مياومو شركة كهرباء لبنان
مياومو شركة كهرباء لبنان
الأصول:
لجنة مياومي شركة كهرباء لبنان: بين 2000 و2002*
أصل ظاهرة المياومة في القطاع العام:
اعتباراً من العام 1974، تبنّت الحكومة اللبنانية سياسة عامة وتدريجية من ‘‘عقلنة’’ كلفة العمل في ما يخص الإدارات العامة والمرافق العامة. بدايةً، حدّ مجلس الخدمة المدنية1 من عدد المباريات العامة للتوظيف، وفي نهاية المطاف علّقها في العام 1998. بدءاً من العام 1974 وحتى هذا اليوم، كان إدخال موظفين جدد وإحلالهم مكان المتقاعدين يتمّ في غالب الأحيان عبر استخدام عاملين غير مثبتين بصفة مياومين.
وبما أنّ الإدارة العامة لم تستطع استخدام قوة العمل (مباشرةً)، فقد أوكل أمر تشغيل المياومين إلى شركات خاصةٍ متعاقدةٍ من الباطن. بالتالي، أصبحت نسبةٌ معتبرة من قوة العمل المستخدمة في الإدارات العامة والمصالح الوطنية تدريجياً ‘‘خارجية المصدر" وسُلّمت إلى شركات متعاقدةٍ من الباطن2. أمّا بالنسبة إلى المياومين، فيرتبطون قانونياً بالشركات المتعاقدة من الباطن3، لكنّهم يعملون فعلياً لصالح المؤسسات المشغّلة: يتلقون الأوامر من مشرفيهم من الموظفين المدنيين ويقودون سيارات الشركات الحكومية وتُختم بطاقات دوامهم في الآلات الحكومية الخاصة بذلك. ولا يختلفون عن زملائهم من الموظفين الحكوميين إلا بالأجور والضمان الاجتماعي. بالتالي، يسمح تشغيل العمال عبر التعاقد مع شركات متعاقدةٍ من الباطن للدولة بالتصرّف بقوة العمل فعلياً في حين أنّها تتجنب تقديم الضمان الاجتماعي للمستخدمين الذين تتحكّم بهم مباشرةً أو بصورة غير مباشرة4.
نشوء ظاهرة المياومة في شركة كهرباء لبنان وتناميها:
بالتوازي مع السياسة التي انتهجتها الحكومة، بدأت ظاهرة المياومة في الظهور في شركة كهرباء لبنان في العام 1974. وبما أنّ المباريات العامة قد أُوقفت أو عُلّقت في ذلك الحين، فقد كانت أكثر الطرق شيوعًا للعثور على عملٍ كمياوم في شركة كهرباء لبنان تتمثل في معرفة شخصٍ يعمل أصلاً في الشركة كموظف حكومي و‘‘طلب واسطة صغيرة’’5. ليس واضحاً إن كانت الشركات المتعاقدة من الباطن موجودةً في شركة كهرباء لبنان بين السبعينيات والثمانينيات أم إن كان المياومون يوظفون مباشرةً بحيث تدفع لهم الشركة أجورهم. في كل الأحوال، لم تكن ظاهرة العمل المياوم في شركة كهرباء لبنان بين السبعينيات والتسعينيات لافتةً للنظر بعدُ من الناحية الكمية. كذلك، لم تتبنى تلك الشركة سياسة استجلاب العمالة من خارجها إلا في التسعينيات وبصورةٍ أساسية في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، وكان ذلك تدريجياً. علاوةً على ذلك وبين العامين 1993 و1994، تم تثبيت جزءٍ كبيرٍ من المياومين كموظفين حكوميين في عهد تولي إيلي حبيقة لوزارة الطاقة والمياه (1993-1998).
بدأت الزيادة الأسّية لظاهرة العمل المياوم في شركة كهرباء لبنان في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، عندما انتهى عقد شركة كهرباء فرنسا، المتعاقد من الباطن الرئيسي في برنامج إعادة الإعمار بعد الحرب. وبهذه المناسبة، تحوّل حوالي 200 عاملاً من الموظفين في شركة كهرباء فرنسا إلى مياومين، وقد عنى ذلك، بين ما عناه، انخفاضاً كبيراً في أجورهم أيضاً6. في مطلع العام 2000، شهد عدد المياومين والشركات المتعاقدة من الباطن زيادةً أسّية. ارتفع عدد المياومين في شركة كهرباء لبنان بين العامين 1995 و2011 من 500 تقريباً إلى 2400. أمّا الشركات المتعاقدة من الباطن، فقد تراوح عددها قبل العام 2011 بين 100 و2007. ويبدو أنّ العمل على أساسٍ يومي، وكذلك التعاقد من الباطن، قد خدم أهدافاً مختلفة. فمن جانب، يسمح جلب العاملين من خارج الملاك والاعتماد على مصدرٍ خارجي للدولة وشركاتها بتقليص كلفة قوة العمل في حين تتخلص فعلياً من قوة العمل الخام. وفق هذا المنظور، يمكن تأويل التعاقد من الباطن بوصفه وسيلةً لتعويض قوة العمل بعلاقةٍ تجاريةٍ مع شركة خاصة. واقع الأمر أنّ الشركات التي لجئ إليها لم ولا تقدم خدمةً كان المشغّل (شركة كهرباء لبنان) هو نفسه يقدّمها في الماضي. بعباراتٍ أخرى، لم تكن شركة كهرباء لبنان يوماً معتمدةً على الخدمات التي تقدمها الشركات المتعاقدة من الباطن، لكنّها كانت ـ ولا تزال ـ معتمدةً على قوة العمل التي تحشدها تلك الشركات. لهذه الأسباب، يمكن التعرّف على الهدف الأول في رغبة التراجع عن المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية تجاه أولئك العمال أكثر من الحاجة الحقيقة للتزوّد بخدماتٍ جديدة. من جانبٍ آخر، يميل تبني نظام استجلاب العاملين وكذلك خيار الإبقاء على نمط عملٍ غير مستقل ورعايته إلى تشجيع ـ أو الإبقاء على ـ نظامٍ ‘‘زبائني’’ لتوزيع الموارد الاقتصادية التي يمكن أن تقدّمها المصالح الوطنية. في الواقع وعلى الرغم من طابع العمل غير المستقر وقليل الأجر، فإنّ المياومة ليست سهلة المنال. إذ تجعلها طبيعتها غير النظامية غنيمةً سهلةً للسياسيين والوجهاء المحليين الذين يستطيعون التحكّم بالتوظيف وتوزيعه بين من يحابونهم: ‘‘إذا كنت تريد العمل في شركة كهرباء لبنان (كمياوم)، فلا يكفي أن تذهب إلى الشركة وتطلب أن تعمل. تحتاج إلى واسطة. هل أنت عاملٌ مياوم؟ هذا يعني أنّ لديك واسطة’’8.
