الجيش الإسرائيلي
الجيش الإسرائيلي
الأصول
تأسس الجيش الإسرائيلي رسمياً مباشرةً بعد إقامة إسرائيل بتاريخ 31 أيار/مايو 1948، وضمّ المنظمات شبه العسكرية اليهودية الموجودة قبل قيام الدولة (الهاغاناه والبالماخ وإرغون وليحي). تطوّرت المؤسسة على نحوٍ لافتٍ في العقود الأولى من الإعلان الذاتي لإقامة الدولة الإسرائيلية، عن طريق تنظيمٍ فعّالٍ وقوةٍ بشريةٍ ومزايا في التجهيز، بهدف ضمان الإبقاء على البلد وشعبه. وبالفعل، مارس الجيش الإسرائيلي بالكامل دوره في "الدفاع" في الحرب العربية الإسرائيلية الأولى (أيار/مايو 1948- تموز/يوليو 1949)، وما ستعتمده النخبة السياسية الإسرائيلية بوصفه دور "الإبقاء".
رئيس هيئة الأركان1
- الجنرال غادي أيزنكوت (2015-)
- الجنرال بيني غانتس (2011-2015)
- الجنرال غابي أشكنازي (2007-2011)
- الجنرال دان حالوتس (2005-2007) 2.
قائد وحدة المتحدث الرسمي
العميد موتي ألموز 3.
التصنيف
قوات مسلحة وطنية.
الأيديولوجيا والأهداف
يتمثّل الهدف الرئيسي للجيش الإسرائيلي في ضمان بقاء إسرائيل. وكما يعلن على موقعه الإلكتروني، فإنّ هدفه "الدفاع عن وجود دولة إسرائيل وسلامة أراضيها وسيادتها؛ وحماية سكان إسرائيل ومحاربة كافة أشكال الإرهاب التي تهدّد الحياة اليومية"4. ضمن الهوية اليهودية ـ الإسرائيلية المركّبة، تُعدّ كافة التهديدات التي تواجه البلد تهديداتٍ وجودية، وبالتالي تُعدّ كافة المساعي التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي مساعي تؤثّر في بقاء "الأمة".
بعيداً عن الغايات العسكرية للجيش الإسرائيلي ودوره كأداةٍ للسياسة الخارجية، أفاد أيضاً على مرّ السنين بوصفه أداةً تعليميةً للسكان: عامل اندماجٍ اجتماعي. ووفقاً لرؤية بن غوريون، أصبح الجيش الإسرائيلي "مدرسة الأمة"5. كان هذا الدور جوهرياً في الهجرة الواسعة إلى إسرائيل في سنوات وجودها الأولى، والحاجة إلى خلق دولةٍ شديدة التماسك ضمن منطقةٍ تعادي وجودها بالذات.
الاستراتيجية
استندت استراتيجية جيش الدفاع الإسرائيلي منذ وضعها على مفهوم "الحروب التي لا خيار فيها"، وبالتالي شرعنة استخدامه للقوة أياً تكن المقاييس. وقد احتوى اسمه هذه الفكرة: جيش "الدفاع". بالفعل، تستند استراتيجية الجيش الإسرائيلي إلى مسلّمةٍ مفادها أنّ البلد لا يحتمل خسارة حربٍ واحدة، ما يوضّح اعتماده الكبير على مفهوم الردع ومركزية الاستراتيجية النووية، مثلما سنناقش ذلك في ما بعد.
تدّعي المؤسسة رسمياً أنّ استراتيجية الجيش الإسرائيلي كانت على الدوام استراتيجيةً دفاعيةً ولا تتضمن أطماعاً إقليمية6. غير أنّ تحييد مصر الاستراتيجي بعد اتفاقات كامب ديفيد في العام 1978 قلّل إلى حدٍّ بعيدٍ من الأخطار التي تهدّد بقاء إسرائيل تهديداً مباشراً. كان محيط إسرائيل قبل ثمانينيات القرن الماضي معادياً لكن قابلاً للتنبؤ. أمّا بعد هذا العقد من الزمن، فقد توزّع أعداء إسرائيل بين من يمثّلون تهديداتٍ تلوح في الأفق (مثل سوريا وإيران) وتهديداتٍ منخفضة الكلفة ناجمةٍ عن فاعلين مسلحين ليسوا دولاً (مثل حزب الله ومنظمة التحرير الفلسطينية). ومع أخذ هذه التحديات بالحسبان، تطوّرت استراتيجيات الجيش الإسرائيلي بحيث تناسب شكلاً "مناهضاً للحرب"7، وهو ميلٌ ظهر على نحوٍ لافتٍ أثناء الانتفاضة الأولى حين لم يكن الجيش الإسرائيلي مستعداً لمواجهة عصيانٍ مدني واسع النطاق ففقدت أسلحته المتطورة كلّ قيمتها8. كما أنّ إعادة توجّهٍ استراتيجي أخرى حدثت بعد حرب لبنان في العام 2006، حيث استخلص الجيش الدروس من "إخفاقه" النسبي ومن "الصدمة اللبنانية". بدا ذلك واضحاً في غزة، حين تجنّب الجنود والدبابات دخول القطاع المحاصر لتفادي الوقوع في "كمائن" مثلما حدث في جنوب لبنان.
