استجابة الحركة الاجتماعية لأزمة النفايات في لبنان
استجابة الحركة الاجتماعية لأزمة النفايات في لبنان
الفاعلون:
‘طلعت ريحتكم’: كانت مجموعة ‘طلعت ريحتكم’ محور ارتكاز الاحتجاجات على أزمة النفايات. تكونت الحركة أساساً من ناشطين شبّانٍ تكوّنت لديهم خبرة في التعبئة السياسية والحركات الاجتماعية من حملاتٍ سابقة. كما أنّها ضمّت أعضاء من منظمات المجتمع المدني ومجموعات حقوق الإنسان والبيئة. تشكّلت قيادة المجموعة بصورةٍ رئيسيةٍ من شبابٍ متعلّمين جاؤوا من خلفيةٍ بيروتيةٍ متحضّرة[1].
‘بدنا نحاسب’: تُعدّ هذه المجموعة تجمعاً يساري النزعة مقرباً من الأحزاب السياسية التالية: الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، حركة الشعب، واتحاد الشباب الديمقراطي وهو المنظمة الشبابية في الحزب الشيوعي اللبناني[2].
‘الشعب يريد’: مجموعةٌ يسارية النزعة تضم حركاتٍ شعبية وأحزاباً سياسية صغيرة مثل المنتدى الاشتراكي.
‘عالشارع’: مجموعةٌ أصغر تضم ناشطين من حركة اليسار الديمقراطي.
الحركة البيئية: تضم هذه الحركة قرابة 60 منظمةً غير حكومية بيئية في أرجاء البلد وتمثّل الناشطين الرئيسيين المدافعين عن قضايا البيئة.
المفكرة القانونية: منظمة غير حكومية مقرها في بيروت وتُعنى بشؤون الفاعلية القانونية في العالم العربي وتهدف إلى تحويل الفاعلية القانونية إلى أداةٍ تحرّرية لصالح الفئات المحرومة. وهي تسعى بصورةٍ أساسية إلى تقديم المشورة القانونية للناشطين.
إلى جانب المجموعات المذكورة آنفاً، تنقسم الحركة أيضاً إلى كثيرٍ من المجموعات الأصغر التي تتضمّن مجموعة ثورة 22 آب/أغسطس أو شباب 22 آب/أغسطس (تضمّ ناشطين يساريين مستقلين وصحافيين معروفين)، و‘البلوك النسوي’ (لاسيما حول الحركة النسوية صوت النسوة)، و‘طلعت ريحتكم’ "الحركة التصحيحية".
وفي حين أتت القوة الدافعة الأساسية من ناشطي بيروت، حدثت تعبئةٌ ذات شأن في مناطق أخرى من البلد أيضاً: في عكار (عكار مانا مزبلة)، وفي البقاع (حراك بعلبك)، وفي مناطق المتن والشوف (ثورة جلّ الديب، برجا، الحملة الوطنية لإقفال مطمر الناعمة)[3].
بصورةٍ عامة، كان معظم المحتشدين داخل الحركة من ناشطي المجتمع المدني والناشطين السياسيين الأكثر شباباً الذين اكتسبوا خبرتهم من نشاطهم في حركات سابقة (لاىسيما من الحملة المناهضة للنظام الطائفي في العام 2011). كما أنّ كثيرين منهم جاؤوا من خلفياتٍ حضرية ومن خلفياتٍ دينية مختلفة[4].
كذلك، جمعت الحركة شخصياتٍ كثيرةً من الحركات اليسارية الجذرية والحركات المدنية والحركات القومية والاشتراكية. وفي وقتٍ لاحقٍ تشكّلت جماعات سياسية من الحركة الاجتماعية نافست النخب المحلية في الانتخابات البلدية للعام 2016. ففي بيروت، مثّلت هذه المجموعات لائحة ‘بيروت مدينتي’ وتجمع شربل نحاس ‘مواطنون ومواطنات في دولة’. ركّزت ‘بيروت مدينتي’ على بيروت وتحسين شروط العيش داخل المدينة، في حين نافس تجمع نحاس في عددٍ من الانتخابات البلدية على صعيد البلد بأكمله. الهدف الأساسي للتجمع هو تحطيم روابط زعامات النخبة التقليدية وبناء "دولةٍ مدنيةٍ ديمقراطيةٍ عادلةٍ وقادرة"[5].