نشأة لجنة مياومي شركة كهرباء لبنان:
تاريخ تأسيس لجنة مياومي شركة كهرباء لبنان غير واضح. الأرجح أنّ رئيس اللجنة الحالي أحمد شعيب قد أسّس نواةً للّجنة بين العامين 2000 و2002، غير أنّها بقيت في غالب الأحيان هاجعةً وغير فعالة حتى العام 20119. قبل ذلك التاريخ وعلى نحوٍ متقطّعٍ فحسب، تمكّنت اللجنة من تنسيق تحركاتٍ جماعية صغرى بين المياومين (حول هذه النقطة، انظر أيضاً قسمي الوضع والأحداث البارزة في هذا البحث). في العام 2011، تجدّدت لجنة مياومي لبنان بالكامل: أعيد تنظيم المجلس وبدأ كثيرٌ من المياومين في شركة كهرباء لبنان يتماهون باللجنة التي كانت قادرة على البدء بحركة احتجاج لم تنته بعد وتنسيقها.
أصل حركة مياومي شركة كهرباء لبنان:
2011-2012: بدأت حركة مياومي شركة كهرباء لبنان الاحتجاجية التي لا تزال متواصلة منذ أربع سنوات في العام 2011. فقد أعلنت الشركة بأنّها ستعهّد خدمات التوزيع التي تقوم به10ا للشركات الثلاث الخاصة المتعاقدة معها من الباطن: KVA وBUS وNEUC11. بدأ الاحتجاج عندما رفضت الشركات الثلاث المتعاقدة من الباطن تلك (والمعروفة أيضاً باسم مقدمي خدمات التوزيع)12 استخدام المياومين الذين خشوا من فقدان أعمالهم13. في ذلك العام، بدأت اللجنة جمع العاملين ومتابعة تطوّر البرنامج الذي أصدره مجلس إدارة شركة كهرباء لبنان. عندما أُعلن عن البرنامج في العام 2012، نظّمت لجنة المياومين مجموعةً من الاعتصامات والإضرابات في كافة أرجاء لبنان، تطالب بتثبيت المياومين في شركة كهرباء لبنان. بدأت الحركة في الثاني من أيار، واستمرت 93 يوماً. في نهاية المطاف، تمكّنت اللجنة من الحصول على التوظيف المؤقت لكافة المياومين في الشركات المتعاقدة الثلاث الجديدة بوصفهم عمالاً متعاقدين، ووعدت وزارة الطاقة والمياه بجدولة تثبيت المياومين (السابقين) بعد انتهاء عقودهم مع الشركات الخاصة في العام 2016.
2014: بدأ في آب/أغسطس 2014 احتجاجٌ طويلٌ ثانٍ دام أربعة أشهر عندما أعلنت شركة كهرباء لبنان بأنّها لن توظّف سوى 897 عاملاً من حوالي 2000 عامل غير مستقر (مياومين سابقين) في شركات خدمات التوزيع14. انتهى الاحتجاج في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر بعد أن توصّلت لجنة العمال المياومين وشركة كهرباء لبنان والأحزاب السياسية إلى اتفاقٍ حول إجراء مباريات حكومية محصورة لاستحداث وظائف ثابتة في الشركة15، لكنّ الإضرابات والاعتصامات تواصلت بعد إعلان اللجنة لإنهاء الاحتجاج.
الزعيم
- الزعيم الحالي: أحمد شعيب (2015ـ...)؛
- الزعيم السابق: لبنان مخول (2011-2014).
المتحدث الرسمي:
بلال باجوق (2011-2015).
المقر الرئيسي:
لم تؤسّس لجنة العمال المياومين مقراً رسمياً أو نظامياً أو لم تعلن عنه. يمكن العثور على مكتب رئيسي غير رسمي في مقر شركة كهرباء لبنان، في ضاحية مار ميخائيل ببيروت16. وتنسّق لجنة العمال المياومين نشاطاتها المحلية أو الوطنية من مقر شركة كهرباء لبنان. بين العامين 2011 و2015، نُظمت إضرابات واعتصامات واجتماعات ومؤتمرات صحفية في غرفة الاجتماعات في شركة كهرباء لبنان أو في الشرفة الواقعة خلف المبنى. كما أنّ تظاهراتٍ ثانوية قد نُظمت مباشرةً في المناطق المحيطية، لكنّ اللجنة كانت قادرةً على تنسيق التظاهرات عبر شبكةٍ على الصعيد الوطني.
الأيديولوجيا والأهداف:
ملاحظات أولية:
سيكون الحديث عن حركة ‘‘موجّهةٍ سياسيأً أو مذهبياً’’ تحليلاً جزئياً ومنحازاً. فإضافةً إلى تسييس قضية المياومين في شركة كهرباء لبنان والحركة التي قامت في الفضاء السياسي من جانب ووسائل الإعلام من جانبٍ آخر17، بقيت إيديولوجيا المياومين وأهدافهم على الدوام مرتبطةً ارتباطاً عضوياً بهدفٍ اجتماعي: الحصول على وظيفةٍ ثابتة في شركة كهرباء لبنان بعد سنواتٍ من العمل غير المستقر وقليل الأجر. لم ‘‘تُدِر’’ الانتماءات السياسية الحركة، لكنّ الفاعلين استغلّوها في مناسباتٍ عديدة بهدف الوصول إلى هذا الهدف. بعباراتٍ أخرى، جاء تسييس الحركة بعد ظهورها وليس قبله. بالتأكيد، عانت حركة المياومين من ضغوطٍ سياسية وخدمت أهداف الأحزاب ـ بأسلوبٍ واعٍ إلى هذا الحد أو ذاك ـ لكنّها كانت قادرةً أيضاً على مواجهة الخصومات السياسية والاستفادة من حلفائها السياسيين بهدف الوصول إلى أهدافها الخاصة، ما يظهِر بالتالي نوعاً من القدرة على إعادة تحويل الموارد السياسية.