جادل بعض الأكاديميين في أنّ الجيش الإسرائيلي تطوّر إلى أداةٍ للدولة بدلاً من أن يكون استمراراً للسياسة باتّباعه استراتيجيةً قاصرةً وغير مرنة لمواجهة التهديدات الأمنية لما بعد الحداثة9. ومن الممكن القول إنّ ذلك الأمر مرتبطٌ بتطبيع الاستخدام التعبيري للقوة ـ وهو وضعٌ يكون فيه مسبّب الفعل أكثر أهميةً من الهدف المنشود10. نتيجةً لذلك، بدا الجيش الإسرائيلي وكأنّه يعتمد بصورةٍ أساسيةٍ على تقنيته المتطوّرة حتى في السياقات الراهنة لحروب ما بعد الحداثة؛ وكان ذلك هو الأساس الذي استند إليه كثيرون من منتقديه. لا بدّ من التشديد على أنّ الاستخفاف بمفاهيم التناسب والتمييز في التدخّل العسكري يشكّل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي. ومن الجدير بالذكر أنّ الأمين العام للأمم المتحدة وصف الأعمال العسكرية الإسرائيلية أثناء الصراع في غزة صيف العام 2014 بأنّها "فظاعةٌ أخلاقية وعملٌ إجرامي"11.
لم تكن الاستراتيجية الأمنية لجيش الدفاع الإسرائيلي ممأسسةً بحيث تظلّ مرنة. لكن من الممكن تحديد عدة مبادئ استراتيجية أساسية. فبسبب التباينات الاقتصادية والجغرافية والسكانية بين إسرائيل وجيرانها، جرى التشديد كثيراً على النوعية عوضاً عن الكمية. كما أنّ مبدأ "الخطوط الحمراء" جديرٌ بالملاحظة أيضاً في تعهّدات الجيش الإسرائيلي ـ تفيد هذه التعهدات في تحديد أحداثٍ تُعدّ حاسمةً وتستدعي رد فعلٍ سريعاً وقتالياً من الجيش الإسرائيلي.
علاوةً على ذلك، لا تزال إسرائيل إلى يومنا هذا القوة النووية الرسمية الوحيدة في المنطقة12. فقد طوّر البلد في ستينيات القرن الماضي قدرةً نوويةً تُعدّ الضمانة الأمنية المطلقة لبقائه. واستراتيجية البلد النووية، التي باتت تُعرف باسم "الخيار الشمشوني"، تتّسم جوهرياً بالخوف من قيام القوى الإقليمية المعادية بتطوير أسلحة دمارٍ شاملٍ تهدّد بالتالي وجوده. يُعرف هذا الاعتقاد والخطوات الوقائية التي اتخذتها الحكومات الإسرائيلية ـ لاسيما استخدام رئيس الوزراء بيغن للقوة لإيقاف البرنامج النووي العراقي في العام 1981 ـ بـ"عقيدة بيغن". بالتالي، تنطوي استراتيجية الجيش الإسرائيلي النووية على تناقضٍ ظاهري. إذ تنبع المزايا المستمدة من "الخيار الشمشوني" من قوة ردعه في مواجهة أعداءٍ مسلحين نووياً، الأمر الذي يهدف بالتالي وعلى نحوٍ غير متناظر إلى الردع من دون رادع. يشجع كثيرٌ من الاستراتيجيين الإسرائيليين هجوماً وقائياً على إيران، وينبذون بالتالي مفهوم الاستقرار القائم على التدمير المتبادل المؤكد. فضلاً عن ذلك، فإنّ امتلاك إسرائيل لأسلحةٍ نووية باعتبارها ضمانةً أمنيةً مطلقةً أدّى على نحوٍ مفارقٍ إلى قيام جهازها العسكري بتطوير قدراتٍ أمنيةٍ تقليديةٍ لا مثيل لها للحيلولة دون استخدامها لـ"الخيار الشمشوني" الذي يُنظَر إليه بوصفه ملاذاً أخيراً13.
