"الرجولة في خطر": منظمات الحقوق الجنسية والدولة الرجولية في لبنان (En-Ar)

Publishing Date: 
June, 2015
Dossier: 
Gender Equity Network
Author(s): Ghassan MakaremAnthony Rizk
Abstract: 

تسعى هذه الورقة لاستكشاف حجّة "الرجولة في خطر" باعتبارها أزمة محورية تمر بها الدولة القومية حالياً، انطلاقاً من الأدبيات حول الرجولة المهيمنة ومسألة القومية وبناء الدولة-الأمة "الرجولية". *ومن خلال تحليل الخطاب المتعلّق بهذا المفهوم في الأدبيات السائدة التي تم استعراضها والمقابلات مع النشطاء والناشطات، بالإضافة إلى الخبرة الشخصية في المجال، يكشف المؤلفان عن السطوة الرئيسية لمفاهيم الرجولة السياسية وخطابات "الرجولة قيد التهديد" أو "الرجولة في خطر" على نضالات المرأة والحقوق الجنسية في لبنان اليوم. وتناقش هذه الورقة أيضاً مسألة انخراط الناشطين والناشطات في خطاب الرجولة، وعملية الاستيعاب والتسويات الملازمة له، في ظل التوجّه المضطرد نحو نمط المنظمات غير الحكومية والتراجع في التعبئة في لبنان، كما تستعرض المسارات الناشئة حول "الرجولة-المضادة".

Keywords: Masculinity & Patriarchy, Feminism, LGBT Movement

To cite this paper: Ghassan Makarem, Anthony Rizk,""الرجولة في خطر": منظمات الحقوق الجنسية والدولة الرجولية في لبنان (En-Ar)", Civil Society Knowledge Centre, Lebanon Support, 2015-06-01 00:00:00. doi: 10.28943/CSR.001.0010

[ONLINE]: https://civilsociety-centre.org/ar/paper/الرجولة-في-خطر-منظمات-الحقوق-الجنسية-والدولة-الرجولية-في-لبنان
Cited by: 1
Embed this content: 
Copy and paste this code to your website.
Full text: 
Full text
Source: http://english.al-akhbar.com/sites/default/files/imagecache/5cols/leading_images/bou-haidar%20(2).jpg

*ملاحظة: لأغراض هذه الدراسة، سيتم استخدام مصطلحي "رجولة" و"رجولية" للتعبير عن البناء الاجتماعي masculinity، والتمييز بينها وبين الذكورية (التمييز الذكوري) sexism.

شهدت أوائل الألفية نشأة حركة للحقوق الجنسية في لبنان، انبثقت جزئياً من تجمعات يسارية مثل "الخط المباشر" ومجلة "اليساري". وقد تميّزت بدايات الحراك في المجال العام بما يمكن وصفه بالنشاط التقويضي (المعني بالاشتباك مع المفاهيم السائدة وتقويض أسسها)، توّج بفعاليات كمهرجان الأفلام "بلا تمييز: الرجل هو امرأة" من تنظيم نادي السينما في "الخط المباشر" في أواخر ٢٠٠١، على سبيل المثال.1 جاءت هذه التطورات في أعقاب الذعر الأخلاقي الذي خلّفته قضية "كوين بوت" في مصر، والتي ظهرت لذلك الجيل كأول حلقة في سلسلة من عمليات الاضهاد العلني، بمواكبة من التغطية الإعلامية المكثّفة، لغير المنضبطين جنسياً في المنطقة،2 كما ألهمت مقترح قانون عقوبات رجعي في خريف ٢٠٠١ في لبنان، كان سيؤدّي إلى توسيع نطاق المادة التي تجرّم اللواط (المادة ٥٣٤). الحملتان القمعيتان، في مصر ولبنان، تذرّعتا بوجود عدو جديد في المجتمع، الشخص المثلي جنسياً. وفي ٢٠٠٢، قامت مجموعة من الناشطين في المبادرة الحقوقية "حريات خاصة" بإنشاء تجمع غير رسمي تحت اسم "حلم"، ثم أعلن عنه كجمعية في العام ٢٠٠٤. المسار ذاته أسهم في تسييس بعض الجمعيات النسوية في لبنان وأدى إلى بدايات التنظيم النسوي الراديكالي في العام ٢٠٠٩،3  بمواجهة "نخبوية الكثير من المنظمات النسوية في لبنان"  والدور الرئيسي الذي يقوم به "هيكل تمويل المنظمات غير الحكومية" في تحديد عمل الناشطات والناشطين من اليسار.4

ولكنْ، يمكن تتبع مسار تحوّل في استراتيجية تنظيم حركة المثليين والمثليات والثنائيين والثنائيات والمتحولين والمتحولات جنسياً (م.م.م.م.)، من النشاط التقويضي (مهرجان أفلام "بلا تمييز"5 في ٢٠٠١ وحملة "أنا شاذ"6 في ٢٠١٠) نحو الاحترافية والتراجع في التعبئة والتحول نحو نمط المنظمات غير الحكومية، الذي جاء بعد سنوات من التدمير الصامت للمساحات العامة التي يستخدمها مثليو الجنس للتلاقي وإظهار الاختلاف، لصالح سياق مستشر وعنيف من التبديل في النسيج المُدني، بما في ذلك خلق المساحات الكويرية الوهمية.7 وحيث كُتب الكثير حول سياسات ومؤسسات المرأة والحقوق الجنسية، فإن هذه الورقة ستستخدم مفاهيم "الرجولة المهيمنة" و"الدولة الذكورية" لزيادة الاطلاع على النشاط المتعلّق بالمرأة والم.م.م.م. حول مسائل الرجولة بالتحديد.

يستند تحليل الخطاب التالي على المواد التي تم جمعها من خلال مراجعة الأدبيات والمقابلات مع الناشطين والناشطات، بالإضافة إلى الخبرة التنظيمية للمؤلفين في مجال الم.م.م.م. الجزء الأول من الورقة يضع الإطار النظري ويناقش الرجولة السياسية وعلاقتها بالدولة-الأمة المابعد كولونيالية في لبنان. وتقوم الأجزاء اللاحقة بمجادلة خطاب "الرجولة في خطر" والتعبئة النسائية والمثلية والثنائية والمتحولة بمواجهة رجولة الدولة، ثم يقوم الجزء الأخير باستكشاف المظاهر الناشئة "للرجولة المضادة".

١. الرجولة والدولة الأمة

تكشف ويندي براون في "البحث عن الرجل في الدولة" (١٩٩١) عن التنميط الجندري للدولة من خلال وصف الدولة الليبرالية، في الولايات المتحدة على الأقل، بكونها "دولة رجولية" (masculinist state)، وتقول أن "سلطات الدولة حيادية جندرياً بقدر ما تكون حيادية بالنسبة للطبقة والعرق، وهذا يشمل دعوة المؤسسات الرجولية أن تؤمن الحماية من الرجال أنفسهم."8 وفي سياق مماثل، يطرح روبرت كونل "هرمية الرجوليات"، كمركب تاريخي في المجتمع أصبح أكثر نفوراً مع ظهور المثليين إلى العلن، وقام بتعريف "الرجولة المهيمنة" بصفتها "نمط من الممارسة (أي أمور يتم فعلها، وليس مجرد حزمة من التوقعات أو هوية معينة) سمح باستمرار استبداد الرجل على المرأة" حيث "تجسّد أكثر وسيلة يُعتمد عليها اليوم لكيفية أن تكون رجلاً ... وتفرض على كل الرجال تحديد موقعهم بالعلاقة معها.9 وبينما يقوم كونل بتعيين الرجولة كسلطة مجتمعية يفرضها الرجال على الرجال، وهي "تراتبية تتحقق من خلال الثقافة والمؤسسات والاستمالة"،10 نحاول من خلال هذه الورقة مقاربة واختبار التفاعل بين الاجتماعي والسياسي، من خلال النظر إلى المثال الرجولي المهيمن المدفوع سياسياً والمطبّق من قبل سلطة الدولة الرجولية.