الولاء السياسي والديني:
يتنوع الانتماء السياسي والديني بين المياومين في شركة كهرباء لبنان تنوعاً كبيراً. ونجد أنّ كافة الأحزاب والمذاهب ممثلة بين العاملين. غير أنّ عدد المسلمين الشيعة يتجاوز عدد السنة والدروز والمسيحيين من زملائهم. وبين المسلمين الشيعة، نجد أنّ حركة أمل هي الأكثر تمثيلاً. ففي السنوات العشر المنصرمة، تمكّنت حركة أمل من توزيع العدد الأكبر من الوظائف للمياومين بفضل النفوذ السياسي في شركة كهرباء لبنان. بين العامين 2011 و2013، تمكّن وزير الطاقة والمياه الأسبق جبران باسيل (التيار الوطني الحر) من توظيف حوالي 100 من أعضاء حركته المسيحيين كعمالٍ مياومين أو متعاقدين، ما أثّر تأثراً طفيفاً ـ لكنّ هذا التأثير الطفيف لم يكن أقلّ رمزيةً ـ في التوازن المذهبي والسياسي بين العاملين18. لكن الأكثر أهميةً هو أنّ إرث وزير الطاقة والمياه الأسبق بقي؛ فبما أنّ باسيل هو الذي روّج للبرنامج الحالي المعتمد على الاستعانة بمصادر خارجية لتوزيع خدمات شركة كهرباء لبنان، فهو أيضاً من اختار الأشخاص الذين جعلوا البرنامج فعالاً ولا يزالون يعملون عليه. وقد جعل انخراط الوزير الأسبق باسيل في برنامج إصلاح شركة كهرباء لبنان من التيار الوطني الحر ـ صواباً أو خطأً ـ عدواً للجنة العمال المياومين وللعمال المضربين. غير أنّ التيار الوطني الحر بقي العنصر الرئيس في إدماج المياومين في مرفق الكهرباء الوطني: ‘‘تغير الوزير، لكنّ مستشاريه لا يزالون يديرون الشركة. الأمر عملياً كما كان عليه. إنّ التيار الوطني الحر لا يريد إدماجنا’’19. بهدف الإبقاء على توازنٍ مذهبي وسياسي، تكوّن مجلس لجنة المياومين وفق حصصٍ مذهبية: بين العامين 2011 و2015، كان رئيسها مياوماً مسيحياً ونائب رئيسها والمتحدث باسمها مسلميْن شيعييْن. أمّا أعضاء المجلس، فقد اختيروا بهدف محاولة تقديم تمثيلٍ للمذاهب الغائبة. على كلّ حال، كان ذلك الخيار تكتيكياً. لا يمكن اختزال رأس المال الاجتماعي والسياسي للمضربين (وبصورةٍ أعمّ للمناضلين في هذا المجال) بمذاهبهم20. واقع الأمر أنّ اختيار رئيسٍ مسيحي قد تمّ بهدف إبراز تكوين المضربين غير المتجانس وللتأكيد مجدّداً على الهدف الاجتماعي للحراك. غير أنّ الحاجة إلى دعمٍ سياسي في مواجهة المعارضة السياسية والضغط اللذين قام بهما التيار الوطني الحر أدّيا إلى ازديادٍ تدريجي لنفوذ حركة أمل في الحركة. إذ بدأ المضربون عن العمل الذين لم يكونوا يعرّفون أنفسهم كمساندين لحركة أمل ـ بل مجرد مياومين مضربين عن العمل ـ بتعريف أنفسهم بوصفهم منتمين إلى حركة أمل. وبدأ فاعلون جُدد موجَّهون سياسياً داخل الحركة بمحاولة تخريب الحركة العابرة للمذهبية وللانتماء السياسي. بالطريقة عينها، بدأ الخصوم السياسيون محاولة صبغ الحركة بصبغة الخضوع لتحريف حركة أمل أكثر منها نضالاً عمالياً أصيلاً. استقال الرئيس المسيحي لبنان مخول من منصبه عقب انتهاء آخر إضرابٍ بدأ في آب/أغسطس 2014 واستمر حتى كانون الأول/ديسمبر من العام عينه.
أهداف لجنة العمال المياومين:
يتمثل الهدف الرئيسي للجنة العمال المياومين منذ تأسيسها في تقديم وظيفة ثابتة في شركة كهرباء لبنان لجميع المياومين في الشركة. في الأعوام 2011-2012 و2014، وبمناسبة أطول فترتي احتجاجٍ نظّمتهما لجنة العمال المياومين، تمثّلت الأهداف الرئيسية في ما يلي:
في 2011-2012:
- إلغاء البرنامج الإصلاحي الخاص بالاستعانة بمصادر خارجية لخدمة التوزيع في شركة كهرباء لبنان، وبدلاً عن ذلك توظيف كافة المياومين فيها بوصفهم عمالاً مثبّتين.
- وفي حالة عدم إمكانية تطبيق البرنامج الإصلاحي، تثبيت كافة المياومين مؤقتاً لدى مقدمي خدمة التوزيع استباقاً لإدماجهم في الشركة بعد انتهاء عقود الشركات الخاصة21.
- وضع برنامج لتثبيت كافة المياومين في شركة كهرباء لبنان.
في العام 2014:
- إدماج المياومين في شركة كهرباء لبنان من دون المرور بمبارياتٍ عامة محصورة22.
- وفي حال مرور إدماج المياومين بمباريات عامة محصورة، زيادة عدد الوظائف بما أنّ شركة كهرباء لبنان رفضت توظيف أكثر من 897 عاملاً من أصل 2000 مياوم.
- ضمان دفع التعويضات بخصوص سنوات الخدمة التي أدّاها المياومون الذين لن يتم إدماجهم في شركة كهرباء لبنان.