الأيديولوجيا والأهداف:
‘طلعت ريحتكم’: الهدف الأساسي للمجموعة هو الدفع باتجاه إنهاء أزمة النفايات المستمرة. تعتبر المجموعة نفسها حافزاً على التغيير ورفع مستوى الوعي تجاه الفساد والأحداث غير الدستورية وحشد الناس للدفاع عن حقوقهم[6]. لا تنوي المجموعة الانخراط في السياسة الفعلية، بل تترك ذلك لمجموعاتٍ مثل ‘بيروت مدينتي’ والتجمع العلماني ‘مواطنون ومواطنات في دولة’، خاضت الانتخابات البلدية في بيروت في أيار/مايو 2016[7]. لمجموعة ‘طلعت ريحتكم’ أربعة أهداف: 1) إنهاء أزمة النفايات؛ 2) استقالة وزير البيئة محمد المشنوق؛ 3) محاسبة المسؤولين عن ردود الفعل العنيفة على الاحتجاجات السلمية؛ 4) إحياء المؤسسات من خلال قانونٍ جديد[8]. هكذا، بدأت المجموعة تدريجياً بتبني مطالب سياسية انطلاقاً من النشر الأساسي لمعايير قطاعية بهدف حلّ أزمة النفايات. أمّا المطالب الأخرى الأكثر سياسيةً والتي طرحتها الحركة، فهي إسقاط الحكومة (لاسيما استقالة وزيري الداخلية والبيئة) وكذلك إجراء انتخاباتٍ نيابيةٍ جديدة. وعلى الرغم من ذلك، بقيت أولوية الحركة ومطلبها في إيجاد حلٍّ لأزمة النفايات عن طريق منح مسؤولية جمع النفايات ومعالجتها لكلّ بلديةٍ على حدة تجد صداها طيلة فترة النزاع على إدارة النفايات حتى في الأحداث الراهنة المحيطة بالأزمات. من خلال تحقيق هذا المطلب الأول، سوف تتكشف المطالب التالية كما يوضح عماد بزي، أحد قادة الحركة، لصحيفة السفير اللبنانية[9].
‘بدنا نحاسب’: لمجموعة ‘بدنا نحاسب’ مطالب سياسية واضحة المعالم. حيث ربطت أزمة النفايات بالنخبة السياسية الفاسدة ودفعت باتجاه تغيير النظام السياسي. ظهرت الحركة بعد احتجاجات 22 آب/أغسطس وطالبت أولاً بضرورة محاسبة الأشخاص المسؤولين عن العنف الذي تعرّض له المتظاهرون. أمّا باقي المطالب التي طرحتها الحركة، فهي إعادة مسؤوليات التخلّص من القمامة إلى البلديات؛ إسقاط التهم الموجهة إلى المحتجين أو تسويتها أو إجراء مصالحةٍ بشأنها؛ الحق في التظاهر وحرية التعبير؛ قانون انتخابي علماني جديد؛ واستقالة مجلس الوزراء اللبناني[10].
‘الشعب يريد’: كانت مطالب المجموعة مشابهةً لمطالب المجموعات المذكورة آنفاً. فقد طالبت بإطلاق سراح المحتجين المعتقلين، ومحاسبة قوى الأمن على العنف الذي مارسته بحقهم، واستقالة نهاد المشنوق (وزير الداخلية) ومحمد المشنوق (وزير البيئة)، وتسليم إدارة النفايات للبلديات، وملاحقة قضايا الفساد قضائياً، وإجراء انتخاباتٍ نيابية جديدة[11].
‘عالشارع’: كان للمجموعة مطالب مشابهة للمطالب المعروضة آنفاً وهي استقالة محمد المشنوق ونهاد المشنوق، وحلّ أزمة النفايات، ومحاسبة المسؤولين عن العنف الذي تعرض له المحتجون، وكذلك محاسبة وزارة الطاقة على الفساد[12].