صورة ١: كاريكاتور لمقعد نيابي فارغ في لبنان. 11

إعادة التأكيد على الرجولة المهيمنة بصفتها ذكورية سياسية مبني جزئياً على الاستقطاب بين الرجولة والقومية في بناء الدولة لدى جوان ناغل،12 حيث تكتب:

"القومية سياسية، بحكم تعريفها، ووثيقة الارتباط بالدولة ومؤسساتها. وكما القوى العسكرية، فقد هيمن الرجال على معظم مؤسسات الدولة تاريخياً التي ما تزال تحت سيطرة الرجال. لذلك، فليس من المستغرب أن تسير ثقافة وإيديولوجية الرجولة المهيمنة يداً بيد مع ثقافة القومية المهيمنة."13

القومية، بالنسبة لناغل، شديدة الارتباط بالرجولة، وتمتد جذورها التاريخية إلى الثورتين الفرنسية والصناعية، كمكوّن من مسار إعادة تركيب السياسة المحلية والكونية وخلق "اقتصاد سوق وطني وطبقة بورجوازية وطنية قابلة للحياة."14 أما البطريركية أو النظام الأبوي في الكيانات السياسية اللبنانية.

فتقوم سعاد جوزف بتفسيرها، من خلال النظر إلى الأمة كـ"مجتمع متخَيّل"، تُستخدم المرأة غالباً كرمز حيوي في اختراعه. وهذا يسهم في تحويل "الدولة" و"الأمة" إلى بنيتين جندريتين، ذكر وأنثى عملياً، حيث تسعى الدولة الذكر لـ"حماية" الأمة الأنثى.15

ويتضح الترابط بين العسكرة الدائمة للمجتمع مع عملية تعزيز رجوليته، حيث يمكن ملاحظة استلهام السلطة السياسية في الأحزاب القومية، إلى حد ما، المنطق الرجولي للنخبة السياسية وميليشياتها. وهذا ما يمكن تبيانه من استخدام الرياضة والتدريب العسكري والتنشئة النفسية الفاشية في الأحزاب القومية (الكتائب، الحزب السوري القومي الاجتماعي، وغيرها) واليسارية الدولتية (الحزب الشيوعي)، على حد سواء.

وقد أتى تشكيل الدولة-الأمة بموازاة التحول إلى العائلة النووية باعتبارها المؤسسة الاجتماعية المركزية،16 إضافة للقسمة بين الذكور والإناث في سوق العمل ومضامينها الحمائية، مثلاً. فرداً على خطف جنود لبنانيين من قبل مسلحين إسلاميين على الحدود مع سوريا في ٢٠١٤، قامت مقاطع الفيديو للأغاني الداعمة للجيش بإظهار ضحايا فقدان السلطة العسكرية كزوجات مرملات وفتيان يافعين.17

٢. المنظمات النسائية: الإصلاحوية القانونية والاستحواذ على الرجولة

أ. الإصلاحوية القانونية وصياغة خطاب "الذكورة المهددة"

بينما تعود بدايات تنظيم النساء للمطالبة بحقوقهن في لبنان إلى التحركات الصناعية النسائية في مصانع الحرير في القرن التاسع عشر، فإن نضال المرأة ضد القمع الأبوي في بداية القرن الواحد والعشرين "يقتصر على تمثيل وأولويات واستراتيجيات المنظمات النسائية، ولا سيما المنظمات غير الحكومية"،18 التي نادراً ما تضطلع بمساءلة الجانب الاجتماعي-الاقتصادي للنظام الأبوي. الموجة الأولى من ما يمكن تسميته حركة نسوية شاركت في استقلال لبنان، ومع ذلك، لم يتم اعتبار المرأة كهوية بذاتها، بل كمكون من عملية بناء الأمة ومقاومة الظلم، وتم التغاضي تماماً عن قضايا الجسد.19 وشهدت الموجة الثانية في السبعينيات عملية تسييس النساء في الحركات النقابية والطلابية وإشراكهن في الأحزاب السياسية في لبنان، تلك الأحزاب التي سرعان ما قامت بتحييدهن، بل وطردهن في بعض الحالات، لمحاولتهن النهوض بالقضايا النسوية.

ردّة الفعل على ذلك تمثّلت بالموجة الثالثة للجمعيات النسائية والنسوية لبنان التي اعتمدت مقاربة حقوقية وشكّلت بداية تحول، في مسار الخطاب والتنظيم النسوي، عن أسلافهن.20 بيد أن سؤال الرجولة لم يكن محورياً، على ما يبدو، قبل نشوء الموجة الثالثة، حيث بدأ التطرّق له في أواخر تسعينيات القرن العشرين، تزامناً مع تصاعد المشاركة السياسية للمرأة والانخراط الرسمي في قضايا العنف القائم على الجندر والعنف ضد المرأة، بالإضافة إلى المشاركة المباشرة في الحملات السياسية البرلمانية.

على الرغم من اعتماد الموجة الثالثة لتكتيكات الإصلاح القانوني، مما قيّد النقاش ضمن الدوائر القانونية والمهنية واستبعد النساء من المشاركة السياسية،21 أدّى المسار الإصلاحي إلى تحفيز النقاش حول الجندر والرجولة على المستوى الوطني. ويمكن تحديد أن أهم ما تم استفزازه في ذلك النقاش يدخل ضمن خطاب "الرجولة في خطر"، مع ملاحظة أن تشكيله يأتي على شكل ردّ مضاد لمطالب الحركة النسائية في لبنان.

ومع بدايات تنظيم المرأة حول الحق في تمرير جنسيتها إلى أطفالها، ظهر خطاب السياسي المضاد، الذي يضع حقوق المرأة بمواجهة التوازن الديمغرافي والطائفي. وتم التعامل مع هذا الحق على أنه خطر ديمغرافي يهدد "المصالح العليا للدولة"، حيث شكّل الزواج بين المرأة اللبنانية والرجل الفلسطيني مصدر القلق الرئيسي.22

وكما أشارت لينا أبو حبيب، منسقة حملة الجنسية، "كأنهم يقولون أن النساء خطر جسيم على المصالح العليا للدولة."23 لكن مصالح الدولة العليا هنا لا تقتصر على التوزيع الديمغرافي فحسب، بل هي وثيقة الارتباط بالنوع الاجتماعي لسكانها، حيث يشكّل تجنيس الرجال الأجانب، وتحديداً الرجال الفلسطينيين، والسوريين مؤخراً، خطراً على التركيبة الطائفية للدولة-الأمة.

من ناحية أخرى، شهدت النقاشات حول قانون العنف الأسري أكبر استعراض عام لخطابات "الرجولة المهددة" وتلك المضادة لها، وطرحت قضية حقوق المرأة والرجولة على المستوى الوطني. في ٨ آذار/مارس ٢٠١٤، قامت منظمة كفى بتنظيم تظاهرة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، جذبت أكثر من ٥٠٠٠ شخص حول قضية العنف المنزلي.24 ومع ذلك، فإن المطالبة بتدخّل الدولة في مسألة العنف الأسري، بما في ذلك الاغتصاب الزوجي، من خلال مشروع القانون، شكّل خطراً كبيراً بما فيه الكفاية على الدولة طائفية لتبرير حملة واسعة وبيان صادر عن دار الفتوى يشجب مشروع القانون، وقامت اللجان البرلمانية بالتخفيف من آثاره.25عزة شرارة بيضون، "العنف ضد النساء وواجبات الدولة اللبنانية"، المفكرة القانونية، ٢٠١٢، وبعد عملية مراجعة قامت بها اللجان البرلمانية، قد تكون دلالة على محاولة احتواء التعبئة النسوية، تم التصديق على القانون في نيسان/أبريل ٢٠١٤،26 لكن اللجان البرلمانية أفرغت القانون من أي حماية خاصة للمرأة، وقامت بتجريم الاغتصاب فقط في حالة الأذى الجسدي، بل وأقر سابقة قانونية في تبنيها لمفهوم "الحقوق الزوجية".27 سلامة، ٢٠١٤، مذكور سابقاً.28

في بيان صدر عن دار الفتوى في نيسان ٢٠١١، تمحور الاعتراض على قانون العنف الأسري حول تجنب الصراع بين المحاكم المدنية والمحاكم الإسلامية، من أجل "المحافظة على ذكورة الذكر ورجولة الرجل،"29 وعلى رفض قانون يعاقب الرجال على الإساءة جسدياً إلى زوجاتهن أو ممارسة الجنس اللارضائي معهن.30 حول هذا الموضوع، تقول "منيرة"، وهي باحثة وناشطة حول حقوق المرأة:

"هذا لأنه مس بكل من القوانين المدنية وقانون العقوبات، والتي غالباً ما تتعارض في قضايا مثل الحضانة والاغتصاب. لقد غيروا في قانون العقوبات، حيث كان الأمر واضحاً، من دون التعرض للقوانين المدنية. فقوانين الأحوال الشخصية هي جوهر الدولة الطائفية، والقانون المدني هو واحد من أركانها. التغيّر فيه يهدد هذا البناء؛ فهذه دولة طائفية وذكورية في آن. تخيّل لو أمكن للمرأة إعطاء اسم عائلتها لأطفالها، كل شيء سينهار، وستنهار كل الدلالات الطائفية معه."31