أساليب التحرك والاستراتيجية:
أساليب التحرك:
تنوعت أساليب تحرك لجنة العمال المياومين. وبهدف حمل مطالبهم، اختارت اللجنة استثمار كلّ وسيلةٍ متاحةٍ من دون أن ترفض مقارباتٍ متشدّدة عند اللزوم. تمثّل أقوى سلاحٍ للاحتجاج في الإضراب. فقد تميّز الاحتجاج الأول بإضرابٍ دام 93 يوماً في العام 2011-2012 ودام إضراب الاحتجاج الثاني 120 يوماً في العام 2014. أثناء الإضرابين، احتلّ المحتجون مقر شركة كهرباء لبنان في بيروت ونصبوا خياماً في المبنى لمنع أيّ شخصٍ من دخوله23. لم يسمح إلا لبعض المهندسين بالدخول على نحوٍ متفرقٍ إلى مكتب الشركة الرئيسي لضمان تشغيلٍ بالحد الأدنى للمنظومة الكهربائية في البلد. أمّا بالنسبة إلى ‘‘المقاربة المتشدّدة’’، فقد قطع المضربون عن العمل عدة مرات طريقاً سريعاً يقع خلف مقر شركة كهرباء لبنان، فسبّبوا مشكلاتٍ مروريةً كبيرةً في العاصمة24. كذلك، حاول أحد العاملين حرق نفسه خوفاً على مستقبله ومستقبل أسرته25. على نحوٍ مماثل، تبنى المياومون المضربون عن العمل في جنوب لبنان وشماله وشرقه وسائل الفعل تلك: احتلوا المكاتب الثانوية ونصبوا خياماً داخل أو خارج المباني التي تمتلكها الشركة. بدأ إضرابٌ حديثٌ في نيسان/أبريل 2015، قام به المتعاقدون مع EPS، وهي شركة تابعة لمجموعة دباس التي تمتلك NEUC بعد تسريح حوالي عشرة موظفين. بهذه المناسبة، احتُلّ المكتب المحلي لشركة كهرباء لبنان وبدأت توتراتٌ بين الموظفين وقوى الأمن العام عندما حاول رجال الشرطة إخلاءهم26. هذا آخر مثالٍ فحسب على كثيرٍ من التوترات العنيفة؛ إذ شكّل قطع الطرقات وحرق الإطارات والشجارات مع قوى الأمن العام أو مع أصحاب المحلات انتكاساتٍ في حراكات المياومين27. لكنّ الطرائق العنفية هي التي أدّت إلى عرض قضية المياومين على شاشات التلفزيون وفي الصحف ولفتت بالتالي انتباه المواطنين والسياسيين.
الاستراتيجية:
مثلما أشرنا سابقاً، فإنّ تسييس الحركة قد لحق ظهورها أكثر مما سبقها. ولهذا السبب، ربما يكون من الأفضل محاولة قراءة أسلوب حراك المياومين العنفي ليس بوصفه تدهوراً في الطرائق فحسب، لكن أيضاً من وجهة نظر العمال الغاضبين الذين يحاولون إسماع أصواتهم. فعلى الفور، شجب الزعماء في مقابلاتهم تلك الطرائق عندما سألناهم عنها. غير أنّهم أشاروا إلى أنّ أحداً لم يكن لينتبه إلى مظالمهم لو أنهم لم يستخدموا طرائق متطرفة لنقل مطالبهم. ومن جانبٍ آخر، يجب أن نأخذ بالحسبان التجربة العسكرية السابقة في الجيش لبعض العاملين وأنّهم كانوا مقاتلين أثناء الحرب الأهلية. بالتالي، يمكن العثور على سوابق لـ‘‘الطرق المتشدّدة’’ التي تم تبنيها والتجربة اللازمة لتنظيم العنف والتحكم به في مسار بعض العاملين. على كل حال، كانت ‘‘الطرق المتشدّدة’’ كفيلةً بجلب انتباه الجمهور إلى قضية المياومين. عندما وصلت الحركة إلى وسائل الإعلام ولفتت انتباه الجمهور، تزايد تغلغل السياسة فيها. لم يكن العمال قادرين على مواصلة الاعتصام في مقر شركة كهرباء لبنان، والذي استمر أربعة أشهر، لولا الحماية السياسية. لم يكن ينام في المبنى ليلاً أكثر من 20 أو 30 شخصاً، وكان إجلاؤهم سهلاً لو كانت هنالك رغبةٌ في ذلك. ثمة استراتيجيةٌ تبنتها لجنة العمال المياومين في بداية الحركة في العام 2011 وإعادة إحيائها في العام 2014، تمثّلت في جلب انتباه الناس والطبقة السياسية إلى قضية العمال كي يسمعوهم ويجدوا دعماً خارجياً. كانت الاستراتيجية الأساسية العامة هي استخدام تويتر وصفحات فيسبوك وتعاونٌ وثيقٌ مع وسائل الإعلام بعد الاحتجاج، بالإضافة إلى التظاهرات. على مستوى أكثر استتاراً، تبنّت اللجنة استراتيجية إيجاد دعمٍ سياسي حيثما يتوافر. استندت أولى المحاولات إلى بحثٍ عابرٍ للمذاهب عن الدعم. لكن تدريجياً، تمكّنت حركة أمل من اختراق الحركة واستغلالها في فضائها السياسي. لم تكن الحركة على كل حال الرابح الوحيد في تلك اللعبة الخفية. فقد تمكّنت لجنة المياومين من الحصول على إعادة تحويل دعم حركة أمل لصالحها ومن الحصول على الحماية أثناء الإضرابات وكذلك أثناء وضع برنامجٍ لإدماج المياومين في شركة كهرباء لبنان.
التأثير في السياسة العامة:
تمكّنت حركة المياومين من استثارة نقاشٍ برلماني بخصوص التصويت على قانون إجراء مباراة عامة محصورة للمياومين في شركة كهرباء لبنان. أقام مجلس الخدمة المدنية مبارياتٍ عامة محصورة للمياومين في التاسع من كانون الأول/ديسمبر 2014، استناداً إلى المرسوم رقم 7989 بتاريخ 14 نيسان/أبريل 2012. اليوم، مباريات عامة محصورة: سوف يتم تثبيت 897 عاملاً في الشركة. كانت لجنة المياومين تطالب بتثبيت 2400 عامل مياوم، لكنها أرغمت على قبول عددٍ أقل من المتقدمين. وقد قدّمت الشركة وعداً غير رسمي بتوظيف حوالي 400 عامل آخر حالما يتقاعد جزءٌ من الموظفين المدنيين لديها.
الداعمون:
الدعم السياسي:
بدأت حركة أمل في إجراء متابعة حثيثة لـ‘‘قضية’’ المياومين بعيد انطلاقها في العام 2011، وباتت تلك المتابعة أكثر فعاليةً في العام 2012. لا نعلم إن كانت الحركة قد موّلت لجنة المياومين مباشرةً أو بصورةٍ غير مباشرة، لكنّ دعمها كان في كل الأحوال فعالاً ولم يتوقّف حتى الآن. قدّمت حركة أمل حمايةً سياسيةً للمضربين عن العمل، حيث أتاحت لهم احتلال مقر شركة كهرباء لبنان لمدة أربعة أشهر، وأبقت قوات الأمن خارج المبنى. واليوم، تنظّم حركة أمل دروساً مجانية لتحضير المياومين للمباريات التي تتيح لهم الحصول على وظيفة ثابتة في شركة كهرباء لبنان. هذه الدروس مفتوحة للجميع وليس لمناصري حركة أمل فحسب.
