بيروت مدينتي
بيروت مدينتي
بيروت مدينتي "حركة سياسية محلية"* أسستها في خريف العام 2015 مجموعةٌ من الأكاديميين، معظمهم من الجامعة الأمريكية في بيروت، ومن الناشطين قبل بضعة أشهر من الانتخابات البلدية في بيروت. انبثقت المبادرة من حركة إدارة النفايات في لبنان التي احتجت على تقاعس الحكومة عن إدارة النفايات في البلد إدارةً مستدامة، وسمحت بدلاً من ذلك بتراكم النفايات في الشوارع في كافة أرجاء لبنان. في صيف العام 2015، ظهرت مجموعاتٌ مثل "طلعت ريحتكم" و"بدنا نحاسب" ونظّمت مظاهراتٍ واعتصاماتٍ وإضراباتٍ ضد فشل الحكومة في إيجاد حلولٍ لأزمة النفايات. غير أنّ الاحتجاجات مضت أبعد من المطالبة بإيجاد حلٍ سريعٍ لأزمة النفايات فتطوّرت إلى احتجاجاتٍ ضدّ الفساد، حيث عبّر المحتجون عن تظلّماتهم المتعلقة بالفساد وسوء الحكم والزبائنية والطائفية. شارك مؤسسو ‘بيروت مدينتي’ بنشاطٍ في هذه الحركة، وذلك لمشاطرتهم وجهة نظرٍ "مناهضةٍ للنظام"* تبناها منظّمو حركة أزمة النفايات. غير أنّ مؤسسي حركة بيروت مدينتي كانوا مقتنعين بأنّه من الأفضل العمل ضمن النظام لتغييره بدلاً من تنظيم نشاطٍ سياسي موازٍ له ومحاولة إقناع الزعماء السياسيين بالحكم بأسلوبٍ مختلف. سمحت هذه الرؤية للمجموعة باكتساب كثيرٍ من الشرعية والدعم لأنّ كثيرين نظروا إليها بوصفها مجموعةً سلميةً وذات صدقية. لهذا السبب، قرّرت المجموعة خوض الانتخابات البلدية في بيروت على أساس أنّها الانتخابات الوحيدة الديمقراطية التي ستحدث في المستقبل القريب. إضافةً إلى ذلك، تمثّل البلديات شكل الحكم الأقرب إلى الشعب بما أنّها تتمتّع بالسلطة للتأثير في حياة الناس اليومية. ومثلما أوضح واحدٌ من أوائل المتطوعين، "أردنا أن يشعر المواطنون للمرة الأولى بأنّ لديهم القدرة على المشاركة في عملية صنع القرار، لا أن يكونوا قادرين فحسب على الضغط على السياسيين لاتخاذ القرار"*.
الناطق باسم الحركة: لم يكن هنالك يوماً ناطق واحد باسم بيروت مدينتي، بل هنالك 24 مرشحاً مثّلوا الحملة، وترأّس إبراهيم منيمنة اللائحة الانتخابية[1].
الفاعلون: بيروت مدينتي حملة يقودها متطوعون، تجمع أناساً تتباين خلفياتهم المهنية والاجتماعية والدينية. وقد ضمّت أكثر من 1000 متطوع في غضون بضعة أشهر.
الإيديولوجيا والأهداف: تُقدّم بيروت مدينتي نفسها بوصفها مجموعةً مستقلةً وغير تابعة للاصطفافات السياسية القائمة، أولويتها جعل مدينة بيروت أكثر صلاحيةً للعيش. بتاريخ 22 آذار/مارس 2016، أطلقت المجموعة حملةً تضمّنت عشر نقاطٍ رئيسةٍ تدور حول قضايا بيئية واجتماعية ـ اقتصادية. في الواقع وبهدف جعل بيروت مدينةً أكثر أمناً وذات بيئةٍ أسلم صحياً لمواطنيها، هدفت الحملة إلى إنقاص التلوّث الكبير الذي يهدد صحة مواطنيها عبر تنظيف شوارعها ومراقبة جودة مياهها وإعادة تدوير 40 بالمئة على الأقل من قمامتها الصلبة وتنفيذ خطّة إنارةٍ في أرجاء المدينة. كما اعتزم البرنامج توسيع المساحات الخضراء والفضاءات العامة عبر خلق ما لا يقل عن خمسة أمتار مربعة من المساحة الخضراء لكل نسمة في غضون ست سنوات، بالمقارنة مع أقل من متر مربع واحد لكل نسمة اليوم. بالإضافة إلى ذلك، أرادت ‘بيروت مدينتي’ تقديم خدمات وفضاءات مجتمعية أفضل عبر خلق مراكز مجتمعية ومكتبات عامة ومنشآت تعليمية، وكذلك عبر تقديم الخدمات الاجتماعية الضرورية لتطوير الحياة الاجتماعية المجتمعية في بيروت. أخيراً، ركّزت الحملة على موضوعاتٍ تنظيمية وبنيوية واجهتها بلدية بيروت طيلة عقود ودعت لتطوير فعاليتها عبر حكمٍ محليٍّ أفضل والتعاون بين مؤسساتها.