الحركة البيئية: الهدف الأساسي للحركة البيئية في سياق أزمة النفايات هو تطبيق أسلوبٍ بيئي للتخلص من القمامة يتضمّن تقليص حجمها وإعادة استخدامها وإعادة تدويرها وتحويلها إلى سماد. يعرض كثيرٌ من المنظمات غير الحكومية المشاركة في هذه المجموعة خدمات إعادة التدوير على المواطنين. وقد تزايد الطلب على هذه الخدمات بسرعةٍ بعد اندلاع الأزمة ووصل معظم هذه المنظمات إلى طاقته القصوى.
المفكرة القانونية: تدعو المفكرة القانونية إلى التقيّد بالقوانين والأنظمة السارية في لبنان والتي انتهكتها النخبة السياسية بشدة في قطاع النفايات في السنوات المنصرمة. هدف هذه المنظمة غير الحكومية هو تقديم استشارة قانونية للناشطين وشتى المجموعات المشاركة.
أساليب التحرك والاستراتيجية:
‘طلعت ريحتكم’: كانت حركةً صغيرةً في البداية قامت بالحشد أساساَ على وسائط التواصل الاجتماعي حيث عمّمت هاشتاغ "طلعت ريحتكم". خاطبت المجموعة بهذا الشعار النخبة السياسية وعجزها الظاهر عن حلّ أزمة النفايات و/أو رفضها لهذا الحل. وقد أطلقت المجموعة صفحتها على الفيسبوك في 25 تموز/يوليو في وقتٍ واحدٍ تقريباً مع مواقع أخرى وحركاتٍ على نطاقٍ أضيق، وكذلك إعلانات التشهير باستفحال أزمة النفايات من جانبٍ، والاستهتار السياسي في التعامل معها من جانبٍ آخر. عبّرت ‘طلعت ريحتكم’ عن مظالم يتشاركها جزء كبير من السكان عندما باتت الأزمة وأكوام النفايات تؤثّر في حياة الناس اليومية. هكذا، اكتسبت الحركة كثيراً من التعاطف بين السكان، الأمر الذي وجد التعبير عنه في هذه المرحلة المبكرة في وسائط التواصل الاجتماعي بصورةٍ رئيسية. كما أنّ هذه الحركة العفوية نوعاً ما دعت إلى التظاهرات الأولى في وسط بيروت بتاريخ 28 تموز/يوليو. وكان عددٌ ممّن شاركوا فعلياً في مظاهراتها في الميدان لا يزال "المشتبهين المعتادين" من الناشطين السياسيين والاجتماعيين في لبنان، وبصورةٍ أساسيةٍ من الشباب الذين نشطوا لسنواتٍ في حركاتٍ اجتماعيةٍ وسياسية ونقاباتٍ وأحزابٍ وتعاونيات.
مع تقدّم أزمة النفايات، قرّرت النخبة السياسية إيجاد حلٍّ على نطاقٍ ضيّقٍ عبر التخلص من النفايات في مطامر قمامةٍ مؤقتة في البلد. انتشرت بسرعةٍ صور جبال النفايات في مناطق الكرنتينا (شرق بيروت) وبالقرب من طريق المونتفيردي الدولي في وسائط التواصل الاجتماعي، وسلّطت الضوء على رفض الحكومة و/أو عجزها عن معالجة المشكلة. في الثامن من آب/أغسطس، نظّمت حركة ‘طلعت ريحتكم’ مظاهرةً في ساحة الشهداء أظهرت مشاركة السكان على نطاقٍ واسع. وفوق منصّةٍ مشيّدة، ألقى أعضاء الحركة إضافةً إلى ناشطين بيئيين خطاباتٍ مختلفة حول البيئة وفصل النفايات والفساد السياسي والكرامة الوطنية، وطالبوا في الوقت عينه باستقالة وزيري الداخلية والبيئة. ترافقت هذه المطالب أيضاً بشعاراتٍ مشابهة وأغانٍ.