دعم المجتمع المدني:
من بين منظمات المجتمع المدني، تابعت الفيدرالية الوطنية لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان (فيناسول) ومرصد العمل اللبناني الحركة وقدّما دعماً تخصصياً، ولاسيما في الشؤون القانونية.
دعم اتحادات العمال:
لم تدعم نقابات العمال الوطنية مثل الاتحاد العام لعمال لبنان الحركة. بل إنّ الاتحاد العام قد عارض بنفسه فعلياً وإلى حدٍّ كبير تحقيق أهداف العمال، حتى على مستوى مستتر. يمكن أن تفسر نقص الدعم هذا أسبابٌ عديدة، وأهمها خشية الاتحاد العام من تطور حركات العمال المستقلة، ما يمكن أن يهدّد احتكاره لقطاع نقابات العمال. كما أنّ الاتحاد تبنى الموقف عينه تجاه تحركاتٍ عمالية أخرى ـ مستقلة ـ في السنوات الأربع المنصرمة. حول هذه النقطة، يجدر ذكر حركة العاملين في سبينيز في العام 2012 والتي كافحت من أجل تأسيس نقابةٍ عمالية. ففي هذه الحالة، لم يتلقّ عمال سبينيز دعماً من الاتحاد العام لعمال لبنان، وطوّروا وسائل خاصة لتحقيق هدفهم. هنا أيضاً، لعب المجتمع المدني دوراً مهماً في حماية العاملين المتمردين، غير أنّ الكفاح الرئيسي تعرّض للهجوم عليه من العاملين أنفسهم لأنّه كان عليهم التعامل مع قمع الشركة وتجاوزه من جانب، ومع الدعم السياسي الذي قدّمه بعض الوجهاء لسبينيز من جانبٍ آخر28. وكلّ ما أظهره الاتحاد العام في هذه المناسبة هو غيابه.
المشاركون:
- عدد المياومين في شركة كهرباء لبنان قرابة العام 1995: حوالي 500.
- عدد المياومين في شركة كهرباء لبنان قبل حركة 2011: حوالي 2400.
- عدد المياومين في شركة كهرباء لبنان المؤهلين للتثبيت في الشركة عبر المباريات العامة المحصورة: بين 1500 و1800.
ملاحظات حول المياومين المؤهلين للتثبيت في الشركة:
من بين المياومين الذين يبلغ عددهم 2400، عدد من تجاوزوا السن القانونية للتقدم إلى الوظائف الثابتة لا يذكر. علاوةً على ذلك، كان عددٌ من المياومين يعملون بصورةٍ غير نظامية في حين كانوا يتلقون راتباً تقاعدياً عسكرياً؛ وبالتالي، لن يكون بوسعهم التقدم للوظائف الثابتة. لدى بعض العاملين الآخرين إداناتٌ جنائية ولن يكونوا قادرين على التقدّم هم أيضاً لمسابقات التثبيت. استناداً إلى العدد الذي قدّمه لنا ممثلو لجنة المياومين، سيكون عدد المؤهلين للتقدم للوظائف الثابتة بين 1500 و1800 عاملاً مياوماً.
ملاحظات حول المنتسبين إلى لجنة العمال المياومين:
الانتساب إلى اللجنة غير رسمي. لم يوضع منهجٌ للتسجيل ولا تقدَّم بطاقة انتساب. ولهذا السبب، يستحيل تقديم إحصائيات حول المنتسبين للجنة المياومين. ما يمكن أخذه بالحسبان لفهم نفوذ اللجنة لدى المياومين هو أنّ الغالبية العظمى من المياومين أضربوا عندما نظّمت تلك اللجنة احتجاج العام 201429.
ملاحظات حول التركيب المذهبي للمياومين:
مثلما أشرنا سابقاً، المسلمون الشيعة أكبر عدداً من زملائهم السنة والدروز والمسيحيين. يبلغ عدد المياومين المسلمين ضعف عدد المسيحيين. ويبدو أنّ السبب الرئيس في معارضة التيار الوطني الحر لإدماج المياومين يدور حول هذه النقطة: إذا توظّف كافة المياومين، فسوف يطغى المسلمون على الشركة. واقع الأمر أنّ توظيف كافة المياومين سوف يغيّر التوازن المذهبي في الشركة. وقد عارضت نقابة العاملين في شركة كهرباء لبنان نفسُها برنامج التوظيف للسبب عينه: في حال أصبح المياومون مثبتين، فإنّ التوازن المذهبي في مجلس النقابة سوف يتغير على الأرجح. يمكن توقّع أنّه بحكم العُرف، سوف تكون المباريات المحصورة التي ستثبّت المياومين الثمانمئة وسبعة وتسعين محكومةً بضرورة الإبقاء على التوازن المذهبي في شركة كهرباء لبنان، وأنّ عدد المياومين المسيحيين المثبتين سوف يتطابق مع عدد المسلمين كذلك إذا مثّل المسلمون الأغلبية بين المرشحين للوظائف الثابتة.
الوضع
قبل العام 2011:
كان وضع لجنة العمال المياومين هاجعاً في الأغلب الأعمّ حتى العام 2011. حدثت بعض الإضرابات الصغرى قبل ذلك التاريخ، لكن بمتابعة محصورة من المياومين وخلت من الإنجازات الملموسة بخصوص المطالب المعلنة (حول هذه النقطة، انظر أيضاً قسم الأحداث البارزة).
بدءاً من العام 2011:
تمكّنت لجنة العمال المياومين من جمع المياومين في احتجاجين مديدين (2011-2012 و2014) أدّيا إلى إقرار مباريتين محصورتين للحصول على التثبيت في شركة كهرباء لبنان. في 2011-2012 و2014، حقّقت لجنة العمال المياومين جزءاً من أهدافها وتمكّنت من فرض نفسها بوصفها ممثّلاً لكافة العمال المياومين في شركة كهرباء لبنان (هنا أيضاً، انظر قسم الأحداث البارزة).
الموقع الإلكتروني:
ليس هنالك موقع إلكتروني رسمي. تشكّلت عدة مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد قدّم لنا رئيس اللجنة صفحة فيسبوك لم يعد لها وجود30. كما توجد مجموعة مغلقة على فيسبوك31.