الاستراتيجية: استراتيجية ‘بيروت مدينتي’ "تتمركز على نحوٍ أساسي على المواطنين وتستند إلى أبحاثٍ موسعة وعملٍ تشاركي"[2]. استندت حملة المجموعة إلى التركيز على مجالين: المشاركة والشفافية. وفي جهدٍ يهدف إلى دفع المجتمع المحلي إلى المشاركة، صاغت المجموعة برنامجها عبر استضافة نقاشاتٍ مع مواطنين من شتى الخلفيات الاجتماعية ـ الاقتصادية والطبقات، ومن ضمنهم طلاب ومهنيون وزعماء طوائف ومنظمات غير ربحية وآخرون من أجل فهمٍ أفضل لحاجات أهالي بيروت. علاوةً على ذلك، نظّمت الحملة عدداً كبيراً من النقاشات العامة في مختلف مناطق بيروت بهدف إتاحة الفرصة أمام الناس للتحدث عن المشكلات التي يواجهونها في حياتهم اليومية. علاوةً على ذلك، صاغت ‘بيروت مدينتي’ حملتها عن طريق الأبحاث والخبرة الواسعة بالمدينة ومكوّناتها. "تضمّنت البيانات التي استخدمناها أبحاثاً أجريت على شتى المستويات الاجتماعية ـ الاقتصادية لأهالي بيروت"[3]، هذا ما شرحته رنا خوري، مرشحة بيروت مدينتي.
علاوةً على ذلك، فإنّ بيروت مدينتي هي "أول حملة سياسية في لبنان تعتمد على تمويل الجماهير لنشاطاتها الرئيسية، حيث بلغت التبرعات من الأفراد ما يقارب 200 ألف دولار"[4]. وأوضحت رنا خوري قائلةً: "نحن لا نريد أن يكون لأيٍّ كان سلطة علينا ولا قدرة على التأثير في أجندتنا بأي شكلٍ من الأشكال"[5]. لهذا السبب، لم يقبلوا أي مبلغٍ يتجاوز 10 بالمئة من ميزانيتهم من أي مصدرٍ كان. وبالتالي، ونظراً لأنّ الشفافية جزءٌ لا يتجزّأ من الحملة، نشرت بيروت مدينتي كافة تقاريرها المالية وأتاحتها على موقعها الرسمي على الشبكة.
التأثير في السياسة العامة: في الانتخابات التي جرت بتاريخ 8 أيار/مايو، تنافست ‘بيروت مدينتي’ مع لائحة "البيارتة"، وهي تحالفٌ من الأحزاب السياسية التقليدية تدعمها حركة المستقبل بصورةٍ رئيسية، بالإضافة إلى أحزابٍ سياسيةٍ مكمّلةٍ أخرى من بينها الكتائب والقوات اللبنانية والجماعة الإسلامية والتيار الوطني الحر[6]. حصلت ‘بيروت مدينتي’ على "40 بالمئة من الأصوات"[7] في المدينة، فخسرت الانتخابات لكنّها نجحت في بلوغ نسبةٍ قريبةٍ من النسبة التي حصلت عليها اللائحة الفائزة، متجاوزةً توقّعات كثيرين، ولاسيما أنّ نسبة المشاركة في الانتخابات لم تتجاوز 20 بالمئة[8]. وعلى الرغم من أنّ الحملة لم تحقق الفوز، إلا أنّها تحدّت المؤسسة السياسية التقليدية عبر تقديم مرشحين أقوياء قادرين على منافسة سياسيي المدينة التقليديين. وقد أثبتت النتائج الحسنة التي حصلت عليها حملة ‘بيروت مدينتي’ في الاقتراع أنّ سياسةً بديلة هي ممكنةٌ وبمتناول اليد. وقالت رنا خوري لوكالة الأنباء الفرنسية: "لم نشارك في الانتخابات لتحقيق مكسبٍ سياسي بل لتقديم منافسةٍ جدّية للأحزاب التقليدية". وأضافت: "لقد جعلناهم يشعرون بأنّهم لا يمثّلون المواطنين ولا يخدمونهم كما يجب"[9].