يمكن التقاط لعبة الرجولة السياسية من خلال هذه الأمثلة، ودور خطابات الذكورة المهددة فيها، حيث تأتي معارضة الإصلاحات القانونية بشأن حقوق المرأة على أسس ذكورية - فيتم التأكيد على أن حقوق المرأة ليست خطراً على ذكورة ورجولة الرجال أنفسهم فحسب، بل تشكّل تهديداً للأمة والدولة. التكامل بين الرجولة والقومية في بناء الدولة-الأمة اللبنانية يفسّر هذه المقاومة العدوانية لمطالب الحركة النسوية وخطاب "الرجولة المهددة". وكما تبيّن ناغل:

"هذ المقاومة غير اللائقة، بل الهستيرية أحياناً، للتنوع ... تصبح أكثر منطقية عندما يتم استيعاب أن أولئك الرجال لا يدافعون عن التقاليد فحسب، بل عن مفهوم عنصري، جندري، وجنسي للذات: مفهوم أبيض، ذكر، ومنمط على الهوية الذكورية المغايرة، لهوية الرجل، ومحمّل بشتى الأعباء والامتيازات التي تأتي مع الرجولة المهيمنة."32

ويتم تنظيم الرجولة عبر التمييز بين الرجل "الجيد" والرجل "السيئ"، من خلال معيار شرعية يتمحور حول الأدوار الاجتماعية والجنسية: الرجل "الجيد" هو الذي يحمي العائلة، الطائفة، الأرض، والوطن. هكذا، فإن أي سلوك أو هوية تهدد هذا البناء، تصبح تهديداً للرجولة السياسية، وتُنعت بالانحراف وتكون مدانة أخلاقياً.

انطلاقاً من تجارب مشابهة لحركة حقوق المرأة في لبنان، تحذّر براون من مقاربة الدولة بصفتها "المقدّم أو المُساوي أو الحامي أو المحرر"33، كما تنتقد ما تسميه "سياسات الحماية والضبط" - أي مناشدة النسويات الدولة لتأمين الحماية من العنف، من خلال تنظيم قائم أساساً على النوع الاجتماعي في الحياة الخاصة والعامة، أي أن هذه المطالب تتجه نحو دولة ذكورية قائمة بالفعل بصفتها "نتيجة تاريخية وتعبير عن هيمنة الرجال في الحياة العامة والهيمنة الذكورية عموماً."34

ب. استيعاب و(غياب) مواجهة الذكورية المهيمنة

 على الرغم من الجذور العميقة للموجة الثالثة للمنظمات النسوية في العمل المدني، وخبرتها في التعبئة السياسية، وقدرتها على حشد النساء حول قضايا كالعنف الأسري، فقد جنحت نحو نمط الشركات والانفصال عن النشاط النضالي.35 وقد رافق هذا التحول اعتماد النشطاء والناشطات لخطابات تسعى لاستيعاب وإعادة تشكيل الرجولة وتويجها بصورة جديدة. أحد الأمثلة الفاقعة على ذلك جاء في حملة "نؤمن" لمنظمة "أبعاد"، ولوحات الإعلانات التي تقول كن رجلاً، لا تضرب زوجتك، من دون تعقيد معنى أن تكون رجلاً. هذه العملية صنفتها اثنتان من اللواتي أجرينا معهن المقابلات على أنها "إضافة معايير" إلى الرجولة المهيمنة، بدل إعادة تشكيلها،36 وهي لا تقتصر، بأي حال، على منظمة واحدة.

فمسار "إشراك الرجال" هو من أحدث المسارات التي تتبناها الموجة الثالثة من التنظيم النسوي، وهذا ما تفصّله "روى"، الناشطة منذ فترة طويلة حول القضايا الكويرية والنسوية:

"مطالب المنظمات هي الحقوق، والمساواة، ودعوة الرجال لمساندة حقوق المرأة. ولكن، لا توجد دعوة للتفكير النقدي حول الجندر والرجولة، ولا يجري تفكيك الرجولة. بعض المنظمات تطلب من الرجال أن يكونوا "جنتلمان"، مثل حملة "كون رجال". غيرها من المنظمات تعالج الرجولة من خلال تعزيزها، قائلة أنه من غير اللائق أن يكون الرجل عنيفاً، الرجال هم أفضل من ذلك، وهلم جراً. وهذا يؤدي بنا إلى مكان أسوأ، حيث نقوم بالمساومة مع الرجال أكثر من قيامنا بأخذ حقوقنا."37

وأضافت:

"عندما تقوم منظمة الرؤية العالمية بتنظيم حملة حول النظافة مثلاً، تقول "إذا كنت أماً، اربطي كيس الزبالة". واليوم، لدى اليونيسف حملة موجهة للنساء تقول أنهن مسؤلات عن حماية أطفالهن من شلل الأطفال. المجتمع المدني يتمحور حول هذه الأفكار الجندرية النمطية أكثر من الناس أنفسهم ... كل العاملين في المجال الانساني مهتمون بالحساسية الثقافية، إلى درجة النيل من حقوق الإنسان في كثير من الأحيان ... لا توجد منظمات نسوية بالفعل تقوم بالتفكيك والتحليل، وإذا وُجدت لن تجد الموارد. لا أحد يهتم بدعم هذا النوع من العمل، ويفضلون الحملات بالمشاركة مع البوليس، وحب الأمم المتحدة، وحب التعاون مع الحكومات. كما يوجد نوع من معايير النجاح، حيث يصبح حضور ممثل عن الدولة في النشاطات دليلاً على النجاح. لكن معيار النجاح يعتمد على مؤسسات ذكورية، كالبرلمان والإعلام ... وهذا ما يتم دعمه ... وعندما تتكلم الأمم المتحدة عن النوع الاجتماعي، تقول أنها لا تريد الرجال أن يصبحوا نساءً ولا النساء رجال، بل يريدون الرجال رجالاً والنساء نساء."38 

تسلّط المقتطفات أعلاه الضوء على دور وكالات التمويل في تحويل جدول أعمال المنظمات النسائية نحو شراكات مع مؤسسات الأمم المتحدة والحكومة، قد تكون غير مرغوبة أحياناً، وهي بالتالي تقوم باحتواء الخطاب النسوي للمنظمات النسائية داخل البرنامج الدولتي. أما البديل، أي النقد القوي والاشتباك الفعال مع الرجولة السياسية، فهو غير مرغوب به، ولا يحظى بالتمويل، ويتم إهماله. 

ويمكن ملاحظة مسار آخر من "استيعاب" الرجولة في مشاريع "إشراك الرجال" في المنظمات النسائية، وكما تشرح "روى":

"هناك حالة رعب عند الرجال، تظهر في المؤتمرات والدورات التدريبية، وهي عنيفة جداً. أواجه الكثير من العنف في هذه الأماكن.. الرجال يصرخون في وجهي بشكل دفاعي، كما لو أن هناك شخص يحاول أخد شيء منهم ... التنبّه لقضايا المرأة يأتي على هذا الشكل الانعزالي، ولا يفسح المجال للمناقشة بين الرجال والنساء. والمنظمات غير الحكومية تقارب الرجال والنساء بشكل منفصل وتقول لهم أنهم كذا، ١، ٢، ٣، ٤.. البرامج مخصصة إما للرجال وإما للنساء، ولا يجود المجال لجمعهم/ن سوياً ... يعبّر المشاركون عن خطر يهدد هذا النوع من الرجولة، وهناك ردة فعل تقول، "لماذا تستهدفوننا كرجال وتفترضون أننا عنفيين؟" عبارة أخرى أسمعها هي على غرار: "توقفوا عن مقارنتنا مع أوروبا، أوروبا ليست أفضل"، تأتي بمعية قومية عربية تروّج للإسلام كمنقذ للمرأة. ثم يناقضون أنفسهم، قائلين المرأة هي "زهرة" بحاجة  لحماية."39

من جهة، ينظر الرجال إلى تلك الحملات كتهديد لرجولتهم، وهم، بالتالي، دفاعيون. من جهة أخرى، الخطر على الرجولة مستورد من الغرب وهجمة على عاداتهم. هذه النظرة الثاقبة إلى ديناميات الذكورة وروابطها القومية تدل على اضطرار النشاط القائم على الحقوق وضع استراتيجيات تستجيب لدفاع الدولة وحمايتها للذكورة السياسية وإعادة ضبط الرجولة ضمن خطاب "الذكورة المهددة" من قبل الجهات الحكومية. ومع ذلك، فإن تكتيكات التقويض اختفت إلى حد بعيد، بالنسبة للمنظمات النسائية، وخاصة من الموجة الثالثة، ويبدو أن تكتيكات إعادة تشكيل الذكورة واستيعابها قد حلّت محلّها. 