بعد الثامن من آب/أغسطس، تدبّرت الحركة أمر تنظيم مظاهرتين متتابعتين: شهد احتجاجٌ محدودٌ جرى في 19 آب/أغسطس أول أشكال العنف الذي واجهت به الشرطة المحتجين[13]. وقد أدى ردّ فعل الدولة العنيف هذا، إضافةً إلى أسبابٍ أخرى، إلى مشاركةٍ على نطاقٍ واسع في مظاهرةٍ جرت بتاريخ 22 آب/أغسطس نظّمتها حركة ‘طلعت ريحتكم’ بصورةٍ أساسية. تضمّنت الأسباب الأخرى واقع استمرار عدم إيجاد حلٍّ سياسي لأزمة النفايات، وكذلك التحشيدات المتواصلة القائمة على أساس مطالب اجتماعية وسياسية، والمظالم التي تواصلت طيلة عامٍ في لبنان. إنّ هذه المشاركة المتنوعة والواسعة النطاق لما يقارب عشرة آلاف شخص من بينهم كثيرٌ من العائلات والأفراد الذين لم يسبق لهم المشاركة في مظاهرةٍ من قبل، والعنف التالي وردّ فعل الشرطة المفاجئ إلى حدٍّ ما بإلقاء الغاز المسيل للدموع وإطلاق النار في الهواء نحو الحشود وضرب المحتجين، قد جعلا ‘طلعت ريحتكم’ طليعة حركةٍ تجاوزت الحدود والتوقعات الخاصة بها. فبعد أن كانت الحركة قائمةً على أساس مطالب ومظالم بيئية، باتت فجأةً تشتمل كافة المظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتراكمة في العقود الأخيرة في لبنان.
في شهر تموز/يوليو 2016، كانت الحركة لا تزال تحظى بـ 206389 إعجاباً على الفيسبوك. وفي ذروة التحرك، اتّسعت المجموعة على نحوٍ متزايدٍ بإدماج فاعلين وناشطين أفراد وكذلك أعضاء من منظمات المجتمع المدني داخل المشهد السياسي والاجتماعي اللبناني. وعلى نحوٍ مماثل، كانت الحركة مرئيةً من خلال أنشطتها الدعائية المتزايدة وعلى قنوات وسائل الإعلام الرئيسية التي غالباً ما أفادت الحركة بوصفها مرجعيةً أساسية. وعلى نحوٍ لافتٍ للنظر، تحرّكت مجموعاتٌ صغيرةٌ من المغتربين اللبنانيين حول الشعارات عينها[14]. بعد المظاهرة التي جرت في 31 آب/أغسطس والتي كانت حتى تلك اللحظة أضخم مظاهرة نظمتها حركاتٌ مختلفة، أقّرت مجموعة ‘طلعت ريحتكم’ بوجود خلافاتٍ كبيرةٍ بينها وبين الحركات والمجموعات الأخرى، ما أفضى إلى فصل المجموعة من لجنة التنسيق. وبالمثل، أعلن بعض أعضاء المجموعة صراحةً عن انسحابهم من الحركة مثل الصحافي حسان الزين، وأقرّوا بوجود خلافاتٍ كبيرة وبخطورة أن تجد الحركة نفسها عُرضةً للتهلكة بسبب الخصومات الداخلية[15].
‘بدنا نحاسب’: في الوقت الذي أصبحت فيه الحركة أقلّ شعبيةً ونشاطاً في وسائط التواصل الاجتماعي من ‘طلعت ريحتكم’، اعتمدت على أشكالٍ "راسخة" من التعبئة وسط شبكتها القائمة. وعلى هذا النحو، كان بوسعها الظهور كطرفٍ فعّالٍ في التحرك في الشارع، له شعاراته وأغانيه ومطالبه الخاصة. وعلى الرغم من اختلاف الحركة الواضح عن ‘طلعت ريحتكم’ بمواجهتها الجذرية للنظام السياسي، فقد امتنعت عن رفع شعارات يسارية إيديولوجية صريحة واعتمدت بالأحرى على المظالم العامة ومطالب مشروعٍ كبيرٍ بعيد المدى في بياناتها، مثلما يتكشّف ذلك في المنشور التالي على الفيسبوك:
"نحن في الشارع لأنّنا بعد عقدين وأكثر من انتهاء الحرب الأهلية وبعد صرف عشرات المليارات من الدولارات ونهبها لا نزال من دون ماء وكهرباء وبنى تحتية ونموت أمام أبواب المستشفيات”[16].