التاريخ:
لطالما سعى العمال المياومين إلى التثبيت في شركة كهرباء لبنان. إنّ الحصول على وظيفة ثابتة ليس أمراً مادياً فحسب. ومن المهم ملاحظة أنّ حصول المياوم على عملٍ دائم ليس مجرد وسيلةٍ للحصول على وضع عاملٍ دائم، بل يمنحه كذلك اعترافاً اجتماعياً بالخدمات التي قدّمها طيلة سنواتٍ عديدة للشركة. فقد عمل معظم المياومين في شركة كهرباء لبنان لمدة 10 سنوات أو 15 سنة وبدأ بعضهم العمل لصالح شركة الكهرباء الوطنية منذ أكثر من 20 سنة. وقد عملوا باستمرار جنباً إلى جنب مع زملائهم المثبتين، ما يمنحهم شعور كونهم ضروريين للشركة بقدر ما هم زملاؤهم المثبتون. غير أنّ عملهم لم يحظ يوماً باعترافٍ رسمي ولا باعترافٍ اجتماعي.
لقد شارك المياومون في إعادة بناء شركة كهرباء لبنان بعد الحرب الأهلية (1975-1990) وحقّقوا الأهمية الاجتماعية للعمل الذي كانوا يقومون به: إعادة بناء الشبكة الكهربائية وإعادة الكهرباء للمواطنين أولاً، وصيانة الشبكة لاحقاً. على الصعيد الفردي، كانوا شبّاناً وغالباً من غير المهرة عندما دخلوا الشركة. والآن أصبحت لديهم عائلات واشتروا سيارات واقترضوا وتخصصوا في المجال، وهم غير قادرين على بدء حياةٍ جديدة واكتساب مهارات عملٍ جديدٍ بسهولة.
تستطيع كلّ هذه الملاحظات مساعدتنا على فهم نشوء شروط الاستياء الاجتماعي بين المياومين. لكن لفهم السبب في تمردهم في العام 2011 وليس قبل ذلك، هنالك عنصرٌ أساسيٌ آخر يجب أن نأخذه بالحسبان. فقد كان عملهم على الدوام غير نظامي، لكنه لم ينقطع أبداً. بعباراتٍ أخرى وبصورةٍ مفارقة، لم يكن العمل اليومي ‘‘غير مستقرٍ’’ في أي يومٍ من الأيام، بل ثابتاً على الدوام. ما بقي غير مستقرٍ دائماً هو الشرط الاجتماعي لدى العمال المياومين أو أجرهم أو بصورةٍ أعم، وضع شغلهم. لكن العمل نفسه لم يكن يوماً غير مستقر؛ فكل يوم، ثمة شيءٌ يقومون به. كل يوم يمكن أن يحصلوا على أجر. ومن جانبٍ آخر، كانت الشروط التي يعملون فيها مجحفةً إلى حدٍّ كبير وصعبة التحمل. الآن، ما يجعل العمل في هذه الشروط أمراً قابلاً للتحمل هو الوعد بأنهم سوف يثبتون: الحصول على وظيفة ثابتة يوماً ما. لقد قُطع هذا الوعد ونُكث به مراتٍ عديدة في السنوات الأخيرة المنصرمة.
عندما بدأ المياومون العمل لصالح شركة كهرباء لبنان، وبفضل التوصيات السياسية المباشرة أو غير المباشرة، كان ‘‘وجهاؤهم’’ يعدونهم بإدماجهم في الشركة: ‘‘في غضون شهر، أو شهرين، أو سنة، ثمّ غداً، غداً، غداً...’’. لكنّ ذلك لم يحدث أبداً: ‘‘لم يفوا (الوجهاء والسياسيون) بوعودهم!’’.
ولأنّهم عملوا بجد، فإنّ مشرفيهم وزملائهم المثبتين وعدوهم "بقول كلمةٍ للمدير" لإدماجهم. بيد أنّ أياً من ذلك لم يحدث، لكنّ العمل كان موجوداً وواصلوا انتظار إدماجهم ضمن طاقم الشركة الدائم.
ما تغير في العام 2011 هو بصورةٍ أساسية أنّ الشركة أرادت تدمير نظام المياومة في العمل الذي أقامته ورسخته ببطء طيلة سنواتٍ عديدة واستبدالهم نهائياً ‘‘بمصدرٍ خارجي’’ لقوة عملها عبر ثلاث شركات خاصة رئيسية. وفي حين كان نظام الاستخدام من الخارج في معظم الأحيان قبل العام 2011 نظاماً مزيفاً ـ كانت الشركات المتعهدة من الباطن في معظم الأحيان ‘‘واجهةً’’ اختُرعت من أجل تسجيل العمال المياومين في جداول الأجور ـ فقد نصّ برنامج الإصلاح الذي روج له الوزير جبران باسيل على تفويض شركات متعاقدة من الباطن بجلب موظفيها32. وقد عنى ذلك خسارة العمال المياومين لأعمالهم وفقدانهم احتمال التثبيت يوماً ما. في هذا المناخ العام، تمكنت لجنة العمال المياومين من بدء احتجاجٍ دام أربع سنوات.
الأحداث البارزة:
قبل العام 2011:
تظاهرات صغيرة نظمتها لجنة العمال المياومين التي لم تكن قادرة على فرض نفسها بوصفها ممثلةً للعمال المياومين. في تموز/يوليو 2006، نظّمت اللجنة إضراباً لافتاً دام يومين والتزم به جزءٌ من العمال، لكنّ نشوب حرب تموز/يوليو 2006 وضع حداً للاحتجاج33. تمثّل الهدف الرئيسي للاحتجاج في حصول كافة المياومين على شغلٍ بدوامٍ كامل.
بدءاً من العام 2011:
فترتان طويلتان من الاحتجاج، ميزتا الفترة الواقعة بين العامين 2011 و2015. بدأ الاحتجاج الطويل الأول الذي نظمته لجنة العمال المياومين في العام 2011، لكنّ حركة الإضراب الفعلية نُظمت في العام 2012 وامتدت على مدى 93 يوماً. في هذه المناسبة، تمكّنت اللجنة من فرض تمثيلها على العمال المياومين الذين بدأوا يتماهون مع اللجنة للمرة الأولى. تمثّل الهدف الرئيسي للحراك في الحصول على وظائف ثابتة في شركة كهرباء لبنان وفي توقيف برنامج الاستعانة بمصادر خارجية في ما يخصّ خدمات التوزيع في الشركة والذي روّج له وزير الطاقة والمياه. تمكّنت لجنة العمال المياومين من طرح قضية المياومين في الفضاء العام وإرغام البرلمان على البدء بالعمل على قانونٍ يخصّ توظيفهم (انظر أيضاً قسم الإيديولوجيا والأهداف بصدد هذه المسألة). نظّم المحتجون إضراباتٍ واعتصاماتٍ مقابل مقر شركة كهرباء لبنان في بيروت وقطعوا الطرق الرئيسية في العاصمة عبر حرق الإطارات.