أما الموجة النسوية الرابعة، فلم يتم التطرق لها بشكل مباشر كونها مرتبطة بشكل وثيق مع حركة الم.م.م.م.، التي سنطرحها في القسم التالي الذي يناقش اشتباكها مع الرجولة السياسية. وإذا كان العمل التقويضي قد حدد معالم بدايات العقد الأول من التنظيم حول الجنسانية في لبنان، فإن تراجع التعبئة والتحول نحو نمط المنظمات غير الحكومية يشكّلان معالم نهاية هذا العقد والدخول في سياسات توسل الاحترام.

٣. حركة الم.م.م.م.: من التقويض إلى وقف التعبئة

أ. وقف تعبئة الم.م.م.م. والرجولة المهددة

في محاولتهم/ن لتعزيز الحقوق الجنسية في المجال العام في لبنان، ناضل النشطاء ضد الاستقطاب الثنائي للقضايا الجنسانية بين الإستعارة المتنازع عليها للهوية المثلية "الغربية" والهوية المثلية "الوطنية"، بالرغم من مشاركتهم/ن في الوقت ذاته في خلق هذه الثنائية لغوياً (مثلي/مغاير) وخطابياً. نقاش الرجولة والمثلية الجنسية في لبنان يغرق في ثنائية سياسية مثلية-مغايرة، تم بناؤها، على حساب الحركة، بصفتها صراع بين مثلي الجنس (الذكر) على النمط الغربي (الذي غالباً ما يعتبر أبيضاً) ومغاير الجنس العربي/الوطني (غير الأبيض). ما يبدو على المحك هنا، ليس السلوك الجنسي بحد ذاته، بقدر ما هو الأداء الجنسي المثلي أو المغاير، وتحديداً داخل منظومة البطريركية الغيرية والنظام الرأسمالي.40 على سبيل المثال، عندما يكون السلوك الجنسي المثلي مضبوط قانونياً واجتماعياً، يحدث ذلك على أساس طبقي،41 حيث يُفرض الانضباط بالأخلاق التي ترعاها الدولة على الفقراء والمحرومين، وذلك تحت طائلة المعاقبة. على نفس المنوال، فإن الأشخاص المتحولين جنسياً (ترانس*) يعانون من نظام ضبط أكثر حدّة وسيطرة بوليسية أوسع يقوم بها المجتمع والدولة على حد سواء، وذلك بسبب تحدّيهم/ن لطريقة الأداء المفترضة لجنسهم/ن أو جندرهم/ن المعيّن بيولوجياً.42ورغم الدور الحيوي لمسألة العرق والطبقة في القمع، سوف يركز هذا القسم على التأديب الجندري في ظل قوى الرجولة السياسية المهيمنة، حيث، وعلى غرار الحركة النسوية، تظهر "الرجولة المهددة" في مكونات خطاب الدولة.

في ٩ حزيران ٢٠١٣، تزامنت المناسبة السنوية التي تقيمها حلم حول "اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية والتحول" مع الانقضاض العسكري لحزب الله على بلدة القصير وإعلان انخراطه الفاعل ضد الثورة السورية. في ذلك المساء، وصفت نشرة الأخبار على قناة الجديد حركة الم.م.م.م. على أنها "تغني على ليلاها" و"لا تعنيها السياسة ولا الحرب".43 وبغض النظر عن انحيازات قناة الجديد، فإن هذا الأمر يعكس تراجعاً ملحوظاً في حركة الحقوق الجنسية، في وقت تزايد تسييس قضايا الجنس على المستوى الوطني.44 الثورات العربية في العام ٢٠١١ وانتشار الحروب في المنطقة، فرضت معضلة جديدة على حلم والمنظمات المشابهة: الاشتباك المباشر مع العسكرة الإقليمية وخطاب "الرجولة المهددة".

تبلور هذا الخطاب على ما يبدو في حادثة حظيت بتغطية إعلامية واسعة في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣، عند قيام رئيس بلدية الدكوانة، شمالي بيروت، بإصدار أوامره لاعتقال وإذلال أشخاص-ترانس مع تواجد مفرط للإعلام. حملة رئيس البلدية سعت لشجب "الانحراف الأخلاقي" كخطر داهم على البلدة، واصفة الدكوانة بـ"قلعة الصمود".45 ارتبطت إدانة شختورة بالترويج لرجولة معسكرة والاعتزاز الطائفي. ويشكل هذا الانخراط العلني من قبل اللاعبين السياسيين الوطنيين والطائفيين تطوراً في سياسات الجنس، من خلال طرحهم لحجة "الرجولة في خطر"، بينما لم يكن اضطهاد الحقوق الجنسية من قبل القوى الأمنية يحتاج لتبرير في السابق، الحجة التي تكررت مؤخراً في بلدة ذوق مكايل عندما عارض أحد السياسيين مشاركة فرقة موسيقية تحابي المثلية في مهرجان موسيقي في البلدة.46

الصورة ٢: يافطة في الدكوانة، ٢٠١٣. 47

الارتباط الضمني لمسألة الرجولة المهيمنة بالمشاركة والتعبئة السياسية شكلّت عناوين لنقاشات حادة في حلم منذ تأسيسها.48 ظل أساس التعبئة في الجمعية كان وفياً للخطاب الجامع حول الم.م.م.م.، حيث بُني الاستقطاب على السلوك الجنسي، لا العقيدة السياسية، فتعرّضت الجمعية إلى حالة من الشلل السياسي المزمن نتيجة انقسام سياسي أدّى إلى تزايد الاستقطاب داخلها. الصراع بين التعبئة واللاتعبئة أدّى لأزمة في عام ٢٠٠٦، أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان، دارت حول المشاركة السياسية. وتمحور الصدع في حركة المثليين ذلك العام حول عضوية يسارية دعت للمشاركة السياسية في النضال الوطني وفتح أبواب المنظمة للنازحين، من جهة، وعضوية أكثر هوياتية، دعت للتركيز الحصري على حقوق المثليين كسقف للمشاركة.49 وأدّت شدة الحرب في نهاية المطاف إلى فتح أبواب الجمعية عنوة للنازحين والتواصل السياسي بين حلم وأطراف وطنية وحركة معاداة الإمبريالية والصهيونية، بما في ذلك حزب الله، فتعرضت الجمعية للمقاطعة من بعض الأعضاء والعضوات، واستقطبت الكثيرين/ات غيرهم/ن.

على صعيد آخر، وعلى غرار المنظمات النسائية، قامت الخلافات حول مسألة تقويض الرجولة السياسية مقابل إعادة تشكيلها. فبدأت عملية اختراع الرجل "الجيد" كرجل مثلي، محترم، من الطبقة الوسطى، متعلم، ومهني. فالبديل، أي النشاط النسوي الكويري في جمعية حلم، لم يدم طويلاً، وانتهى سريعاً في اشتباك مع الأجندة السائدة المعولمة لمثليي الجنس. فقد حاول النشاط النسوي الكويري في العام ٢٠١٠ استرداد ملكية لفظة "شاذ" التحقيرية من خلال حملة "أنا شاذ"،50 التي جوبهت باستياء شديد وردة فعل عنيفة من قبل جماعة الناشطين المثليين الذكور، الذين أمضوا عشرة سنوات تقريباً في محاولة لدمج أنفسهم في المجتمع الغيري الأبوي، رافضين نعتهم بـ"المنحرفين". ثم بدأ اعتماد اللفظ الانجليزي "كويرية" (queer) غير المسيس في الكتابات والتصريحات اللاحقة.51

على كل حال، يبدو أن نشاط الم.م.م.م. فشل بالإجابة عن سؤال الرجولة السياسية ومحرّكها القومي، علاوة على تبني مسار تعبئة تراجعي ونمط المنظمات غير الحكومية، والقطيعة مع المشاركة السياسية، وتوطيد العلاقات مع حركات المثليين العالمية، خاصة في الولايات المتحدة. ويظهر الاهتمام بحماية الرجولة السياسية من الانحراف، في ظل تزايد وتيرة العسكرة في المنطقة، والبلد والمدينة.