الحركة البيئية: تلقّى رئيس الحركة بول أبي راشد دعوةً من أكرم شهيب لمناقشة الحلّ الأول الذي اقترحته لجنة أزمة النفايات (إنشاء مطامر في عكار شمال لبنان وفي البقاع شرقه)، حيث قدّم موافقته عليه. اجتمعت المجموعة البيئية في 5 آذار/مارس 2016 مع خبراء (صناعيين وأساتذة جامعيين ومحامين ونقابيين وخبراء مستقلين) لإعداد خارطة طريقٍ من أجل حلٍّ سليمٍ بيئياً لأزمة النفايات، وقعت عليها 220 منظمةً غير حكومية. لكنّ هذه الخارطة لم تلقَ سوى قليلٍ من الاهتمام من وسائل الإعلام والمسؤولين.
المفكرة القانونية: زوّد محامو هذه المنظمة غير الحكومية والعاملون فيها المجموعات العاملة في الميدان بالمشورة القانونية. أنشأت المنظمة ونسّقت لجنةً من المحامين المتطوعين قامت بتنسيق الدفاع عن المحتجين. علاوةً على ذلك، كرّست المنظمة مجلتها الشهرية للحركة وكذلك بحثاً خاصاً بها عن جذور الأزمة والحلول الممكنة. أخيراً، نسّقت المنظمة اجتماعاً بين مختلف فصائل الحركة.
‘الشعب يريد’: كانت المجموعة أقلّ فاعليةً في تعبئة الناس من المجموعات المذكورة آنفاً، لكنّها كانت ناشطةً على أرض الواقع في توزيع المنشورات وعقد نقاشاتٍ عامة.
‘عالشارع’: اشتهرت هذه المجموعة لرفعها لافتةً عليها صور شخصياتٍ سياسيةٍ تتهمها بالفساد. ضمّت اللافتة صورة حسن نصر الله، زعيم حزب الله، ما أدى إلى ردود فعلٍ مثيرةٍ للجدل[17].
التأثير في السياسة العامة:
إنّ التأثير الكلي للحركة الاجتماعية في العامين 2015 و2016 في السياسة العامة محدودٌ للغاية. إذ لم تأخذ الحكومة أيّاً من المطالب التي طرحها المجتمع المدني على محمل الجد. فقد اقترحت ثلاثة حلولٍ لحلّ أزمة النفايات. اقترح أكرم شهيب، وزير الزراعة ورئيس اللجنة المكلفة بأزمة النفايات، الحلّ الأول في الرابع من أيلول/سبتمبر. يتكوّن هذا الحلّ من مرحلتين، الأولى انتقالية والثانية بعيدة المدى تمثّل حلاً مستداماً. لكنّ المرحلة الانتقالية أدّت لكثيرٍ من المظاهرات الجديدة، لأنّها تأخذ بالحسبان إنشاء مطمرين: أحدهما في عكار (شمال لبنان) والآخر في البقاع (شرق لبنان). لم يُنفّذ هذا الحل على ما يبدو بسبب المعارضة الشديدة التي واجهته. غير أنّ ناشطين آخرين يؤيدون فكرة أنّ مصاعب تقنية هي سبب عدم التنفيذ[18]. إذ إنّ المسافة بين بيروت وعكّار أكثر من مئة كيلومتر والمسافة بين بيروت والبقاع تقارب 80 كيلومتراً. هكذا، سيكون ضرورياً نقل ما يقارب 2850 طناً حصيلة نفايات بيروت ومحيطها[19] يومياً بطريقةٍ غير عملية عبر البلد بالشاحنات، لعدم وجود منظومة سككٍ حديدية في لبنان.