في العام 2014، نظّمت لجنة العمال المياومين احتجاجاً طويلاً آخر بهدف إرغام شركة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة والمياه على وضع برنامج توظيف المياومين الذي استخدمه مؤقتاً مزودو خدمة التوزيع KVA وNEUC وBUTEK (انظر أيضاً قسم الإيديولوجيا والأهداف حول هذه المسألة). بهذه المناسبة، احتلّ المضربون مقرّ شركة كهرباء لبنان (من آب/أغسطس إلى كانون الأول/ديسمبر) ولم يعودوا إلى العمل إلا بعد التوصّل إلى اتفاقٍ يخصّ إجراء مباريات محصورة للحصول على وظيفة ثابتة. في العام 2014 أيضاً، تسبب الاحتجاج في مشكلاتٍ مروريةٍ في العاصمة لأنّ المضربين عن العمل حرقوا الإطارات على طريقٍ رئيسي، كورنيش النهر. التزم المياومون في كافة أرجاء لبنان بالإضراب وقطعوا الطرقات. حاول العمال المياومون المضربون عن العمل عدم التأثير في فعالية توزيع الكهرباء. غير أنّ فترات انقطاع التيار الكهربائي زادت عن المعتاد. كما توقّف دفع الفواتير لأنّ محصّليها كانوا من العمال المياومين. كما حدثت اضطراباتٌ كبرى في نشاط شركة كهرباء لبنان بسبب الاحتجاج، ما أظهر أهمية العمل المياوم بالنسبة إلى الشركة.
- *. تاريخ تأسيس لجنة العمال المياومين غير واضح. يقول يزن السعدي بأنّ اللجنة تأسست في العام 2004. انظر: "Electricity workers in Lebanon, and the fate of labour, national development, and governance", Civil Society Knowledge Center, Lebanon Support, June 18th, 2015، متاح على الرابط: https://civilsociety-centre.org//content/electricity-workers-lebanon-and... [آخر دخول بتاريخ الأول من تموز/يوليو 2015]. غير أننا لسنا متأكدين من هذه البيانات. إذ تعود مصادرنا في لجنة العمال المياومين بتاريخ التأسيس إلى العام 2000 أو 2002. والأرجح أنّه تأسست وبدأت بالعمل نواةٌ غير رسمية للجنة بين هذين التاريخين.
- 1. الموقع الرسمي للمجلس متاح على الرابط: http://www.csb.gov.lb/ [آخر دخول بتاريخ الأول من تموز/يوليو 2015].
- 2. يمكن تقديم كثيرٍ من الأمثلة على هذه النقطة. في سياق هذا البحث، لن يؤخذ بالحسبان إلا قطاع الطاقة. يزيد عدد العمال المياومين في كلٍ من قطاعي المياه والكهرباء على عدد زملائهم المثبتين؛ حيث تشغّل شركة المياه الوطنية في جنوب لبنان 243 عاملاً مثبتاً وتشغّل بصورة غير مباشرة 589 مياوماً؛ وتشغّل شركة المياه الوطنية في بيروت وجبل لبنان مباشرةً 558 عاملاً مثبتاً في حين يبلغ عدد المياومين 750 عاملاً، تشغّلهم بصورة غير مباشرة. أما شركة كهرباء لبنان، فهي تشغّل 1800 عامل دائم وتشغّل على نحوٍ غير مباشر 2200 مياوم. المصدر: المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، “المياومون في الإدارات العامة والمصالح المستقلة والبلديات: انتهاك لحقوق العمال وتجاوز للقوانين’’، تموز/يوليو 2013، منشورات المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، بيروت.
- 3. لم تستخدم المصالح العامة مباشرةً عمالاً مياومين إلا في حالاتٍ نادرة جداً. في كل الأحوال، العمل المياوم غير ملحوظٍ في القانون، ومن المفترض أن يكون اللجوء إليه محظوراً رسمياً على المصالح العامة.
- 4. كذلك، إذا لم تراقب المصالح العامة رسمياً العمال المياومين، فهي تراقبهم فعلياً بحكم الواقع.
- 5. واسطة صغيرة في المقابلة. مقابلة مع عامل في شركة كهرباء لبنان.
- 6. انخفض الأجر الشهري للمتعاقدين السابقين مع شركة كهرباء لبنان والذي كان يتراوح بين 800 دولار و1000 دولار إلى أجرٍ يومي يمكن أن يصل إلى 400 دولار [شهرياً] في حال عملوا 24 يوماً في الشهر. بطبيعة الحال، عنى الوضع الجديد غير الرسمي (وغير النظامي) أيضاً أنّهم لم يعودوا محميين بموجب اتفاق العمل: فقدوا مزايا الضمان الاجتماعي ولم يعودوا يحصلون على تغطية أي تأمين أو تعويض.
- 7. ذلك وفقاً لبعض العمال الذين أجرينا معهم مقابلات وتوظفوا في شركة كهرباء لبنان قبل العام 2000.
- 8. مقابلة مع عامل في شركة كهرباء لبنان.
- 9. نظر الحاشية *.
- 10. يجب علينا الانتباه إلى أنّ حوالي 2000 من أصل 2400 عامل مياوم يعملون في خدمة التوزيع في الشركة.
- 11. KVA SAL تجمعٌ لثلاث شركات يكمن جوهر عملها في إدارة المصالح الحكومية. KVA هي مقدّم خدمة التوزيع المكلف بتوزيع الكهرباء في منطقتي بلدية بيروت ووادي البقاع. أما الشركة الوطنية للخدمات الكهربائية (NEUC)، فهي شركة تابعة لمجموعة دباس. وهي مكلفة بتوزيع الخدمات الكهربائية في منطقة جنوب لبنان، في حين أنّ مصلحة بوتيك للخدمات (BUS) مكلفة من شركة كهرباء لبنان بصيانة وتشغيل شبكة توزيع الكهرباء في منطقتي شمال جبل لبنان وجبل لبنان.
- 12. مقدمي الخدمات.
- 13. في البداية وعلى أثر الضغط السياسي، قبِل مقدمو الخدمات استخدام 30 بالمئة من المياومين الألفين. وبعد 93 يوماً من إضراب العمال المياومين، أُكرهت الشركات على استخدام كافة العمال من ذوي الوضع غير المستقر.