يسود في النشاطية حول العالم اليوم نمط الشركات والمنظمات غير الحكومية، المرتبط بشكل وثيق بوكالات التمويل الأجنبية والدولية.52 مثال على ذلك هو التحول البطيء والتدريجي لحلم، من جمعية مبنية على التنظيم والعضوية حول القضايا الاجتماعية، إلى منظمة غير حكومية قائمة على الموظفين لتوفير الخدمات خلال فترة عشرة أعوام. هذا التحول هو ما نقصده بـ"اللاتعبئة" أو المسار التراجعي لها، حيث يتم خنق المشاركة السياسية من خلال ترسيخ النهج القائم على الموظفين من أعلى إلى أسفل، والذي قد يدور حول أجندات المانحين وتقديم الخدمات (الصحية، القانونية، الاجتماعية، وما إلى ذلك)،53 ويمكن أن يؤدّي إلى إعطاء الأولوية لسياسات استجداء الاحترام، ورفع قيمة الاحتراف الشامل للقيادة والعضوية، وأخيراً، خلق مساحات نشاط ذات طابع طبقة وسطى بشكل حصري.

 ج. إشكالية الجندر في التنظيم المثلي

المجال الثاني للجدل الأكثر حدة في تنظيم الم.م.م.م. كان في فك الارتباك التدريجي بين حلم والنسوية، والذي أدى إلى أزمتين داخليتين في ٢٠٠٥ و٢٠١١، أفضت كلاهما لابتعاد معظم النساء العضوات آنذاك عن الجمعية.54

ففي ٢٠٠٥، أدى إعطاء الأولوية لقضايا الرجال المثليين، على حساب النساء، إلى تشكيل حلم-بنات، التي سرعان ما انفصلت عن حلم، تزامناً مع الانخراط في جهود الإغاثة خلال الاجتياح الإسرائيلي في ٢٠٠٦ وظهور "التجمع النسوي". تصف نابر وزعتري (٢٠١٤) هذا الموقف بالتأكيد على أنه "كانت الحركة النسوية والم.م.م.م. تقاتل من أجل الخيار في الحياة وإمكانية المستقبل. كان الكفاح مع ومن أجل العائلات والأطفال جزءاً من النضال لبقاء الناس - كل الناس - على قيد الحياة،" من خلال المشاركة في الحركة المناهضة للإمبريالية و"مواجهة العنف العسكري والبطريركية الغيرية."55 وقامت العضوات الأساسيات في حلم-بنات بتشكيل منصتين: مجموعة "ميم"، التي تعمل تحت الأرض، و"التجمع النسوي" العلني، أحد أصول منظمة "نسوية" التي تشكلت في ٢٠٠٩. أطلق هذا الأمر مساراً لموجة رابعة من الحركة النسوية، النسوية الراديكالية، التي ميزت نفسها بشكل واضح عن طريقة التنظيم النسوي السابق بالعلاقة مع الرجولة.56

وبينما يشكل الانقسام الأول في ٢٠٠٥ جزءاً من السرد المتعلق بالتنظيم السياسي الكويري النسوي، تمحور الانشقاق الثاني في ٢٠١١ حول قضية تحرش جنسي، أدى إلى انسحاب يساري شامل من التنظيم المتعلق بالم.م.م.م.57 "سياسة الهوية" تسببت بالأزمة إلى حد كبير، حيث أصبح الإطار المثلي، والذي بدا وكأنه مفروض من قبل الأطر العالمية لتنظيم الم.م.م.م.، يفضّل النضال المثلي-الذكر بشكل عضوي، عدا عن استسخافه بمسألة امتيازات الرجل ومساواته لنضالات الرجل بنضالات المرأة، وأدّى لنفور النساء منه.58

تشكيل المنظمات غير الحكومية حول الجنسانية والجندر لديه "إرث مضطرب" بالفعل،59 بالرغم من لعبه الدور المحوري في مقارعة وإعادة تشكيل الرجولة - بأشكالها المهيمنة وغير المهيمنة. القسم الثاني سيتعمّق بمسألة إعادة التشكيل هذه، على صورة "رجولة مضادة" تنعم بالاحترافية والاحترام، وتتحدى المفاهيم المهيمنة للرجل "الجيد" والرجل "السيء".

٤. نمط المنظمات غير الحكومية: نشوء هوية الرجولة-المضادة

أمن الاضطراب السياسي في الدولة اللبنانية الشروط للمنظمات الرسمية للخوض في الرجولة السياسية. وبالرغم من تراوح الاشتباك ما بين تقويض الرجولة إلى استيعابها، واحتضانها في بعض الأحيان، يبدو إن نشأة المنظمات غير الحكومية المعنية بالجندر والجنسانية أثمرت تحولاً في خطاب الجنسانية والمعايير الجديدة التي تفصل ما بين "الرجل السيء" و"الرجل الجيد". وكما يلحظ روبرت كونل، فإن الرجولة المهيمنة هي بناء متحرك، مثلها مثل أي مركّب جندري آخر، حيث يمكن للنضال من أجل الهيمنة أن يؤدّي لاستبدال الرجولة بشكل آخر منها60 وبقدر ما تعظّم الرجولة السياسية مسألة العسكرة، تأتي الرجولة "الجديدة" لتروّج، من ناحية، لسياسات الهوية الجنسية، كمعيار شرعي، ومن ناحية أخرى، لسياسات الاحترافية وتوسل الاحترام، وتتم الدعاية للمسألتين من ضمن حدود طبقية.

"فوزي"، ناشط وباحث حول قضايا الم.م.م.م.، يركّز على خطاب الدولة وتأثيره من خلال المنظمات الدولية:

"مؤخراً، قامت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بتحديد ما يعنيه أن تكون مثلياً/ة أو ثنائياً/ة أو متحول/ة بطريقة منسّقة وموحدة. فعندما يأتون للمساعدة اليوم، تقوم منظمات كالمفوضية أو مؤسسة مخزومي [منظمة غير حكومية محلية]، التي تؤمن المأوى والدعم المالي، بفحص الأشخاص بناء على فهمها لما هو مثلي الجنس. إذا ظهروا كمخنثين، فهم يتلقون الخدمات بناء على سلوكيات تؤهلهم لأن يكونوا م.م.م.م. وإذا كان مظهرهم رجولياً، يُطلب منهم البوح لفظياً بأنهم مثليين لتلقي الخدمات. هذا بالإضافة إلى وضعهم في مسكن مع بعض، كما لو أنهم سيرتاحون لبعضهم البعض تلقائياً. ويسألونهم أسئلة متطفلة: مَن هو صاحبك؟ منذ متى؟ يريدون التأكد من أنهم مثليون "دائماً"؛ العلاقة الطويلة الأمد هي المعيار."61

تكشف هذه المقتطفات الدور الحاسم للذكورة والأنوثة في السلوكيات والهويات والتوجه نحو سياسات الهوية، الذي يظهر أيضاً كنوع آخر من الرجولة، نوع لا ينتمي لنمط المهنيين ولا يحظى بالاحترام بعد، ولكنه مستضعف. علاوة على ذلك، لا ينفصل هذا التعيين عن التراجع في التعبئة الموضّح أعلاه: فموضوع النضال، الذي كان في السابق عضواً فاعلاً (في الجمعية)، تحول إلى متلقي خدمات.