أمّا الحلّ الثاني لإنهاء أزمة النفايات، فقد كان إعلاناً صادراً عن رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر، يعرض خطةً لتصدير النفايات إلى خارج لبنان[20]. غير أنّ هذه الخطة فشلت أيضاً بسبب فضائح متصلة بالفساد[21]. كان تأثير الحركات الاجتماعية محدوداً في إخفاق هذا الحلّ أيضاً[22].
أخيراً، في 12 آذار/مارس، وافقت رئاسة مجلس الوزراء على حلٍّ اقترحته لجنة أزمة النفايات برئاسة شهيب يقضي بإعادة فتح مطمر الناعمة لمدة شهرين وإقامة مطامر جديدة حول العاصمة في نهر الغدير (كوستا برافا، جنوب بيروت) وبرج حمود (شمال شرق بيروت)[23]. وعلى غرار خطة العام 1997، سيكون هذا الحلّ حلّاً مؤقتاً، فعالاً للسنوات الأربع القادمة فقط. لكنّ المطامر الجديدة لا تزال قيد الإنشاء حتى لحظة كتابة هذه الكلمات وتُلقى القمامة عشوائياً في مواقع بارزة[24].
يُظهر هذا الأمر أنّ التأثير العام في السياسات العامة كان محدوداً إلى حدٍّ ما في قطاع النفايات، لأنّ الحصيلة النهائية للسياسة كانت عودةً إلى الوضع السابق لاندلاع الأزمة، بل إنّ قنبلةً موقوتةً أخرى ستفضي على الأرجح إلى أزمة نفايات جديدة في المستقبل قد وضعت.
وعلى الرغم من ذلك، نجحت الحركة في حشد آلاف الأشخاص والتجمعات السياسية (كـ‘بيروت مدينتي’ و‘مواطنون ومواطنات في دولة’) التي تحدّت النخبة السياسية في الانتخابات البلدية في شهر أيار/مايو 2016.
الأحداث البارزة:
- 1931: المرسوم رقم 7975، يحظر التخلص من النفايات قرب المناطق السكنية؛ ينبغي التخلص من النفايات بواسطة الدائرة المسؤولة.
- 1977: المرسوم رقم 118، تملك البلديات الحق في إدارة النفايات الخاصة بها ويقع على عاتقها القيام بذلك.
- 1992: يكلّف مجلس الإنماء والإعمار بمسؤولية التخلص من النفايات، نظراً لضعف البلديات بعد الحرب الأهلية.
- 1994: توقيع العقود بين مجلس الإنماء والإعمار وشركة سوكلين.
- 1997: اندلاع أزمة النفايات الأولى؛ تنفيذ حلّ طوارئ (بقي ساري المفعول حتى تموز/يوليو 2015).
- 2002: وزارة البيئة تضع مسودة قانون، لم يوافق عليه مجلس النواب حتى اليوم.
- 2006: وزارة البيئة تضع خطةً وطنيةً لإدارة النفايات (لم تُنفّذ).
- 2010: وضع استراتيجية جديدة، قائمة على خطة العام 2006، تضيف تشغيل محارق (لم تُنفّذ، احتجاج قوي من المجموعات البيئية).
- 2014: السكّان القريبون من مطمر الناعمة يحتجّون، تجري تهدئتهم.
- كانون الأول/يناير 2015: السكان القريبون من مطمر الناعمة يحتجّون مرةً أخرى؛ ومع ذلك يُؤجّل إغلاق الموقع.
- 17 تموز/يوليو 2015: سكّان الناعمة يحتجّون مجدّداً؛ يُغلق موقع المطمر، لا يُقدّم بديلٌ فتندلع أزمة النفايات مفضيةً إلى احتجاجاتٍ في أرجاء البلاد.
- 28 تموز/يوليو 2015: ‘طلعت ريحتكم’ تنظّم أولى مظاهراتها.
- 19 آب/أغسطس 2015: الشرطة تردّ بعنفٍ للمرة الأولى على المحتجّين.
- 22 و23 آب/أغسطس 2015: مظاهرات أضخم، يشارك فيها 10000 شخص.