لقد تركت التطورات الأخيرة للصفقة النووية الأمريكية الإيرانية وبرودة العلاقات الإسرائيلية الأمريكية الاستراتيجيةَ الإسرائيلية مفتوحةً لما يستجدّ من تطورات. تجريبياً، اعتمدت الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية التقليدية على هجماتٍ استباقيةٍ مباغتة، ما يتيح لها نقل الاشتباك إلى أراضي أعدائها. وعلى الرغم من هذا، طوّرت إسرائيل، مع الجهود الإقليمية للحصول على قدرةٍ نووية، منظومة صواريخ أرو الدفاعية المتفوقة لاعتراض الصواريخ الباليستية. لكن ومع تصاعد التهديدات الأمنية غير الصادرة عن الدول في تسعينيات القرن الماضي، أصبحت المنظومة المعتمدة على قدرةٍ عسكريةٍ تقليديةٍ رمزيةً من الناحية الجوهرية. ومن الجدير بالذكر أنّ منظومة "الدرع الحديدي" الأيقونية طُوّرت بالترافق مع اشتباك إسرائيل مع حزب الله في العام 2006 وأداء حزب الله أثناء الاشتباك. كذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ منظومات الدفاع المذكورة آنفاً تُعدّ مجرد مُكمّلٍ يُضمّ إلى الاستراتيجية الهجومية التقليدية لإسرائيل14.
الهيكلية
وفقاً لموقع الجيش الإسرائيلي، ينقسم هذا الجيش إلى نظامين وظيفيين وتنظيميين: النظام العملياتي، ونظام ثنائي الوظيفة يضمّ النظامين المؤسساتي والمهني.
يمسك قائد الأركان العامة ونائبه قائد الأركان الفرعية التابعة لها بأدوار التسلسل الهرمي الأعلى داخل الهيكلية التنظيمية للجيش الإسرائيلي. ينقسم جيش الدفاع الإسرائيلي بعد ذلك إلى عدّة قوات: القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وقوات الشرطة. كذلك، تخضع شعبة الاستخبارات العسكرية ‘أمان’ لإشراف الأركان العامة.
استلهم الجيش الإسرائيلي هيكلية التجنيد من نموذج الجيش السويسري: يهدف النظام الثلاثي الصفوف إلى تعويض النقص السكاني في البلد مقارنةً بجيرانه. يدمج النظام الثلاثي الصفوف المكوّنات التالية:
- النواة العسكرية المحترفة التي تعدّ هيكل جيش الدفاع الإسرائيلي؛
- عددٌ كبيرٌ من المجندين الذين يشكّلون قوات الدفاع في أوقات السلم؛
- قوات الاحتياط التي تشكّل الجزء الأكبر من قوات الجيش.
فضلاً عن ذلك، من الأهمية بمكان ملاحظة أنّ الخدمة العسكرية الإلزامية تستهدف الرجال والنساء على حدٍّ سواء، وأنّ الخدمة العسكرية في تساحال بوصفه جيش "الدولة اليهودية" متاحةٌ ليهود العالم بمعزلٍ عن جنسيتهم ونوعهم الاجتماعي. بأخذ هذه الهيكلية بالحسبان، تُعدّ الخدمة العسكرية عملاً مدنياً، وقد عدّه بن غوريون ضرورةً حيوية. "لو لم [تكن] إسرائيل تريد أن تكون أمّةً محاربة لما [تمكّنت] من أن تكون أمّةً حية"، هذا ما قاله بن غوريون عندما جرى تحويل الخدمة العسكرية من طوعيةٍ إلى إلزامية15. وبهذا المعنى، ليست الخدمة العسكرية عملاً مدنياً إلزامياً فحسب، بل إنّها أيضاً عامل اندماجٍ اجتماعي واندماجٍ سياسي. وبالفعل، إنّ الطابع العالمي للتجنيد الإسرائيلي هو أحد أسس ميثولوجيا الجيش والدولة. غير أنّ الجمهور الإسرائيلي لا يقبل هذا الأمر من دون جدال، كما توضح ذلك ظاهرة حركة رافضي الخدمة الإلزامية مثل حركة ييش غيفول التي قدّمت المساعدة للمجندين والجنود الرافضين للخدمة في لبنان منذ العام 1982. يقدّم رفض الخدمة الإلزامية مثالاً على تصاعد انتقادات الجمهور الإسرائيلي للجيش الإسرائيلي وهي حركةٌ اتسعت لاحقاً لتشمل رفض الخدمة في الأراضي المحتلة. يمكن القول إنّ رافضي الخدمة الإلزامية والذين تُطلق عليهم أيضاً تسمية الرافضين قد ظهروا من حالة التعب النسبي التي وصل إليها المجتمع منذ ثمانينيات القرن الماضي والمسافة المتنامية بين تلك الحركة وبين صانعي السياسة ومنفذيها16.