يؤدّي هذا إلى وسم "الرجل المثلي"، بناء على السلوكيات فقط، بالرجل "الجيد"، وهي عملية يعاد انتاجها من خلال دلالة أخرى، "الرجل الناشط"، وهو نمط سائد من الرجولة في تنظيمات المرأة والم.م.م.م. ويبدو أن هذه التركيبات، في تعميمها لامتيازات الذكور، قد أسهمت في انهيار "حلم" ثم "نسوية" في ٢٠١١ و٢٠١٢ على التوالي.62 وحسب تعبير "روى"، يأتي مفهوم الرجل الناشط "الجيد" مع اختراع شخصية "البطل الناشط" الذكر:

"ذكورية بعض الناشطين في المنظمات غير الحكومية أسوأ من تلك التي أراها في ورشات العمل. لكن بعض الجمعيات قررت تحويلهم إلى "أبطال" ... لا يتم الاحتفاء بأي شيء أنثوي، الذكر هو المثل الأعلى دوماً. كل الجهد هو نساء يحاولن اكتساب هذه الصفات الذكورية. إذا أرادت المرأة حقوقها، عليها التصرف كالرجال لتحصل على مطالبها. ما نراه في كل هذا النضال هو أن الأنثى عليها أن تصبح ذكراً لتكون صالحة. علي إثبات نفسي بأدوات الرجال لأحصل على حقوقي أو لأنجح في أي شيء."63

وحول علاقة العسكرة بالرجولة، تكمل "روى":

"السلاح رجولي وليست بنسوي. هذا مهم جداً. هناك توجه للهوس بالمرأة التي "تدافع عن الأرض" بالطريقة التي يدافع بها الرجال. تقوم النساء بآلاف المبادرات التي لا تحظى بالاعتراف. لماذا؟ لأنهن لم يحملن البنادق؟ الأسلحة فقط هي المهمة."64

الملاحظات أعلاه تلفت النظر إلى المفاهيم المتنازع عليها حول الرجولة ضمن حركة الحقوق الجنسية، والهاجس المتعلّق بالأنثوية. وبالرغم من نضال منظمات حقوق المرأة ضد دولة بطريركية، قد يكون (غياب) التحدي النقدي للرجولة المهيمنة، بالنسبة لواحدة من المقابلات على الأقل، سبباً في التوجه لاستيعاب أدوات الذكورة، بدلاً من تقويضها.

يمكن القول أن تبني نمط المنظمات غير الحكومية يأتي ضمن إطار وطني للنضال من أجل لبنان أفضل وعلماني، عوضاً عن الدور السياسي والاقتصادي لهذا الخيار، واحتوائه للنشاط السياسي ضمن إطار قائم على النشاط حول قضية اجتماعية معينة، بالإضافة إلى تأمينه الوظائف لخريجي الجامعات. ويأتي اختراع هوية "الرجولة المضادة"، الرجل المثلي المهني من الطبقة الوسطى أو الذكر "البطل" في المنظمات النسائية، كجزء لا يتجزأ من هذا التحول. هذا الانتقال من التنظيم العابر للطبقات نحو نموذج الطبقة الوسطى المديني صاحب الوظيفة الإدارية لم يكن نتيجة للتدخل الخارجي فحسب، بل، مثله مثل مشروع بناء الدولة الوطنية الحديث، لقد أتى مصاحباً لعملية الخصخصة وانسحاب الدولة، ومعها معظم القوى السياسية، من القضايا الاجتماعية، ومكرساً خطاب حرية السوق. 

خاتمة

كما توضّح هذه الورقة، يأتي خطاب الرجولة المهددة كرد سياسي على نضال الم.م.م.م. والنضال النسوي، في ظل استمرار تحدّي الموجة الثالثة للتميز على أساس الجنس أو النوع الاجتماعي، وللعنف ضد المرأة، وغياب حقوقها السياسية والاجتماعية. ظلت استجابة الدولة اللبنانية، كما طرحنا، تتمحور حول "الرجولة المهددة"، حيث يتم اعتبار المطالب النسائية كتهديد للدولة-الأمة. حركة الم.م.م.م. واجهت خطاب الدولة ذاته، الذي استعر في ظل العسكرة المتزايدة في المنطقة. ويتم اعتماد خطابات الذكورة المهددة لتبرير السياسات القمعية تجاه المرأة والأشخاص غير المنضبطين جندرياً أو جنسانياً.

حالياً، تشهد المنظمات النسائية تبدلاً في التركيز، باتجاه استيعاب الرجولة، وقد بدأت بعملية التمييز بين رجل "جيد" وآخر "سيئ" وفقاً لمعايير جديدة. ومع ذلك، لا يبدو وضحاً مدى التشكيك بالانماط الذكورية المهيمنة والسياسية، من خلال إعادة تشكيل الرجولة. فاضطراب تاريخ حركة الم.م.م.م. كان نتيجة، ولو جزئية، للتوترات حول امتيازات الرجال وسياسات النوع الاجتماعي، حيث استبدل تحدّي تكوين الذكورة السياسية بسياسة توسل الاحترام، الاحتراف الشامل، وتوفير الخدمات. وعلاوة على ذلك، هذا الاتجاه نفسه يسهم في الظهور المحتمل لرجولة "جديدة" أو "مضادة".

على عكس الاسخدام التبسيطي لمفهوم الدولة الرجولية في هذه الورقة، تجدر الإشارة، كما توضح براون (١٩٩١)، أن الدولة الرجولية غير متجانسة، فهي ليست "شيئاً أو نظاماً أو موضوعاً بحد ذاته، بل تخضع لكامل أرضية السلطات والتقنيات، أي مجموع الخطابات والقواعد والممارسات، المتعايشة ضمن علاقة محدودة، ومتوترة، وغالباً ما تتعارض مع بعضها البعض."65 ويمكن لأبحاث مستقبلية الإضاءة عن تلك الأبعاد المتنوعة وغالباً المتناقضة.

في الختام، فإن الحجّة التي طرحتها الورقة تبقى ناقصة، بالرغم من رسمها للخطوط العريضة للرجولة وانخراط أو فك ارتباط الناشطين/ات معها، من دون مناقشة القوى العالمية والإقليمية الفاعلة في هذه المسارات، حيث يلعب الصراع الجيوسياسي المتعلق بالحرب على الإرهاب الدور المحوري.

 

 

المراجع الأصلية:

 

Marie-Noëlle AbiYaghi, L’altermondialisme au Liban : un militantisme de passage. Logiques d’engagement et reconfiguration de l’espace militant (de gauche) au Liban, PhD thesis, Université Paris I Panthéon-Sorbonne, 2013.

Olivia Alabaster, “Activist: Rejection of nationality law sets dangerous precedent”, Daily Star, English, January 16th 2014.

Jean Aziz, “Islamic clerics Oppose Lebanese Law Protecting Women”, Al-Monitor, 2013.

Briand Bedford, "Beirut and Lebanon: The gay paradise of the Arab world", Gay Star News, June 8, 2012.

Chloe Benoist, “Lebanese gay rights organization Helem marks 10 years with a mixed legacy”, Al-Akhbar, September 30, 2014.

Chloe Benoist, “Lebanese gay rights organization Helem marks 10 years with a mixed legacy, Part II”, Al-Akhbar English, October 2, 2014.

Azza Sharara Beydoun, “العنف ضد النساء وواجبات الدولة اللبنانية (Violence against women and the duties of the Lebanese State)”, Legal Agenda, 2012.

Wendy Brown, “Finding the Man in the State”, Feminist Studies, Vol. 18, No. 1, 1992.

Judith Butler, “Gender as performance: An interview with Judith Butler,” Radical Philosophy, Vol. 67, No.1, 1994.

Aziz Choudry, "Global justice? Contesting NGOization: Knowledge politics and containment in anti-globalization networks", in Dip Kapoor and Aziz Choudry, Learning from the ground up: Global perspectives on knowledge production in social movements, Palgrave Macmillan, 2010.

Robert W. Connell and James W. Messerschmidt, “Hegemonic masculinity rethinking the concept”, Gender & Society, Vol. 19, No. 6, 2005.

Lara Damaghi, Alena Mack and Doris Jaalouk, “A case study of the first legal, above-ground LGBT organization in the MENA region”, Helem, 2009.

Bernadette Daou, “Feminisms in Lebanon: after proving loyalty to the "Nation", will the "Body" rise within the "Arab Spring"?", Civil Society Knowledge Center, Lebanon Support, Forthcoming, 2015.

Human Rights Watch, “In a Time of Torture: The assault on justice in Egypt's crackdown on homosexual conduct”, Human Rights Watch, 2004.

Islah Jad, “The NGO-ization of Arab women's movements”, Feminisms in development: contradictions, contestations and challenges, Zed Books, 2007.

Suad Joseph, “Gender and Citizenship in the Arab world”, Concept Paper, University of California, Davis, 2002.

Akram Fouad Khater, Inventing Home: Emigration, Gender, and the Middle Class in Lebanon, 1870-1920, University of California Press, 2001.

Ghassan Makarem, "The story of Helem", Journal of Middle East Women's Studies, Vol. 7, No. 3, 2011.

Maya Mikdashi, “Moral Panics, Sex Panics and the Production of a Lebanese Nation”, Jadaliyya, February 22, 2014.

Nadine Naber and Zeina Zaatari, “Reframing the war on terror: Feminist and lesbian, gay, bisexual, transgender, and queer (LGBTQ) activism in the context of the 2006 Israeli invasion of Lebanon”, Cultural Dynamics, Vol. 26, No. 1, 2014.