- آب/أغسطس 2015: إلغاء عملية مناقصة مخطّط لها مع ست شركاتٍ متورطة بسبب انتقادات ومزاعم بالفساد.
- أيلول/سبتمبر 2015: اقتراح الحلّ الأول بإنشاء مطمرين في عكار (شمالاً) والبقاع (شرقاً) لكنّ الجمهور رفضه.
- كانون الأول/ديسمبر 2015: اقتراح الحلّ الثاني بتصدير النفايات لكنّه لم يُنفّذ بسبب مزاعم بالفساد.
- آذار/مارس 2016: تشريع حلّ طوارئ جديد: يُعاد فتح مطمر الناعمة مؤقتاً. إنشاء مطمرين في كوستا برافا (جنوب بيروت) وبرج حمود (شرق العاصمة) لاستقبال نفايات بيروت وجبل لبنان للسنوات الأربع القادمة.
- 18 أيار/مايو 2016: إغلاق مطمر الناعمة نهائياً في نهاية المطاف.
للاطلاع على مزيدٍ من تفاصيل الجدول الزمني، انظر: دعم لبنان، أزمة إدارة النفايات (بدءاً من تاريخ 25 كانون الأول/يناير 2014)، آب/أغسطس 2015، مستعادة من: http://cskc.daleel-madani.org/timelines/31033#29
بوابة المعرفة للمجتمع المدني
لمزيد من المعلومات، اتصلوا بنا على العنوان الإلكتروني: contact@lebanon-support.org
دعم لبنان. جميع الحقوق محفوظة. 2016
* "المحتجون يفرضون بالقوة إغلاق مطمر نفايات الناعمة"، ذا ديلي ستار، 17 تموز/يوليو 2015،
http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2015/Jul-17/307104-activists-to-act-as-human-shields-in-naameh-landfill-closure.ashx [آخر دخول بتاريخ 3-8-2016].
** فرانسوا الباشا، "أزمة النفايات: سوكلين، شركة مثار جدل"، لبنانيوز، 24 تموز/يوليو 2015، https://libnanews.com/crise-des-ordures-sukleen-une-compagnie-contestee/ [آخر دخول بتاريخ 15-8-2016]؛ "جمع النفايات والتخلص منها: 128 مليون دولار سنوياً لسوكلين وسوكومي"، الدولية للمعلومات، 103، شباط/فبراير 2011، http://www.information-international.com/index.php/the-monthly/articles/606-collection-and-dumping-of-waste-128-million-annually-for-sukleen-and-sukomi [آخر دخول بتاريخ 15-8-2016]. محمد زبيب، "5 مليون دولار سنوياً: قمة كومة نفايات سوكلين"، الأخبار بالإنكليزية، 27 آب/أغسطس [آخر دخول بتاريخ 15-8-2016].
*** [غير مرتبط بالمتن] مصدر الصورة: http://www.hurriyetdailynews.com/images/news/201508/n_87452_1.jpg
[1] ماري نويل أبي ياغي ومريام كاتوس ومريام يونس، من إسقاط النظام الطائفي إلى حركة أزمة النفايات: هويات سياسية وحركات مناهضة للطائفية، في روزيتا دي بيري ودانييل مائير (تحرير)، لبنان يواجه الانتفاضات العربية. قيود وتكيّف، بالغراف، 2016.
[2] أبي ياغي وكاتوس ويونس، مصدر سابق.
[3] أبي ياغي وكاتوس ويونس، مصدر سابق.
[4] أبي ياغي وكاتوس ويونس، مصدر سابق.
[5] ‘مواطنون ومواطنات في دولة’، بيان صحفي، http://mmfidawla.com/2016/03/24/press-release-citizens-within-a-state-movement-launched/ [آخر دخول بتاريخ 25-5-2016].
[6] مقابلة مع أسعد ذبيان، أحد قادة حركة ‘طلعت ريحتكم’، بتاريخ 19 أيار/مايو 2015.
[7] المصدر عينه.
[8] المصدر عينه.