الحلفاء
الولايات المتحدة الأمريكية: تمويل، تدريب، تسليح17.
مجال النفوذ
يمتد مجال نفوذ الجيش الإسرائيلي فوق كامل الأراضي التي يعدّها النظام الإسرائيلي أراضي سيادية، آخذين في الحسبان أنّ حدود البلد لا تزال موضوع نزاع.
عديد القوات
- 133000 قوات عاملة؛
- 500000 قوات احتياط.
أنواع الأسلحة
- دبابات رئيسية ومتوسطة (2422)؛
- عربات مشاة قتالية ثقيلة (+ 565)؛
- ناقلات جنود مدرعة ومن بينها ناقلات مجنزرة ونصف مجنزرة وبعجلات (5100)؛
- عربات قتال مدرعة خفيفة (408)؛
- مدفعية، ذاتية الحركة (550)؛
- مدفعية، مجرورة (236)؛
- راجمات صواريخ (136)؛
- مدافع هاون (772)؛
- مدفعية، مضادة للطائرات (850)؛
- صواريخ مضادة للدبابات (+ 25)؛
- صواريخ مضادة للطائرات (+ 250)؛
- صواريخ سطح ـ سطح (107)18؛
- رؤوس حربية نووية (80 ـ 100 مع مواد انشطارية تكفي لصنع أكثر من 200 رأس)19؛
- أسلحة انشطارية معزّزة وإشعاعية معزّزة (قنابل نيوترونية)20؛
- متفجرات المعادن الثقيلة الخاملة (دايم)؛
- قنابل خارقة للدروع؛
- فسفور أبيض21؛
- قنابل عنقودية22.
أدوات القوة الناعمة
يمتلك الجيش الإسرائيلي أدوات تواصلٍ خارجي قويةً من خلال موقعه على الشبكة الإلكترونية ومدونته وحضوره على وسائط التواصل الاجتماعي23 وإذاعة الجيش والأكثر أهميةً وحدة المتحدث الرسمي. للجيش الإسرائيلي حضوره اليوم في كافة أنواع وسائط التواصل الاجتماعي (تويتر، فيسبوك، انستغرام)، وينشر رسائله ليس بالعبرية فحسب، بل كذلك بالإنكليزية والعربية والفرنسية والروسية وغيرها.
لقد تطوّرت استراتيجية الجيش الإسرائيلي التواصلية محلياً ودولياً تطوّراً لافتاً أثناء حرب غزة في العام 2008، والانتقاد الدولي الواسع الذي نبع من عدم تناسب تدخّله العسكري24. ومنذ ذلك الوقت، استُخدمت مجموعة أدوات التواصل التي استعملها تساحال كوسيلةٍ لشرعنة سياساته وتبريرها في عيون المجتمع الدولي وعيون شعبه25.
الحالة
ناشط.