- 14. من بين العمال المياومين، يعمل 2000 من أصل 2400 في قطاع التوزيع واستخدمتهم شركات مقدمي الخدمات الثلاث في العام 2012. أما العمال المياومون الأربعمئة الباقون، فقد استخدمتهم شركة TRICOM SARL، وهي تابعة لشركة متا القابضة التي تعمل في مجال الإدارة والإدارة المالية لشركة كهرباء لبنان.
- 15. تخصّ المباريات المحصورة العاملين المياومين السابقين الذين يعملون في شركة كهرباء لبنان حصراً.
- 16. انظر رابط الموقع الرسمي لشركة كهرباء لبنان: http://www.edl.gov.lb/Maina.htm [آخر دخول بتاريخ الأول من تموز/يوليو 2015).
- 17. في هذا البحث، سوف نواصل الإشارة إلى العمال بوصفهم ‘‘عمالاً مياومين’’ حتى إذا كانوا قد عملوا منذ العام 2012 بوصفهم متعاقدين مع مقدمي الخدمات. يعود هذا الخيار إلى أنّ العمال عينهم يواصلون إطلاق تسمية مياومين على أنفسهم وإلى أنّ لجنة العمال المياومين حافظت على الاسم الذي أطلقته على نفسها منذ إضراب العام 2011. لكن يجب علينا أن نأخذ بالحسبان أنّ عملهم ووضعهم الاجتماعي قد تغيرا منذ أن أصبح مقدمو الخدمات يشغلونهم. أصبحت أجورهم توضع الآن على أساسٍ شهري (ارتفعت أجورهم من 400 دولار كمياومين إلى 1500/2000 دولار مع مقدمي الخدمات)، وقد سجلتهم تلك الشركات في الضمان الاجتماعي، كما أنهم يتمتعون بعطلٍ مأجورة وبمزايا عمل ناتجة عن عقود عملهم.
- 18. تستند بياناتنا إلى تحقيقٍ ميدانيٍّ حديث وإلى تحليلٍ واسعٍ للصحافة.
- 19. مقابلة مع عامل في شركة كهرباء لبنان.
- 20. في سياق هذا البحث، لا نستطيع أن نناقش على نحوٍ أعمق هذه المسألة النظرية. غير أننا نريد الإشارة إلى ضرورة العمل الميداني الموثق والموضوع في سياقه بهدف محاولة فهم الأسباب الكامنة وراء الالتزام النضالي وطبيعة الحركات الاجتماعية.
- 21. عندما قُدّم مشروع الاستعانة بمصادر خارجية، رفض مقدّمو الخدمات تشغيل كافة المياومين. وبعد بعض الضغوط السياسية، قبِل مقدّمو الخدمات تشغيل 30 بالمئة فقط من العمال المياومين. مع احتجاج العام 2011-2012، كافحت لجنة العمال المياومين للحصول على تشغيلٍ مؤقتٍ لكافة العمال المؤقتين حتى صدور جدول زمني للتثبيت.
- 22. انظر الحاشية رقم 14.
- 23. انظر: "EDL workers to stage new strike", The Daily Star, English, October 30th, 2014، متاح على الرابط: http://www.dailystar.com.lb/Business/Local/2014/Oct-30/275829-edl-worker... [آخر دخول بتاريخ 5/5/2015].
- 24. انظر: Les journaliers de l'EDL bloquent l'axe de la corniche du Fleuve", L'Orient le Jour, French, November 18th, 2014، متاح على الرابط: http://www.lorientlejour.com/article/896641/les-journaliers-de-ledl-bloq... [آخر دخول بتاريخ 5/5/2015].
- 25. انظر: Nizar Hassan, "Contract workers urged to end 'riot'", The Daily Star, English, August 26th, 2014 متاح على الرابط: https://www.dailystar.com.lb/ArticlePrint.aspx?id=268479&mode=print [آخر دخول بتاريخ 5/5/2015].
- 26. باسكال صوما، صرف 36 عاملاً من "EPS" و«المؤسسة» تطلب تعهّداً، جريدة السفير، عربي، 23/1/2015، رقم 5 – اقتصاد، http://assafir.com/Article/1/397534 [آخر دخول بتاريخ 11/4/2015].
- 27. انظر: "EDL workers scoff at threats of firing", The Daily Star, English، متاح على الرابط: http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2014/Aug-25/268330-edl-wor... [آخر دخول بتاريخ 5/5/2015].
- 28. حول نزاع سبينيز، انظر: Scala M., « Clientélisme et contestation : l’exemple de la mobilisation des travailleurs de Spinneys au Liban », Confluences Méditerranée, 2015/1 n° 92, p. 113-123.
- 29. انظر الحاشية رقم 16.
- 30. صفحة فيسبوك، متاح على الرابط: https://www.facebook.com/MyawmynWjbatAlakraFyMwsstKhrbaLbnan?fref=ts
- 31. متاح على الرابط: https://www.facebook.com/groups/320400701310312/?fref=ts
- 32. كان نظام الاستعانة بمصادر خارجية المطبق قبل 2011 زائفاً في معظم الأحيان ـ لكن ليس بالكامل. فباستثناء 3 أو 4 شركات كانت تقدّم فعلياً خدماتٍ لشركة كهرباء لبنان، لم يستخدم بقية المتعاقدين من الباطن إلا لتسجيل المياومين في جداول الأجور ولجعلهم يتنقلون بين المتعاقدين من الباطن على أساسٍ فصلي. كانت تلك الشركات تستخدم أساساً من أجل مسألة ‘‘الدوران’’ فحسب. في الواقع، كان انتقال العمال المياومين من شركةٍ إلى أخرى ضرورياً فحسب لأنّه بعد ثلاثة أشهر (وهي مدة العقد الاختباري)، يجب تسجيل العمال في الضمان الاجتماعي. بالتالي، صُمم النظام وأُسّس تحديداً لتجنّب دفع الضمان الاجتماعي للعمال وتقديمه لهم. بالتالي، لم يكن لدى العمال المياومين أي نوعٍ من العلاقة بمشغليهم القانونيين وعملوا بحكم الواقع لصالح شركة كهرباء لبنان. كذلك، إذا تغيّر مشغّلوهم كل ثلاثة أشهر، فإنّ عملهم سيتواصل بصورةٍ طبيعية من دون توقّف. لم يكن بوسع العمال المياومين أن يشعروا بعدم الاستقرار بعد 10-15 أو 20 سنة من العمل ضمن الشروط عينها. وكان برنامج الإصلاح المقترح على البرلمان في العام 2012 سيقطع هذا النظام المدار على نحوٍ جيد.
- 33. مقابلة مع عامل في شركة كهرباء لبنان.