مستجدّات الفضاء المدني في لبنان
قمع التحرّكات الاجتماعية في لبنان خلال العام ٢٠٢١، تقلّص متزايد للفضاء المدني
يُذكِّرُنا الرسم البياني الذي أعدّيناه حول تقلُّص الفضاء المدني وقمع التحرُّكات الاجتماعية الذي يغطّي العام ٢٠٢١ أنَّ الفضاء المدني في لبنان يتقلّص تدريجيًا خلال السنوات الماضية، حيث أنَّ التدقيق والرقابة و/أو القمع يتوجّه بشكل مستمرّ ومتزايد نحو الجهات الفاعلة والمبادرات والتحرُّكات الاجتماعية في المجتمع المدني. يُلقي هذا الرسم البياني الضوءَ على أبرز الاتّجاهات في التحرُّكات الاجتماعية والتسلسل الزمني لهذه التحرُّكات وأنواع القمع المُمارَس ضدّها في ٢٠٢١.
التحرّك ضدّ القمع. أبعاد تقليص الفضاء المدني في لبنان
ونشرَ مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية رسمًا بيانيًا آخر يُلقي الضوء على أبعاد غالبًا ما يتمّ تجاهلها في تقليص الفضاء المدني، وهي التحرُّكات ضدّ قمع الفضاء المدني. يشمل هذا الرسم البياني فصلَيْن إضافيَّيْن، من كانون الثاني/يناير ٢٠٢١ إلى آذار/مارس ٢٠٢٢، وهي الفترة التي تخلَّلَها ٨٤ تحرُّكًا للتنديد بالاعتقالات التعسُّفية واستدعاء النشطاء والصحفيين/ات والفنّانين/ات. ومن اللافت أنَّ هذا الرسم البياني يُسلِّط الضوء أيضًا على حصول نصف الاحتجاجات تقريبًا في محيط المؤسّسات العسكرية والأمنية.