المواقع على الشبكة الإلكترونية
التاريخ والسياسات
منذ تأسيس الجيش الإسرائيلي الذي تبع قيام إسرائيل، تعرّض إلى حالاتٍ هدّدت الأمن القومي بصورةٍ متكررةٍ وقد يقول البعض بصورةٍ منهجية. ومباشرةً بعد إعلان استقلال البلد من جانبٍ واحد، واجه الجيش الإسرائيلي اجتياح الجيوش العربية (من مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق)، ما أشعل الحرب العربية الإسرائيلية الأولى. حتى بعد هدنة تموز/يوليو 1949، كان مطلوباً من الجيش الإسرائيلي باستمرارٍ تقريباً الردّ على طيفٍ واسعٍ من التهديدات الأمنية التي تمتد من عمليات التسلل عبر الحدود إلى الاشتباك العسكري الشامل. ففي أقلّ من سبعين عاماً، انخرط الجيش الإسرائيلي في أكثر من عشر مواجهاتٍ عسكريةٍ شاملة، تقليديةٍ وغير تقليدية26. ففي ما يخص الحرب التقليدية، واجه الجيش الإسرائيلي مصر والأردن وسوريا أثناء نزاع سيناء (1956)، وبعد عقدٍ من الزمن حين زادت مصر من وجودها العسكري في سيناء وأغلقت مضائق تيران في وجه إسرائيل، شنّ الجيش الإسرائيلي هجوماً استباقياً على سوريا ومصر والأردن عُرِف باسم حرب حزيران/يونيو. وقد سمح الهدوء النسبي بين حربين كبيرتين لجيش الدفاع الإسرائيلي بالنمو والتطور. ظلّت التوترات مرتفعةً في بداية سبعينيات القرن الماضي (يمكن وصف هذه السنوات بـ"حرب الاستنزاف")، وأدّت إلى تعرّض إسرائيل لهجومٍ منسّقٍ مفاجئ في العام 1973 (في يوم عطلةٍ يهودي هو يوم الغفران) شنّته مصر وسوريا. أمّا بدءاً من ثمانينيات القرن الماضي، فقد تطوّرت التهديدات الأمنية التي واجهت إسرائيل والجيش الإسرائيلي وأصبحت غير تقليديةٍ بالدرجة الأولى، مثلما أوضحت ذلك أعمال منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الله من بين آخرين. ومثلما فصّلنا سابقاً، تميّز الجيش الإسرائيلي بتغيّر طابع التهديدات الإقليمية. ففي العامين 1978 و1982، شنّ الجيش الإسرائيلي عملياتٍ جويةً وبريةً ضدّ أطرافٍ فلسطينيةٍ مسلحةٍ لا تتبع دولاً في لبنان، وظلّ متمركزاً في المنطقة الجنوبية من لبنان لحماية حدوده حتى العام 2000. تزايدت التهديدات غير التقليدية مثلما أوضحت ذلك الانتفاضتان الأولى والثانية في العامين 1987 و2000، وحرب لبنان الثانية ضدّ حزب الله. كما أنّ العمليات الأحدث ضدّ حماس في قطاع غزة في العام 2008 وصيف العام 2014 زادت من حاجة الجيش الإسرائيلي لتكييف طرائق اشتباكه، وذلك بسبب تعرّضه لانتقاداتٍ عالميةٍ واسعة النطاق تتعلق بتفسيره لمفهومي "التمييز" و"التناسب" في العمليات العسكرية27.
أياً يكن الأمر، كانت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ركيزةً أساسيةً في عملية بناء الأمة في البلد. واقع الأمر أنّ قادة إسرائيل شكّلوها وفق النموذج الأصلي لـ"الأمة المسلحة". النزعة العسكرية إذاً هي مبدأٌ تنظيميٌ مركزي في بلدٍ يكون فيه "المواطنون جنوداً بإجازةٍ لمدة أحد عشر شهراً"، كما تشبّث بذلك إيغال يادين أول رؤساء أركان المؤسسة. ومثلما هو موضّحٌ في النظام الثلاثي الصفوف المذكور آنفاً ودور الجيش الإسرائيلي في التطويع والاندماج، ليست هنالك حواجز بين المجالين العسكري والمدني. بالأحرى، يُغذّي كلا المجالين بعضهما بعضاً بمعنى أنّ تساحال يوصف في كثيرٍ من الأحيان بأنّه تربةً خصبةً (لكنّ الأكثر أهميةً وصفه بأنّه تربةٌ للتطويع والتشبيك) لنخبة البلد. وبالفعل، من المثير للاهتمام ملاحظة أنّ الغالبية العظمى من زعماء إسرائيل السياسيين جاؤوا من الجيش وقيادته.
بالنظر إلى المحيط الإقليمي المعادي جداً لإسرائيل، وحاجتها لتعويض نقص سكانها، عُدّت قوة البلد العسكرية، متجسدةً بجيش إسرائيل، على الدوام جوهريةً لبقاء الأمة وشعبها. على هذا الأساس، أقرّ الكنيست قانون الخدمة العسكرية في أيلول/سبتمبر 194928 الذي يكرّس التجنيد الشامل لجميع الإسرائيليين بهدفٍ أساسي هو تنمية الروح القتالية لديهم. وباستناد الجيش الإسرائيلي إلى التجنيد الجماعي، يرتبط الكفاح والمواطنة في إسرائيل ارتباطاً مؤسساتياً29. لقد عزّزت نجاحات الجيش الإسرائيلي في ساحات القتال تواصلية المجالين المدني والعسكري الإسرائيليين والإجماع المتعلق بالحاجة إلى مثل هذه الأداة العسكرية القوية.