Joane Nagel, "Masculinity and nationalism: gender and sexuality in the making of nations", Ethnic and Racial Studies, Vol. 21, No. 2, 1998.

Karim Nammour, “Dekwaneh's ‘No Gay Land’ triggers debate on homophobia”, The Legal Agenda, December 2, 2013.

Tamara Qiblawi, “Women decry Lebanon's domestic violence law”, Al-Jazeera, English, April 15th 2014.

Nizar Saghieh, “Interpreting Lebanon's Law Against Domestic Violence: Jurisprudence as Legal Reform”, The Legal Agenda, June 30, 2014.

Riwa Salameh, "Gender politics in Lebanon and the limits of legal reformism", Civil Society Knowledge Center, Lebanon Support, 2014.

Ahmad J. Saleh and Adriana A. Qubaia, "Transwomen's Navigation of Arrest and Detention In Beirut: A Case Study", Lebanon Support, Civil Society Knowledge Center, Gender Equity and Information Network, 2015.

Sarah Wansa, "Torture at Every Stage: The Unofficial Narrative of the Hammam al-Agha Raid", The Legal Agenda, November 12, 2014.

"Feminism and self-criticism: notes from my personal experience", Farfahinne Blog, September, 2014.

“Mashrou' Leila's Zouk Festival ‘gay’ performance goes ahead despite pre-concert homophobia controversy”, Daily Star, Beirut, August 4, 2014.

“Where do we stand?” Nfasharte Blog, 2011.

“أنا شاذ (Am I Queer)? IDAHO 2010”, Helem, 2010.

Al Jadeed Evening News, 9 June 2013.

 

  • 1. غسان مكارم، "قصة حلم" (بالإنكليزية)، مجلة دراسات المرأة في الشرق الأوسط، المجلد ٧، العدد ٣، ٢٠١١، ص ٩٨-١١٢؛ ماري نويل أبي ياغي، العولمة البديلة في لبنان: نضال عبور. منطق الاشتباك وإعادة تركيب الفضاء الناشط (لليسار) في لبنان، أطروحة دكتوراه، جامعة باريس ١ بانثيون-سوربون، ٢٠١٣.
  • 2. هيومن رايتس ووتش، "في زمن التعذيب: إهذار العدالة في الحملة المصرية ضد السلوك المثلي"، هيومن رايتس ووتش، ٢٠٠٤، (آخر زيارة، ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٤). متوفر باللغة العربية: http://www.hrw.org/sites/default/files/reports/egypt0304arabic.pdf.
  • 3. برناديت ضو، "النسوية في لبنان: موقعها بمواجهة البطريركية وتجددها خلال "الربيع العربي""، دعم لبنان، مجلة المجتمع المدني، العدد ١، ٢٠١٥.
  • 4. نادين نابر وزينة زعتري، "إعادة تأطير الحرب على الإرهاب: النسوية والنشاط المثلي والمزدوج والمتحول والكويري في سياق الاجتياح الإسرائيلي للبنان في ٢٠٠٦"، مجلة Cultural Dynamics، المجلد ٢٦، العدد ١، ٢٠١٤، ص ٩١-١١١؛ بالرغم من مواجهة التوجات "اليسارية" لمفاوضات دائمة داخل حلم، كما توضّح أبي ياغي، ٢٠١٣، مصدر مذكور سابقاً.
  • 5. مكارم، ٢٠١١، مذكور سابقاً.
  • 6. "أنا شاذ؟"، اليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية والتحول الجنسي، حلم، ٢٠١٠، متوفر على: http://www.helem.net/?q=node/110، (آخر زيارة ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٤).
  • 7. استمرت الحملات ضد أماكن التلاقي كدور السينما والحمامات العمومية منذ الدعاية الإعلامية المتعلقة بـ"كوين بوت"، كما حصل مؤخرا في حمام الآغا في بيروت في ١٣ آب ٢٠١٤، وخطاب الدولة الذي رافقه حول حماية الرجولة؛ أنظر مثلاً، "سارة ونسا، الرواية غير الرسمية لمداهمة حمام الآغا: التعذيب في كل محطة"، المفكرة القانونية، ١٢ تشرين الثاني ٢٠١٤: http://www.legal-agenda.com/article.php?id=902&folder=articles&lang=ar (آخر زيارة، ٥ كانون الثاني ٢٠١٥). ويمكن مقارنة هذا التعامل مع الدعاية النقيضة حول الحياة الليلية المعولمة في بيروت في التقارير حول المثلية في الصحافة الأجنبية؛ مثلاً، بريان بدفورد، "بيروت ولبنان: جنة للمثليين في العالم العربي" (بالانكليزية)، Gay Star News، ٨ حزيران ٢٠١٢: http://www.gaystarnews.com/article/beirut-and-lebanon-gay-paradise-arab-world080612 (آخر زيارة، ٥ كانون الثاني ٢٠١٥).
  • 8. وندي براون، "البحث عن الرجل في الدولة" (بالانكليزية)، مجلة الدراسات النسوية، المجلد ١٨، الرقم ١، ١٩٩٢، ص ٧-٣٤، http://www.jstor.org/stable/3178212 (آخر زيارة، ٤ كانون الأول ٢٠١٤).
  • 9. روبرت و. كونل وجيمس و. مسرشمدت، "الرجولة المهيمنة: إعادة التفكير في المصطلح"، مجلة الجندر والمجتمع، المجلد ١٩، العدد ٦، ٢٠٠٥، ص ٨٢٩-٨٥٩، http://gas.sagepub.com/content/19/6/829.short (آخر زيارة، ٤ كانون الأول ٢٠١٤).
  • 10. المصدر أعلاه، ص ٨٣٢.
  • 11. دليلي ستار، بيروت، كاريكاتير، ٢٧ كانون الأول ٢٠١٤، http://www.dailystar.com.lb/dailystar/Comics/27-12-2014/376715_635552371698007174_img300x200_img300x200_crop.jpg.
  • 12. جوان ناغل، "الرجولة والقومية: الجندر والجنسانية في بناء الدولة"، مجلة الدراسات الاثنية والعرقية، المجلد ٢١، العدد ٢، ١٩٩٨، ص ٢٤٢-٢٦٩، http://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/014198798330007 (آخر زيارة، ٤ كانون الأول ٢٠١٤).
  • 13.  المصدر أعلاه، ص ٢٤٩.
  • 14. توم نيرن، تفكك بريطانيا: أزمة وقومية متجددة، لندن، New Left Books، ص ٣٣٣؛ في ناغل، ١٩٩٨، مصدر مذكور سابقاً، ص ٢٤٨.
  • 15. سعاد جوزف، "الجندر والجنسية في العالم العربي" (بالانكليزية)، ورقة مفهومية، جامعة كاليفورنيا، ديفيس، ٢٠٠٢، http://www.euromedgenderequality.org/image.php?id=487 (آخر زيارة، ٤ كانون الأول ٢٠١٤).
  • 16. أكرم فؤاد خاطر، اختراع الوطن: الهجرة، النوع الاجتماعي، والطبقة الوسطى في لبنان ١٨٧٠-١٩٢٠، مطبعة جامعة كاليفورنيا، ٢٠٠١.
  • 17. مثلاً، محمد اسكندر، "إيد من حديد" (يد حديدية)، https://www.youtube.com/watch?v=7gCdTzGrqsY، أو هبة طوجي، "متل الشجر مزروعين"، https://www.youtube.com/watch?v=cGHWJdC1UXE.
  • 18. روى سلامة، "السياسات الجندرية في لبنان وحدود الإصلاح القانوني" (بالإنجليزية)، مجلة المجتمع المدني، دعم لبنان، بيروت، ٢٠١٥، متوفر على الانترنت: http://civilsociety-centre.org/paper/gender-politics-lebanon-and-limits-legal-reformism (آخر زيارة في ٢٠ كانون الأول ٢٠١٤).
  • 19. ضو، ٢٠١٥، مصدر مذكور سابقاً.
  • 20. المصدر أعلاه.
  • 21. المصدر أعلاه.
  • 22. أوليفيا ألاباستر، "ناشطة: رفض قانون الجنسية سابقة قانونية خطيرة" (بالانكليزية)، دايلي ستار، بيروت، ١٦ كانون الثاني ٢٠١٤، http://www.dailystar.com.lb/News/Local-News/2013/Jan-16/202419-activist-rejection-of-nationality-law-sets-dangerous-precedent.ashx (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤).
  • 23. المصدر أعلاه.
  • 24. المصدر أعلاه.
  • 25. تمارا قبلاوي، "النساء يعارضن قانون العنف المنزلي" (بالانكليزية)، الجزيرة، ١٥ نيسان ٢٠١٤، http://www.aljazeera.com/indepth/features/2014/03/women-decry-lebanon-domestic-violence-law-2014327115352486894.html (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤).
  • 26. نزار صاغية، "أول تطبيق لقانون حماية المرأة من العنف الأسري في لبنان: أو حين اجتهد القاضي تصحيحا لقانون مبتور"، المفكرة القانونية، ٣٠ حزيران ٢٠١٤، باللغة العربية: http://www.legal-agenda.com/article.php?id=771&lang=ar (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤).
  • 27. شرارة بيضون، ٢٠١٢، مذكور سابقاً.
  • 28.
  • 29. تصريح للشيخ محمد بن درويش أبو القطع النقشبندي، في جان عزيز، "المرأة في لبنان.. مسموحٌ ضربها واغتصابها وقتلها دينياً؟؟"، المونيتور، ٢٠١٣، http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/originals/2013/07/womens-rights-activists-lebanon-domestic-violence-law.html#  (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤).
  • 30. المصدر أعلاه.
  • 31. مقابلة مع "منيرة"، ١٩ كانون الثاني ٢٠١٤، بيروت. تم تغيير أسماء الأشخاص في المقابلات احتراماً لسريتهم.
  • 32. ناغل، ١٩٩٨، مصدر مذكور سابقاً، ص ٢٥٤.
  • 33.  براون ١٩٩٢، مذكور سابقاً.
  • 34. المصدر أعلاه، ص ١٢.
  • 35. سلامة، ٢٠١٤، مذكور سابقاً؛ ضو، ٢٠١٥، مذكور سابقاً.
  • 36.  مقابلات مع روى ومنيرة، بيروت، ١٩ كانون الثاني ٢٠١٤.
  • 37.  مقابلة مع روى، بيروت، ١٩ كانون الأول ٢٠١٤.
  • 38. المصدر أعلاه.
  • 39. المصدر أعلاه.
  • 40.  جوديث باتلر، "الجندر كأداء: مقابلة مع جوديث باتلر"، مجلة الفلسفة الراديكالية، المجلد ٦٧، العدد ١، ١٩٩٤، ص ٣٢-٣٩.
  • 41. لارا دمغي، ألينا ماك، ودوريس جعلوك، "دراسة حالة حول أول منظمة م.م.م.م. قانونية وعلنية في منطقة مينا" (بالانكليزية)، حلم ٢٠٠٩، http://helem.net/?q=node/55 (آخر زيارة ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٤)؛ ونسا، ٢٠١٤، مصدر مذكور سابقاً.
  • 42.  أحمد صالح وأدريانا قبيعة، “تجربة النساء الترانس مع الاعتقال والاحتجاز في بيروت: دراسة ميدانية”، دعم لبنان، مجلة المجتمع المدني، العدد ١، ٢٠١٥، https://civilsociety-centre.org/paper/transwomen%E2%80%99s-navigation-arrest-and-detention-beirut-case-study (آخر زيارة ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٤).
  • 43.  تلفزيون الجديد، نشرة الأخبار المسائية، ٩ حزيران ٢٠١٣، https://www.youtube.com/watch?v=Q4R7gk2HWOw (آخر زيارة ٢٩ تشرين الثاني ٢٠١٤).
  • 44.  مايا مكداشي، "الذعر الأخلاقي، الذعر الجنسي، وإنتاج الأمة اللبنانية"، جدلية، ٢٢ شباط ٢٠١٤، http://www.jadaliyya.com/pages/index/16570/moral-panics-sex-panics-and-the-production-of-a-le (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤).
  • 45.  كريم نمور، "no gay land في الدكوانة تطلق نقاشاً عاماً بشأن الهوموفوبيا"، المفكرة القانونية، ٢ كانون الأول ٢٠١٣، http://www.legal-agenda.com/article.php?id=389&folder=articles&lang=ar (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤).
  • 46. "أداء مشروع ليلى "المثلي" في مهرجان الذوق لن يلغى رغم الجدل الرهابي" (بالانكليزية)، دايلي ستار، بيروت، ٤ آب ٢٠١٤، http://www.albawaba.com/entertainment/mashrou%27-leila-594287 (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤).
  • 47. عن مدونة "بلوغ بلدي"، ٢٠١٣، http://blogbaladi.com/on-dekwanehs-incident-and-antoine-chakhtouras-wrongdoings.
  • 48. من تجربة المؤلفين السابقة في مجلس إدارة حلم.
  • 49.  تجربة المؤلف (غ.م.) كعضو في مجلس إدارة حلم.
  • 50.  من تجربة المؤلفين السابقة في مجلس إدارة حلم؛ أبي ياغي، ٢٠١٣، مذكور سابقاً.
  • 51. حلم، ٢٠١٠، مذكور سابقاً.
  • 52. عزيز شودري، "عدالة عالمية؟ مجابهة نمط المنظمات غير الحكومية: سياسات المعرفة والاحتواء في شبكات مناهضة العولمة"، في، ديب كابور وعزيز شودري، التعلم من الأرض إلى الأعلى: وجهات نظر عالمية حول صناعة المعرفة في الحركات الاجتماعية"، ٢٠١٠، ص ١٧-٣٤؛ إصلاح جاد، إصلاح جاد، "تحول الحركة النسائية إلى طابع المنظمات غير الحكومية في العالم العربي" (بالإنجليزية)، النسويات في التنمية: تناقضات وتعارضات وتحديات، منشورات زد، ٢٠٠٧، ص ١٧٧-١٩٠.
  • 53. أبي ياغي، ٢٠١٣، مذكور سابقاً.
  • 54. تجربة المؤلفين السابقة في مجلس إدارة الجمعية.
  • 55.  نابر وزعتري، ٢٠١٤، مذكور سابقاً
  • 56. ضو، ٢٠١٥، مذكور سابقاً.
  • 57. كلوي بينوا، "جمعية حقوق المثليين اللبنانية حلم تحتفل بعيدها العاشر بإرث مضطرب"، الأخبار بالانكليزية، ٣٠ أيلول ٢٠١٤، http://english.al-akhbar.com/node/21786 (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤)؛ "ما هو موقفنا؟"، مدونة انفشرتي، ٢٠١١، http://nfasharte.wordpress.org (آخر زيارة، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤).
  • 58. المصدر أعلاه.
  • 59.