إضافةً إلى ذلك، ألهمت ‘بيروت مدينتي’ حركةً أوسع من القوائم الانتخابية غير الحزبية والمستقلة، تقدّمت إلى الانتخابات البلدية مثل "بعلبك مدينتي" و"الغبيري للجميع"[10]. تحدّت هذه القوائم الصاعدة القوى التقليدية الأخرى، من قبيل حزب الله وحركة أمل، في مناطق شتّى من لبنان. من اللافت للنظر أنّه على الرغم من أنّ تلك المجموعات ربّما استلهمت حراكها من ‘بيروت مدينتي’، فإنّها غير منضمّة مباشرةً إلى الحركة.
الدائرة الانتخابية: تشكّلت لائحة ‘بيروت مدينتي’ الانتخابية لتمثّل بصورةٍ متساوية ناخبي المدينة فتخطّت بذلك الديناميات المستندة إلى النوع الاجتماعي والتضاربات المهنية والحواجز الدينية والاجتماعية. احتوت اللائحة على ممثلين من الذكور والإناث، ينتمون إلى كافة أرجاء بيروت وهم أعضاءٌ في مختلف الطوائف الدينية. كما جمعت اللائحة أفراداً مؤهلين من مختلف الخلفيات المهنية ممّن صنعوا لأنفسهم سمعةً كأكاديميين وتكنوقراط وناشطين اجتماعيين وسياسيين ومهندسين وفنانين وغيرهم. فضلاً عن ذلك، ضمّت لائحة ‘بيروت مدينتي’ عدداً متساوياً من الرجال والنساء، وانقسمت بين الفئات العمرية بستة مرشحين يمثلون الشباب، وستة عشر مرشحاً يمثلون متوسطي العمر ومرشحين اثنين يمثلان الكهول.
ضمّت لائحة ‘بيروت مدينتي’ عدداً متساوياً من الرجال والنساء، وتوزعت بين الفئات العمرية بستة مرشحين يمثلون الشباب، وستة عشر مرشحاً يمثلون متوسطي العمر ومرشحين اثنين يمثلان الكهول[RB1] [11].
التاريخ: ظهرت حركة ‘بيروت مدينتي’ على أثر احتجاجات أزمة النفايات في العام 2015-2016. فقد قرّرت مجموعةٌ صغيرةٌ من الأفراد مقارعة النظام القائم بمقاربةٍ جديدةٍ وإيجابية عبر خوض الانتخابات البلدية في بيروت. في نهاية المطاف وبتاريخ 22 آذار/مارس 2016، أطلق خمسة أعضاء ومتطوعين رسمياً وعلى الملأ حملة ‘بيروت مدينتي’ أثناء مؤتمر صحفي. وبتاريخ 22 نيسان/أبريل، أعلنت الحملة عن لائحة مرشحيها للانتخابات البلدية. أثناء الحملة، نظّمت ‘بيروت مدينتي’ أسبوعياً دعواتٍ مفتوحةً ونقاشاتٍ عامة ولقاءات بهدف التفاعل مع الناس ومناقشة برنامجها، كما أقامت مناسباتٍ لجمع التبرعات. في الثامن من أيار/مايو، أُعلنت نتائج انتخابات بيروت وفازت ‘بيروت مدينتي’ في واحدةٍ من الدوائر الانتخابية الثلاث في بيروت، لكنّها خسرت الانتخابات الإجمالية بحصولها على 40 بالمئة من الأصوات.
المشاريع: بعد أن انتهت الانتخابات، يتمثّل أحد أكبر التحديات أمام ‘بيروت مدينتي’ في تحويل الحركة من حركةٍ تتمحور حول الانتخابات البلدية إلى حملةٍ ذات مهمةٍ أوسع وأكثر قابليةً للاستمرار. يقول أحد المتطوعين: "على الرغم من ذلك، فإنّ الاستراتيجية المستقبلية للحركة وتطوّرها لا يزالان قيد النقاش [...] تريد ‘بيروت مدينتي’ الحفاظ على العلاقة التي نسجتها مع الناس بحيث يكون هنالك [...] تبادلٌ [للأفكار والاهتمامات] من الجانبين. نحن نريد استخدام عملنا للضغط على البلدية"[12]. غير أنّ التحرك نحو توسيع ‘بيروت مدينتي’ على الصعيد الوطني غير مؤكدٍ نظراً لأنّ غاية الحركة تتمثّل في معالجة القضايا الاجتماعية – الاقتصادية التي يواجهها أهالي بيروت يومياً، ولا تتمثّل في سياسةٍ وطنيةٍ أو شؤونٍ ترتبط بالسياسات. وعلى الرغم من أنّ خطط الحركة للمستقبل لم تتقرّر بعد، فإنّ أعضاءها ملتزمون بالإبقاء على روابط واتصالاتٍ أقوى بأهالي بيروت وتطويرها، حيث ينادون بتطوير المدينة وجعلها مكاناً أفضل للعيش.