بالنظر إلى مدى العلاقات المدنية العسكرية في إسرائيل والنزعة العسكرية المبنية على الإدراك والتي تميّز البلد30، فمن الضروري أن نفهم ديناميات الجيش الإسرائيلي لندرك بالكامل دور إسرائيل في السياسات الإقليمية. فقد تأثّر الجيش الإسرائيلي غاية التأثر في تطوّره وتعهداته بمفهوم "الحروب التي لا خيار فيها"؛ وهو تصورٌ جبريٌّ للحرب بوصفها أمراً مفروضاً حتماً على إسرائيل، يمكن وضعه في إطار نزعةٍ عسكريةٍ ثقافية31. استُخدم هذا المفهوم على نحوٍ مثيرٍ للجدل كوسيلةٍ لشرعنة اللجوء إلى القوة العسكرية لحلّ قضايا سياسية. كما أنّ التضامن الوطني النابع من الهدف المركزي للجيش الإسرائيلي في ضمان بقاء الجماعة ـ أي وضع "بلدٍ مُحاصر"32 ـ يشير إلى مستوى صدقية الجيش الإسرائيلي، لاسيما في سنوات إسرائيل الأولى.
على الرغم من ذلك، ومع تنامي النزعتين الليبرالية والفردية في المجتمع الإسرائيلي منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأ الترابط الوطني والإجماع العام المحيطان بالجيش الإسرائيلي بالتآكل. تمثّل هذا الأمر في المجتمع من خلال تحوّل الركيزة الأساسية من كونها تتمثّل في الجيش الإسرائيلي إلى وظائف في القطاع الخاص33، وداخل صفوف الجيش الإسرائيلي من خلال تنامي رفض الخدمة الإلزامية (مثلاً رفض الخدمة في الأراضي المحتلة). وبهذا التطور، تصبح الخدمة العسكرية التي كانت مساهمةً إلزاميةً في بناء الأمة تعاقديةً على نحوٍ متزايد34.
القرارات القانونية
قرار مجلس الأمن رقم 1701 (انسحاب إسرائيل من لبنان في أعقاب حرب العام 2006)35.
الأحداث البارزة
- النزاع في قطاع غزة صيف العام 2014؛
- النزاع في قطاع غزة في العام 2008؛
- حرب لبنان في العام 2006.
بوابة المعرفة للمجتمع المدني
لمزيد من المعلومات، اتصلوا بنا على العنوان الإلكتروني: contact@lebanon-support.org
دعم لبنان. جميع الحقوق محفوظة 2016
- 1. ملاحظة: يُعرف أيضاً باسم القائد العام للجيش الإسرائيلي.
- 2. "رؤساء الأركان السابقين"، الموقع الإلكتروني لجيش الدفاع الإسرائيلي، متاح على الرابط: http://www.Israeli Military.il/1502-en/Dover.aspx [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 3. "وحدة المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي"، الموقع الإلكتروني لجيش الدفاع الإسرائيلي، متاح على الرابط: http://www.Israeli Militaryblog.com/about/Israeli Military-spokespersons-unit/ [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 4. "العقيدة العسكرية الإسرائيلية"، الموقع الإلكتروني لجيش الدفاع الإسرائيلي، متاح على الرابط: http://www.Israeli Military.il/1497-en/Dover.aspx [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 5. موشيه ليساك، "جيش الدفاع الإسرائيلي كعامل تطويعٍ وتربية: بحث في دور ـ توسّع في دولةٍ ديمقراطية"، 1971، ص. 336، ورد في: فان غيلز، م. ر (محرر)، الدور المتوقّع للجيش، منشورات جامعة روتردام.
- 6. "العقيدة العسكرية الإسرائيلية"، الموقع الإلكتروني لجيش الدفاع الإسرائيلي، متاح على الرابط: http://www.Israeli Military.il/1497-en/Dover.aspx [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 7. يُمفهم ذلك بوصفه حالةً لا يعود ممكناً فيها وصف استخدام القوة باعتباره استمراراً للسياسة، ما يؤدي إلى عكس الحالة الكلاوزفيتسية التي تكون فيها خسارة القوة التي تستخدم أكبر مقدارٍ من القوة أكثر رجحاناً.
- 8. أهارون بريغمان، حروب إسرائيل: تاريخ منذ العام 1947، لندن ونيويورك، روتلدج، 2002.
- 9. كارل فون كلاوزفيتس، في الحرب، 1832.