     مكارم، ٢٠١١؛ سلامة، ٢٠١٤؛ ضو، ٢٠١٥؛ بنوا، ٢٠١٤، مراجع مذكورة سابقاً، بالإضافة إلى بنوا، ٢٠١٤، الجزء الثاني، الأخبار بالانجليزية، ٢ تشرين الأول ٢٠١٤، http://english.al-akhbar.com/content/lebanese-gay-rights-organization-helem-marks-10-years-mixed-legacy-part-ii (آخر زيارة، ٥ كانون الأول ٢٠١٥).

  • 60. كونل ومسيرشميدت، ٢٠٠٥، ص ٨٣٣، مذكور سابقاً.
  • 61.  مقابلة مع "فوزي"، بيروت، ٢١ تشرين الثاني ٢٠١٤.
  • 62. واجهت الجمعيتان انهياراً بسبب ادعاءات تحرش جنسي، حيث تم التكتم على الرجل المتحرش، حول حلم، مراجعة مدونة "انفشرتي" ٢٠١٠، مذكور سابقاً، وحول "نسوية"، مراجعة مدونة فرفحين، "النسوية والنقد الذاتي: ملاحظات حول تجربتي الشخصية"، أيلول ٢٠١٤، http://farfahinne.blogspot.com/2014/09/feminism-and-self-criticism-notes-from.html (آخر زيارة، ٥ كانون الأول ٢٠١٥).
  • 63. مقابلة مع روى، بيروت، ١٩ كانون الأول ٢٠١٤.
  • 64. المصدر أعلاه.
  • 65.  براون، ١٩٩١، مذكور سابقاً.
About the author(s):
Ghassan Makarem:

A civil society and political activist, who had been engaged in LGBT activism in Lebanon and the region since 2001. He is a co-signatory of Helem’s establishment charter and as Executive Director from 2010 to 2011 and on the Board of Directors of the organization for several terms between 2004 and 2011.

Anthony Rizk:

Has been involved in sexuality and gender activism since 2009 and served on the Board of Directors of Helem in 2010-2011. He works as a research assistant in medical anthropology and social epidemiology at the Faculty of Health Sciences, American University of Beirut.