البنية: تتكوّن حركة ‘بيروت مدينتي’ من ثلاث هيئاتٍ رئيسية:
- الجمعية العمومية: تمثّل الجسم التشريعي وتصوّت على قرارات الحركة.
- الهيئة التنفيذية: تنتخب كلّ ثلاثة أشهر، وهي تساعد في تنفيذ القرارات التي اعتمدتها الجمعية العمومية.
- هيئة المتطوعين: ينقسم المتطوعون إلى مجموعات عمل تقدّم المشاريع والبرامج واقتراحات السياسات للجمعية العمومية.
اعتُمدت هذه البنية بدايةً لبلوغ الهدف الرئيس، ألا وهو الفوز بالانتخابات البلدية. "أما وقد انتهت الانتخابات، فقد دخلت ‘بيروت مدينتي’ طوراً انتقالياً يتطلّب [من الأعضاء] مراجعة البنية العامة [الخاصة بالحركة]".[13] في واقع الأمر وبدءاً من أيلول/سبتمبر 2016، لم تعد البنية تستند إلى الهيئتين التشريعية والتنفيذية كما في الماضي، بل ستستند إلى مجموعاتٍ منظمة سوف تتجزّأ وتوكل إليها مهام محددة.
المواقع الإلكترونية:
https://www.facebook.com/BeirutMadinati
https://twitter.com/beirutmadinati
https://www.instagram.com/beirutmadinati/
[1] مقابلة فريق دعم لبنان مع أحد المتطوعين في ‘بيروت مدينتي’ بتاريخ 22 تموز/يوليو 2016.
[2] هيا حمادة، "مقابلة مع رنا خوري، مرشحة بيروت مدينتي، سوبيروت، باللغة الإنكليزية، http://www.sobeirut.com/features/59/meet-beirut-madinati (آخر دخول بتاريخ 28-7- 2016).
[3] المصدر عينه
[4] "التصميم ووسائل التواصل الاجتماعي والألوان في أحاديث بيروت مدينتي"، بانانابوك، باللغة الإنكليزية، 6 أيار/مايو 2016، http://www.bananapook.com/2016/05/beirut-madinati-talks-design.html (آخر دخول بتاريخ 18-7-2016).
[5] هيا حمادة، "مقابلة مع رنا خوري، مرشحة بيروت مدينتي"، سوبيروت، باللغة الإنكليزية، http://www.sobeirut.com/features/59/meet-beirut-madinati (آخر دخول بتاريخ 28-7-2016).
[6] "لائحة البيارتة تفوز في الانتخابات المحلية: النتائج النهائية"، ديلي ستار، باللغة الإنكليزية، 10 أيار/مايو 2016، http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2016/May-10/351420-beiruti... (آخر دخول بتاريخ 3-8-2016).
[7] المصدر عينه.
[8] "ليست مدينتهم: بيروت مدينتي تخسر في أول انتخابات في لبنان منذ ست سنوات"، ميدل إيست آي، باللغة الإنكليزية، 9 أيار/مايو 2016، http://www.middleeasteye.net/news/not-their-city-beirut-madinati-lose-le... (آخر دخول بتاريخ 28-7-2016).
[9] المصدر عينه.
[10] ميرا عبد الله، "الأحزاب الشيعية تخسر الأرض في معقلها في الضاحية"، ناو، باللغة الإنكليزية، 12 أيار/مايو 2016، https://now.mmedia.me/lb/en/reportsfeatures/566982-shiite-parties-losing... (آخر دخول بتاريخ 3-8-2016).
[11] "قابلوا مرشحي بيروت مدينتي"، حالة ذهنية مختلفة، باللغة الإنكليزية، 22 نيسان/أبريل 2016. https://stateofmind13.com/2016/04/22/meet-the-candidates-of-beirut-madin... (آخر دخول بتاريخ 3-8-2016).
[12] مقابلة فريق دعم لبنان مع متطوع في بيروت مدينتي بتاريخ 22 تموز/يوليو 2016.
[13] مقابلة فريق دعم لبنان مع متطوع في بيروت مدينتي بتاريخ 22 تموز/يوليو 2016.
- *. مقابلة فريق دعم لبنان مع أحد المتطوعين في ‘بيروت مدينتي’ بتاريخ 22 تموز/يوليو 2016.