- 10. إفراييم إنبار، "مواقف تجاه الحرب في النخبة السياسية الإسرائيلية"، ميدل إيست جورنال، المجلد 44، العدد 3، 1990، ص. 431.
- 11. كريس هيدجز، "ذهان الحرب الدائمة"، مجلة الدراسات الفلسطينية [بالإنكليزية]، المجلد 44، العدد 1، إصدار خاص: عملية الجرف الصامد، خريف العام 2014، ص. 42-51، متاح على الرابط: http://www.jstor.org/stable/10.1525/jps.2014.44.1.42 [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 12. ملاحظة: تجدر الإشارة إلى أنّ إسرائيل، كما قال أفنير كوهن، تعتمد على مفهوم "التعتيم النووي" حيث تمتلك بوضوحٍ قدرةً نوويةً في حين تنكر وجود أسلحةٍ نووية. للمزيد حول أفنير كوهن، انظر: "مجموعة أفنير كوهين"، مركز ويلسون، متاح على الرابط: http://www.wilsoncenter.org/publication/avner-cohen-collection [آخر دخول بتاريخ 11-5-2015].
- 13. للمزيد، انظر: ديمتري أدامسكي، "لماذا ينبغي على إسرائيل تعلّم التوقف عن القلق ومحبة القنبلة"، فورين أفيرز، باللغة الإنكليزية، 31 آذار/مارس 2012، متاح على الرابط: : https://www.foreignaffairs.com/articles/israel/2012-03-31/why-israel-sho... [آخر دخول بتاريخ 11-5-2015].
- 14. جان لو سمعان، قرميدةٌ أخرى في الجدار: تجربة إسرائيل في الدفاع الصاروخي، معهد الدراسات الاستراتيجية، 2015، متاح على الرابط: http://www.strategicstudiesinstitute.army.mil/pdffiles/PUB1261.pdf [آخر دخول بتاريخ 11-5-2015].
- 15. بروتوكول الكنيست (18-8-52)، ورد في: بن أليعازر، "أمّةٌ مسلحة: الدولة والأمّة والنزعة العسكرية في سنوات إسرائيل الأولى"، دراسات مقارنة في المجتمع والتاريخ، المجلد 37، العدد 2، 1995، ص. 274.
- 16. بيريتز كيدرون، "ييش غيفول: ابتكارٌ إسرائيلي فريد في ثقافة الاحتجاج"، أنباء السلام، الإصدار 2247، تموز/يوليو ـ آب/أغسطس 2002، متاح على الرابط: http://peacenews.info/node/3882/yesh-gvul-uniquely-israeli-innovation-cu... [آخر دخول بتاريخ 11-5-2015].
- 17. "مساعدات الجيش الأمريكي لإسرائيل تتجاوز مئة مليار دولار"، هآرتس، باللغة الإنكليزية، 18 آب/أغسطس 2014، متاح على الرابط: http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/.premium-1.611001 [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 18. "معدّات الجيش الإسرائيلي"، GlobalSecurity.org، باللغة الإنكليزية، متاح على الرابط: http://www.globalsecurity.org/military/world/israel/army-equipment.htm [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 19. "الأسلحة النووية: من الذي يملك في لمحة"، رابطة الحد من التسلح، شباط/فبراير 2015، متاح على الرابط: http://www.armscontrol.org/print/2566 [آخر دخول بتاريخ 9-4-2015].
- 20. "الأسلحة النووية: إسرائيل: العقيدة الاستراتيجية"، اتحاد العلماء الأمريكيين، متاح على الرابط: http://fas.org/nuke/guide/israel/doctrine/
- 21. يقال بأنّ الجيش الإسرائيلي لا يملك فحسب متفجرات المعادن الثقيلة الخاملة والقنابل الاختراقية والفوسفور الأبيض (من بين الأسلحة المحرّمة دولياً بموجب القانون الإنساني الدولي)، بل إنّ الأجهزة العسكرية استخدمت مثل هذه الأسلحة من ضمن أسلحةٍ أخرى في نزاع غزة صيف العام 2014. "خبير عسكري: إسرائيل تستخدم ثلاثة أسلحة محرّمة دولياً في غزة"، مرصد الشرق الأوسط، باللغة الإنكليزية، 4 آب/أغسطس 2014، متاح على الرابط: https://www.middleeastmonitor.com/news/middle-east/13218-military-expert... 30-3-3-internationally-banned-weapons-in-gaza [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 22. يقال بأنّ القنابل العنقودية استُخدمت أثناء حرب لبنان في العام 2006. البروفيسورة باولا ماندوكا، "القوات الإسرائيلية استخدمت أسلحةً فتّاكة جديدة وغير معروفة"، أبحاث عالمية، 8 آب/أغسطس 2006، متاح على الرابط: http://www.globalresearch.ca/new-and-unknown-deadly-weapons-used-by-isra... [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 23. "جيش الدفاع الإسرائيلي"، فيسبوك، باللغة الإنكليزية، متاح على الرابط: https://www.facebook.com/pages/Israeli-Defense-Forces/116117948403163?fr... [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015]؛ "تساحال ـ الجيش الإسرائيلي"، تويتر، باللغة الإنكليزية، متاح على الرابط: https://twitter.com/tsahal_Israeli Military [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 24. ملاحظة: بلغت الخسارة في الأرواح في اشتباكٍ دام أقل من شهر أكثر من 1300 في الجانب الفلسطيني مقارنةً بـ13 في الجانب الإسرائيلي.