[9] جعفر العطار، "أسرار اجتماع الفجر. هكذا تمّ التخطيط لاقتحام وزارة البيئة"، السفير، 2 أيلول/سبتمبر 2015، http://assafir.com/Article/441376/Archive [آخر دخول بتاريخ 15-8-2016].
[10] ميرا عبد الله، "المجموعات المتظاهرة في بيروت"، ناو، 2 أيلول/سبتمبر 2015، https://now.mmedia.me/lb/en/reportsfeatures/565838-the-groups-protesting... [آخر دخول بتاريخ 8-7-2016].
[11] المصدر عينه.
[12] المصدر عينه.
[13] "شرطة مكافحة الشغب تهاجم مظاهرة ‘طلعت ريحتكم’، جريح واحد"، ذا ديلي ستار، 18 آب/أغسطس2015، http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2015/Aug-19/311827-police-fire-water-cannon-at-youreek-protesters-in-downtown-beirut.ashx [آخر دخول بتاريخ 2-8-2016].
[14] "طلعت ريحتكم في لندن"، "طلعت ريحتكم بباريس"، انظر المصدر: https://www.facebook.com/YouStink-Protest-London-1872334906325661/?fref=ts، https://www.facebook.com/profile.php?id=100009960674276 [آخر دخول بتاريخ 22-8-2016].
[15] "بالفيديو... ناشط بارز ينسحب من ‘طلعت ريحتكم’" ليبانون ديبايت، 2 أيلول/سبتمبر 2015، http://www.lebanondebate.com/news/215921 [آخر دخول بتاريخ 15-8-2016].
[16] "منشور بدنا نحاسب على الفيسبوك"، فيسبوك، 31 آب/أغسطس 2015، https://www.facebook.com/BadnaNhaseb/photos/a.923003157761241.1073741828.922997194428504/924575667603990/?type=1&theater [آخر دخول بتاريخ 15-8-2016].
[17] ميرا عبد الله، "المجموعات المتظاهرة في بيروت"، ناو، 2 أيلول/سبتمبر2015، https://now.mmedia.me/lb/en/reportsfeatures/565838-the-groups-protesting... [آخر دخول بتاريخ 8-7-2016].
[18]مقابلة أجراها المؤلف مع ناشط مشارك في المظاهرات، بيروت، 26 نيسان/أبريل 2016.
مقابلة أجراها المؤلف مع أحد المشاركين بفاعلية في الاحتجاجات، بيروت، لبنان، 29 نيسان/أبريل 2016.
[19] برنامج موئل الأمم المتحدة/مؤسسة مهنا فاونديشن، ‘تما يضيع لبنان’ 2022: ورقة سياسات حول الإدارة المتكاملة للنفايات، كانون الأول/ديسمبر 2015، http://muhanna.org/../b33d31e7bf614c07908cef9d7062decf.pdf [آخر دخول بتاريخ 15-8-2016].
[20] فلورنس ماسينا، "لبنان يحبس أنفاسه لصفقة تصدير النفايات إلى الخارج"، المونيتور، 1 شباط/فبراير2016، http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2016/02/lebanon-trash-crisis-tender-export-waste.html#ixzz46vS9lxc3 [آخر دخول بتاريخ 26-4-2016].
[21] فاطمة باسم، "رئاسة مجلس الوزراء توافق على افتتاح ثلاثة مطامر لإنهاء أزمة النفايات"، ذا ديلي ستار، 12 آذار/مارس 2016، http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2016/Mar-12/341880-cabinet-eyes-landfill-solution-to-end-waste-crisis.ashx [آخر دخول بتاريخ 26-4-2016].
[22] مقابلة أجراها المؤلف مع ناشط مشارك في المظاهرات، بيروت، 26 نيسان/أبريل 2016.
[23] المصدر عينه.
[24] غنوة عبيد، "مطمر الناعمة يُغلق لكنّ ملحمة النفايات تتواصل"، ذا ديلي ستار، http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2016/May-19/352843-naameh-dump-shut-but-trash-saga-endures.ashx [آخر دخول بتاريخ 3-8-2016].