- 25. "الشرق الأوسط: الجيش الإسرائيلي ملك الاتصالات على الإنترنيت"، لوباريزيان، باللغة الفرنسية، متاح على الرابط: http://m.leparisien.fr/international/proche-orient-l-armee-israelienne-r... [آخر دخول بتاريخ 11-5-2015].
- 26. ملاحظة: حتى لو كان مصطلح "المواجهة الشاملة" في ما يخص الاستراتيجيات والتكتيكات التي يستخدمها خصوم الجيش الإسرائيلي موضع تساؤل، فاعتبار النخبة الإسرائيلية أنّ مثل هذه المواجهة تهدّد بقاء أمّتهم يفسّر استخدام هذا التعبير.
- 27. "ناجون من الهولوكوست يندّدون بإسرائيل لارتكابها ‘مذبحة غزة’، ويدعون إلى مقاطعتها"، هآرتس، باللغة الإنكليزية، 23 آب/أغسطس 2014، متاح على الرابط: http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/1.612072 [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].
- 28. ملاحظة: الكنيست هو البرلمان الإسرائيلي.
- 29. ياغيل ليفي وإدنا لومسكي فيدر ونوح هاريل، "من ‘النزعة العسكرية الإلزامية’ إلى ‘النزعة العسكرية التعاقدية’ ـ نماذج متنافسة للمواطنة"، ورد في: أورين باراك وغبرييل شيفر (محرران)، النزعة العسكرية والمجتمع الإسرائيلي، بلومينغتون، إنديانا، منشورات جامعة إنديانا، 2010.
- 30. ملاحظة: يمكن وصف النزعة العسكرية المبنية على الإدراك بأنّها حالةٌ تُعامل فيها الاعتبارات الاستراتيجية العسكرية بوصفها مسائل مركزية في المجالات السياسية والمجتمعية.
- 31. إفرايم إنبار، "نقاش ‘الحرب التي لا خيار فيها’ في إسرائيل"، جورنال أوف ستراتيجيك ستاديز، المجلد 12/ العدد 1، 1989، ص. 22-37.
- 32. بن أليعازر، "أمّةٌ مسلحة: الدولة والأمّة والنزعة العسكرية في سنوات إسرائيل الأولى"، دراسات مقارنة في المجتمع والتاريخ، المجلد 37، العدد 2، 1995، ص. 266.
- 33. على هذا النحو، توقّع الإسرائيليون في ثمانينيات القرن الماضي وطيلة تسعينياته "أن يحقّقوا أنفسهم ليس بالخدمة في الجيش، بل بخدمة أمّتهم على جبهة التصدير أو جبهة الحاسوب"، كما ورد في: ستيوارت أ. كوهن، إسرائيل وجيشها: من الترابط إلى الارتباك، 2008، لندن: روتلدج.
- 34. ياغيل ليفي وإدنا لومسكي فيدر ونوح هاريل، "من ‘النزعة العسكرية الإلزامية’ إلى ‘النزعة العسكرية التعاقدية’ ـ نماذج متنافسة للمواطنة"، ورد في: أورين باراك وغبرييل شيفر (محرران)، النزعة العسكرية والمجتمع الإسرائيلي، بلومينغتون، إنديانا، منشورات جامعة إنديانا، 2010، ص. 145.
- 35. قرار مجلس الأمن رقم 1701، متاح على الرابط: http://www.un.org/french/documents/view_doc.asp?symbol=S/RES/1701%20%282... [آخر دخول بتاريخ 30-3-2015].